من المعروف أن الشعر بكل ألوانه وأشكاله.. قمة من قمم الفنون الجميلة.. له مذاق خاص.. يعبر عن صاحبه خير تعبير.. وهو أيضا يخاطب مشاعر الإنسان ووجدانه.. ويحتاج إلي مواصفات مهمة وثقافة رفيعة. كما أنه يحتاج لأدوات غاية في الأهمية.. مثل الصفاء الذهني.. والاستقرار المعنوي هذا بالإضافة إلي الموهبة التي تبرز كل الأفكار التي يحتاجها الشاعر أو فلنقل صاحب الكلمة والرأي والذي يجعل سطوره وكلماته لها قيمة ومعني, وأيضا مذاق مختلف ويبحث الناس عن أفكاره وكلماته أينما كانت.. ورغم أن الشاعر الفنان محمود درويش2008,1941 م فقد وطنه وحريته وشعبه واستقراره, فإنه لم يفقد أبدا آماله وأحلامه وإصراره وعزيمته وموهبته, ورغم كل الظروف الحياتية الصعبة, التي يعاني منها أبناء الأرض المحتلة, ورغم بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته علي كل الشئون الفلسطينية بقوة السلاح فإن محمود درويش واصل نضاله محاربا الاحتلال بقوة الكلمة, وعرف بشدة كيف يعبر عن أفكار شعبه, فحصل علي كاريزما لم يسع إليها وأصبحت كلماته ليست كباقي الكلمات وأفكاره ليست ككل الأفكار, وأصبح خير قدوة للمواطن الفلسطيني المثقف, وكما انجبت بريطانيا شكسبير وألمانيا بيتهوفن, كذلك أنجبت فلسطين محمود درويش. ورغم فارق الظروف الحياتية المختلفة, ورغم بعده عن أرضه ووطنه وشعبه, ورغم آلام ومرارة الاحتلال.. ظل منتميا إلي الأرض الفلسطينية, ويجوب البلاد العربية والأوروبية تارة مبدعا شعرا وأدبا وتارة أخري مناديا بعودة الحقوق إلي أصحابها, من خلال أشعاره المتميزة المعبرة خير تعبير عن رؤية فنان جدير بالاحترام. واستطاع درويش أن يحوز إعجاب الجميع بمدي صدقه وحماسه وعمق تعبيراته المختلفة في جميع مؤلفاته التي استطاع بها أن يؤثر تأثيرا معنويا رائعا في جميع الشعوب الباحثة عن عمق الأحاسيس والمشاعر الصادقة.. فكتب روائع جعلت التاريخ يرفع لها القبعة!!.. فعبر عن آلام شعبه خير تعبير ويظهر ذلك واضحا في' عاشق من فلسطين' و'قصيدة بيروت' و'أوراق الزيتون' ثم كتب أيضا' لا تعتذر عما فعلت'.. ثم رحل' محمود درويش' تاركا ثروة والكثير من القصائد التي جعلته في قائمة المبدعين العرب.. ومؤكدا أن الكلمة الصادقة لا تموت.. وأن القلم أقوي بكثير من البندقية.. وبذلك أصبحت له مكانة وكاريزما مرموقة بين الشعراء العرب.. بل أيضا بين جميع المثقفين الفلسطينيين الذين يسعون دائما وأبدا إلي مواصلة النضال بقوة الكلمة.. واستطاع ابن موطني بتميزه وخبرته وحنكته أن يخلد اسمه بجدارة في حديقة النبلاء والنجوم رافعا بأعماله الراية الفلسطينية في سماء الفنون والحرية والكرامة.