ارتفاع اللحوم والفول وتراجع الدواجن بالأسواق اليوم الأربعاء (موقع رسمي)    روسيا تهدد باستهداف القوات الفرنسية حال ذهابها لأوكرانيا    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    وزير النقل: تنفيذ خطة شاملة لتطوير الخطَّين الأول والثاني للمترو.. وتصنيع وتوريد 55 قطارًا    «المصرية للمعارض» تدعو الشركات للمشاركة في معرض طرابلس الدولي في الفترة من 15 - 21مايو    «تعليم كفر الشيخ»: غرفة العمليات لم تتلق أي شكاوى في أول امتحانات الفصل الدراسي الثاني    توخيل: من المستبعد التواجد في بايرن الموسم القادم.. وأحب الدوري الإنجليزي    إجراء المقابلات الشخصية ل44 من المتقدمين لشغل وظائف مدير عام بالقاهرة (تفاصيل)    غرامة مالية وترحيل.. ننشر موعد تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج 1445    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    لا تكذب على برج العقرب.. 4 أبراج لديها موهبة قراءة أفكار الآخرين (تعرف عليهم)    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    متابعة لمشروعات حياة كريمة بقرى ديرمواس في المنيا    هايد بارك العقارية للتطوير تطرح Lagoon Town على لاجون بمساحة 22 ألف متر مربع بمشروع Seashore رأس الحكمة    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    تأجيل محاكمة متهم ب"أحداث وسط البلد" إلى 22 يونيو المقبل    خان شقيقه بمعاشرة زوجته ثم أنهى حياته بمساعدتها في كفر الشيخ    رئيس نادي خيتافي يكشف مصير ميسون جرينوود في الموسم المقبل    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    مسؤول إسرائيلي: لا نرى أي مؤشرات على تحقيق انفراج في محادثات الهدنة في غزة    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    روسيا تؤكد ضرب مواقع عسكرية وشبكة الطاقة الأوكرانية "ردا" على هجمات كييف    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    مرصد الأزهر: استمرار تواجد 10 آلاف من مقاتلي داعش بين سوريا والعراق    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    علاء مبارك ينتقد مركز "تكوين الفكر العربي".. بين الهدف المعلن والتحفظ على العقيدة    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    فصائل فلسطينية: سنتعامل مع إفرازات أي مخطط للوصاية على معبر رفح كما نتعامل مع الاحتلال    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    باتور... سيارة حصرية جديدة من بنتلي    البنك المركزي يصدر تعليمات منظمة للتعامل مع الشكاوي بالبنوك    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    رئيس جامعة القاهرة ينعى الدكتور إبراهيم درويش أستاذ العلوم السياسية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    المركزي للمحاسبات: ملتزمون بأقصى درجات المهنية في نظر الحساب الختامي الموازنة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعدين.. قاطرة الاقتصاد القادمة
هبة الأجداد إلي الأحفاد
نشر في آخر ساعة يوم 07 - 08 - 2012

رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا، إلا أن هناك بارقة أمل لغد أفضل، تتمثل في قطاع التعدين أحد الثروات المهملة في اقتصاد بلدنا، فالتعدين بما يضمه من تنوع في المعادن والخامات يشكل دعامة أساسية في اقتصاد متنوع ويحمل الخير لجميع أفراد الشعب المصري، فهو قادر علي دفع عجلة الاقتصاد بوتيرة متصاعدة وعلي جر عربات الاقتصاد المصري المتهالكة إلي الأمام في قوة وثبات.
التنوع في قطاع المعادن يحمل الكثير من الصناعات بين طياته، فمن صناعات الفوسفات إلي منتجات الذهب والحديد، مرورا بالمعادن التي لم نسمع عنها يوما كالكتيتانيوم والتنتالوم والنيوبيوم، وكلها عناصر تدخل في صناعة الصواريخ والطائرات.. (آخر ساعة) فتحت ملف التعدين لتضعه أمام الرئيس محمد مرسي والمصريين جميعا لنبدأ من خلال هذا القطاع النهوض بهذا الوطن.
يعد التعدين من أقدم الأنشطة التي مارسها المصري القديم، فمن سيناء إلي الصحراء الغربية، وبطول جبال البحر الأحمر من شمال البلاد إلي جنوبها، كان المصري القديم في عصر الفراعنة يبحث في كل مكان عن المعادن، وكشف الأجداد في الأمس البعيد لأحفاد اليوم عن خارطة الطريق نحو استخراج كنوز الأرض لبناء الحضارة التي خلدت اسمهم بحروف من ذهب في كتاب التاريخ.
بردية تورين توضح عمليات التعدين في وادي الحمامات وهي أقدم خريطة تعدينية في تاريخ البشرية، وتعد هذه الخريطة التي ترصد مواقع منجم الذهب في الصحراء الشرقية، أول خريطة طبوغرافية في التاريخ، فقد لونت أجزاء من الخريطة باللون الوردي أو الأحمر ومنها جبل ملون باللون الأحمر كتب عليه جبل الفضة والذهب، وقد رسمت بمقياس تقربيي يتراوح ما بين واحد إلي خمسة آلاف، وتعتبر هذه الخريطة أيضاً هي الأولي من نوعها في العالم كخريطة جيولوجية.
