تزامنًا مع ذكرى نصر أكتوبر.. محافظ أسيوط والبابا تواضروس يضعان حجر الأساس لمدرسة سانت ماري الدولية    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    البنك المركزى: 2.8 مليار دولار ارتفاع فى حجم الاحتياطيات الدولية    مهام مجلس إدارة جهاز تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحى بالقانون الجديد    موعد ومكان صلاة الجنازة على الدكتور أحمد عمر هاشم    متحدث الخارجية القطرية، ملتزمون بالعمل على الدفع بخطة "ترمب" وإنهاء حرب غزة    وزير خارجية هولندا يعلن تخصيص 25 مليون يورو للمساعدات الإنسانية في غزة    روسيا تعلن اعتراض طائرات مسيرة استهدفت منطقة تيومين الغنية بالنفط في غرب سيبيريا    عامان من الإبادة.. إسرائيل تقتل 67 ألف فلسطيني نحو ثلثهم أطفال    وسائل إعلام إيرانية: مقتل 2 من أفراد الأمن بالحرس الثوري في هجوم بغرب إيران    تفوق مصري.. تاريخ مواجهات منتخب مصر ضد جيبوتي قبل ملحمة الغد    رودريجو: كنت قريبا من برشلونة.. وحققت حلمي بالتواجد في ريال مدريد    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    بطل المصارعة الأولمبي محمد كيشو يعلن تمثيل منتخب أمريكا (صور)    محافظة الجيزة توضح حقيقة ما تم تداوله بشأن احتجاز طفل داخل ماسورة غاز    القبض على 6 عناصر جنائية لغسلهم 250 مليون جنيه حصيلة نشاطهم الإجرامي    الطقس اليوم.. خريفي معتدل وأمطار خفيفة تلطف الأجواء    السيطرة على حريق مخزن زيوت بمسطرد وإصابة ثلاثة أشخاص في القليوبية    إخلاء منزل آيل للسقوط بعد تصدعه وميوله في طما بسوهاج    محافظ أسيوط يهنئ الدكتور خالد العناني لتوليه منصب مدير عام منظمة اليونسكو    بالموسيقى والفنون الشعبية.. قصور الثقافة بقنا تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    مد موعد التسجيل في الدورة السادسة لاستشارات الأفلام حتى 12 أكتوبر    نائب وزير الصحة يُحيل مقصرين بوحدة طب الأسرة بالكرادوة للتحقيق    الصحة تنظم مؤتمر اليوم العالمي لمرض السحايا للقضاء على وبائيات المرض بحلول 2030    وزير الخارجية يؤكد ضرورة إطلاق مسار سياسى يفضى إلى تنفيذ حل الدولتين    إسرائيل دخلت «العزل»    "الأونروا": إسرائيل تقتل الأطفال فى غزة وهم نائمون    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    طلاب الثانوى العام والبكالوريا يسجلون الدخول على منصة كيريو لدراسة البرمجة.. صور    حالة الطقس بكفر الشيخ الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    انطلاق مبادرة الكشف عن الأنيميا والتقزم بين أطفال المدارس بسوهاج.. صور    8 مواجهات قوية في الجولة السادسة من دوري الكرة النسائية اليوم    جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    اليوم.. نظر محاكمة شقيقين متهمين بقتل سائق توك توك فى إمبابة    أسعار الحديد في المنيا اليوم الثلاثاء7 اكتوبر 2025    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة الشرقية    "فيها إيه يعني" بالمركز الأول بالسينمات.. وماجد الكدواني يتصدر الإيرادات ويقترب من "20 مليون" جنيه في 6 أيام فقط    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الدقهلية    عاجل.. وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم| وهذا موعد ومكان صلاة الجنازة    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 7-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    رسائل تهنئة 6 أكتوبر 2025 مكتوبة للاحتفال بعيد القوات المسلحة    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    اشتغالة تطوير الإعلام!    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والأخلاق والعنف عند توفيق الطويل
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 11 - 2013

اعتقد أنه لا يمكن لعاقل أن يقرن الدين بالعنف إلا إذا كان من ضعاف النفوس ومرضي العقول وعبيد السلطة والنفوذ.
العنف الديني كما يبعدنا عن صحيح الدين يبعدنا بنفس الدرجة عن مجال الأخلاق, والدين في حقيقة أمره رسالة أخلاقية, وما كان أبدا تقنية سياسية تستهدف التسلط والجبروت, ومن المستحيل أن يقترن الدين بالعنف, إلا إذا وحدنا بينهما وبين السياسة, ورفعنا من شأن السياسة وجعلنا لها الأولوية علي الدين ذاته, ففي مملكة السياسة قد يكون كل شيء مباح ومسموح به حتي لو تعارض مع الدين, من قتل وغدر وخيانة وبطش ونفاق وكذب وصفقات مشبوهة ومعاملات قذرة وتحالفات مستترة, وهكذا يسخر الدين في خدمة لا أخلاقيات السياسة.
