أحمد أبوالغيط وزير الخارجية يتوسط كمال إحسان أوغلى أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامى وأحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا فى افتتاح مؤتمر إعمار دارفور بالقاهرة انعقاد المؤتمر الدولي للمانحين لإعمار وتنمية دارفور تحت شعار »التنمية من أجل السلام« بالقاهرة يوم 21 من مارس الحالي جاء في توقيت بالغ الدقة والحساسية ولاسيما أن السودان في هذه الآونة بحاجة إلي مساندة الجميع لدعم الأمن والاستقرار علي أرضها ولاسيما أنها مقبلة خلال الأشهر القادمة علي حدثين هامين لكل منهما تأثيره وانعكاساته علي مستقبل السودان ومحيطة العربي والأفريقي وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية وارتباطها الوثيق بالاستفتاء علي حق تقرير المصير لجنوب السودان في بداية 2011 بما يستلزم معه حل كافة المشاكل العالقة علي أرض السودان بما يخلق ويمهد لمناخ يسوده السلام والاستقرار للسودان وجيرانه.. إن هذا المؤتمر الهام والذي دعت إلي انعقاده منظمة المؤتمر الإسلامي علي أرض القاهرة وتحت رئاسة مصرية وتركية مشتركة لهو خير دليل، وكما أكد علي ذلك أحمد أبوالغيط وزير الخارجية في كلمته الافتتاحية للمؤتمر علي أن قضية دارفور لا تزال في قلب عالمنا الإسلامي والمجتمع الدولي وأن العالم الإسلامي بالتعاون مع الدول المانحة الصديقة لن يتواني عن تقديم الدعم للأشقاء في دارفور لتحقيق مطالبهم العادلة في التنمية والإعمار. وحرص وزير الخارجية علي توجيه الشكر لمنظمة المؤتمر الإسلامي وتركيا لجهودهما البارزة ورعايتهما للمؤتمر بالمشاركة مع مصر في هذا الوقت الدقيق الذي يشهد حراكا تاريخيا في السودان الشقيق. كما شدد أبوالغيط في كلمته علي أن رئاسة مصر لهذا المؤتمر هي تأكيد وتثبيت لواقع لا جدال فيه وهو ارتباط مصر الأصيل بالسودان وشعبه.. هذا الارتباط الأزلي الذي يضرب بجذور راسخة في تاريخ شطري وادي النيل. قضية تنمية بالأساس ومن الجدير بالذكر فإن مصر علي يقين وكما أكد علي ذلك أبوالغيط في كلمته بأن استقرار السودان لن يتوفر دون التوصل إلي حل نهائي وشامل وعادل لقضية دارفور التي شغلت وجدان الأمة الإسلامية والأمم المحبة للسلام منذ اندلاعها في عام 2003.. ومن ثم فإن مصر آمنت منذ البداية ومنذ اندلاع الأزمة أن قضية دارفور هي قضية تنمية بالأساس ولقد أخذت فيما بعد أبعادا سياسية وقبلية واجتماعية وهو ما جعل مصر علي اقتناع تام بأن الحل الجذري للأزمة يجب أن يركز علي رفع معدلات القضية وتحسين مستوي معيشة المواطن السوداني في دارفور وقد وجد هذا التحليل صداه لدي منظمة المؤتمر الإسلامي ودفع مصر بالتنسيق مع الحكومتين التركية والسودانية لاستضافة هذا الموتمر الدولي للمانحين لإعمار وتنمية دارفور. وأكد أبوالغيط خلال المؤتمر علي دعم مصر واستمرار دعمها لأي جهد إقليمي ودولي يصب في مصلحة تسوية الأزمة في دارفور. وأشاد بزيارة الرئيس التشادي إلي السودان في فبراير الماضي والتي انعكست بالإيجاب علي الوضع في إقليم دارفور. كما أشاد أبوالغيط بالجهد الذي بذلته دولة قطر الشقيقة والوساطة الدولية بقيادة »جبريل باسوليه« والذي أثمر عن توقيع اتفاق السلام الإطاري بين حكومة السودان وحركة العدل والمساواة ثم الاتفاق الإطاري واتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة. وأعرب عن أمله في أن تقوم باقي الأطراف بالاحتذاء بها حتي يتم التوصل إلي اتفاق سلام نهائي عادل وشامل يضع حداً للأزمة في دارفور.. وأشار