أما في العصور الحديثة، فيرجع الاهتمام بمجال التعدين إلي قدوم الحملة الفرنسية علي مصر حيث صاحب الحملة العديد من العلماء في مختلف العلوم ومنهم بعض المتخصصين في علوم الأرض، الذين اهتموا بدراسة ثروات مصر من المعادن للاستفادة منها في مشروعاتهم الاستعمارية، لكن معظم مشاريعهم بقيت حبرا علي ورق نتيجة قصر مدة بقاء الفرنسيين في مصر.
لكن الذي اضطلع بتنفيذ هذه المشاريع والاستفادة منها كان محمد علي باشا حاكم مصر (1805-1848) الذي نجح في وضع مصر علي عتبة الحضارة الحديثة، وبدأ محمد علي في إرسال البعثات الجيولوجية لتوفير الخامات المعدنية اللازمة لتحقيق وبناء الدولة الحديثة، كما أنشأ مدرسة المعادن في مصر القديمة عام 1834م وأعاد استكشاف مكامن الخامات التعدينية، واستعان بعلماء من مختلف الجنسيات مما أضفي روح المنافسة بين الجميع التي أسهمت في النهاية في إحداث الثورة الصناعية والحضارية لمصر الحديثة.
تواصل الاهتمام بمجال التعدين في عهد خلفاء محمد علي حتي إنشاء مصلحة المساحة المصرية في عام 1896 التي تغير اسمها إلي مصلحة المناجم والمحاجر المصرية عام 1905م، ثم تغيرت إلي مؤسسة التعدين ثم هيئة الأبحاث الجيولوجية، ثم هيئة المساحة الجيولوجية قبل أن يستقر اسمها مؤخرا في عام 2005 علي "الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية".
مصر اليوم أمام واقع جديد في ظل ظروف مغايرة، فالبلاد ما بعد ثورة 25 يناير تطمح لواقع جديد وبناء اقتصاد حقيقي قائم علي التنوع، قد يكون حجر الزاوية فيه استخراج المعادن وإقامة صناعات متكاملة حول المعادن.
مصر إذا كانت هبة النيل، فقد وهبت تنوعا فريدا في المعادن يمكنها إذا ما رغب صانع القرار في توفير عشرات المليارات من الدولارات سنويا تستطيع أن تدفع عجلة الاقتصاد المصري إلي الأمام، لكنها تحتاج فقط إلي إعادة هيكلة ونظرة من أولي الأمر لإحياء قطاع التعدين المهمل علي مدار سنوات.
ويعد التعدين في مجال الذهب من أقدم الأنشطة التي مارسها المصري القديم في مجال التعدين عموما، فقد ترك الفراعنة خلفهم 120 منجما لإنتاج الذهب لتبقي شاهدة علي نشاط وهمة القدماء، وتعد جبال البحر الأحمر المنطقة الرئيسية لإنتاج الذهب في مصر، ومن أشهر المناجم هناك منجم السكري وحمش، ويظهر الذهب علي هيئة حبيبات دقيقة منتشرة غالبا في عروق الكوارتز القاطعة للصخور الجرانيتية المنتشرة بطول وعرض الصحراء الشرقية، وقيمة المعدن الأصفر أشهر من أي حديث عنها ويكفي أنه المعدن الذي تقدر به الاحتياطات النقدية للدول في مختلف أنحاء العالم.
ويعد الحديد من أهم المعادن الموجودة في مصر، وتتواجد رواسب الحديد بشكل أساسي في ثلاث مناطق رئيسية في مصر هي شرق أسوان والواحات والصحراء الشرقية. وتتمثل الفائدة الاقتصادية في خامات الحديد المختلفة في هدف رئيسي وهو إنتاج الحديد الزهر الذي يمكن بعد ذلك إنتاج أنواع الصلب المختلفة لاسيما أن الحديد من العناصر الأساسية اللازمة في كل مجال سواء علي المستوي المدني أو العسكري.
ورغم وجود احتياطيات ضخمة للحديد في مصر إلا أن وجود مصانع الحديد والصلب في حلوان بعيدا عن مراكز استخراجه في الصعيد، أدي إلي ارتفاع تكاليف النقل لخام الحديد من الصعيد إلي اطراف القاهرة، وهو أمر يستوجب إعادة النظر في قطاع الحديد من خلال إقامة مصانع لإنتاج الحديد والصلب في صعيد مصر في إطار مشروعات متكاملة للنهوض بالجنوب الأكثر فقرا من ناحية، ولتقليص هامش التكاليف من ناحية أخري.
