بوتين يهنئ السيسي بعيد ميلاده: من أعماق قلبي أتمنى لك الصحة والنجاح في خدمة الشعب    الشركات اللبنانية تستثمر 854 مليون دولار في مصر بنهاية فبراير 2025    ارتفاعات وشيكة في أسعار الذهب.. اشتري قبل فوات الأوان    أمين مجلس الجامعات الأجنبية: استكمال القرارات الجمهورية ل 11 فرعا و10 طلبات قيد الدراسة    الإخوان على القوائم السوداء في أمريكا رسميًا: ولاية تكساس تصنف الجماعة منظمة إرهابية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأنجولي سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية    جوائز الكاف 2025، تعرف على طريقة اختيار الأفضل في أفريقيا    بعثة زيسكو الزامبي تصل القاهرة الخميس لمواجهة الزمالك    عمرو عثمان: أكثر من 13717 نشاطا توعويا لمكافحة الإدمان بمحافظات الجمهورية    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    الفنان محمد صبحي يغادر المستشفى بعد تعافيه ويعود إلى منزله    عمرو مصطفى يطمئن على تامر حسني: ربنا يشفيك ويعدي الوجع بسرعة    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    وزير الصحة: دول منظمة D-8 تعتمد إعلان القاهرة لتعزيز التعاون الصحي المشترك    حقيقة عودة كهربا إلى الأهلي في يناير    اسعار كرتونه البيض للمستهلك اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    ضمن مشروع تطوير شامل، أنظمة إطفاء صديقة للبيئة في مطار القاهرة    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    المصرية للاتصالات تعلن اكتمال مشروع الكابل البحري 2Africa    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقف الخيري.. يبحث عن نص دستوري

أثارت مطالب بعض أعضاء لجنة العشرة المشاركة في التعديلات المرتقبة للدستور المصري الجديد بإلغاء المادة المتعلقة بإحياء الوقف الأهلي من الدستور الجديد, استياء العديد من علماء الدين وخبراء الاقتصاد الذين اعتبروا ذلك أي الإقدام علي إلغاء هذه المادة جريمة في حق الدين والمجتمع والاقتصاد.
وشدد العلماء علي ضرورة الحفاظ علي هذه المادة دون المساس بها, وأكدوا أننا في أمس الحاجة إلي إحياء الوقف وتفعيل دوره ورسالته, كما طالبوا بالتوسع في أبواب ومجالات الوقف بشكل عام وعدم قصره علي المجالات التقليدية التي درجنا عليها منذ عشرات السنين, ودعوا إلي ابتكار أساليب جديدة لاستثمار أموال الوقف الاستثمار الأمثل, والحث علي التوسع فيه بما يقتضيه ذلك من تشريعات وتعديلات, وأن يخضع الوقف لمستجدات العصر واجتهادات العلماء المعاصرين بما يخدم الواقع ويعالج قضاياه.
في البداية يقول الدكتور شوقي دنيا أستاذ الاقتصاد جامعة الأزهر إن إلغاء مادة الوقف الخيري من الدستور تعد خطيئة كبري في حق الدين والمجتمع والاقتصاد, لأن إلغاء هذه المادة يحرم المجتمع من فعل الخير الذي عاش عليه المجتمع الإسلامي, فالوقف الخيري يسد الحاجات التي لم تستطع الدولة سدها علي مر العصور, من تعليم وصحة وسكن للطلاب ورعاية الأيتام والمحتاجين وعلاج المرضي, لكن أن يأتي البعض فجأة ويطالب بإلغاء هذه المادة دون مبررات فهذا غير مقبول, وكان يجب أن تقوم اللجنة التي أوصت بإلغاء هذه المادة بعرض المبررات التي جعلتها توصي بذلك حتي يتم الرد علي هذه المبررات, ولذلك أري أنه لا توجد مبررات لإلغاء هذه المادة التي تحمل الكثير من أوجه الخير للمجتمع, وعلينا أن ندرك أن نظام الوقف موجود في كل دول العالم, حتي الدول الغربية يوجد بها نظام الوقف, فالوقف الخيري مؤسسة خيرية اجتماعية مدنية لا نظير لها, فكيف يطالب البعض بإلغاء هذا النظام الذي يوجد حاليا في كل أنحاء العالم ؟! حتي الدول غير الإسلامية تستفيد من هذا النظام.
