اختتمت أمس أعمال المؤتمر الدولي للمانحين لتنمية وإعمار دارفور تحت الرئاسة المشتركة لمصر وتركيا وبالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي بتعهد الدول والمنظمات المشاركة بمبلغ850 مليون دولار لإعمار وتنمية دارفور. بدأت جلسة العمل الأولي من المؤتمر للمانحين بكلمة من عبدالله المحمود وزير الدولة القطرية للشئون الخارجية, وجه في بدايتها الشكر لحكومة مصر وتركيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي من أجل جهودهم لعقد هذا المؤتمر من أجل الحل الشامل والعادل في دارفور, الذي يجلب السلام ويفتح باب الإعمار والتنمية. وقال المحمود إن دولة قطر تقترح أن يتم إيداع المساعدات والاعانات التي سيعلن عنها خلال هذا المؤتمر في هذا البنك الذي سيكون بمثابة بنك موحد, يوحد آلية المساعدات ويقلل من تكلفة العمليات ويشكل ضمانا للإدارة السليمة والشفافة للأموال والمساعدات التي ستوجه لدارفور, مضيفا أننا في دولة قطر كبداية لعمل هذا البنك نعلن المساهمة ب10 مليارات دولار من رأسمال المقترح. وأكد أبوالغيط في كلمته بالجلسة الافتتاحية أن مصر آمنت منذ اندلاع الأزمة أن قضية دارفور هي قضية تنمية في الأساس أخذت فيما بعد أبعادا سياسية واجتماعية وقبلية, الأمر الذي جعلنا علي اقتناع تام بأن الحل الجذري يجب أن يركز علي رفع معدلات التنمية وتحسين مستوي معيشة المواطن السوداني في دارفور, مؤكدا أن مصر دعمت وسوف تدعم أي جهد إقليمي أو دولي يصب في مصلحة تسوية الأزمة في دارفور, موضحا أن الفترة الأخيرة شهدت حراكا سياسيا ملحوظا لوضع نهاية لهذه الأزمة, خاصة الزيارة المهمة التي قام بها رئيس تشاد ادريس ديبي الي الخرطوم في الشهر الماضي والذي كان لها أكبر الأثر في تطبيع علاقات البلدين الشقيقين, وبدء استقرار الأوضاع الحدودية بين تشاد والسودان مما انعكس بالايجاب علي الوضع في دارفور. وأعرب أحمد أبوالغيط وزير الخارجية عن يقينه من أن استقرار وتنمية دارفور هي الضمان الحقيقي الوحيد لعودة اللاجئين والنازحين وعودة أبناء السودان الي الوطن هي الخطوة الأولي لخروج هذا البلد من مأزقه الحالي, وكلي أمل في أن يكون اليوم نقطة فاصلة في مسيرة الخروج النهائي من الأزمة في دارفور. وقد حضر الجلسة الافتتاحية عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية والدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والدكتور أحمد داود أغلو وزير خارجية تركيا ومني أركو مناوي كبير مساعدي الرئيس السوداني. ومن جانبه, أكد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية, أن التضامن والتكامل الهادف الي إعادة إعمار وتنمية دارفور عمل مطلوب وعاجل وهو ما تقوم به الجامعة العربية بالفعل, مشيرا الي أن التعاون بين الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية المعنية بالوضع في دارفور خطوة مهمة جدا ونعول كثيرا علي تعهداتها واسهامها في رفع المعاناة الإنسانية وإطلاق عملية تنموية تسير جنبا الي جنب مع العمل القائم والمستمر علي اتساع دارفور, من خلال تنفيذ مشروعات تغطي المحاور الحيوية للعملية التنموية في مجالات البنية الأساسية والمياه والصحة والتعليم والزراعة والطاقة والتصنيع الزراعي والتأهيل وغيرها من المجالات التي تمس عصب عملية إعادة البناء والإعمار. وأضاف أن هذا المؤتمر يأتي في لحظة سياسية فارقة تجمع في ظلها العمل العربي والافريقي والدولي في حركة جماعية من أجل دفع المحاور السيساية والامنية والتنموية معا بنجاح وذلك بالتوافق مع حكومة السودان. وأوضح أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي سيشهدها السودان قبل منتصف الشهر المقبل وارتباطها الوثيق بالاستفتاء علي حق تقرير المصير لجنوب السودان, في بداية العام المقبل