هل سيعاني الاقتصاد العالمي إذا حدثت أزمة اقتصادية في أمريكا كالتي حدثت عام2008 ؟هذا ما يؤكده الخبراء ويرون أن سبب هذه الأزمة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعب دورا مع دول الشرق الأوسط باستخدام الأموال فقط, وهذه عمليات دون أرباح ومن أشهرها اتفاقه مع التنظيم الدولي للإخوان, ويتوقعون أن يتم التحقيق معه لمعرفة الأسباب الحقيقية لإهداره أموال الولاياتالمتحدةالأمريكية في الرهان علي سياسات خاسرة,ولكن هل ستتأثر مصر كغيرها من دول العالم بهذه الأزمة ؟وما أوجه هذا التأثير؟الإجابة في هذا التحقيق. حيث يؤكد د. حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات بأن أمريكا تعاني من أزمة حقيقية وعجز كبير في موازنة الدولة مع مديونية شديدة وتعتبر أكبر دولة مدينة علي مستوي العالم, وبرنامج الرعاية الصحية الذي قدمه الرئيس باراك أوباما سيكلف الميزانية مزيدا من الأعباء ويؤدي إلي زيادة أكبر في الموازنة, ولذلك اعترض عليه الجمهوريون مما تسبب في إعطاء إجازة إجبارية دون مقابل لأكثر من850 الف موظف حكومي, وهذا سيؤثر تأثيرا سلبيا علي خدمات الحكومة الأمريكية للموظفين, وسوف يزداد معدل البطالة واحتمال حدوث أزمة اقتصادية جديدة والتي مازالت آثارها متبقية منذ حدوثها عام(2008), وللعلم المواطن الأمريكي عندما يفقد وظيفته فيتم حصوله علي دعم سلعي مع إعانة بطالة وتأمين اجتماعي فلذلك من وجهة نظر الرئيس باراك أوباما أن هذا الإجراء شديد ولكن لابد منه ومن الممكن تحمله, ولكن علي العكس الحزب الجمهوري يري الضغط علي أوباما للتراجع عن مشروع الرعاية الصحية, ولو تراجع أوباما عنه فسوف يؤدي إلي هزة عنيفة لدي الحزب الديمقراطي والذي سوف يخوض خلال الأشهر القليلة القادمة انتخابات مجلسي النواب والكونجرس, ولكني أعتقد أن هناك جولة أخري من التفاوض وهناك بوادر اتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس للموافقة علي الموازنة وإنهاء الأزمة لان آثارها من الممكن أن تمتد إلي الاقتصاد العالمي خصوصا الاتحاد الأوربي باعتباره أكبر شريك تجاري لأمريكا, وبالنسبة للبورصات العالمية فسوف تتأثر تأثرا سلبيا وتؤدي إلي بيع كثير من الأوراق المالية وانخفاض أسعار الأسهم وتحقيق خسائر تنتقل إلي بقية البورصات الأوربية وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق أسيا وبالأخص البورصة اليابانية, أيضا البنوك نفس الشيء لأن النشاط المصرفي يتأثر من خلال المكاسب التي كان يحققها من عمليات البورصة وأيضا بسبب التجارة والاستثمار الأمريكي وما يترتب علي ذلك من انخفاض علي الخدمات المصرفية المقدمة لهذه الأنشطة, أيضا الصادرات من الدول النامية ومن بينها مصر سوف تتأثر سلبيا لان مشتريات الحكومة الأمريكية سوف تقل بشكل كبير حيث تميل إلي تخفيض مدفوعات إلي العالم الخارجي وبالتالي تقل حصيلة مصر من السوق الأمريكي خصوصا التجارة المرتبطة باتفاقية الكويز بين أمريكا ومصر وإسرائيل, كذلك الاستثمارات الأمريكية تقل معدلاتها بشكل أكبر من السنوات الماضية وكذلك السياحة الأمريكية سوف تقل بمعدلات أكبر من السنوات الماضية, هذا بالإضافة إلي أن العملة الأمريكية سوف تتجه إلي الانخفاض وهذا في صالح مصر ويؤثر تأثيرا ايجابيا بالنسبة للأسعار المحلية حيث سيتجه معدل التضخم إلي الانخفاض عما كان عليه قبل ذلك, ومن المعلوم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر من أكبر اقتصاديات