ويضيف أن الوقف شعيرة في الإسلام يستفيد منها المسلم وغير المسلم ويستفيد منها الطير والحيوان, وهي غير مقصورة علي فئة أو ديانة, مؤكدا أنه لا يوجد أحد من علماء الشريعة ينكر أن الوقف شعيرة إسلامية, وقد بدأت في أيام الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم, والرسول كان أول من أوقف, ولا يوجد أحد من الصحابة استطاع أن يوقف ولم يفعل, والتاريخ الإسلامي يشهد بذلك, مشيرا إلي أن هناك بابا في كتب الفقه علي اختلاف مذاهبها اسمه الوقف وأحكامه وشروطه ومجالاته وما هي سلطة الحاكم في إلغائه, ولذلك أطالب لجنة الخمسين بضرورة أن تبقي المادة كما هي ولا يتم حذفها.
الوقف المؤقت
ويوضح الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر, أن الوقف المؤقت يحقق أغراض كثير من الناس في وقف أعيان مالهم, أو ما ملكوا من منافع الأموال, فيحوزون به فضل هذه الصدقة وإن لم يملكوا هذه الأعيان أو منافعها ملكية دائمة, فيتحقق بالقول بجواز هذا النوع من الوقف زيادة عدد الواقفين, وزيادة نطاق المستفيدين من الأوقاف بوجه عام, بالإضافة إلي الوفاء بحاجات كثير من ذوي الحاجة, وتخفيف العبء عن ميزانية الدولة, بحيث لا تثقل بالوفاء بضرورات الحياة وحاجياتها لكثيرين.
واوضح ان نطاق الوقف المؤقت يتسع ليشمل أنماطا عدة من وقف الأعيان أو المنافع, حيث يجوز وقف الأعيان وقفا مقتا مؤقتا محدودة: كوقف العقارات من أراض أو مساكن أو مبان, أو نحوها مما يمكن الانتفاع به منفعة مشروعة, كما يتصور الوقف المؤقت في وقف المنقولات: ككتب العلم, وفرش المسجد, ومصابيحه, ومقاعد دور العلم, والأجهزة الطبية, ودراجات العاجزين عن المشي, ونحو ذلك, ويتصور أيضا في وقف النقود عند من يري جواز وقفها من الفقهاء, حيث تقرض للمحتاجين والمعوزين حتي يقضوا دينهم أو حاجاتهم, ثم يردون ما اقترضوه إلي جهة الوقف مرة أخري, كما يشمل وقف المنافع عند من يري جوازه من الفقهاء, وباب وقف المنافع يتسع ليشمل وجوها من الوقف لا يحصيها عد, حيث يستطيع كل من العامل والخبير والطبيب والمدرس والعالم في أي فرع من فروع العلم, وقف جزء من منافع أعمالهم مقدرا بالوقت أو بإنجاز عمل معين لفئة من الناس يحتاجون إليها, بل إن وقف المنافع مؤقتا يتسع ليشمل ما يقوم به أصحاب التخصصات المختلفة في مجال عملهم, بوقف بعض ما يقومون به من أعمال لصالح مؤسسة أو جمعية خيرية, أو نحو ذلك, وهذا يدل علي أن الوقف المؤقت يستطيعه كل أحد حتي ولو كان فقيرا لا مال له, إذا وقف منفعة عمله أو خبرته, كما يدل علي أن هذا النوع من الوقف يمكن به الوفاء بحاجات كثير من فئات المجتمع العاجزة عن إشباع حاجاتها, لضيق ذات يدها, بل إنه يمكن أن يخفف هذا العبء عن ميزانية الدولة, وخاصة في أوقات الأزمات التي تعجز فيها الدولة بإمكاناتها المحدودة من الوفاء بحاجات الناس.
