نقلا عن الاهرام 1/1/08 ما حدث في واقعة اصطدام مترو الانفاق يستلزم وقفة لتحديد الأسباب وكيفية الاستفادة من الأخطاء في منع تكرارها, خاصة أن استثمارات هذا الجهاز تتجاوز10 مليارات جنيه, والأهم من ذلك أن تكرار الخطأ أو تجاهل أسبابه يعني التضحية بأرواح آلاف المواطنين الذين يستخدمونه ويتجاوز عددهم مليوني راكب سنويا.. فما كشفت عنه هذه الواقعة يجعلنا نتساءل: هل طورنا عوامل الأمان في الخط الأول للمترو علي الأقل لتواكب نظيرتها في الخط الثاني؟ وهل سنستفيد مما حدث في تطوير نظام التحكم الأتوماتيكي لنواجه احتمالات الخطأ البشري من السائقين وغيره من الظروف الطارئة؟ وماذا يقول المسئولون بالجهاز والخبراء؟ يؤكد الدكتور مهندس عبدالمقصود حجو وكيل وزارة النقل السابق بجهاز مترو الأنفاق أن الحادث كشف عن وجود خلل في نظام الكنترول الأتوماتيكي الذي يحقق الأمان للقطار والركاب لأنه يوقف القطار بطريقة آلية دون حتي الاعتماد علي السائق, ولكن في نفس الوقت ربما يكون غير خاضع للمعايرة التي تحدد كفاءته ودرجة هذه الكفاءة, وهذا ما يكشف عنه تحقيق اللجنة الفنية التي شكلتها الوزارة لأنه من المفترض أن الدقة توافرت في أداء جهاز المترو حيث تحددت درجه الخطأ بنسبة واحد إلي2 مليون أي أنها تكاد تكون منعدمة تماما لذلك فإنه لا يمكن أن يكون السائق وحده هو المدان في الحادث كما انه من المفترض حتي لو ذهب السائق إلي العربة الخلفية فلابد أن تعمل الفرامل أوتوماتيكيا لأن هناك جهازا سمي( رجل الميت) ويظل ضاغطا عليها في التسيير فإذا رفعها لسبب من الأسباب يقف القطار تلقائيا. إعادة النظر : وأضاف أن ما حدث يستوجب إعادة النظر في أداء المترو بعد مرور20 عاما علي تشغيله لأنه بالتأكيد يحتاج إلي قطع غيار متجددة ومستحدثة وأن يمتد التحديث علي الخطين الأول والثاني قبل البدء في الخط الثالث لأن هذا يهم المواطنين ويمس حياتهم بالإضافة للحفاظ علي ثروة قومية فاقت30 مليار جنيه, فلو أن قطارا واحدا من40 عربة به خطأ فإن الخسائر ستصل إلي حصد آلاف الأرواح, وفي نفس الوقت فانه يجب الاستفادة من التكنولوجيا المتطورة التي دخلت علي قطع الغيار والتي تحقق كفاءة أعلي في التشغيل, مع تدريب عال للعاملين علي القطار من سائقين وفنيين وإداريين. وأشار وكيل الوزارة بجهاز تشغيل مترو الأنفاق إلي أن البديهي في عمل المترو توافر التأمين الشامل للراكب ضد الحوادث لذلك فإن الحادث لابد أن يكون به خطأ ما لأن الفرامل الأوتوماتيكية لم تعمل والسائق ترك مكانه في نفس الوقت إلي العربة الخلفية, ففي هذه الحالة لابد أن يحدث كلبشة للقطار في مكانه حتي لو كان في المحطات المتوسطة, هذا بالنسبة للخط الأول أما الخط الثاني فإنه يعمل بالكمبيوتر ويستخدم تكنولوجيا عالية في التشغيل بحيث يكون الخطأ من أجهزة القطار وليس من العامل البشري فالسائق في الخط الثاني وظيفته ثانوية ويمكنه التحكم في الفرامل فقط