دينية النواب تقر نهائيا قانونا جديدا لمواجهة فوضى الفتاوى والأزهر يعلن رفضه    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    1.8 مليون وحدة سكنية.. «الإحصاء» يكشف بالأرقام عدد وحدات الإيجار القديم بالمحافظات    محافظ الجيزة يلتقي رئيس صندوق التنمية الحضرية لبحث تعزيز التعاون بالمشروعات المشتركة    وزير الخارجية والهجرة يستقبل نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الجبل الأسود    الصراع نحو اللقب.. مباريات الأهلي وبيراميذر المتبقية في الدوري المصري    تصادم بين أتوبيس مدارس وتروسيكل بطريق دمو في الفيوم دون إصابات    مفتي الجمهورية يلتقي وزير الأوقاف القطري بالدوحة    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    جامعة العريش تستقبل وفداً من الهيئة العامة للاعتماد و الرقابة الصحية تمهيدًا لتطبيق التأمين الصحي الشامل    الذراع الاستثماري لوزارة النقل.. 1.6 مليار جنيه إيرادات شركة "إم أو تي" خلال 2024    وزير الشباب والرياضة: الاستماع للشباب ركيزة لصنع السياسات ومحاربة التطرف    البرلمان الألماني: ميرتس لم يحصل على الأغلبية المطلقة لمنصب المستشار في الجولة الأولى    بعد 14 عامًا.. وصول أول طائرة أردنية إلى سوريا    وزير السياحة الإسرائيلي: مهاجمة الحوثيين لا فائدة منها    الأمم المتحدة تحث الهند وباكستان على ضبط النفس وتجنب التصعيد العسكري    فضيحة جديدة بسبب سيجنال ووزير الدفاع الأمريكي.. إليك الكواليس    قرار عاجل من التعليم لإعادة تعيين العاملين من حملة المؤهلات العليا (مستند)    شوبير: الأهلي استقر على مدربه الجديد من بين خمسة مرشحين    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    استعدادات عيد الأضحى... التموين تضخ المزيد من السلع واللحوم بأسعار مخفضة    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محافظة دمياط تستعد لامتحانات نهاية العام    كم يوم متبقي حتى عيد الأضحى 2025 ؟    المنظمة الدولية: الذكاء الاصطناعي يهدد 75 مليون وظيفة    سلمى أبو ضيف تحتفل بعيد ميلاد زوجها بطريقة رومانسية    زيادة السولار والبنزين تعمق من انكماش أداء القطاع الخاص بمصر بأبريل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة قنا    البيئة: خط إنتاج لإعادة تدوير الإطارات المستعملة بطاقة 50 ألف طن    بالصور- محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان بحضور نائب وزير الصحة    مدير التأمين الصحى بالقليوبية تتابع جاهزية الطوارئ والخدمات الطبية بمستشفى النيل    منتخب شباب اليد يقص شريط مواجهاته في كأس العرب بلقاء العراق    صور حديثة تكشف أزمة بسد النهضة، والخبراء: التوربينات توقفت وإثيوبيا تفشل في تصريف المياه    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «ليه محدش بيزورني؟».. تفاصيل آخر لقاء ل نعيم عيسي قبل رحيله    القائم بأعمال سفير الهند يشيد بدور المركز القومى للترجمة    رسميًا.. جداول امتحانات النقل للمرحلة الثانوية 2025 في مطروح (صور)    وزير السياحة: قريبا إطلاق بنك للفرص الاستثمارية السياحية بمصر    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    «الصحة» تستعرض إنجازات إدارة الغسيل الكلوي خلال الربع الأول من 2025    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    النيابة تأمر بإيداع 3 أطفال بدار إيواء بعد إصابة طفل بطلق ناري بكفر الشيخ    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تامر عبد الحميد: لابد من إقالة بيسيرو وطارق مصطفى يستحق قيادة الزمالك    وزارة الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    السودان يطلب مساعدة السعودية للسيطرة على حريق مستودعات وقود بورتسودان    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت في قارب الأحلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 11 - 2013

أحلام وردية ماتت غرقا في أعماق البحار, ودفنت في قلوب شباب في عمر الزهور.. حلم الهجرة راودهم بل طارد عقولهم كثيرا, فغضوا أبصارهم عن السبيل إليها, واستجابوا فقط لنداءات جمع المال وتحقيق الثراء السريع التي تتردد علي ألسنة سماسرة, هم في واقع الأمر تجار مستغلون لطموحات شباب يعيشون تحت خط الفقر.
