قلوب معلقة بالأمل في الشفاء, وأخري حائرة تنتظر مخرجا لفك الكرب, وثالثة تتألم في صمت لأنها لا تجد من يسمعها وغيرها ترتجف خوفا من مجهول قد يفوق احتمالها, ومثلها تائهة لا تجد يدا تلتقطها من كارثة... حكايات عجيبة تدمي القلوب وتدمع لها العيون و يتألم لها الوجدان و لكنها في النهاية ليست بعيدة, فهي جزء منا يعيش فينا لأنها ببساطة نماذج من الحياة 5 آلاف جنيه الأمل الأخير هل يعود النور لعيون مصطفي؟ لم يكن يعلم مصطفي هذا الصغير البريء الذي خرج من عتمة بطن أمه بعد أن قضي بها تسعة أشهر انه سيقابل عتمة أطول ربما لن تنتهي إلي الأبد. فقد فرضت عليه ظروف إصابة أمه بتسمم الحمل أن يولد طفلا غير مكتمل النمو ويعيش متنقلا بين حضانة و أخري الشهرين الأولين من عمره طبقا لما يتوفر مع والده السائق البسيط من أموال تسمح له بتوفير نفقات الحضانة ليخرج مصطفي بضمور في العصب البصري يطفئ نور عينيه للأبد. الغريب أن بعض الأطباء اجزموا بأنها حالة بلا علاج والبعض الآخر أكد أنها ستتحسن مع الوقت وسيتم إجراء عملية بعد اكتمال النمو لتتحسن الحالة ويري الدنيا من جديد. ولكن الأب اعتبر كل كلمات الأمل مجرد مواساة من الأطباء إلي أن لاحظ مؤخرا تطورا في حالة نجله فقد بدا يتفاعل مع الضوء وكانت محفزات العصب من أدوية حرص عليها الأب بدأت في العمل لتسير إرادة الله فالطفل يري يد والده يمسك بها ويبكي إذا انطفأ النور ويلتقط لعبته من الأرض. وهنا أكد الطبيب أن مصطفي بدا يري خيالات بالفعل واقر الطبيب بإجراء فحوصات غاية في الدقة والأهمية قد تتكلف خمسة آلاف جنيه ليستطيع بعدها تحديد العملية والكيفية التي ستجري بها لإصلاح العصب البصري. الموجع أن هذا الأب لم يعد لديه ما ينفقه علي الصغير فقد طالت رحلة العلاج ودخله المحدود لم يعد يسعفه لإتمام مشوار العلاج رغم أن الله أعطي الصغير بارقة أمل ليعود نور عينيه وينعم به كغيره من الصغار. أسرة عمر تنتظر رحمة السماء فقر وعجز ومرض... أبطال ثلاثة دائمون في مسرحيات الحياة التي تعنون غالبا بالألم والحاجة واليأس فقصتنا اليوم ليست جديدة بين صرخات الآلام ولكنها في ذات الوقت قاسية رغم كل شيء. فالصغير عمر الذي لا يتجاوز عمره عدة أشهر نطق مبكرا ولكن بكلمة واحدة هي( آآآه) لأنه ولد بكيس مياه علي العمود الفقري وتم إزالته بالتدخل الجراحي ولكن الأطباء اكتشفوا معها تشوهات بالعمود الفقري والنخاع الشوكي معا لتكون النتيجة طفلا عاجزا ومشكلة لن تنتهي. أما الأب فقد أفجعته كلمات الأطباء فرغم انه يعمل همال ويعد من معدومي الدخل إلا انه قرر أن يحاول مع صغيره بقدر المستطاع لتكون النتيجة الصادمة هي النهاية ليخرج من المستشفي لا يري أمامه إلا سواد فيصاب بحادث سيارة يصيبه بالعجز في قدميه ويجلس بلا عمل. ولكن الأم كأي زوجة مصرية رفضت أن تستسلم وقررت العمل في أي شيء يدر لها جنيهات قليلة تعيش منها ولكنها تسقط مغشيا عليها وتكتشف أنها مريضة كبد ومصابة بفيروس سي. كنت استمع لقصة هذه الأسرة وأنا في ذهول وكان القدر اختار لهم الحاجة والفقر ليتجرعوا مرارة ذل السؤال ولكن تلك الأسرة لم تيأس فهي تصر علي الاحتفاظ بكرامتها فالأم تبحث عن مصدر للرزق وهي في حاجة إلي خمسة آلاف جنيه تشتري بهم بعض البضائع لتتاجر فيها وتعيش هي وتلك الأسرة البائسة بلا احتياج وخاصة أن رحلة الصغير والأبوين مع المرض لازالت تفتح فاها ومستعدة لابتلاع الدخل المعدوم لها.