بعد ثلاث سنوات من تفشي فوضي البناء بدون ترخيص يتحدث السيد عادل لبيب وزير التنمية المحلية عن مشروع قانون لتغليظ العقوبة علي مخالفي البناء علي الاراضي الزراعية. وفي الوقت نفسه يعترف وزير الزراعة ان حجم الاراضي الزراعية البائرة بسبب البناء فوقها تجاوز50 ألف فدان, ويقول ان مقاومة هذه الفوضي تحتاج الي جيش جرار علي حد تعبيره ؟!.اما مخالفات المباني داخل المدن فهي غير قابلة للاحصاء وكلها بدون ترخيص او مخالفة لشروطه. الكل يعلم ان ابراجا شاهقة شيدت بليل في العديد من المدن. وفي العاصمة, قاهرة المعز, اختراقات المباني العشوائية وصلت الي احياء وسط المدينة, وكل هذه الجرائم العمرانية سوف يكون لها اثرها الفوري علي المرافق والمرور فضلا عن تشويه الشوارع والمدن.. التي كانت جميلة. الاختراقات العشوائية طالت القصور والمباني التاريخية التي هدمها اصحابها بدم بارد طمعا في ثروة مادية زائلة في ظل قوانين مائعة تسمح بهذه الانتهاكات, و في غياب فاضح للسلطات المحلية المسئولة عن تنظيم ومراقبة اعمال البناء. القضية من اولها لآخرها وثيقة الصلة بضعف الرقابة واستشراء الفساد الناتج عن غياب التخطيط العمراني, والفشل المستمر في ايجاد اراض بديلة تسمح لسكان المدن والريف بإنشاء مساكن تلبي احتياجات النمو الطبيعي في السكان. وبسبب الندرة فقد تفشت اجواء المضاربة علي الاراضي والتي جعلت سعر ارض المباني في الريف عدة اضعاف قيمة الارض الزراعية, وجعلت سعر متر المباني في المناطق العشوائية يزيد علي سعر الارض في أرقي الاحياء السكنية!.هذه الفوضي المنظمة تتحمل مسئوليتها كل حكومات ماقبل الثورة. ومع ذلك فإن حكومات ما بعد يناير تتحمل مجتمعة مسئولية التراخي في مواجهة تفشي الفوضي العمرانية واستغلال ضعاف النفوس لحالة الانفلات الامني والاداري في المضاربة وتحقيق الارباح الحرام. الاحتجاج بأن مايحدث له علاقة بالثورة هو محض افتراء, فالثورات تحيط بنا من كل جانب ولكن هذه الممارسات المنفلتة لانجدها في تونس ولاحتي في سوريا او اليمن. هذه الفوضي السرطانية ليست تداعيات ثورة.. وانما هي ازمة دولة وقانون. لمزيد من مقالات عماد غنيم