يستغرب كثير من الناس ما يحدث الآن في الجامعات المصرية, من البنين والبنات, وهذا التجاوز الذي تخطي كل الحدود, وعصف بكل القيم والمبادئ الأخلاقية, فالمعلم الذي كاد يكون رسولا إجلالا وتقديرا من السابقين, يهان بأبشع العبارات السوقية ككاتبيها علي الجدران والمتلفظين بها, والمباني التي تؤوي الطلاب وتنقلهم من ظلام الجهل إلي نور المعرفة, مستباحة وكأنها معسكر أعداء في حال قتال, والحياء الذي هو تاج البنات ذهب أدراج الرياح أوصل إحداهن إلي أن تقول لأستاذ لها عاتبها علي اعتدائها علي سيارته وإحداث بعض التلفيات بقوله: ليه كدا يابنتي؟ فترد عليه قائلة:طز فيك وزيادة في التدني والإجرام وبعد أن فشل البنين في إخراج أقرانهم من القاعات الدراسية, لأنهم أرادوا العلم فجلسوا بخشوع في محرابه, غير آبهين بأصوات نشاز تتعالي لتقطع عليهم سكينتهم وتفسد التواصل بينهم وبين معلميهم, فيحاولون اقتحام المدرجات لإخراجهم, بل وصل الحال ببعضهم إلي ربط الباب بالسلاسل علي زملائهم وهم في المحاضرة من الخارج وتشميعه بالشمع الأحمر وكتابة عبارة الدراسة معطلة, ثم كان السقوط الأكبر ممن دفعوهم إلي هذا العبث بالاستعانة بطلاب المعاهد الأزهرية الصغار وحشد بعضهم إلي الحرم الجامعي ليشاركوا في هذا التخريب, وقد قبض علي بعضهم في كلية تربية الأزهر, وسقوط آخر تمثل في حشد مجموعة من البلطجية لمحاصرة كلية الدراسات الإسلامية للبنات بدمنهور وإلقاء الزجاجات الحارقة لإشعال مبني الكلية ومنع الطالبات من الخروج, مما أحدث حالة من الفزع والرعب والخطر, حتي تمكنت قوات الأمن مشكورة من إنقاذ الطالبات, والقبض علي سبعة من البلطجية, ونقل بعض الطالبات إلي المستشفي, ولم تكتف طالبات الأزهر بترديد الهتافات والصيحات واستخدام الطبل للتشويش علي زميلاتهم فضلا عن ترديد الألفاظ اللائقة بأمثالهن, فاستخدمن أدوات مزعجة كتلك التي استخدمت في أفريقيا للتشجيع, والتفاف بعضهن بأكفان والتمدد علي الأرض ملطخين الأكفان بالأحمر وكأنه دماء, والتصوير لقنوات الفتنة والكذب والادعاء بمهاجمة قوات الأمن وقتلهن, ولأنهن ممثلات فاشلات يصورن وهن يضحكن تحت أكفانهن, ويفضحن شر فضيحة, وهن قيد التحقيق بعد أن عدن للحياة التي لا تليق بأمثالهن من الكاذبات, ناهيك عن إتلاف مبني إدارة جامعة الأزهر بالقاهرة, ومحاصرة من فيه, وتعريض حياتهم للخطر, مما اضطر رئيس الجامعة للسماح لقوات الأمن بدخول الجامعة, للسيطرة علي الموقف الذي شاهد الملايين همجيته. ورغم كل هذا, أقول: هذا كله يبشر بالخير واقتراب النهاية, وعلامات إفلاس ويأس, فهي أشبه عندي بسكرات الموت, ومنازعة الغريق الذي يتشبث ويتعلق بأي شيء يستطيع أن يمسك به عله ينجيه, ولكن هيهات فقد فات الأوان, لكن الفرق بين الغريق وبين هؤلاء أن الغريق قد يغرق غيره معه, أما هؤلاء فسيغرقون وحدهم إما بإلقاء القبض عليهم من قبل قوات الأمن متي خرجوا خارج الحرم الجامعي, وإما بفصلهم من الجامعة لمن ضبط وهو يخرب داخل الجامعة, لتبقي الجامعة لمن يستحقونها ويعرفون قدرها وقدر أساتذتها الذين تحملوا ما لا يحتمل من السفاهات والتطاول, والتعرض للخطر, ولعل أفعال هؤلاء السفهاء تكون الفاصل الذي يميز الخبيث من الطيب, والصالح من الطالح. إن الدراسة مستمرة مهما كان الثمن, وسيجد من يفيق إلي رشده من هؤلاء ويعود إلي قاعات الدرس نفسه إما مفصولا لكثرة غيابه, وإما تائها لكثرة ما فاته, لأن أحدا من الأساتذة لن يعيد كلمة شرحها أثناء جهاد هؤلاء المخربين في الخارج, وهذا يعني أن أخف الأضرار الرسوب نهاية العام, فهل يدرك أولياء الأمور هذه الحقائق, أم أنهم شركاء لأبنائهم في هذا العبث والسقوط؟! لمزيد من مقالات د. عباس شومان