ولم تحرم مصر من الفوسفات المتواجد بوفرة في المنطقة المحصورة بين إدفو وقنا خصوصا في المحاميد والسباعية وتقدر احتياطيات خام الفوسفات في منطقة المحاميد وحدها بحوالي 200 مليون طن، كذلك يوجد احتياطي ضخم في ساحل البحر الأحمر بين سفاجا والقصير خصوصا في جبل ضوي، ويتركز أهم احتياطي للفوسفات في مصر في منطقة الواحات بالصحراء الغربية تحديدا في هضبة أبو طرطور التي يوجود بها أكبر مخزون للفوسفات في مصر.
أما التيتانيوم فهو من المعادن التي حبا الله بها مصر، ولا نعرف الكثير عنه للأسف، وهو عنصر مهم يدخل في صناعة صواريخ الفضاء وبناء الطائرات، لما يتميز به من قدرة علي درجات الحرارة المرتفعة، كذلك يدخل في صناعة الأصباغ المستخدمة في صناعة الدهان والمطاط والورق لما يميزه من خاصية بيضاء غير شفافة تجعل منه مادة ذات تميز لا يمكن الاستغناء عنها، ويدخل كذلك في صناعة السيارات والمجوهرات وصناعة الأنابيب الإلكترونية المستخدمة في القياس والتحكم والتقنيات الكهربائية وفي صناعة الكاميرات والتليفزيونات وأجهزة الكشف عن أعماق البحار، وهو عنصر لا يمكن الاستغناء عنه عند إنشاء أي بنية تحتية للاتصالات متعددة الوسائط في العالم الحديث، ويستخدم مع عناصر أخري في صناعة السبائك، ويدخل التيتانيوم في الصناعات البتروكيميائية وإنتاج بعض الأحماض.
من ناحية أخري يستخدم العنصر في المستلزمات الطبية والتجميلية، حيث يعمل التيتانيوم علي عكس الأشعة فوق البنفسجية التي تؤثر علي الأوعية الدموية وتسبب السرطان، لذلك اعتبرت المستحضرات التي تحتوي علي عناصر التيتانيوم من أفضل المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، وله استخدامات ضخمة باعتباره أكثر المواد مقاومة للتآكل.
ويتركز تواجد التيتانيوم في خام الإلمنيت الموجود في أبو غلقة وأبو ضهر وأم عفين وجبل حمرة دوم، بسلسلة جبال الصحراء الشرقية المطلة علي ساحل البحر الأحمر إلي الشمال من مدينة مرسي علم، ويتمثل الخام الرئيسي لعنصر التيتانيوم في معدن الإلمنيت الذي يتكون من أكسيد حديد وتيتانيوم، كما يوجد الإلمنيت أيضا كأحد مكونات الرمال السوداء التي تركزت بفعل الرياح والأمواج في شمال الدلتا بين رشيد والعريش.
من العناصر الموجودة في مصر "التلك" الذي توجد رواسبه في جنوب الصحراء الشرقية تحديدا في درهيب وأم الساتيت، وهو عنصر يدخل في صناعة الورق والصابون والعقاقير الطبية والمنظفات الصناعية.
من المعادن التي لا نسمع عنها وموجودة في مصر، نجد عنصر الفلسبار الذي يتواجد في عدة مواقع أهمها منطقة أسوان ووادي أم ديسي والعنيجي، وكذلك في جنوب سيناء جنوب مدينة دهب ويستخدم الفلسبار أساسا في صناعة السيراميك والخزف والصيني والحراريات والزجاج.
وتعد معادن التنتالوم والنيوبيوم من العناصر ذات الأهميّة الاستراتيجية في التطبيقات المتطوّرة مثل التوربينات والمكثّفات والمزروعات الطبيّة والأفلام الرقيقة للطلاء. ويعتبر معدني النيوبيوم والتانتاليوم من المعادن قليلة الوجود في الطبيعة ويتشابهان في كثير من الخواص ولذا فإنهما متلازمان في وجودهما في معظم الرواسب، ويوجدان في الصحراء الشرقية خصوصا أبو دباب وحمرة معبد كمعادن ثانوية في نوع من صخور الجرانيت يعرف بالابوجرانيت.
ويعد إنتاج المكونات الإلكترونية الاستخدام الرئيسي للتنتالوم، لكنه يستخدم أيضاً في إنتاج مختلف السبائك التي تحتاج بالإضافة إلي نقاط انصهار عالية القوة، ويكثر استعمال التنتالوم في صناعة معدات الجراحة والأجهزة المزروعة في الجسم البشري.
أما الكوارتز المستخدم في البصريات أساسا وصناعة الخلايا الشمسية، فيوجد في عدة مواقع بالصحراء الشرقية أهمها جبل الدب ومنطقة أم هيجليج. ويستخدم الكروم، الموجود بكثرة في الصحراء الشرقية، في صناعة الصلب القوي والسبائك المقاومة للحرارة، والمحركات النفاثة ودباغة الجلود، والأصباغ والصناعات الحرارية والتصوير الفوتوغرافي وصناعة الطوب الحراري المستخدم في الأفران المفتوحة في صناعة الحديد وأفران النحاس والزجاج والأسمنت.