أبوالغيط إلي أنه علي يقين من أن استقرار وتنمية دارفور هو الضمانة الحقيقية الوحيدة لعودة اللاجئين والنازحين وأن عودة أبناء السودان إلي أوطانهم هي الخطوة الأولي لخروج هذا البلد الشقيق من مأزقه الحالي.. لأن دروس التاريخ علمتنا أن نهضة الأوطان ليس لها أن تتم دون التفاف سواعد كافة أبنائها من أجل خوض ملحمة الاستقرار والتنمية.. وقد أكد أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا والتي تشارك بلاده في رئاسة المؤتمر علي تأييد بلاده لاتفاقات السلام الأخيرة بين حكومة السودان وأبناء إقليم دارفور مؤكدا علي أهمية مد يد العون للشعب السوداني من أجل تنمية وإعادة أعمار إقليم دارفور الذي عاني طويلا وعلي مدي العقد الأخير وذلك لأن عودة الاستقرار إلي دارفور تدعم السلام والاستقرار علي أرض السودان ومحيطه الأفريقي. رسالة تضامن قوية أن منظمة المؤتمر الإسلامي انطلاقا من مسئوليتها وأداء لواجبها في مساعدة الدول الأعضاء في مجالات تسوية النزاعات وبناء السلام وتحقيق التنمية المستدامة قد تنبهت وكما أكد علي ذلك أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام للمنظمة في كلمته علي أهمية مشروعات إعادة الإعمار والتنمية والتي تدعم أي عملية بناء سلام حقيقي ومن هنا قررت المنظمة ومنذ عام 2008 تنظيم مؤتمر دولي للمانحين يهدف لحشد الدعم المادي لقيادة عملية تنمية مستدامة وبداية إعادة إعمار شاملة في دارفور لتعزيز وتثبيت عملية المصالحة السياسية وتحقيق الاستقرار الدائم. وقد شاءت الأقدار وكما أكد أكمل الدين إحسان أن ينعقد هذا المؤتمر في القاهرة في مرحلة أصبح فيها السلام خيارا استراتيجيا لجميع الأطراف وانعكست هذه التطورات الإيجابية علي الأرض حيث تسارعت خطي العودة الطوعية من المخيمات إلي القري وبدأت الأوضاع تعود تدريجيا في دارفور إلي سابق عهدها. إلا أن أوغلي أشار إلي أن التطورات المهمة لن تكتمل ما لم تجد دعما دوليا قويا لتنفيذ مشروعات إعادة البناء وإصلاح التعليم ومرافق الصحة والمياه ودعم مشروعات التنمية الزراعية والرعوية والصناعية وتأهيل البنية الأساسية وهذا ما نطمح أن يعبر عنه بوضوح هذا المؤتمر وأن تنقل نتائجه رسالة تضامن قوية لكافة أهل دارفور مفادها أن المجتمع الدولي سيكون سندا صادقا لهم لتحقيق التنمية المستدامة وإعادة الحياة الكريمة التي افتقدوها بسبب الحرب والنزاع. وأكد أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أن التعهدات التي تعلن في المؤتمر سوف تعمل المنظمة علي متابعة تنفيذها في المرحلة القادمة حيث ستقوم المنظمة قريبا بافتتاح مكتبها في السودان رسميا كما ستقوم بتكوين آلية متابعة تشمل أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر والتي تضم السعودية والسودان والبنك الإسلامي للتنمية والمانحين الأساسيين وسيتم ذلك بتنسيق كامل مع حكومة السودان والمؤسسات المالية التي تعمل في مجال تنمية دارفور وعلي رأسها البنك الإسلامي للتنمية وبنك تنمية دارفور الذي اقترحته دولة قطر مؤخرا. وقد وجه أكمل الدين إحسان أوغلي شكر المنظمة لكل من مصر وتركيا علي ما بذلوه من جهد وما قدموه من دعم طوال فترة الإعداد للمؤتمر، ووجه الشكر لحكومة مصر علي استضافة أعمال المؤتمر علي أراضيها وما قدمته من خدمات من أجل إنجاحه وخص بالشكر الرئيس محمد حسني مبارك سائلا الله له عاجل الشفاء والعافية والحفظ والرعاية. ومن ناحية أخري أكد عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية