هاني فاروقتعد صناعة الرمال البيضاء ضمن الصناعات الواعدة في مصر لامتلاك البلاد مخزونا كبيرا من تلك الرمال, يقدر هذا المخزون بنحو20 مليار طن, خصوصا أن أكثر من90% من مساحة مصر صحراء, ولا نعرف قيمة هذه الصحراء, وكنا نعتبرها عبئا كبيرا لأننا نشأنا علي أن مصر بلد زراعي, فكل ما نقوم به أن نحسن الثروة الزراعية من الأراضي. فمصر تزخر بثروات كثيرة جدا, وللأسف غير مستغلة جيدا, ذلك ما يؤكده الدكتور محمود الشريف عضو لجنة الخبراء الدولية للحكومة الكندية لتقييم البحوث والتكنولوجيا وخبير النانو تكنولوجي, الذي يشير إلي أننا لو استغللنا هذه الرمال البيضاء, والتي تعد الأجود في العالم الموجودة في مصر, وأضفنا إليها العديد من التحسينات قبل بيعها من الممكن أن تدر علي الدخل القومي المصري أرباحا بالمليارات, حيث يتضاعف سعرها عشرات المرات بعد استغلالها كمواد خام, فالرمال البيضاء تدخل في العديد من الصناعات, أهمها صناعة الزجاج وشرائح الأجهزة الإلكترونية. د. الشريف يؤكد أن طن الرمال البيضاء الذي نصدره بعشرين دولارا من الممكن أن يدر علينا الملايين من الدولارات لو تم تصنيعه محليا, لنستفيد منه في صناعات الرقائق الإلكترونية التي توجد الأجنبي يشتريها بهذا السعر البخس لأنه يعلم أن مصر ليس لديها فكرة عن القيمة المضافة في حال استغلال هذه الرمال, ولو بدأنا استغلال هذه الرمال سيزيد سعر بيعها للخارج كمادة خام إلي عشرات الأضعاف. فبعد الخمسينات من القرن الماضي بدأنا نري أن هناك طفرة كبيرة في صناعات جديدة هي التي غيرت العالم بأكمله, تتمثل في صناعة الإلكترونيات, فأشباه الموصلات طورت العالم كله, ويشاء القدر أنها تأتي من الرمال البيضاء التي تزخر بها صحراء مصر منذ ملايين السنين, فمصر من أفضل أماكن الرمال البيضاء في العالم, ونملك30 منجما ضخما تحوي ملايين الأطنان من هذه الرمال. وأشار إلي أن الاتحاد الأوروبي وضع خطة أطلق عليها' تكنولوجيا الصحراء', حيث يأخذون رمال صحرائنا, لتنتج مصانعهم منها بلايين الخلايا الضوئية, التي سيضعوها في صحراء شمال أفريقيا بما فيها مصر لتنتج الكهرباء التي سيأخذونها إلي أوروبا مباشرة, بدلا من البترول الذي سينفد بحلول عام2050, وستصبح أسعاره خيالية بحيث يصعب استخدامه للإنارة العادية. فيأتون إلي شمال أفريقيا لأنها من أفضل المناطق التي تسطع عليها الشمس, ويشاء القدر أن مصر فيها أعلي نسبة إشعاع شمسي في العالم, حيث تنتج2.8 مليون واط في المتر المربع, لو استفدنا منها بواحد في المائة فقط ستحل مشاكل مصر في الكهرباء. فه يأخذون رمالنا بملاليم ثم يضعون ما أنتجوه منها من خلايا شمسية في صحرائنا ويؤجرون الأرض بملاليم, فهم يأخذون الكهرباء مباشرة لأوروبا ونحن لم نستفد بشئ رغم أننا نملك الرمال والشمس والصحراء, فبوسعنا أن نستغلهم لنصدر الكهرباء إلي العالم, وندر دخلا كبيرا علي اقتصادنا, يماثل مئات أضعاف بيع هذه الرمال بأبخس الأسعار. فمن غير المعقول أن تفرط مصر في ثرواتها بهذا الشكل مما يضر المخزون الاستراتيجي لمصر من الرمال البيضاء دون مكاسب حقيقية. وعلينا الحفاظ علي هذه الثروات غير المتجددة, فصناعة الزجاج في مصر يمكنها أن تتضاعف من11 مليار جنيه في الوقت الحالي لتصبح35 مليار جنيه إذا قامت الحكومة باتخاذ إجراءات صحيحة تجاه هذه الصناعة التي تمثل مصر إمكانيات تؤهلها لتكون دولة رائدة في هذه الصناعة خلال سنوات قليلة إذا وجد الاهتمام الكافي. محمود الشريف يقول إنه منذ أن بدأ الحديث عن أهمية استغلال هذه الرمال واجه حربا خفية, لأنهم يفكرون في العائد السريع فقط, حيث يقدر قيمة ما تصدره مصر سنويا من الرمال البيضاء بنحو مليون طن تقريبا, وذلك حسبما ذكره رئيس هيئة الثروة المعدنية منذ عام تقريبا في اجتماع لمجلس الصناعة, يتحكم في العائد منها الذي يصل إلي قرابة العشرين مليون دولار نحو7 أشخاص يتحكمون في ثروة الرمال في مصر, ويحاربون أي مشروعات لاستغلال هذه الثروة. وأكد أن استغلال هذه الثروة في الصناعة من شأنه أن يقضي علي مشكلة البطالة في مصر. ويوجد أغلب احتياطيات الرمال البيضاء في سيناء بواقع13 موقعا, وفي الصحراء الشرقية20 موقعا, وفي الوادي الجديد, كما توجد هذه الرمال علي امتداد خليج السويس بأبي الدرج والزعفرانة, وعلي امتداد ساحل البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء, وتوجد أنواع جيدة من هذه الرمال في جبال شمال ووسط سيناء, مثل جبل المنشرح والحلال ويلق المغارة بدرجة نقاوة تصل إلي99.8% سيليكا. ويطالب محمود الشريف الدولة بتبني المشروعات الصناعية التي تخدم الثروة المعدنية, ومن ثم القضاء علي مافيا تجارة الرمال البيضاء التي تستنزف ثرواتنا.. فهل تستغل الدولة هذه الرمال البيضاء لصناعة مستقبل مصر, أم تبقي هذه الرمال عقبة علي الطرق؟.