هذه المعادن كلها، تعد نماذج للمعادن المنتشرة في طول البلاد وعرضها، منها المنجنيز والنحاس والباريت المستخدم في سوائل حفر آبار البترول وصناعات الزجاج والسيراميك وشاشات التليفزيون ودهانات الحوائط، و"الكاولين" المستخدم في صناعة السيراميك والخزف والمطاط والورق.
يري الدكتور حسن بخيت، رئيس قطاع المساحة الجيولوجية المصرية بهيئة الثروة التعدينية، أن من أهم المعادن الموجودة في مصر وأكثرها قيمة اقتصادية خامات الذهب والفوسفات والكولين والكوارتز والحديد والتيتانيوم.
مضيفا أن مصر قد وهبها الله تنوعا فريدا في الخامات والرواسب المعدنية التي تتميز بتنوعها الكبير في الصحاري خصوصا الصحراء الشرقية، وهي موارد اقتصادية تنتظر فقط القرار السياسي من أجل تحويل هذه الهبات إلي مصادر دخل لدعم الاقتصاد ككل، وعمل نهضة صناعية حقيقية قائمة علي استخراج المعادن والصناعات المكملة لها، فالخامات الأولية أساسية للصناعات المحلية، وتتحول إلي قيمة مضاعفة عند تصديرها مصنعة وليس كمواد خام.
جيولوجي بهيئة الثروة المعدنية ل«آخر ساعة«:
قطاع التعدين قادر علي توفير 100مليار جنيه سنويا
يعد قطاع التعدين من القطاعات الواعدة في مصر، بما يقدمه من خيرات تكفي الشعب كله، إذا أحسن استغلالها، بعد أن تم إهدارها علي مدار سنوات طويلة، حول مستقبل الثروة التعدينية في مصر كان حوار »آخر ساعة« مع الجيولوجي محمد رمضان، نائب رئيس الشركة المصرية للتعدين التابعة للهيئة العامة للثروة التعدينية، الذي كشف لنا عن حقائق غائبة في ثروات مصر التي لا نعرف عنها الكثير، موضحا أفضل الطرق لاستغلالها، وفيما يلي نص الحوار.
❊❊ هل قطاع التعدين قادر علي المشاركة في بناء الاقتصاد المصري؟
التعدين هو القاطرة الحقيقية للاقتصاد المصري، إذا ما أحسن استغلاله سيمد الاقتصاد بدخل يتروح بين 80 إلي 100 مليار جنيه في السنة، لكن للأسف لم نستفد من الثروة التعدينية كما ينبغي، مقارنة بدول العالم المختلفة، فمساهمة قطاع التعدين في الناتج القومي 1٪ في حين أن مشاركته في اقتصاديات بعض دول العالم يصل إلي أكثر من 30٪ من الناتج القومي، فمساهمة قطاع التعدين متراجعة عند مقارنتها بدول العالم.
❊❊ ما هي أسباب هذا التراجع؟
هيئة الثروة المعدنية كانت اسمها هيئة المساحة الجيولوجية، وعمرها أكثر من مائة عام ومنذ إنشاء الهيئة لم تتغير قوانينها ولا تمت أي عمليات لإعادة هيكلتها، فهو ما جعل حجم الاستفادة من الثروة التعدينية محدود، لذلك لابد من فصل قطاع الثروة المعدنية عن وزارة البترول، إما بتخصيص وزارة للثروة التعدينية أو هيئة مستقلة تابعة لرئاسة الوزراء مباشرة،خصوصا أن الجيولوجي الذي يعمل في مجال البترول يختلف مجال عمله عن الجيولوجي الذي يعمل في مجال الثروة التعدينية، لذلك كان إشراف البترول علي قطاع التعدين كارثيا، لأن المركب الذي له رئيسان يغرق.
لذلك لابد من الفصل وهو وضع متبع في العديد من الدول كالسودان والهند وغانا وأندونيسيا، فلابد من أجل الاستغلال الأمثل من وجود وزارة وإعادة اسمها المعروفة به عالميا وهو هيئة المساحة الجيولوجية، علي أن تختص الوزارة بالمناجم والمحاجر والملاحات، وأن يعاد لها المحاجر والملاحات التي تم فصلها عن الهيئة منذ سنة 1962م وضمها إلي المحافظات، وهو ما أدي إلي اهدار في بعض خامات المحاجر.
❊❊ ماذا عن معوقات الاستثمار في مجال التعدين؟
أول هذه المعوقات هو قانون 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر، فالعمل بهذا القانون حاليا يعد إهدارا موثقا وقانونيا للمال العام، فقد قدرت فيه رسوم لم يتم تحريكها منذ هذا التاريخ، فمثلا رسوم البحث في الكيلو متر الواحد خمسة جنيهات، أما رسم النظر 2 جنيه، علي الرغم من أن قيمة الجنيه وقتها كان مساويا لقيمة الجنيه الذهب، وهو أمر يسهل عملية المقارنة فلابد من رفع قيمة رسوم البحث بما يوازي قيمة الجنيه الذهب حاليا. لذلك طالبنا بتغيير القانون المنظم منذ سنوات بلا مجيب، ومن الممكن تفعيل القرار الجمهوري رقم 45 لسنة 1986م الذي أعطي الحق لمجلس إدارة هيئة التعدين بوضع اللوائح المالية دون الالتزام بالنظم الحكومية.