البحث العلمي
يعتبر الوقف علي البحث العلمي من مستجدات العصر, لذا يؤكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء أن أخذ الزكاة والصدقات في مجالات البحث العلمي جائز شرعا علي مذهب الموسعين, مشيرا إلي ضرورة تكرار اي تجربة تتبني تشجيع البحث العلمي والأكاديمي, وهي من أولي المصارف حيئنذ بالدعم من أموال الزكاة ويجوز قبول الصدقات لتلك الأغراض الداخلة في أعمال الخير التي تنتفع بها الأمة من مشرقها إلي غربها ومن شمالها إلي جنوبها, كما يجوز بناء وقف أهلي للصرف منه علي تلك الأغراض النافعة.
كما دعا مفتي مصر السابق, المسلمين إلي دعم وقف البحث العلمي وغيره من المشروعات الخيرية حتي يعود المسلمون إلي ما كانوا عليه أيام ازدهار حضارتهم معلمين للأمم وأئمة في علوم الدين والدنيا معا, وأشار إلي أن الذي ينقص أمتنا اليوم لتتبوأ الصدارة بين الأمم هو امتلاك العلوم والتكنولوجيا, بحيث تكتفي اكتفاء ذاتيا, فتأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع وتتسلح مما تنتج ولا تكون عالة علي غيرها لأنها تحمل أعظم رسالة هي رسالة الإسلام.
وأكد أن الوقف العلمي والتكنولوجي أصبح الآن في غاية الأهمية بالنسبة للعرب والمسلمين, وبالتالي هو فرض كفاية علي الأمة, وواجب علي كل قادر من العرب والمسلمين أن يدعم ذلك الوقف من خلال أداء الزكاة المفروضة والصدقات التطوعية باعتباره عملا من أعمال الخير وهو ما يعلي كلمة الإسلام, ويرجو به المسلم والمسلمة ثواب الله في الدنيا والآخرة, وحتي يتحقق النفع والخير لكل العباد والبلاد,مشيرا الي ان الزكاة في الإسلام تنطبق علي كل ما يخدم الإسلام والمسلمين كالجهاد وتجهيز الجيوش, والانفاق علي العلم من أجل تقدم البحث العلمي, كما أن العلم أساس قوة المسلمين ورفعة الإسلام, ومن ثم تقديم العون والدعم عبر ما يندرج تحته الانفاق علي البحث العلمي واجب في حق المسلمين.
وشدد علي ضرورة ان تسن تشريعات وقوانين جديدة تتضمن الحفاظ علي ذلك النوع من الوقف, بحيث تشمل انشاء هيئة مستقلة لهذا الوقف, ينضم اليها كبار المتخصصين من رجال القانون والفقه ورجال البحث العلمي, ثم توظيف ذلك الوقف في أغراضه, ويتم تنظيم مسابقات لتلقي الاختراعات والإبداعات العلمية وقبول ومساعدة كل ما هو مفيد منها للاستفادة به في مختلف المجالات.
الأعضاء البشرية
وعلي الرغم من ان الجدل لا يزال دائرا حول قضية نقل الأعضاء, فإن الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر عضو هيئة كبار العلماء ومجمعي البحوث الإسلامية وفقهاء الشريعة بأمريكا دعا إلي استحداث الوقف في الأعضاء البشرية,مشيرا إلي أن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة الحقيقية التي يعرفها الناس أميهم ومتعلمهم لا يوجد في الشرع ما يمنعه, لافتا إلي أن هذا التبرع قد يكون مؤديا إلي إنقاذ حياة إنسان آخر, كالتبرع بالقلب بعد الوفاة, أو تحقيق نفع كبير له, كالتبرع بقرنية العين, ونسأل: ما الذي يؤذي المتوفي أو ما الذي يخسره؟ ليس هناك ما يؤذيه ولا ما يخسره, بل هناك ما يعطي الأمل في الثواب له, فالأمل يكون في ثواب الله عز وجل للمتوفي, إذا تبرع بعضو بعد وفاته يؤدي إلي إنقاذ حياة إنسان آخر أو إزالة الضرر الشديد عنه.