ويتكرر المشهد المأسوي عشرات بل مئات المرات, قوارب بل نعوش تسير في عرض البحار تحملهم إلي نهاية درامية للحلم, وليس بداية ملامسته كما كانوا يتصورون.. لم يكن حادث الإسكندرية الذي وقع مؤخرا هو الأول ولن يكون الأخير.. فبعد مرور أيام قليلة علي وقوعه فاجأتنا حادثة أخري مؤلمة وهي إختفاء مجموعة من المصريين من المهاجرين غير الشرعيين في اجدابيا في الصحراء الليبية.. وفي دمياط تم منذ يومين القاء القبض علي69 مصري في نفس المحاولة للهجرة إلي إيطاليا. قضية الأسبوع تفتح الملف مع من عايشوا التجربة, وعلي الجانب الآخر تقف وزارة القوي العاملة علي خط المواجهة.
حلم يراود الشباب إلي العالم الآخر!
تحقيق:انجي البطريق
هجرة إلي الموت... هذا هو الوصف الأدق لرحلات البحث عن الموت التي يخوضها شبابنا يوما بعد يوم لهثا خلف المجهول بحثا عن الثراء, فإذا كان الفشل يعني الموت فإن النجاح يعني النجاة من الفقر إلي الأبد الذي عانوه طيلة حياتهم وحلم الهجرة بالنسبة لهم الملاذ الوحيد من عالم البطالة والموت البطيء..الغريب والذي ترتعد له الأبدان أن كل شاب يخوض التجربة يري موتا محققا ورغم ذلك فهو مستعد لتكرار التجربة مرارا حتي يصل إلي النجاح ويقدر له الثراء أو الموت وتكون هي النهاية, أما الشئ الذي يثير الدهشة هو محاولات البسطاء بيع كل ما يملكون أو تصل إليه أيديهم بل والاستدانة بقروض بنكية أو من الغير لتوفير نفقات السفر, وقد تصبح هذه الأموال بمثابة جواز مرورهم للقبور وكأن حالات الموت التي نراها ونسمع عنها كل يوم تضيع أدراج الرياح, أمام حالات النجاح المحدودة التي تنضح بها القرية كل فترة فهي كفيلة بأن تجعل الخوف من الموت إحساسا عارضا يغيبه المال, وليس هناك فرق بين الأهل الذين نالوا قسطا وافرا من التعليم أو غير المتعلمين, فالجميع عاجزون عن إقناع الأبناء بالعدول عن هذة الفكرة أمام طموحهم المندفع.
لمعايشة علي أرض الواقع ذهبت إلي قرية في أعماق ريف الشرقية تسمي قرية الديسة في أطراف المحافظة بالقرب من محافظة الدقهلية, تبدو بسيطة في كل شئ مبانيها وطرقها وأهلها إلا من بيوت نادرة هي ملك لأصحاب الرحلات الناجحة إلي ايطاليا, وقد اخترت تلك القرية لانها تشتهر بمحاولات الهجرة المتعددة لأهلها الي ايطاليا الناجحة منها والفاشلة..