جانب من الأزمة راجع إلي سوء توزيع مصانع التعدين، فعلي الرغم من وجود معظم المناجم والمحاجر في جبال البحر الأحمر أو محافظات الصعيد عموما، تجد المصانع في مدينة 6 أكتوبر والعاشر من رمضان أو السويس، وهو ما يرسخ للبطالة في الصعيد وعدم العدالة في توزيع الثروات، فضلا عن أن هذا الوضع يؤدي إلي ارتفاع تكاليف نقل المواد الخام من أماكن استخراجها إلي أماكن إعدادها للتصدير.
❊❊ هل للعاملين في قطاع التعدين مطالب؟
هناك فتوي من مجلس الدولة مطبقة داخل القطاع بخروج العاملين إلي المعاش في سن 55عاما، ما أدي إلي ذبح الكوادر الفنية داخل القطاع، وهي كوادر استعانت بها الشركات الخاصة العاملة في مجال التعدين لتحقق أرباح هائلة. كذلك هناك ظلم بين واقع علي العاملين في هيئة الثروة المعدنية بالرغم من أننا نتبع وزارة البترول إلا أن فوارق المرتبات رهيب لصالح العاملين في قطاع البترول،لدرجة أن رئيس إدارة مركزية بقطاع التعدين يساوي ربع مرتب سائق في قطاعات البترول، وكذلك التمييز في توفير العلاج، وكأن العاملين بالهيئة هم أبناء البطة السوداء.
❊❊ ماذا يمكن أن تقدم الثروة التعدينية للاقتصاد المصري؟
معظم إنتاج مصر من الخامات تصدر كمواد خام، فالاكتفاء بتصدير المعادن في صورتها الأولية كخام خطيئة، لكن لو تم الاستثمار في المعادن وإقامة عدد من المشروعات الصناعية القائمة علي خامات المعادن كالصناعات القائمة علي الفوسفات وغيره من المعادن فإننا سنحقق مكاسب هائلة، لأننا سنقيم مجتمعات صناعية ضخمة تستوعب أعدادا كبيرة من العاملين ما سيؤدي إلي انخفاض معدلات البطالة ناهيك عن تعظيم الاستفادة من المعادن التي سيتم تصديرها هي ومشتقاتها الصناعية مقابل عملة صعبة تزيد من قدرة الاقتصاد المصري.
ولابد من البحث عن طرق غير تقليدية لتوفير الطاقة لتشغيل المصانع بما لا يؤثر علي معدلات استهلاك الطاقة، فمثلا في دولة تركيا فوجئت أن هناك مصنعا لإنتاج أسمدة الفوسفات به محطة توليد الكهرباء الخاصة به، بما لا يشكل أي إرهاق علي الدولة، أيضا هناك أسلوب جديد في إنتاج الطاقة اعتمادا علي أسلوب البرك الشمسية، القائمة علي تنقية المياه وإنتاج الملح والطاقة، وهو أسلوب تعد محافظة البحر الأحمر البيئة الأنسب له، وهي بالمصادفة المحافظة التي تضم 75٪ من الثروة المعدنية في مصر، وهي علي الرغم من احتوائها علي غالبية ثروة مصر التعدينية لا يوجد بها إلا مصنع واحد صغير لتقطيع الرخام في رأس غارب.
❊❊ ما هي أهم المشاكل التي تواجه المعادن في مصر؟
هناك 90٪ من خام الفوسفات يتم تصديره كمواد خام، وهو ما يؤدي إلي انخفاض العائد، فمثلا نصدر خام الفوسفات ب100 دولار، ونستورد حامض الفوسفوريك بأكثر من 3000 آلاف جنيه، لأهداف زراعية. كذلك الاتفاقيات التي تم توقيعها لاستغلال الذهب يجب مراجعتها وذلك لأن إحدي الشركات قامت بتضخيم المصروفات، مما أدي إلي أن الدولة لاتحصل إلا علي عائد الإتاوة فقط ، وكان من الأولي أن تنص الاتفاقيات مع الشركات المختلفة علي ضرورة أن تحصل مصر علي عائدها بنسبة من الإنتاج كما هو المتبع في دول العالم المختلفة، وليس بعد خصم المصروفات كما هو واقع حاليا في العقود المبرمة ما يجعل حجم المستفاد ضئيلا جدا.
وكذلك يجب مراجعة اللوائح الداخلية للشركات المشتركة بما يمكن الهيئة من المشاركة في الإدارة وذلك لحسن سير العمل ولصالح العاملين بهذه الشركات فلا يعقل أن يترك الحبل علي الغارب للشريك الأجنبي أن يفعل بالعمالة المصرية ما يحلو له و تقف الهيئة في دور العاجز عن فعل أي شيء وهذا طبقا للوائح الداخلية لهذه الشركات.