العالم فلا يمكن إفلاسها علي الإطلاق فهي لديها أقوي أنشطة زراعية وإنتاج حيواني وأنشطة صناعية وإنتاج حربي وقطاع مالي وقطاع خدمات إنتاجية وهذا يعني أنه اقتصاد قادر علي الصمود وأن أزمة الموازنة من الممكن أن يتم اجتيازها نتيجة هذه القوة الكامنة في الاقتصاد الأمريكي وبالتالي سوف تستمر في سداد ما عليها من ديون عندما يحل موعد استحقاق القروض والفوائد, وأيضا سداد مدفوعاتها المرتبطة بالتزامات خارجية وإن كان ذلك سيؤثر علي الإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان والعراق وغيرها, ومن الممكن أن يحدث تخفيض للتصنيف الائتماني لأمريكا لفترة مؤقتة. ويؤكد د. مصطفي علوي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة أن بداية الأزمة المالية كانت عام(2006) والتي تحولت إلي أزمة اقتصادية بأمريكا في مرحلتها الأولي وكانت نتيجة الارتفاع الكبير والمفاجئ في نفقات الدفاع أثناء حكم الرئيس بوش الابن حيث كانت ميزانية وزارة الدفاع(232 ملياردولار)أثناء السنة الأولي من حكمه ثم ارتفعت إلي(560 ملياردولار)أثناء ولايته الثانية أضف إليها(110 مليارات دولار) بعد اعتماد الموازنة للإنفاق العسكري في العراق وأفغانستان, ويمثل أكثر من نصف الإنفاق الدفاعي لكل دول العالم أجمع وقد أرهق هذا الاقتصاد الأمريكي والذي تزامن مع حدوث أزمة عقارية متمثلة في بنوك تعطي قروضا ضخمة في مجال الاستثمار العقاري, وتوسعت المؤسسات في منح هذه القروض دون حدود, وترتب علي هذا أن المعروض من العقارات أصبح أكثر من المطلوب منه أي أن( العرض زاد عن الطلب), وأدي هذا إلي انخفاض مفاجئ وكبير في سوق العقارات, ووصل إلي حد أن المقترضين لم يستطيعوا سداد القروض ومن هنا حدثت أزمة في قطاع البنوك وهناك طرف ثالث وهي شركات التأمين حيث حدث لها أزمة ولم تف بالتزاماتها, ومن هنا أصبحت أزمة اقتصادية مالية حادة حتي الآن لأن سياسات الرئيس باراك أوباما والتي عرضها علي الناخبين أثناء حملته الانتخابية كانت تقوم علي أسس لحل الأزمة المالية الاقتصادية منها زيادة فرص عمل لمواجهة البطالة بالإضافة إلي تطوير برنامج الرعاية الصحية والذي يشمل عددا كبيرا من المواطنين الأمريكيين, وقد واجه أوباما مشكلتين هما حالة الاقتصاد والتي لم تكن تسمح بتبني هذه السياسات والتوازن السياسي الداخلي رغم فوز الرئيس أوباما في دورتين متتاليتين حيث كان لا يستطيع توفير الموارد اللازمة والتي وعد بحلها, وذلك لأن التوازن السياسي كان أحد ملامحه أن الجمهوريين يستحوذون علي الأغلبية في الكونجرس وهذا جعل الإدارة الأمريكية غير قادرة علي تنفيذ سياساتها المعلنة أثناء الحملة الانتخابية, ومن المؤشرات الخطيرة للأزمة في مراحلها الأخيرة أنه لم يعد في الخزانة الأمريكية سوي(30 ملياردولار)وهي تكفي لإنفاق يوم واحد أو نصف يوم وترتب علي ذلك تسريح(860 الفا من العاملين لدي الحكومة الفيدرالية من إجمالي(2 مليون موظف)وقد أخذوا إجازة بدون مقابل, ويعتبر هذا تطورا خطيرا مقارنة بالوضع الذي كان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتي نهاية القرن العشرين, ومن المعلوم أنه خلال ثلاث سنوات من الآن وبحلول عام2016 سوف تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولي في العالم ويرجع هذا إلي تقديرات صينية. ويجب علي أوباما أن يقوم ببناء تحالف داخلي وبالأخص مع الجمهوريين حتي يتم الوصول إلي توافق بشأن رسم سياسات تستهدف تخفيف الأزمة ثم