قابلته شاب في مقتبل العمر لا يتخطي25 عاما خاض تجربة السفر أو الهجرة غير الشرعية عدة مرات وفشل.. ومستعد لتكرار التجربة من جديد رغم عالم الموت الذي وقف علي أعتابه في المرات الثلاث ولكن محمد يؤكد أن من ينجح يعبر الفقر وخيبة الأمل, وأشار إلي شباب حوله استطاعوا أن يتزوجوا ويحققوا كل شيء رغم أنهم أسوأ حالا منه بكثير فمحمد والده مهندس وأمه مدرسة ولكنه تخرج في الجامعة العمالية منذ سنوات وذابت قدماه بحثا عن العمل ولكن البكالوريوس أصبح مجرد صورة قديمة معلقة علي الحائط لا فائدة منها ولكنها مجرد باعث علي جمع الأتربة حولها, مؤكدا أن محاولات السفر تتراوح تكلفة كل منها ما بين50 الي150 ألف جنيه, وهذا التفاوت يرجع الي الحالة الاقتصاديةو درجة الأمان التي يوفرها السمسار لهم أثناء الرحلة ولكنه كان يفتقد الأمان بل وكانت الخطورة تزداد كل مرة عن سابقتها لدرجة جعلته يستدين مبالغ طائلة اضطر معها للسفر إلي السعودية والعمل كعامل في محل عصير ونسي البكالوريوس نهائيا ليسدد ما استدانه ويوفر ما يجعله يحاول مجددا السفر إلي ايطاليا.
الطريق إلي الموت
أما عن دوافع السفر بالنسبة لهؤلاء الشباب فيضيف سامح أحد الفاشلين في الهجرة أنها تتمثل في البطالة وعدم وجود فرصة عمل محترمة في وطنه تتناسب مع مؤهله, فإذا إستطاع أن يعمل أي شيء في الخارج فهو لن يقبل الا بوظيفة محترمة بين أهله, أما طريق الموت فيقصه بعينين تتلألأ فيهما دمعة محتجزة, حيث يحكي أنه في إحدي المرات التي تحركت فيها المركب من أبي قير من الاسكندرية توقفت في عرض البحر لأن القارب لن يستطيع استكمال الرحلة لتعودالي الشاطئ وتتوقف قبله بكيلو متر تقريبا وربما يزيد لتتخطانا الأمواج بثلاثة أضعاف أطوالنا ونحارب الموت بالعوم حتي الشاطئ وتكتب لنا النجاة, وفي مرة أخري تعالت الأمواج في عرض البحر لتأتي كل موجة بإرتفاع مهول مرعب يتجاوز ارتفاعها خمسة مرات لتحتضننا في طياتها ولان المركب عبارة عن زوارق صغيرة فمنها من ينجو ومنها من يتحطم, وتصادف الحظ أن يتحطم المركب ونضطر للعودة وفي هذة المرة كنا قد تحركنا من جوار الكلية الحربية بالإسكندرية وننتقل علي الحدود البرية بين المحافظات في سيارات خضروات تنتظرنا ويتم تغطيتنا بالأجولة حتي نظهر كالخضار ولا نري الشمس إلا ونحن أمام البحر, ولكن يستوقفنا قبل الركوب بعض السماسرة ويحصلون منا قبل ركوب المركب علي كل ما معنا من اموال معللين ذلك اننا لن نحتاجه في البحر وبالفعل مقتنعين بكلماتهم او مضطرين للتظاهر بالاقتناع, فنحن مرغمون علي تلبية ما يطلبون لدرجة أن المرة الثالثة اعادوا بعضنا دون أن يركبوا المركب لأنهم تأخروا والمركب تجاوزت حمولتها, وفي عرض البحر يقسموننا الي مجموعتين يسيرون في اتجاهين ووصل نصفنا, والنصف الآخر علي المركب الثانية وقعوا في يد الجيش الايطالي.