فوسفات أبو طرطور يستقبل الأرباح...بعد عقود من الخسائر
تعد مصر من الدول الغنية باحتياطياتها من الفوسفات، ويعد مشروع فوسفات أبو طرطور واسطة عقد مشروعات التعدين في مجال الفوسفات في مصر، ورغم أن المشروع واجه سنوات بل عقودا من التعثر طوال عصر الرئيس السابق حسني مبارك، إلا أنه عرف أخيرا طريق الربح والمكسب، بعد أن أعلنت هيئة الثروة المعدنية تحقيق شركة "فوسفات مصر"، التي تشرف علي إنتاج الفوسفات في منطقة أبو طرطور، أرباحًا للمرة الأولي منذ ثلاثة عقود مع ارتفاع كميات التصدير والإنتاج الحالية من المشروع.
من جانبه أكد فكري يوسف، رئيس الهيئة العامة للثروة المعدنية، ل"آخر ساعة" أن مشروع فوسفات أبو طرطور، التي تشرف عليه شركة "فوسفات مصر" قد حقق أرباحا هي الأولي منذ ثلاثة عقود مع ارتفاع كميات التصدير والإنتاج الحالية من المشروع. وأن المشروع قد ودع خانة الخسائر بعد زيادة إنتاج المشروع حاليًا، والتي بلغت 2 مليون طن سنويًا من الفوسفات، وزيادة حجم التصدير من المنجم.
مضيفا: "النتائج الختامية للعام المالي (2010-2011) أظهرت أن المشروع حقق صافي أرباح بلغت 83 مليون جنيه، ولم نكتف بهذه الأرباح بل هناك دراسات نقوم بها حاليا ومذكرات تفاهم من أجل إقامة مصنع لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية لتعظيم الاستفادة من إنتاج أبو طرطور وعدم الاكتفاء بإنتاج وتصدير خام الفوسفات، وهو ما قد يؤدي إلي زيادة هامش أرباح أبو طرطور".
أما فريد إسماعيل النائب البرلماني السابق والمهتم بملف فوسفات أبو طرطور، فقال: "إن الهدف من مشروع فوسفات أبوطرطور الذي تكلف نحو 12 مليار جنيه طبقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات هو توفير احتياجات السوق المحلية من الفوسفات بمعدل مليون طن سنويا وتصدير 7 ملايين طن سنويًا إلي الاتحاد السوفيتي الذي قام بتوريد معدات إنتاج الفوسفات، لم يتحقق وتوالت خسائره برغم وجود مشروعات كاملة للبنية الأساسية، ومنها مدن سكنية وخط سكة حديد من الموقع إلي ميناء سفاجا علي البحر الأحمر.
وتابع إسماعيل: "عدم تشغيل المناجم بكامل طاقتها وسرقة أكثر من خمسين كيلو مترًا من خط السكة الحديد، وتسريح العمال الذين تم تعيينهم لتشغيل المشروع، كل هذا أدي إلي تهديد المشروع بالإغلاق، لكن التغير الذي حدث علي أرض الواقع شيء جيد ونرجو الاستمرار في دعم هذا المشروع".
وتعد مصر واحدة من الدول التي تحتوي علي احتياطي كبير من الفوسفات، فحسب دراسات لهيئة الثروة المعدنية، فإن كميات الفوسفات المتوفرة في هضبة أبو طرطور تقدر ب4 مليارات طن، التي يتمركز فيها معظم الفوسفات في مصر.
أما عن مشروع فوسفات أبو طرطور فهو مشروع لإنتاج خام الفوسفات من هضبة أبو طرطور (60 كيلو متراً غرب واحة الخارجة)، وتقدم بفكرة المشروع الجيولوجي الكبير رشدي سعيد في عام 1971م كمشروع لاستخراج المعادن المختلفة كان قد كلفه به الزعيم جمال عبد الناصر، وخرج قرار مجلس الوزراء في عهد الرئيس أنور السادات بإسناد تنفيذ المشروع إلي شركة سوفيتية التي بدأت علي الفور في إعداد دراسات الجدوي لمشروع من واقع الدراسات العلمية، وأنهت دراساتها بعد ثلاث سنوات تحديدا في أغسطس 1975م، بعدها بأقل من شهر وافقت اللجنة العليا للتخطيط علي إدراج المشروع في الخطة الخمسية الجديدة باعتباره مشروعا قوميا.. إلا أن توتر العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي، بعد طرد السادات الخبراء السوفيت وبدء سياسة التقارب مع الولايات المتحدة، جعل الجانب السوفيتي ينسحب من المشروع بحجة مرور موسكو بضائقة مالية لا تسمح بالدخول في مشروعات خارجية، وهي حجة واهية لا تخفي توتر العلاقات بين القاهرة وموسكو سياسيا.
