يبدو أن الحكومة قد بدأت تقع في أخطاء, ولم تتمعن دروس الماضي القريب والبعيد فهي تارة تلعب بتلابيب السياسة ودغدغة مشاعر الجماهير , وتارة تمضي علي طريق الوزارة الإخوانية وإعادة إنتاج النظام القديم دون أن تدري. وهنا قد يقال إنها فوق سطح من الصفيح الساخن لا هي مستقرة فتنطلق رؤيتها لمستقبل بعيد المدي ولا هي تعمل في ظروف مستقرة تسمح لها بالتفكير الهاديء للمستقبل, ولكن مادامت تصدت لهذه المسئولية التاريخية كان من المتصور أن تنطلق في مهامها من واقع وضع اسس جديدة لوظائف الحكومة واعادة اكتشاف لمسئولياتها الجديدة. كنا نتصور أن تعي الحكومة أن الدولة القوية اقتصاديا قوية سياسيا ومن ثم تضع قواعد وآليات جديدة لعملها لتحقيق مسئولياتها ومن بينها تحديد معدل النمو المطلوب ومقومات تنفيذه وإستخدام السياسات اللازمة لتفعيل الأنشطة الإقتصاديه وزيادة الاستثمارات وتوفير البيئة القانونية اللازمة لذلك وتحديد آليات مشاركة جميع القوي الاقتصادية في برامج التنمية ونشرأخلاقيات العمل وحماية المستهلك والحد من الاحتكار واستحداث قوانين تحقق التقدم الإقتصادي والأهم بطبيعة الحال زيادة الإنفاق علي التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية مع ضمان حسن استخدام موارد المجتمع من اراض وغاز وبترول وطاقة وكهرباء. الأخطاء التي نرصدها هنا هي ما خرجت عن الحكومة من قرارات وتوجهات, فمثلا كنا نتوقع من السيد الدكتور نائب رئيس الوزراء أن يقدم لنا بعد البحث والدراسة مع المجموعة الاقتصادية حزمة متكاملة من الإجراءات التي يمكن أن تعيد التوازن مرة اخري للاقتصاد المصري فإذا هي قرارات للحصول علي شعبية لم تعد مجدية في إطار ما عاشته مصر خلال العامين الماضيين ومن نوعية تلك القرارات الإعفاء من سداد المصروفات الدراسية هذا العام وهو أمر لا يسمن ولا يغني من جوع فلا الرسوم المدرسية كبيرة لا يقدر المواطن عليها ولا الإعفاء منها يعني زيادة في دخله ولا يعني ذلك إنقاذ المواطن من مآساة الدروس الخصوصية وما يسمي المراكز التعليمية التي تلتهم دخله, وما دامت الحكومة قادرة علي تحمل هذا العبء فقد كان من الأجدي ان توجه المبلغ الذي سوف تتحمله لبناء عدد من المدارس النموذجية في المناطق المحرومة وأن يكون هذا بداية لإصلاح العملية التعليمية الخربة التي يدفع ثمنها الآن الوطن في صورة ضعف القوة العاملة وتردي الكفاءة وإنهيار التعليم بكل مستوياته كما يدفع المواطن الثمن فلا يجد فرصا للعمل وإن وجدها فهي تعود به إلي المربع رقم واحد كأنه لم يتلق اي قدر من التعليم, ويستكمل نائب رئيس الوزراء هذه الحزمة المؤسفة أن تصدر عنه أو عن الحكومة بإعلان تخفيض تذاكر السفر في الأتوبيسات بين المحافظات بنسبة بين10 15% في تغطية لمصيبة كبري وهي التوقف الكامل للسكك الحديدية في مصر, وما يعنيه ذلك من شلل في النقل بهذه الوسيلة التي تربط أنحاء مصر وتنقل الموظفين والبضائع والطلاب خاصة أن العام الدراسي بعد أيام وسلمت كل هؤلاء علي طبق من الذهب إلي بلطجية إمبراطورية الميكروباص والتوك توك يتحكمون فيهم كما يشاءون, بينما كان من المفترض الاستفادة من وزير عالم بحجم الدكتور إبراهيم الدميري في إعادة تشغيل هذا المرفق الحيوي, ويكشف لنا عن خططه العظيمة التي كان قد أعدها أيام كان وزيرا للنقل منذ نحو عشر سنوات والكفيلة بإحداث نقلة ضخمة لهذا القطاع وتحديثه. ومن المضحكات والمفارقات الحكومية إعلان السيد وزير التموين عن تخفيض أسعار السلع في المجمعات آخر عشرة أيام في الشهر فما معني ذلك ؟ باختصار التجار من الممكن أن يشتروا السلع بأسعار أقل ويبيعونها بالأسعار العادية اما المستهلك فينتظر الشراء في تلك الأيام العشرة البيضاء ويضع يده علي خده باقي الشهر, ويبدو أن الحكومة قد أسقطت من حسبانها ما حدث في البلاد منذ يناير2011 فهذا هو السيد وزير الصناعة يستعيد أيام الوزارة قبل الثورة ويمشي علي خطاها من إصدار قرارات بتشكيل مجالس الأعمال المشتركة مع الدول الرئيسية أمريكا وإيطاليا وإنجلترا وهي التي كانت همزة الوصل بين رجال الأعمال وسلطة اتخاذ القرار والتي عبر منها التزاوج بين السلطة ورأس المال والرأسمالية العائلية وتفتح الفرص والمجالات أمام مجموعة معينة من رجال الأعمال دون غيرهم. وعلي هذا النحو من المفارقات يأتي تضارب الحكومة بشأن الحدين الأدني والأقصي للأجور بين إعلان قرب إصدار القرارالخاص بهما خلال أيام ثم التصريح بأن الميزانية لا يمكنها تحمل ذلك وقد نري أن الأهم من هذا هو تطوير هيكل الأجور في مصر والذي يعد بمثابة سيرك وذلك بشكل متأن يحقق العدالة الاجتماعية ويعالج التشوهات القائمة وهناك العديد من الدراسات في هذا الشأن. وإذا كان المستثمر الذي يستثمر الآن يبقي بطل علي حد وصف أحد السادة الوزراء لمن يقدم علي الاستثمار في هذه الظروف. ربما لصعوبة تلك الظروف وعزوف المستثمرين لذا فعلي الحكومة البدء في مشروعات واستثمارات تستوعب جانبا من جيش المتعطلين الذين يمثلون قنابل شديدة الانفجار ولا تلجأ الي دهانات اعمدة النور ورصف بعض الطرق كتعبير عن وجودها أو أنها في خدمة المواطن, ومن بين ذلك والذي يعد إهدارا جسيما لموارد المجتمع ما يحدث الآن في شارع مصطفي النحاس بمدينة نصر من رصف لمسار المترو لمسافة ثمانية كيلو مترات بالزلط والرمل والاسفلت ودفن قضبان المترو الحديدية تحتها وذلك في عملية يجب أن يحاسب المسئول عنها., وإذا كانت الإدارة الحكومية المسئولة مصممة علي هذا الهدر ألم يكن من الأجدي لتقليل الخسائر بيع تلك القضبان الحديدية بالمزاد العلني أو إهدائها للسكك الحديدية لتعينها علي عثرتها ؟ كم من الرشادة نحتاجها في تفكيرنا. وتمضي الحكومة علي نهج حكومة الإخوان وهنا ثلاثة أمثلة أولها مشروع إقليم قناة السوبس والذي لم يصبه إلا تغيير المسمي فقط وكذلك الوديعة القطرية التي جاءت في شكل سندات حكوميه قيمتها2 مليار دولار اشترتها قطر في لندن بفائدة اربعة ونصف في المائة تتحملها مصر بينما الفائده علي الدولار الآن لا تتجاوز واحدا في المائة وإذا كان الإخوان فعلوها لسبب أو لآخر فما الذي يجبرنا الآن علي تحمل هذه التكلفة الباهظة والمجحفة وخاصة تدفق دعم آخر من السعودية والكويت ؟ وإذا كان من نصيحة للحكومة نقول اعمل لمصر كأنك حكومة ستستمر للأبد والله الموفق. لمزيد من مقالات عصام رفعت