ويتذكر طارق أحد ضحايا رحلات الهجرة طلقات النار التي تسقط علي رءوسهم كالمطر من خفر السواحل و استطاعوا الفرار منها في كل مرة وهذه كانت أبسط المخاطر التي تعرضوا لها..موضحا أن هناك طريقة أخريللسفر وهي الحصول علي تأشيرة سياحة لقبرص والنزول ترانزيت في المجر ونحمل في حقائب السيارات إلي فيينا ومنها إلي ايطاليا بنفس الطريقة ولكننا نضبط في الطريق... المشكلة أن كل سمسار يؤكد أن الرحلة أمنه هذة المرة لذلك تزيد قليلا عن سابقتها وندفع لنجدها أسوأ من ذي قبل لدرجة أن أحدهم قال لي مرة انك ستكون هذة المرة كانك تتنزه في القرية وقابلنا الموت فيها عدة مرات.
الغريب أنه رغم كل هذة المحاولات الفاشلة يأتي نجاح واحد لإحدي المحاولات التي تتخطي المئات ليزيل كل ذلك ببريق المال, والمؤلم أن الابوين المتعلمين لأحد هؤلاء الشباب سألاني في عفوية بالغة هل سيكون هناك عمل لنجلنا؟! واذا وجد فلن نخاطر بحياته ثانية, وقصوا لي العديد من القصص التي ضاع فيها خيرة الشباب في زهرة أعمارهم وذهبوا ضحايا للهجرة غير الشرعية وهنا أشار لي هؤلاء الشباب أن الذين يشاركونهم الرحلة تتراوح أعمارهم ما بين18 و35 عاما وجميعهم حاولوا بالطرق الشرعية من خلال طلب زيارات من ذويهم هناك أو سياحة ولكن تلك الطرق مستحيلة فقد فشلوا وبدأت المحاولات قديما بعشرة آلاف جنيه للسمسار تضاعفت مرتين في عام واحد وتضاعفت ثلاث مرات اخري في عام ثالث وهكذا حتي وصلت الاسعار لما هي عليه الآن.
واختتم صابر احد هؤلاء الشباب الحوار بأن طريق الخطأ سهل وموجود ولكننا نرفضه لذلك نفضل الموت علي السير في طريق الشيطان.
وكنت قد حاولت الحديث معه لأصل لما هو أبعد ولكنه رفض خوفا من بطش الحكومة معربا عن الثقة المفقودة بينهم وبينها فهي في نظرهم تمنعهم من البحث عن عمل يوفر حياة كريمة. واندهشت من تلك الأموال التي يحاولون بها السفر والتي بإمكانها أن توفر مشروعا يدر دخلا محترما لأي شاب ولكنهم برروا ذلك بأن هناك فسادا في المحليات يجعل إستمرار أي مشروع مستحيلا إذا لم تدفع رشوة, وماذا سيدر أي مشروع في بدايته لنكسب وننفق علي ذوينا وندفع رشوة وبالطبع من لا يدفع لن يستمر وطرق التعجيز لديهم كثيرة.
ذهبت إلي قرية أخري معظم اهلها يتجهون إلي قبرص وتبعد قليلا, عن سابقتها تسمي قرية الصانية.. قابلته رجلا ريفيا بسيطا سافر مرة واحدة وفشل ولكنه لم يحاول مجددا فقاده القدر إلي العمل في تربية المواشي واستطاع أن يحقق منها دخلا محترما, لذلك قرر شعبان- ألا يسافر هناك مجددا حيث يقص رحلة سفره قائلا أنه ذهب للسياحة ولكنه دخل مجال العمل ولأنهم يعرفون أنه هارب عاملوه كأجير بالسخرة ولم يجد ملجأ غيرهم لأن من يضبط يتم حبسه حتي يعلم أهله ويرسلوا له نفقات عودته وإلا فسيظل محبوسا حتي يتم إنقاذه, ولكنه يري أن سبب التكالب علي السفر هو أن من ينجح ينتقل من الفقر والحاجة الي الغني والرفاهية بل ويتزوج قبرصية لضمان الإقامة واستمرارية البقاء ولكن الغربة قاسية فمن يضحي بأهله يكون السبب اقوي وهو الحاجة الشديدة إلي المال.