وردا علي الرأي الذي يقول بعدم ملكية الإنسان لأعضائه ومن ثم لا يجوز له أن يتبرع بأحدها, لأن التبرع فرع الملك, فإذا كان الإنسان لا يملك شيئا فليس من حقه التبرع به لأنه حينئذ يتبرع بملك غيره, والتبرع إسقاط ملكية المتبرع للشيء المتبرع به ومن ليس له ملك في شيء فأي شيء يسقط في تبرعه؟!, يقول الدكتور رأفت عثمان: مع الإيمان والاعتقاد الجازم بأن كل ما في الكون بما فيه جسم الإنسان ملك لله عز وجل, فإن هذا لا يمنع الإنسان من أن يتصرف في جسمه بما يحقق المصلحة له أو لغيره في نطاق الضوابط والقواعد العامة, فملكية الله عز وجل للأشياء والكون كله ليست مانعة للتصرف من الإنسان في هذه الأشياء التي هي ملك لله تبارك وتعالي في نطاق قواعد عامة بينتها شريعة الله عز وجل, فيجوز للإنسان أن يتصرف في أمواله بالتبرعات, والهبات, والصدقات, والمهور, والبيع, والإجارة, والقرض, والرهن, والضمان, وغير ذلك من التعامل المالي الذي أباحه الله عز وجل.
وكذلك يملك الإنسان جسمه مع أن المالك الحقيقي له وللكون كله هو الخالق تبارك وتعالي, ولو لم يملك الإنسان جسمه لما جاز له أن يأذن في إجراء جراحة له يترتب عليها قطع جزء من جسمه لمعالجته من مرض أكثر ضررا, ولما جاز إجراء العمليات الجراحية لمساعدة الحوامل في الوضع, وهي المعروفة الآن بالعمليات القيصرية.
وعلي هذا فملكية جسم الإنسان وكل الكون لله تبارك وتعالي ليست مانعا من التبرع ببعض أعضاء الجسم بعد الوفاة الحقيقية, وهي ألا يكون في الإنسان ما يدل بحسب العادة أنه لا يزال حيا.
صياغة جديدة للقوانين
من جانبها دعت الدكتورة سحر أحمد حسن المدرس بكلية التجارة بنات بجامعة الأزهر إلي إعادة صياغة القوانين المنظمة حيث إن الوقف الأهلي تم إلغاؤه بالقانون180 لسنة1952 الذي قصر التبرع علي المبالغ النقدية فقط, ويمنع التبرع سواء بقطعة أرض أو أسهم أو أي ممتلكات أخري. ويجب أن يتضمن ما يفيد بإدارة تلك الأوقاف عن طريق هيئة مدنية مستقلة, تراعي الضوابط الشرعية في إدارتها, وليس عن طريق وزارة الأوقاف.لهذا يجب وضع قانون جديد للأوقاف, بما يسمح بعودة نظام الوقف من جديد, بالإضافة إلي تعديل عدة قوانين أخري ذات صلة بتأسيس الأوقاف وإدارتها واستثمارها ودورها, مثل قوانين الضرائب, وقانون الجمعيات الأهلية, وقوانين التعليم والصحة, ويفترض أن تتجه هذه الإصلاحات القانونية نحو الجوانب التالية.
كما دعت الدكتورة سحر إلي إعادة تنظيم إجراءات تأسيس الوقف الأهلي, بحيث تحترم رغبات الواقف في الجوانب المتعلقة بمصارف الوقف والجهة المنوط بها إدارته واستثماره, بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو نظام الدولة. ويلاحظ أن الاحتكام إلي الشريعة الإسلامية يعد بعدا ملازما للمنظومة الوقفية إدارة واستثمارا ووظيفة, مما يعني ضرورة إعادة النظر في أحكام الوقف وفقا لاجتهادات المذاهب الفقهية المختلفة. كما تعد الإعفاءات الضريبية عاملا مساعدا في إدارة الوقف وتسهيل استثماره. وتقدر هذه الإعفاءات أو الضرائب وفق منظومة اقتصادية متكاملة قائمة علي مراعاة الأبعاد الاجتماعية. أما قانون الجمعيات الأهلية فيفترض إيجاد صيغ قانونية لإدارة الأوقاف والرقابة عليها, كجهات مدنية مانحة وتشغيلية في آن واحد, وكذلك تشبيكها مع الصيغ القانونية المتعددة للجمعيات الأهلية.