ولما كانت القيمة الحقيقية لأي مفكر لا تتحدد بكتابات يكتبها بقدر ما تتحدد بدلالات مواقف يشتبك فيها كل حرف يخطه بحياتنا الواقعية, أدركنا إلي أي حد تنبه توفيق الطويل(1909-1991) إلي مسئولية المفكر في مواجهة الأخطار التي تواجه مجتمعه, سواء في الفترة التي كتب فيها ماكتب أو الفترة اللاحقة لها. فعلي الرغم من مكانته العلمية المرموقة كصاحب أول دراسة عربية متكاملة في فلسفة الأخلاق صدرت عام1960 بالإضافة إلي دراساته الأخري في الفلسفة الإسلامية والتصوف وتراث العلم العربي, لكن ما تناوله في كتابيه' قصة الصراع بين الدين والفلسفة'' وقصة الإضطهاد الديني بين المسيحية والإسلام' يستحق أن نتوقف عنده. ففي الكتاب الأول تعقب بعض مظاهر الاضطهاد وصور القمع وصنوف الأذي التي لحقت بأحرار الفكر من قبل المتزمتين من رجال الدين, وأهدي كتابه الثاني إلي الشيخ مصطفي عبد الرازق لمزواجته بين الإيمان والتسامح مستهلا مقدمته بقوله' هذا كتاب يحكي في نطاقه الضيق سيرة فكرية آثمة, ترف بها قلوب تغلي حقدا وتضطرم تعصبا, فتوغل في ارتكاب الإثم وتحمل الدين وزر ما تريق من دماء بريئة وما تجتاح من مبادئ إنسانية كريمة, ومضي بعد ذلك في كشفه محاولة الاضطهاد الديني تأكيد سلطانه في إحلال دين مكان دين آخر بالعنف والإرغام.
ومنذ البداية حرص الطويل علي تبرئة كل الأديان من تبعات الاضطهاد, فالأصل في الأديان أنها رسالة الحب إلي النزاعين إلي الحقد والبغضاء ودعوة السلام إلي التواقين للقتال الراغبين في إراقة الدماء, وفي ضوء تنديده بكل تعصب مقيت كان رفضه لمفهوم الثورة الدينية, فالإنسان الوديع يتحول خلالها إلي حيوان مفترس يلذ بارتكاب ما كان يفزع من مجرد تصوره, ففي الثورات الدينية يستعلي الجانب الحيواني في نفوس البشر, وترتفع الزواجر التي أقامها ويبدو الإنسان وحشا ضاريا, ومن هنا كانت مذابح الاضطهادات الدينية وفظائع حروبها أمرا مألوفا. وفي مقابل كل صور التعصب والاضطهاد وكل مظاهر العنف في الثورات الدينية, انحاز الطويل لرواد الإصلاح الديني مؤكدا رفضه لكل صور الاضطهاد الديني, فالاضطهاد عدوان علي حرية الضمير ومناقض للنواميس الأخلاقية, والقول بأن الإسلام قد انتشر بالسيف كما ذهب البعض هو قول ينطوي علي بهتان عظيم, فما دعا الإسلام للقتال إلا ردا لفتنة المؤمنين عن دينهم. لأن الفتنة أكثر من القتل وقد نزل القرآن الكريم داعيا للحب مبشرا بالتسامح منفرا من إكراه الناس علي اعتناق الإسلام استنادا إلي قوله تعالي:' لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي', فليس لأحد من رجال الدين علي أحد من سلطان, بل ليس رسول الله إلا مجرد مذكر ومبلغ' فذكر إنما أنت مذكر, لست عليهم بمسيطر' ولا بد من التفرقة بين الدين في ذاته وبين الفكر الديني, فالاضطهاد الديني لرجال الفكر والعلم كان مرده دائما إلي التأويل المتعسف للنصوص الدينية وليس إلي الدين السمح.
ومن ثم أكد الطويل رفضه منذ البداية لكل سلطان دنيوي لرجال الدين, فمن حق رجال الدين علي حد قوله أن يكون لهم سلطان روحي واسع النطاق, أما أن يتهيأ للمتشددين منهم سلطان دنيوي يمكنهم من التحكم في رقاب الناس فذلك هو الخطر المبين الذي يشهد به استقراء تاريخ الفكر علي مر العصور. وما من فرصة أتاحت لهم السلطان إلا فرضوا فيها رقابتهم الجائرة علي مخالفيهم في الرأي ومن كانوا أحرار الفكر وأوقفوا تقدم المعرفة وعرقلوا نشاط العقل وأعاقوا حرية النظر وأوصدوا أبواب الإبداع في التفكير فجمدت الحياة وتوقف التقدم, لأن التعصب المقيت يبعد صاحبه عن نور الإيمان الصحيح ويرده إلي أحط مراتب البهيمية, ويهوي به إلي حضيض الوحشية.
ولم يكتف الطويل بذلك بل تتبع تاريخيا العديد من الاضطهادات الدامية الآثمة التي شنها رجال الدين من منطلق تأويلهم المتعسف له, مزاوجا بذلك بين الحس التاريخي والحس الفلسفي الأخلاقي. حقا إن الشعوب لا تحيا بغير دين تعتنقه, وفي صميم الدين أي دين ثقافة لا غني للشعب الذين يدين به, لكن الجوهر الأخلاقي للدين لا علاقة له من بعيد أو قريب بالعنف والاضطهاد والتعصب والتزمت, ولا علاقة له بشوائب وتوجهات ومناورات ولا أخلاقيات السياسة وأحزابها.
لمزيد من مقالات د . مجدى الجزيرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.