صدر العدد الحادى والعشرون من مجلة الكلمة الإلكترونية الشهرية التى يرأس تحريرها الناقد الدكتور صبرى حافظ. وخصصت المجلة العدد كله للشاعر الكبير محمود درويش الذى أثار رحيله اهتماماً واسعاً وغير مسبوق، لا فى الثقافة العربية وحدها، وإنما فى العديد من الثقافات الإنسانية. ويسعى هذا العدد لتجسيد بعض ملامح هذه الظاهرة، ولتأكيد حضور محمود درويش وفاعليته فى الثقافة العربية والإنسانية رغم رحيله. وفى دراسته الافتتاحية "محمود درويش: لماذا؟" كتب صبرى حافظ : لأن محمود درويش كان شاعراً ومبدعاً ومفكراً استثنائياً فى مسيرة ثقافتنا العربية الحديثة. فقد استطاع درويش كما استطاع الراحل الكبير إدوارد سعيد قبله أن يكون تجسيداً حياً لأفضل ما يمكن أن تقدمه الثقافة العربية والقضية الفلسطينية لثقافتنا وللعالم معا. فلايمكن حقيقة سبر أغوار أهمية أى منهما، وحقيقة المشاعر التى أحاطتهما الثقافة العربية بها، دون فلسطين. لذلك كان رحيل محمود درويش إثر عملية جراحية مخفقة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر خسارة لحقت بالقضية الفلسطينية منذ موت إدوارد سعيد، بل وفى حالة محمود درويش خاصة وبالثقافة العربية ذاتها. وفى دراسته "تلاحم عسير للشعر وللذاكرة الجمعية" نقرأ لإدوارد سعيد: "ودرويش، مثل أقرانه الغربيين القلّة، فنّان تقنى مدهش يستخدم التراث العروضى العربى الفنّى والفريد بطرق تجديدية وجديدة على الدوام. ذلك يتيح له أن ينجز أمراً بالغ النُدرة فى الشعر العربى الحديث: براعة أسلوبية فائقة وفذّة، ممتزجة بحسّ بالعبارة الشعرية يجعلها أشبه بالمنحوتة بإزميل، بسيطة فى نهاية الأمر لأنها بالغة الصفاء". وفى "محمود درويش: التعاقد الشاقّ" كتب صبحى حديدى عن أسباب الموقع الفريد الذى حظى به محمود درويش فى الثقافة العربية الحديثة فقد توفّرت للشاعر أسباب موضوعية وأخرى ذاتية لبلوغ هذا الموقع، وفى "السيرة فى إطار الشعر" يتناول خليل الشيخ "ديوان لماذا تركت الحصان وحيدا" ويوضح كيف يجسد هذا الديوان مشروع درويش لكتابة سيرة ذاتية، كما توقفت الدراسة عند ملامح سيرة درويش فى قصائده قبل هذا الديوان. وكتب خيرى دومة فى "محمود درويش وصاحبه فى مكان البُعْد" عن كتاب "فى حضرة الغياب" الذى أثار عند نشره صدى واسعاً، وأخذت الجميعَ هذه اللغةُ التى تقع فى مكان غامض بين الشعر والنثر، وهذه الصيغةُ الخاصة جدّاً من كتابة السيرة الذاتية. كما نقرأ فى باب دراسات: "هوامش الأمة ومنفى المقتلعين" لعلى بدر، و"ذاكرة ليست للنسيان" ليحيى بن الوليد، و"فعل القراءة وتأزّم التمثيل" لستيفن هيث، و"الهوية وسؤال المصير" لعبد السلام ناس عبد الكريم، و"مبدأ المقاومة وأشكالها الشعرية" لمحمد معتصم، و"حركية الرؤيا فى "أحمد الزعتر" لغالية خوجة، و"بين أثر الفراشة وعلى محطة قطار سقط عن الخريطة" لخالد كساب محاميد، و"فى حضرة الغياب .. سيرة تزهد فى التفاصيل" لميلود بنباقى، و"الرمز الشعرى لدى محمود درويش" لرشيدة أغبال، و"الشعر المحمود" لأحمد العمراوى، و"بذرة خضراء جديدة" لتوفيق أبو شومر، و"أسلوب الاستفهام فى شعر محمود درويش" لزهير أحمد سعيد آل سيف، و"الأب فى شعر محمود درويش والشعر العبرى" للسيد نجم. وحرص هذا العدد الخاص على أن يكون عدداً لمحمود درويش فى نفس الوقت الذى يكون فيه عدداً عنه، فنقرأ فى باب "نصوص درويش" مجموعة من نصوصه الشعرية والنثرية التى تكشف عن بعض ملامح ثراء انتاجه الإبداعى. وخصصت المجلة باباً لمراثى الشاعر التى تغطى كل الساحة الثقافية العربية من البحرين وحتى المغرب. كما خصصت المجلة قسماً للمقالات الوداعية فلم يقتصر التعبير عن فداحة الفقدان ووجع الغياب على الشعر وحده، وإنما قام النثر بنصيب وافر من هذا التعبير، وانطلق كل من عرف الشاعر الكبير من أصدقائه ومحبيه إلى من لم يعرفوه إلا من خلال شعره وحده، ومن المثقفين إلى السياسيين والصحفيين ليعبر كل بطريقته عن أثر هذا الشاعر الكبير على العقل والوجدان العربيين. ومن الذين شاركوا فى هذا الباب: سعدى يوسف، برايتن برايتنباخ، عبد البارى عطوان، جمال الغيطانى، على خشان، المتوكل طه، محمد برادة، فواز طرابلسى، عبدالمنعم رمضان، محمد بنّيس، إلياس خورى، إيمان مرسال، أحمد إبراهيم الفقيه، الطاهر بن جلون، أحمد الخميسى، محمد الأشعرى، على الشرقاوى. وفى باب علامات قدمت أثير محمد على "فى ألق البدايات: شاعر شاب من الأرض المحتلة" مواد مختارة تعود لعام 1968، ولفترات كان فيها الشاعر الشاب محمود درويش معتقلاً فى سجون الاحتلال، وتكشف هذه المواد عن ردود الأفعال على انبثاق موهبته العارمة، كما تقدم زهرة زيراوى فى هذا الباب وثيقة تنشر لأول مرة لمنح محمود درويش الدكتوراه الفخرية من جامعة لوفان البليجيكية عام 1998، بالإضافة إلى مقالة رجاء النقاش "مطلوب محاولة عالمية لإنقاذ هذا الشاعر". ولا يقتصر حضور محمود درويش المباشر فى هذا العدد على نصوصه الشعرية والنثرية، ونقرأ فى باب مواجهات مجموعة من المواجهات واللقاءات النقدية معه، أجراها معه كل من: محمد دكروب وفيصل درّاج وسامر أبوهواش وحسن نجمى وسيد محمود وصحيفة الاتحاد. وتقدم المجلة فى باب "فى قلب العالم" بعض أصداء رحيل الشاعر فى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى رسائل وتقارير تكشف صدى رحيل الشعر فى البلاد العربية.