وهنا تأكدت أن من يجد بديلا ووسيلة محترمة للكسب والعيش في وطنه لن يعود للمخاطرة بحياته ولا اعرف من أدين: شابا يحلم بمستقبل أفضل أم وطنا لا يجد فيه فرصة عمل أم بطالة مقنعة وثقافة مجتمع تحاول الوصول للتعليم العالي كشهادة هروبا من التعليم الفني لأنه عيب في هذا الزمن.
أما تجار الموت وسماسرة الهجرة غير الشرعية فقالوا مبررات واهية لما يزجون اليه من شباب هم عماد هذ الوطن, حيث يقول أحدهم والذي رفض تماما لقب سمسار للهجرة غير الشرعية مؤكدا أنه واسطة ويؤدي خدمة لأهل بلده وهو لا يكسب شيئا بل هي نفقات الرحلة التي يؤكد له من يقومون بعمليات النقل أنها آمنة. أماالحوادث فهي شيء خارج عن إرادة الجميع وأمر عارض لا يتكرر كثيرا كما أن هناك كبارا يحصلون علي جزء كبير من هذه الأموال مقابل تسهيل خروج هؤلاء الشباب.
القوي العاملة: السفر للخارج صداع في رأس الوطن
تحقيق:هبه جمال الدين
العوامل الاقتصادية والرغبة في العيش الكريم وارتفاع معدلات البطالة من أهم أسباب الهجرة غير الشرعية التي يلجأ إليها الكثير من الشباب تاركين أسرهم, وضاربين بحياتهم عرض الحائط, كأن لسان حالهم يقول ما قيمة حياتنا ونحن نعيش في فقر مدقع لا نهاية له معتقدين أن سفرهم هو طوق النجاة الوحيد الذي سينتشلهم من براثن الفقر ومرارة الحاجة بعد أن أغلقت كل أبواب الرزق في بلادهم ولعل السفر يفتح لهم باب رزق في مكان آخر..لذلك كان من الضروري التعرف علي دور وزارة القوي العاملة في الحد من هذه الظاهرة والتي تودي بحياة شبابنا.
وضح المستشار علاء عوض المتحدث الرسمي باسم وزارة القوي العاملة أن السبب الرئيسي للهجرة غير الشرعية يكمن في عوامل اقتصادية من الدرجة الأولي والسبب الثاني مشاكل سوق العمل وزيادة البطالة خاصة خلال السنوات العشر الاخيرة فمن يلجأون إلي مثل هذا النوع من الهجرة أغلبهم من حملة المؤهلات المتوسطة أكثر من المؤهلات العليا, وهذا ما يوضح أن الأعداد التي تجازف وتعرض نفسها للخطر لا تستوعب مدي الخطورة التي ربما يتعرضون لها أثناء سفرهم, فرغبة هؤلاء في العيش الكريم تدفعهم الي المجازفة بأنفسهم فمثلما قال الإمام علي' الفقر في الوطن غربة والمال في الغربة وطن'.. وبالرغم من تراجع الطلب في سوق العمل وانتشار البطالة إلا أنه خلال ال3 سنوات الأخيرة تراجعت معدلات الهجرة غير الشرعية ففي عام2009-2010 تم ضبط وإحباط18 محاولة هجرة غير شرعية, وفي2011 تم ضبط حوالي4 محاولات فقط.. فمحاولات الهجرة غير الشرعية تراجعت وتحديدا بعد ثورة25 يناير علي الرغم من سوء الأحوال الاقتصادية, ويرجع ذلك إلي عدة أسباب أولها زيادة الإنتماء للوطن إلي جانب فتح باب الأمل الذي كان مغلقا لسنوات طويلة واعتقاد الكثير بتحسن الاحوال الاقتصادية بعد الثورة, ثانيا التنسيق بيننا وبين ليبيا وإيطاليا باعتبارهما من أكثر الدول التي يلجأ إليها المهاجرون وإحباط الكثير من المحاولات.. فهناك اتفاقية بين وزيري العمل في البلدين وبين وزير القوي العاملة في مصرللحد من هذه الظاهرة, مشيدا بدور قوات حرس الحدود ورجال الأمن رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها والتنسيق الكامل بينهم وبين وزارة الخارجية.