في حالة الخطأ غير المتوقع عكس قطار الخط الأول الذي يتساوي فيه عامل الخطأ بين السائق وجهاز التحكم وهو نظام موجود في معظم الدول التي لديها مترو أنفاق بل هو في جميع قطارات مترو أمريكا. وأشار د. حجو إلي أن خطورة حوادث المترو ترجع لصعوبة الانقاذ خاصة في النفق مع توقع حدوث خسائر عالية وفسر ما حدث من خروج المترو عن خطه بأنه اصطدم بشدة بالمصد والذي توجد به يايات أو زنبرك مما ينتج عنه رد فعل مساو لقوة الصدمة يخرجه عن القضبان لذلك فإن الشركة يجب أن تستفيد من هذه الواقعة لتصحيح أي خطأ يمكن حدوثه مستقبلا مع ملاحظة أن المترو به من أجهزة لضمان سلامته يجب التأكد منها والتأكيد عليها وهي نظام التحكم الأتوماتيكي(A.T.C), والإرشادات علي طول الطريق والتي تتحكم أيضا في الحركة إضافة إلي مركز التحكم والكنترول الألكتروني لتأمين القطار والراكب معا, فلو حدث خلل في أي منها فسوف يحدث شلل في الأداء وتوقع الخطر. الخط الثاني أفضل: ووصف الخط الثاني للمترو بأنه أفضل من حيث التحكم الكامل من بداية إنطلاق المترو حتي المحطة الأخيرة لأن هذا التحكم كامل ونظرا لارتفاع تكلفة جهاز التحكم الآلي مع عدم حدوث أية حوادث سابقة فقد أصبح من غير الضروري إدخاله في الخط الأول فالخط الثاني يتبع تكنولوجيا التسعينيات وهو ما سيحدث بالتأكيد في خط العباسية الذي تجري إقامته الآن, كما أن هناك قطارات متطورة جدا تدعي القطار المغناطيسي ويعمل بالقوة المغناطيسية وبسرعة تبلغ400 كيلو متر في الساعة ويتميز بأنه يوفر الطاقة بدرجة عالية لكن تكلفته الابتدائية عالية جدا وغير اقتصادي, خاصة أن في مصر نحو2 مليون راكب يستخدمون المترو سنويا وعائده يصل إلي365 مليون جنيه تتبقي الأرباح في نحو80 مليون جنيه في العام وهو ما لا يوازي تكلفته الإنشائية إلا بعد سنين طويلة قد تصل إلي40 عاما في حين أن تكلفته الفعلية تعدت10 مليارات جنيه لذلك فإنه مشروع خاسر اقتصاديا, مما جعل جميع أجهزة المترو العالمية تتبع الحكومات وليس القطاع الاستثماري لأنها غير مربحة ولكن فائدتها الحقيقية تظهر في المردود البيئي ودورها في منع التلوث الموجود بالمواصلات العادية مما يساعد علي مواجهة مشكلات صحية واجتماعية بقيمة مضاعفة بالنسبة للأرباح والإيرادات. عوامل أمان: ويضيف الدكتور محمد عبدالرحمن الهواري أستاذ تخطيط النقل وهندسة السكك الحديدية بجامعة القاهرة أن هناك تأمينا دائما داخل وخارج المترو من خلال عدة آليات من أهمها الإشارات الخارجية وهي التي توقف القطار فورا حتي لو لم يقم السائق بالفرملة لأنها تعمل أتوماتيكيا وهذا يثير تساؤلا عن كيفية اندفاع القطار دون توقف, فهناك اشارات قبل المحطة فلو أصيب السائق بأزمة قلبية أو نسي الفرملة فانها تتم بطريقة آلية وهذا يثير التساؤلات والخط مزود بفرامل أتوماتيكية, وهذا سيكشف بالتأكيد نوعا من الخلل غير المفهوم فإذا كان مرتبطا بالمعدات فلابد من مواجهة