بدأت الحكومات المصرية المتعاقبة في الاعتماد علي سياسة القروض لتغطية نفقات المشروع، كان أولها الحصول علي قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير بمبلغ 11 مليون دولار لإنشاء منجم تجريبي بطاقة 100 ألف طن سنويا، لكن المنجم لم ير النور، وتم إنفاق 2.8 مليار جنيه لإنشاء خط سكة حديد يربط بين مناجم الفوسفات وبين البحر الأحمر، طوله يمتد 600 كيلو متر، وتم إنفاق 142 مليون جنيه لإنشاء رصيف خاص في ميناء سفاجا علي البحر الأحمر يهدف إلي تصدير خام الفوسفات للخارج، وتم إنفاق 89 مليون جنيه لإنشاء محطة كهرباء لربط الشبكة القومية من نجع حمادي إلي أبو طرطور بطول 260 كيلومترا، ليبلغ إجمالي ما أنفق علي المشروع ما يقارب ال12 مليار جنيه، دون تحقيق أي عائد مع توقف الإنتاج لسنوات.
أمام تعثر أبو طرطور، تم نقل تبعية المشروع إلي وزارة البترول والثروة المعدنية في عام 2004م من أجل إنقاذه، بعد أن بلغت مديونيات مشروع فوسفات أبو طرطور عام 2003 نحو 13.4 مليار جنيه، دفعت الحكومة إلي إعادة هيكلة المشروع من خلال إنشاء شركة فوسفات مصر، التي استحوذ بنك الاستثمار القومي، التابع لوزارة المالية، علي 50٪ من أسهمها، وتوزعت النسبة الباقية بين هيئة البترول 20٪ وهيئة الثروة المعدنية 20٪ وشركة جنوب الوادي القابضة للبترول بنسبة 10٪.
إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وهو ما جعل الجهاز المركزي للمحاسبات يعتبر مشروع فوسفات أبو طرطور، في تقريره الصادر في 2010 نموذجا لإهدار المال العام، نتيجة سوء التخطيط والتقصير الشديد في إعداد دراسات الجدوي الاقتصادية والأخطاء الجسيمة في التشغيل والتنفيذ، وما صاحب ذلك من تضارب في القرارات والسياسات التي اتُّخِذَت بشأنه دون تحقيق أي من الأهداف المرجوة منه.
تغير هذا كله مع بدء إنتاج أبو طرطور للفوسفات بعد أن غادر خانة الخسائر وعرف طريق تحقيق الأرباح، فقد قررت وزارتا البترول والمالية إعادة تنشيط منجم فوسفات "أبو طرطور"، من خلال خطة تستهدف زيادة إنتاج المنجم من 750 ألف طن سنويا حاليا إلي 3.5 مليون طن سنويًا بحلول 2017 ودراسة إقامة مشروع لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية، ووحدة لإنتاج حمض الفوسفوريك، لعدم الاكتفاء بتصدير خام الفوسفات وتعظيم الاستفادة من هذا العنصر الطبيعي في مجالات صناعية تحقق دخلا أكبر لخزانة الدولة.
الذهب.. ثروة تبحث عن شعب
يرتبط الذهب بمصر عبر تاريخها الطويل، فالفراعنة أول من بحثوا عن الذهب واشتهروا بصناعة المشغولات الذهبية التي ماتزال تحتفظ بروعتها، تشهد علي براعة ومهارة المصريين القدماء في التعامل مع الذهب ووفرته، وترك الفراعنة خلفهم 120 منجما.
وبلاد النوبة اكتسبت اسمها من وفرة المعدن النفيس في تلك البلاد، فبلاد النوبة بالفرعونية تعني بلاد الذهب، الغريب أن مصر التي عرفت بإنتاج الذهب منذ فجر التاريخ، لم تعد تنتج من الذهب إلا القليل ومن بين 120 منجما، هناك منجم واحد فقط هو منجم السكري فيما تواجه بقية المناجم التعثر ولم تعرف طريقها بعد إلي نور العمل.
ولم يعرف الفراعنة استخدام الذهب كعملة، فقد كان أسلوب المقايضة هو السائد، ولم يعرف العالم العملة الذهبية إلا في دولة ليديا (تركيا الحالية)، وطوال عصور مصر سواء الرومانية أو الإسلامية كانت عملة مصر من الذهب الخالص.
ويتركز إنتاج الذهب في مصر في ثلاثة مواقع بالصحراء الشرقية هي جبل السكري ومنطقة حمش ووادي العلاقي، وهي الأماكن ذاتها التي استخرج منها الفراعنة الذهب وتركوا خلفهم عددا من مناجم الذهب القديمة يبلغ 120 منجما في الصحراء الشرقية.
وتعد منطقة أم زريق بجنوب سيناء من المناطق الواعدة المؤهلة لإنتاج خام الذهب والعناصر المصاحبة والتي تتمثل في الرصاص والزنك والفضة والنحاس، فقد أثبتت الأبحاث التي أجرتها الهيئة العامة للثروة المعدنية عن وجود كميات للذهب هناك. أما بجنوب الصحراء الغربية فقد أدي الاستكشاف التعديني إلي العثور علي معدن الذهب في ثلاث بيئات مختلفة، وهو ما يبشر بإنتاج ضخم من الذهب المصري إذا ما أحسن استخدامه.