مكاتب استشارات للهجرة
ويقول إن جهود وزارة القوي العاملة في هذا الصدد تسير في أكثر من اتجاه منها توفير بدائل الهجرة من خلال توفير فرص عمل للشباب في القطاع الخاص, فقلة ضخ الاستثمارات بسبب الظروف التي تمر بها البلد أثرت نسبيا علي جهودنا في هذا المجال إلا اننا نبذل قصاري جهدنا في هذا الصدد ايضا, فقد تم افتتاح14 مكتب قوي عاملة في14 محافظة في14 مديرية وهي عبارة عن مكاتب استشارات هجرة للتوعية بخطورة الإقدام هذا العمل.. وينصح الشباب بذلك مؤكدا علي توافر فرص عمل كثيرة في القطاع الخاص ولكن الكثير من الشباب يأبي العمل فيه ويفضل العمل في القطاع الحكومي, وبسبب هذا الموروث الثقافي الخاطئ أصبح لدينا6 ملايين و200 ألف موظف في الجهاز الإداري للدولة في حين أنه يمكن إدارتها ب2 مليون ونصف فقط! وبالقطع لا توجد دولة في العالم تستوعب هذا الكم الهائل من الموظفين بالجهاز الإداري بها.
ويؤكد المستشار علاء عوض أنه خلال6 أشهر من الآن سيتم تعديل قانون العمل ليصبح قانونا عصريا قويا يضمن حقوق العاملين بالقطاع الخاص وسيكون به نفس مميزات العامل في القطاع الحكومي, أيضا الغاءالتوقيع علي استمارة6 مع إمضاء العقد وكذلك إلغاء الفصل التعسفي.
وهناك ضرورة للتوعية بأهمية اللجوء إلي مكاتب العمل المنتشرة علي مستوي الجمهورية و عددها36 مكتب عمل فمن لديه الرغبة في السفر عليه الذهاب إلي أقرب مكتب عمل له, فهناك استمارات استخدام خارجي من خلالها تقوم الوزارة بترشيح الشخص للعمل بالخارج وتسفيره بصورة شرعية, كما أن من مجهودات الوزارة أيضا في هذا الشأن عقداتفاقية مع الحكومة الايطالية بتوفير6000 فرص عمل في السوق الايطالية سنويا ولكنها مشروطة بإمكانيات ومهارات معينة, وتتبني الوزارة تدريب العامل المصري علي الحرفة التي سيمتهنها هناك, فعندما تم الإعلان عن حاجة ايطاليا لشغل وظائف معينة اجتاز186 فقط المقابلة من المتقدمين لشغل هذه الوظائف, لذلك لابد من سياسة تدريبية ناجحة حتي نقدم العامل المصري بصورة مشرفة في الخارج خاصة إننا فقدنا سوق العمل في الخليج بسبب سوء أو انعدام تدريب العامل, ففي السبعينيات كانت العمالة المصرية نسبتها3 الي1 أمام العمالة الأجنبية الأخري في الخليج, أما الآن أصبحت النسبة1 إلي3 والسبب تراجع مهارات العامل المصري وقلة التدريب.
وينفي المسئول بوزارة القوي العاملة ما يشاع أن مصر من أكثر الدول التي يحدث فيها هذه الهجرة وإنما هناك دول إفريقية أكثر فقرا تنتشر بها الظاهرة وربما مخاطر الهجرة غير الشرعية علي المهاجرين منهاأكثر من مصر لأنهم يتسللون بالمواصلات وربما يتم فقدهم تماما في الأدغال..
ومصر تحتاج إلي سواعد أبنائها وبالعمل ستنهض فنهضتها في مصانع العاشر من رمضان وفي6 اكتوبر وليس بهروب أبنائها للعمل بالخارج, ولابد من عمل توعية في هذا الشأن من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.