سلامة موسى في كتاب عمره 85 يطرح المفكر المصري سلامة موسى أفكارا صالحة لقراءة بعض جوانب الحياة العربية المعاصرة عن علاقة نظام الحكم بالدين والتعصب الديني واضطهاد البعض بسبب ما يؤمنون به أفكارا صادمة في البداية الا أنها تفوز في النهاية ويستفيد منها حتى أعداؤها. ويقول في كتابه "حرية الفكر وأبطالها في التاريخ" ان كل تقدم انساني لابد أن يكون مصحوبا ببدعة تتمثل في فكرة أو عقيدة دينية أو اكتشاف علمي ينكره الناس ويتأخر الاعتراف بهذه البدع. ولكنه يشدد على أن الدين في ذاته لا يمكن أن يضطهد وانما الذي يضطهد هو السلطة الممثلة في الدين أو المستعينة بالدين والذين يمارسون الاضطهاد هم رجال السياسة أو رجال الدين ولكن الكهنة أنفسهم لا يمكنهم أن يضطهدوا أحدا ما لم تكون السلطة في أيديهم. ويوضح موسى أن الاضطهادات التي وقعت باسم أي دين في التاريخ ليست عيبا على الدين في ذاته ولكنها شاهدة تاريخية على ما يمكن أن يفعله الحاكم حين يسخر الدين لاغراض سياسية. ويرى أن الحكام أكثر شغفا بالدين والتسلح به من شغف رجال الدين بأمور الحكم اذ ربما يميل رجل الدين للزهد أما الحاكم فهو يحتاج الى الدين لترسيخ سلطته مستشهدا بمطالبة مكيافيللي للحاكم حماية الدين ولو كان هو نفسه لا يؤمن به لان الدين يعاونه على حكم الجماهير وعلى تثبيت سلطانه. وموسى 1887-1958 من أبرز طليعة رواد النهضة الفكرية في مصر وأحد مؤسسي تيار العقلانية مع أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد وعميد الادب العربي طه حسين وشيخ الازهر الاسبق مصطفى عبد الرازق. وكتب موسى هذا الكتاب عام 1927 عقب أزمتين أثارهما كتابا "الاسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبد الرازق وكتاب "في الشعر الجاهلي" لطه حسين.