تستوجب تكثيف الجهود وتنشيط التحركات لتسوية المشكلات العالقة ليتم تحقيق المطلوب بما يوجد ويؤسس مناخ السلام والاستقرار للسودان وجيرانه, موضحا أن ما تحقق من انجازات علي طريق السلام والأمن والاستقرار في السودان ليس بالقليل ولكن مازال أمامنا الكثير وفي وقت قصير بما يستوجب تتضافر جهود الاطراف السودانية وتكثيف التحركات الدولية لتصل مباحثات السلام بشأن دارفور الي هدفها ويحقق السلام الشامل أهدافه. وطلب موسي من المشاركين في المؤتمر جميعا أن يرسلوا برسالة سلام الي كل الأطراف المتنازعة, نناشدهم فيها بالاحتكام الي السلام وعدم اللجوء الي العنف والقوة. ومن جهته, قال أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في تصريحات خاصة للأهرام إن وحدة السودان ضمان لاستقرار إفريقيا وان أي خطر يهدد هذه الوحدة سيؤدي الي تفاعلات غير مرغوب فيها ولا يمكن توقعها علي الصعيد العربي والإسلامي, مضيفا أن منظمة المؤتمر الإسلامي تعتبر من أهم واجباتها هو وحدة التراب السوداني وتجاوزه للأزمات وهو ما يسعي إليه مؤتمر دارفور. وأضاف أن هذا المؤتمر يسهم في بناء السلام, وتوقع أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أن يصل حجم المساهمات المالية في المؤتمر الي ملياري دولار بناء علي دراسات قام بها البنك الإسلامي. ووجه أوغلو في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح المؤتمر الشكر لكل من مصر وتركيا الرئاسة المشتركة للمؤتمر, علي ما بذلته الدولتان من جهد للإعداد الجيد لهذا المؤتمر, موجها شكرا خاصا للرئيس مبارك وداعيا له بالشفاء العاجل. وأوضح أن الصراع الذي حدث في اقليم دارفور ألحق أضرارا بالانسان والبيئة وتوقفت حركة التنمية وتفكك البناء الاجتماعي من خلال حركة النزوح الجماعي التي أظهرت ممارسات جديدة لم يعرفها الانسان في دارفور من قبل, مؤكدا أن التسوية السلمية لأي نزاع لن تأتي ثمارها إلا بأن تصاحبها عملية سلام حقيقية. ومن جانبه, أكد د. مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني عمر حسن البشير, أن رسالة المؤتمر مهمة للغاية لأنها تؤكد أهمية الاسراع في الوصول الي سلام, لأنه بدون السلام لا توجد تنمية. وقال في تصريحات علي هامش المؤتمر إن رسالة المؤتمر واضحة جدا وهي لابد من السلام والأمن حتي نستطيع أن ننجز مشروعات التنمية التي تم تقديمها للمؤتمر, مشيرا الي أن الوضع الأمني بالإقليم يسمح بتنفيذ مشاريع التنمية علي أرض الواقع. وأكد أن موقف مصر واستضافتها للمؤتمر خطوة جيدة وسيكون له أثر فعلي علي التنمية أو الاستقرار بالإقليم السوداني, وأن الجانب السوداني عازم علي التعاون مع جميع الأطراف السودانية لتقرير الأمن والاستقرار في دارفور. وشدد الفريق أول عبدالرحمن سرالختم سفير السودان بالقاهرة, علي أن المؤتمر يعبر عن تعاطف الأسرة الدولية وتعاون الدول العربية والإسلامية مع السودان ودارفور. وأضاف أن المؤتمر يؤكد أن أطروحات دارفور أصبحت مقنعة للعالم ودول الجوار, وأن السلام قد حل فعلا, مشيرا الي أن المؤتمر يحقق هدفا سياسيا مهما وأن السلام مهد للاستثمار, مشيرا الي أن وجود عدد من المنظمات غير الحكومية التي ستقدم الدعم لدافور مما يشكل نوعا من الدعم الشعبي الحقيقي من دول الجوار. وقال عبدالملك النعيم المستشار الإعلامي في سفارة السودان بالقاهرة, ان المؤتمر سيشكل دفعة للعمل السياسي الذي تقوم به السودان بالتعاون مع اشقائها لحل أزمة الإقليم. ومن جانبه, يؤكد السفير صلاح حليمة مبعوث جامعة الدول العربية الي السودان, أن المؤتمر يجسد الدور العربي الإسلامي لتنمية دارفور ويأتي في مرحلة مكملة لمرحلة قامت بها الجامعة العربية تمحورت حول تقديم الخدمات الأساسية لأبناء الإقليم علي نحو يجعل خيار العودة جاذبا.