المشكلة, وإذا حدث تجاوز من حركة القطار مثلما حدث من قبل فلابد أن يكون السبب أن الإشارات كلها خضراء أمامه فلا يتوقف, أما في الشكل العادي فإن القطار والسائق أيضا يتلقي اللون الأصفر المتقطع في طريقه ومعناها يبدأ الفرملة ثم أصفر للفرملة الكاملة ثم الأحمر فيعني قف, وأنه حسب ما نشر يكون هناك عيب واضح في الفرامل. لا مبرر للخطأ : وقال: إن الإدعاء بمضي20 عاما علي المترو ليس مبررا لأي خطأ, وفي نفس الوقت فإن السائقين تم تدريبهم في مصر وفرنسا علي أساس أن إقامته تمت بهندسة فرنسية, وهناك احتمالات توضع أمام السائق أو يفترضها للمواجهة الفورية, وإذا كانت الفرامل بها خلل إلي هذه الدرجة فلابد أن السائق أحس بهذا الخلل خلال رحلته بداية من محطة المرج وإلا فكيف توقف في جميع المحطات السابقة قبل الوصول إلي محطة حلوان, ومعني ذلك أيضا أن القطار كان ينزلق منه طوال الفترة السابقة وهذا يتطلب مع عدم وجود حلول أن يوقف الموتورات والطاقة داخل المترو ومعداته حتي يقف في النهاية. نظام تشغيل : أما الدكتور أحمد فرج أستاذ النقل والسكك الحديدية بهندسة القاهرة فيؤكد أن الحادث له علاقة كبيرة بنظام تشغيل المترو إضافة لخطأ بشري بدليل أن القطار سار ووقف في30 محطة سابقة بانتظام ولو كان به خلل ما حدث في المحطة الأخيرة ولظهرت بوادره في معظم المحطات السابقة مما يدل علي أن النظام الذي يعمل به المترو ليس به تأمين الإيقاف الأتوماتيكي عند دخول آخر محطة أو تجاوز المسافة المقررة قبل المصد. والمفترض ان تبادر شركة المترو بمواجهة هذا الخلل بادخال نظام جديد أو أحدث يتلاشي هذا العيب, حتي لا يترك فرصة للخطأ البشري, ذلك لأن الرحلة الواحدة يكون بها أكثر من ألفي راكب ومعني الخطأ يكون كارثة محققة, وهذه الواقعة مؤشر يجب الاستفادة منه. النظم العالمية : وأشار أستاذ هندسة النقل إلي أن النظم العالمية المتطورة في المترو لا تحتمل أي خطأ بأي نوع بعد التكنولوجيا التي وصلت إليها, فقد يكون واردا خطأ السائق فربما يدوس علي يد السرعات مما يمنع وقوف القطار أتوماتيكيا أو أن هناك خللا في السيمافور يترك معه اندفاع القطار أيضا وهي كلها أسباب محتملة, لذلك يجب وضع نظم متكاملة جديدة للتشغيل الأتوماتيكي وخفض احتمالات الخطأ البشري, خاصة بعد أن مضي علي تشغيل الخط الأول نحو20 عاما مما قد يحتاج معه إدخال نظم متطورة جديدة. وفي النهاية نعرض لآراء كثيرة من ركاب المترو حول الأداء اليومي ومن شكاوي متعددة مجملها في انتشار ظاهرة الباعة داخل محطات وقطارات المترو إضافة للتسول الذي يسيء إلي هذا الوجه الحضاري المهم لمصر, كما أن المحطات معرضة للتشوه بزيادة وانتشار الأكشاك المخصصة للبيع ولكل أنواع الأغذية وأجهزة المحمول ولعب الأطفال, ومخالفات بعض الأشخاص بمعظم المحطات من إلقاء للمخلفات بالأرض أو القفز من فوق الماكينة لدرجة يصعب السكوت عليها إذا سكت المسئولون عن خطي المترو.