إنهاءها, ورغم فوزه بأغلبية مطلقة في انتخابات الرئاسة إلا أنه لم يبد مسيطرا علي الساحة السياسية ولا صاحب كاريزما تمكنه من التواصل المباشر مع الشعب الأمريكي بطريقة تفرض علي الجمهوريين التعاون معه, ومن المفروض أن يقلل من سيطرة كبار رجال الأعمال علي السوق وبالتالي يتم إنشاء مشاريع كثيرة سواء صغيرة أو متوسطة تجذب عددا من العاملين ممن يعانون حاليا من البطالة وتضيف إلي الناتج الإجمالي المحلي وبالتالي يتم تخفيض العجز الكبير في الموازنة وهو ما يعاني منه الاقتصاد الأمريكي حاليا, وألا يصبح الاقتصاد في يد الطبقة الرأسمالية بنسبة(100%) إنما لابد من مشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم ولابد من وجود للدولة في الحياة الاقتصادية. ويشير د. محمد موسي عثمان أستاذ الاقتصاد وعميد كلية تجارة البنات جامعة الأزهر سابقا أن أمريكا تعتمد علي الاستثمار العقاري وتجارة السلاح وبالتالي عندما يكون هناك أزمة فهي تترجم علي أنهما مشكلتان متزامنتان معا, لان الولاياتالمتحدةالأمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما تنحو نحو النموذج السوفيتي اقتصاديا وكان هذا أحد أهم أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي تركيزه علي نشر الثقافة السوفيتية أو نشر المذهب الشيوعي عالميا, فالرئيس أوباما استثمر الأموال وأهدرها في اتفاقيات متعلقة بمشروع الشرق الأوسط الكبير مما أدي إلي ارتفاع التكاليف خاصة بعد تجربة كل من أفغانستان والعراق, حيث خسرت أمريكا أموالا وعتادا وبشرا بتكلفة عالية جدا وأراد أوباما أن يقوم بتنفيذ نفس المخطط مع دول الشرق الأوسط باستخدام الأموال فقط وبالتالي تعد هذه عمليات دون أرباح ومن أشهر هذه التمويلات اتفاقه مع التنظيم الدولي للإخوان, وأتوقع أنه سوف يتم التحقيق معه لمعرفة الأسباب الحقيقية لإهداره أموال الولاياتالمتحدةالأمريكية في الرهان علي سياسات خاسرة, وبالنسبة لتأثير الأزمة الأمريكية علي اقتصاديات العالم الغربي والعربي تتركز علي الآثار المباشرة علي الدول ذات العلاقات التجارية الكبيرة مع أمريكا بمعني أن ميزان المدفوعات الأمريكي يحقق عجزا في التعاون مع هذه الدول, وهنا تصبح الدول ذات العلاقات التجارية مع أمريكا التي حققت فائضا وتكون دائنة لها مما يصعب علي أمريكا كيفية سداد هذه الديون, ومن ناحية أخري هناك تأثير علي البورصات العالمية حيث أن أغلب استثمارات العالم يتم توجيهها إلي أمريكا وبالتالي أي هزة تحدث في الاقتصاد تصيب الاقتصاد الدولي مباشرة, وبالتالي أي أزمة تحدث في العالم الرأسمالي أو العالمي بصفة عامة لابد أن يكون مصدرها أمريكا, ولقد استفاد العالم الرأسمالي من هذه التجربة بأن صدر مشاكله إلي الدول النامية وكان يتم تصديرها عن طريق الاستعمار والهدف الأساسي للاستعمار تصدير الأزمة. ومن المعلوم أن الهدف الأساسي من الأزمة الأمريكية تسويق صناعة السلاح الأمريكي عالميا حتي تستطيع القضاء علي مشكلات البطالة وبالتالي أتوقع أن يكون هناك مزيد من الحروب, وعن تأثيرها علي مصر فهناك أموال تم صرفها في الاتفاقيات السياسية مع تنظيم الإخوان من ناحية وتمويل منظمات المجتمع المدني من ناحية أخري بالإضافة إلي بعض الأعمال المتعلقة بزعزعة الاستقرار أو خلخلة الأمن في البلاد, ولكن المشكلة الأساسية في مصر الآن ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الاستثمارات العربية والعالمية مما يؤدي إلي مشكلة حقيقية.