تعد المياه الجوفية من أهم روافد المصادر المائية العذبة في مصر, حيث تمثل حوالي5 مليارات متر مكعب من الامدادات المائية, ويسهم بعدها النسبي عن سطح الأرض في عدم التغيير السريع في نوعية المياه الجوفية, وأيضا في كمية مخزونها مما يعظم ضرورة حمايتها والحفاظ عليها للاستفادة منها الآن وللأجيال المقبلة, حيث إنها قد تواجه مشاكل عدة نتيجة لتراكم الآثار السلبية الناتجة عن السحب المتزايد غير الآمن بجانب التلوث الذي تتعرض له الخزانات الجوفية, وبالتالي يصعب العلاج, الأمر الذي جعل حتمية انتهاج سياسات واستراتيجيات من أجل حماية المياه الجوفية وصيانتها من الظروف البيئية والمائية المحيطة بها. في هذا الصدد تشير الدكتورة وفاء مصطفي سالم أستاذ الهيدرولوجيا بهيئة الطاقة الذرية إلي أن التدهور البيئي الذي قد تتعرض له المياه الجوفية يرجع لأسباب متعددة تتمثل في عوامل إما داخلية مثل النوعية الأساسية للمياه الجوفية الناتجة عن نوع وتكوين الصخور التي تقوم بتغذيتها والتفاعلات الجيوكيميائية التي تتعرض لها أو قابلية المياه الجوفية لأشكال التلوث المختلفة, أما العوامل الخارجية فهي نتيجة التدخل السييء الناتج عن الاستخدام الجائر, والذي يؤدي إلي عديد من المشكلات البيئية ذات التأثيرات السلبية علي الخزانات الجوفية, وتضيف دكتورة وفاء سالم أن التفاعلات الجيوكيميائية التي تتعرض لها المياه الجوفية ذات دور مهم في تغير محتويات المياه الجوفية, فقد تتأثر المياه الجوفية الضحلة بالنشاط الميكروبيولوجي للتربة, والذي ينتج عن زيادة في تركيزات ثاني أكسيد الكربون, مما يؤدي إلي ارتفاع نسبة القلوية وانتاج البيكربونات, كما تتعرض المياه الجوفية خلال سريانها في الطبقة السطحية إلي زيادة نسبة الاكسجين الذائب وتفاعله مع المعادن والمواد العضوية الذائبة يؤدي إلي أكسدتها, وتضيف أنه نتيجة لإهمال حماية المياه الجوفية أسفر ذلك عن ظهور مشاكل بيئية, الأمر الذي جعل من أهمية وضع نظم لحماية المياه الجوفية في شكل عدة برامج تتمثل في عدة إجراءات مثل المراقبة ومعالجة البيانات, كذلك تقدير الامكانات المائية, وذلك لمحاولة علاج الهبوط الحاد للآبار الجوفية الناتج عن السحب الجائر أو التلوث, وكذلك زحف مياه البحر وتملح الآبار الجوفية, فلابد من عملية تنمية لإدارة المياه الجوفية, وذلك وفق محددات علمية مثل دراسة الامكانات البيئية المتاحة وتكلفة استخراج المياه والتسرب من نظم المياه السطحية وما قد تحمله من مواد ضارة وأيضا التأثيرات البيئية البحرية. وتضيف أنه يمكن القول إن إدارة المياه الجوفية تواجه العديد من المشكلات تتمثل في عدم تكامل مخططات المياه والأراضي, مع غياب نظم المراقبة المتكاملة للمياه وتدهور نوعية المياه الجوفية نتيجة لاستخدام الكيماويات الزراعية والسحب الجائر من الأحواض الساحلية, مما أدي إلي زحف مياه البحر بجانب ضعف نظم تطبيق قوانين حماية المياه الجوفية, وتضيف د. وفاء أن الدراسات الحديثة وضعت تقنيات عديدة من أجل دراسة وصيانة المياه الجوفية ومنها تقنية استخدام النظائر البيئية الثابتة والتي تفيد في تتبع مصادر المياه الجوفية, حيث تستخدم في مصر من أجل معرفة مصادر المياه الجوفية, فقد تكون عن طريق الأمطار أو مياه نهر النيل التي تخترق الخزانات الأرضية, كذلك تفيد هذه التقنية في معرفة سرعة المياه في اختراق الخزانات الجوفية ومدي وجود تداخل بين مياه البحر والمياه الجوفية خاصة في المناطق القريبة من الساحل الشمالي. أما بالنسبة لمعرفة عمر المياه الجوفية فيتم من خلال استخدام تقنية النظائر المشعة, والتي من خلالها يتم تحديد عمر المياه الجوفية إذا كانت قديمة أم جديدة لها شحن تتغذي بواسطته من مصادر أخري, وقد تم تطبيق تلك التقنيات المختلفة لدراسة الآبار القريبة من البحر بمنطقة الساحل الشمالي.