إلا أن تطور عمليات البحث في الوقت الحالي جعلت احتمالية وجود الكثير من الذهب في الصحراء الشرقية، ولم يصل إليه الفراعنة، أمرا متوقعا وفقا للعديد من الدراسات التي تعتبر منطقة وسط وجنوب الصحراء الشرقية واحة من الذهب الخاصل.
وهناك دراسة أجريت منذ الثمانينيات تدل علي أن الذهب موجود في ثلاثة أنماط أساسية تتكرر في المناجم المختلفة، وهذه الأنماط تشترك في أنها موجودة بالصخور المافية، وهي صخور ترتفع فيها نسبة المعادن المحتوية علي عناصر مافية، مثل الحديد والماغنسيوم، ولأن المعادن المافية تكون ذات درجة انصهار عالية، فإن هذه الصخور تتبلور من الصهير، أولاً، قبل أن تفقد الكثير من عنصري الماغنسيوم والحديد.
وينتزع الذهب من هذه الصخور ثم يعاد ترسيبه في شكل عروق، بالإضافة لوجود الذهب في رواسب الوديان المحيطة بالمناجم في شكل فتات، وقد كان أول استخراج للذهب في عصر المصريين القدماء، من هذه الرواسب سهلة التشغيل والاستخراج، ثم اتجهوا بعد ذلك إلي العروق الأصلية الموجودة في الجبال.
وأكدت أبحاث علمية عديدة أن كميات المخلفات الناتجة عن مناجم الفراعنة، تدعو إلي إعادة تقييم الذهب المتبقي بها، وأنه يمكن استخراج الذهب منها الآن لكونها لا تزال غنية جداً بهذا المعدن النفيس.
وأكدت مصادر بالهيئة العامة للثروة المعدنية ل"آخر ساعة" أن الهيئة بدأت في إجراء مراجعة شاملة لكافة اتفاقيات الذهب، والبالغ عددها 8 اتفاقيات والشركات التي تعمل بها لمراجعة خطط البحث وإزالة كافة العقبات، بما يضمن زيادة إنتاج مصر من الذهب لمواكبة الطلب العالمي.
وكان احتياطي الذهب في مناجم السكري قد ارتفع إلي 14.5 مليون أوقية وفقا لتصريحات صحفية لرئيس مجلس إدارة شركة السكري لمناجم الذهب، وأن ما تم استخراجه حتي الآن من المنجم بلغ 13 طنا خلال عامين منذ بدء الإنتاج التجاري ببداية العام 2010.
ويري الدكتور حسن بخيت رئيس شعبة الجيولوجيا بنقابة العلميين، أن اقتصاديات مناجم الذهب في مصر لها أبعاد اقتصادية متميزة لصالح الشعب المصري خصوصا مع النتائج المبشرة التي تشير إلي أن مخزون الذهب في مصر يُعد مخزوناً مبشراً متزامناً مع خطة الدولة الطموحة للتنمية بعد نجاح الثورة. فقد أشارت التقديرات الأولية إلي أن ما تم تصديره من منجم السكري فقط في مصر يزيد علي 12 طنًا من الذهب منذ عامين، وهو مؤشر إيجابي يفتح أبواب التنمية علي مصاريعها.
وأضاف بخيت: مصر تمتلك أكثر من 100موقع يماثل مخزون موقع السكري، فقطاع الثروة المعدنية يُعد من القطاعات الواعدة المأمول منها المساعدة الفعالة لخدمة التنمية في مصر، حيث من المتوقع أن يكون العائد الاقتصادي من هذا القطاع ما يزيد علي 100 مليار جنيه سنوياً.
من جانبه قال حسام زغلول، رئيس إحدي الشركات العاملة في مجال استخراج الذهب، أن وضع منجم السكري صعب لكن رغم مشاكله يظل حاليا المنجم الوحيد المنتج للذهب في مصر، لكن يجب تعديل شروطه لا أن يتم مهاجمته وإيقافه، فاتفاقية الانتفاع وقعت في عام 1994م عندما كان سعر الأوقية 300 دولار، لكن أول إنتاج للمنجم كان في 2010 بعد أن ارتفعت الأسعار.
وطالب زغلول بفصل قطاع الثروة التعدينية عن إشراف وزارة البترول الفاشلة، وإنشاء وزارة للثروة التعدينية، لإنقاذ ثروة مصر التعدينية فمصر بمواردها التعدينية قادرة علي سداد ديونها في أقرب وقت، هناك 120 منجما للذهب في مصر، إذا تم تنمية 30 منجما منها فقط وأنتج المنجم الواحد 5 أطنان أي بإجمالي 150 طنا في سعر 52 مليون دولار للطن نجد عندنا 7.8 مليار دولار وهي ثروة طائلة لن تتكلف شيئا لأن الاستثمار في مجال الذهب غير مكلف ويتم تعويضه من إنتاج عام واحد فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.