وهناك أيضا قوانين تتعلق بإحياء الدور التنموي للوقف في منظومتي التعليم والصحة حيث تعد الخدمات التعليمية والصحية من أبرز المهام التي اعتادت الأوقاف تاريخيا الاضطلاع بها. وفي هذا السياق, فإن إدماج العطاء الوقفي في مصادر تمويل هذه الخدمات, وتنظيم الأطر القانونية والإجراءات الإدارية يعد ضرورة في الوقت الراهن. ولا يقتصر الأمر علي تلقي المؤسسات التعليمية التمويل الوقفي, بل يمتد إلي تقديمها دعما فنيا واستشاريا للمؤسسات الوقفية, ناهيك عن المساعدة في تحسين جودة الإدارة, وبحث تنمية الاستثمارات, ونشر الثقافة الوقفية في المجتمع.
خطوات النهوض
ولكي يتحقق النهوض بالأوقاف الإسلامية, طالبت الدكتورة سحر أحمد حسن بعدد من الخطوات العامة الضرورية لذلك أهمها: إصدار قوانين وأحكام رادعة تعمل علي حماية أموال الأوقاف الموجودة, من عقارات ومبان وأموال منقولة, والمحافظة عليها من الغصب والضياع والتعطيل, وحفظ سجلاتها.
واسترداد أملاك الأوقاف التي حولت إلي استعمالات أخري بطرق غير مشروعة. ومراجعة السجلات القديمة للأوقاف في المحاكم والدوائر العقارية وغيرها لتحديد الأملاك الوقفية والبدء بإجراءات إعادتها إلي ميدانها الوقفي, كذلك إعادة النظر بإدارة أملاك الأوقاف, بخاصة الأوقاف الاستثمارية, بما ينسجم مع إرادة وشروط الواقفين من جهة ومع نصوص الشريعة ومقاصدها من جهة أخري, بالإضافة إلي فصل إدارة الأوقاف عن إدارة الحكومة خاصة بعدما انكشفت فيه للناس جميعا عيوب الإدارة الحكومية واتجهت فيه الشعوب جميعها نحو خوصصة المشروعات الاقتصادية التي تديرها الحكومات. وأشارت إلي ضرورة وضع الخطط اللازمة لاستثمار وتنمية الأملاك الموجودة للأوقاف, التي تعطلت عن العطاء خلال العصور المتأخرة لأسباب تاريخية كثيرة, وتوفير فرص التمويل المناسبة له, مع إعادة النظر بفقه الوقف الموروث حتي يتم التعامل مع صورة جديدة من الأوقاف لم تكن موجودة في الماضي أو لم تكن الحاجة تدعو إليها, ووضع النظم اللازمة للتعريف بالأوقاف الخيرية العامة والأهلية الخاصة, وبيان وتعميق دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية, وتشجيع قيام أوقاف جديدة.
وشددت علي تحديد العلاقة بين قسم الإشراف علي الأوقاف وبين إدارات الأوقاف بشكل دقيق, منعا لاستيلاء الوزارة علي الإدارة, ولكي نتجنب مساوئ الإدارة العامة لأموال الأوقاف الخدمية والاستثمارية. وبنفس الوقت, يخضع إدارات أموال الأوقاف لرقابة إدارية صارمة, مع تقديم المعونات المادية والفنية والتمويلية والإدارية للأوقاف, إضافة إلي المعاملة الضريبية المتميزة, كما فعل كثير من المجتمعات الغربية بعد أن أدركت أهمية الأوقاف بنوعيها الخيري والأهلي.
ودعت الدكتورة سحر الي الاستفادة من التجارب السابقة من اجل النهوض بالعمل الوقفي بما يحقق متطلبات التنمية في المجتمعات الإسلامية مثل تجربة الكويت, فالتجربة الوقفية الكويتية حققت علي الصعيد الدولي نجاحات متعددة حيث تم اختيار دولة الكويت, ممثلة بالأمانة العامة للأوقاف, لتكون الدولة المنسقة لملف الأوقاف علي مستوي العالم الإسلامي بموجب قرار مؤتمر وزراء أوقاف الدول الإسلامية الذي انعقد في العاصمة الإندونيسية جاكرتا في أكتوبر1997 م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.