أن ما تحقق من إنجازات علي طريق السلام والأمن والاستقرار في السودان ليس بالقليل ولكن مازال أمامنا الكثير وفي وقت قصير بما يستوجب تضافر جهود الأطراف السودانية وتكثيف التحركات الدولية لتصل مباحثات السلام بشأن دارفور إلي مبتغاها ويحقق اتفاق السلام الشامل أهدافه في اتساق وتوافق مع جهود تنمية وتطوير كل من دارفور وجنوب السودان ولنتوجه معا برسالة سلام إلي كل الأطراف المتنازعة نناشدهم فيها نبذ الاحتكام إلي السلاح وعدم اللجوء إلي العنف والقوة والتوجه للأخذ بلغة الحوار القائمة علي العقل والمنطق وتبادل الالتزامات في إطار العملية السياسية الثقافية القائمة حاليا في الدوحة بهدف التوصل إلي تسوية دائمة ونهائية لأزمة دارفور باعتبار أن ذلك هو الخيار الوحيد الذي يمكننا من دفع مسيرة إعادة الإعمار والبناء بما سوف يتيح لأهل دارفور العودة إلي استئناف حياتهم الطبيعية بعزة وكرامة في إطار السودان الكبير ذي السيادة والاستقرار والمستقبل المزدهر. ثمار السلام ومن الجدير بالذكر وفي إطار دعم التنمية في إقليم دارفور كان أمير قطر قد أعلن في شهر فبراير الماضي عن إنشاء بنك لتنمية دارفور تقدر حصيلته ب 2 مليار دولار في محاولة لجمع ما يمكن جمعه من هذا المبلغ من الدول والمنظمات المانحة في إطار مؤتمر القاهرة لدفع عجلة التنمية في دارفور وتمويل المشروعات المقترحة في مجال المياه والتعليم والصحة والبنية الأساسية وغيرها بالإقليم وقد أعلن أحمد أبوالغيط وزير الخارجية في المؤتمر الصحفي المشترك مع أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في ختام مؤتمر إعادة إعمار وتنمية دارفور بالقاهرة أن الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر قد ساهمت بمبلغ يصل إلي 850 مليون دولار في نطاق المبلغ المقترح لتأسيس بنك تنمية دارفور.. وكان ممثل قطر في المؤتمر قد أعلن أن حكومة بلاده سوف تساهم ب10٪ من المبلغ المقترح لبنك تنمية دارفور أي بما يبلغ 200 مليون دولار. كما أعلن الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية عن مشاركة البنك في دعم مشروعات التنمية بدارفور خلال الخمس سنوات القادمة بمبلغ 355 مليون دولار أمريكي.. وذلك بخلاف 150 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي و70 مليون دولار من تركيا و10 ملايين دولار من الجزائر و500 ألف دولار من كل من المغرب والبرازيل ومبالغ أخري من عدة منظمات خيرية ومدنية من الدول الإسلامية.. وقد أكد كل من أبوالغيط وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي في المؤتمر الصحفي الختامي علي أنه قد تقرر تشكيل لجنة تضم كلا من مصر وتركيا وقطر والسودان والدول المانحة كآلية لمتابعة تنفيذ إنفاق الأموال التي ساهمت بها الدول المانحة في دعم مشروعات التنمية والإعمار بدارفور.. وسوف يتخذ بنك تنمية دارفور من السودان مركزا له وقد أكد وزير الخارجية أحمد أبوالغيط علي عدم وجود أي تنافس بين الدورين المصري والتركي بل إن كلا من مصر وتركيا تتكامل أدوارهما في اتجاه دعم السلام والاستقرار في السودان من خلال تنمية وأعمار دارفور. وفي حقيقة الأمر فإن النتائج الإيجابية لمؤتمر تنمية وإعمار دارفور بالقاهرة لابد أن يكون لها انعكاساتها علي التعجيل بالتسوية النهائية والدائمة لأزمة الإقليم ووضع حد لمعاناة المواطنين البسطاء في دارفور ومن ثم تحقيق الأمن والاستقرار ليس في السودان فحسب بل تمتد آثارها إلي عدد كبير من دول الجوار في العمق الأفريقي.