للمرة الأولي في تاريخ الأزهر, يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيين وكيل الأزهر الشريف, برتبة وزير, بعد ان شغل هذا المنصب طوال عمر الأزهر المديد, أساتذة من قطاع المعاهد الأزهرية. وجاء القرار بتعيين الدكتور عباس شومان عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية وأمين عام هيئة كبار العلماء وكيلا للأزهر, ليكشف عن دور جديد للمؤسسة الأزهرية علي الساحة المصرية. وفي حواره ل الأهرام أجاب علي الكثير من التساؤلات, وإليكم نص الحوار: كيف تلقيتم قرار رئيس الجمهورية بتعيينكم وكيلا للأزهر الشريف ؟ نحن مسخرون لخدمة أي موقع في الأزهر الشريف, وموقع وكيل الأزهر أعباؤه أكبر بكثير جدا, ومن أهم الملفات التي سأبدأ بها هو ملف التعليم في المعاهد الأزهرية الخاصة وما قبل التعليم الأزهري علي أساس أنه البنية الأساسية لتكوين الشخصية الأزهرية التي تتولي الدعوة والتدريس فإذا أحسن تدريب الطالب في مرحلة المدرسة يكون أيسر بكثير من الجامعة فهذا الملف هو ما بدأت به بمناسبة قرب بداية العام الدراسي, ومحاولة الاستعدادات والتجهيزات للمعاهد لتكون جاهزة لاستقبال التلاميذ واستكمال ما ينقصها, وأيضا تشكيل لجنة من الخبراء لإعادة النظر في كامل المناهج التي تدرس في هذه المعاهد من أولها لآخرها حتي تكون المقررات ملائمة للمرحلة التي نمر بها وتكون المناهج الأزهرية ملائمة لعصرنا لأنه كان يجب أن تغير من فترة طويلة جدا وأيضا إعادة توزيع المدرسين لتعويض النقص في بعض المعاهد, بالاضافة لملف الدعوة التي يقوم به الأزهر. ما هي خطط الأزهر لنشر المنهج الوسطي المستنير ومواجهة الفكر المتطرف والمتشدد؟ الأزهر منذ أكثر من1000 سنة وهو ينشر الفكر الوسطي المعتدل الذي لا شطط فيه, وليست له خطط جديدة لأن منهجه قديم ومنذ أنشئ الأزهر وهو يقوم علي أداء رسالتين وهما: رسالة محلية تعتمد علي نشر الفكر الوسطي بين عموم المصريين, والعمل علي أن يكون الأزهر بيتا للجميع علي اختلاف انتماءاتهم وعقائدهم أيضا, فبيت العائلة يجمع كل الفصائل الإسلامية والأقباط والعلمانيين والسياسيين, ورسالة عالمية وهو أنه يعني بمشاكل وأمور أهل السنة والجماعة حيث وجدوا من المسلمين في شتي ربوع العالم, فيرعي مصالحهم ويعمل علي تثقيفهم ونشر العلم الشرعي في ربوع الأرض كلها دون التدخل في مشاكل الدول, فخطط الأزهر ومنهجه هو قديم ومستمر ولكن يحدث فيه تطوير ومراجعة لأدائه ليناسب مستجدات العصر,فقديما كانت الدراسة في الجامع الأزهر ثم أصبحت هناك جامعة تشمل جميع الكليات. وما هو دور القوافل الدعوية للأزهر والأوقاف في نشر هذا الفكر؟ القوافل كانت موجودة قديما لكنها توقفت لفترات طويلة, وفي الآونة الأخيرة رأي الأزهر الشريف نظرا لما مر بمصر من تغييرات كثيرة خرجت بالناس عن الطريق السوي, فرأي الأزهر ضرورة إعادة إطلاقها لتنشيط هذا الدور, فأعلن منذ4 أشهر انطلاق القوافل الدعوية لعلماء الأزهر الشريف, واختير العلماء المتميزين في المجال الدعوي, وروعي فيهم الالتزام بالمنهج الأزهري فكرا واعتقادا وسلوكا, وأن لا يكون لهم أي انتماءات سياسية أو حزبية, فهدف هذه القوافل ليس خدمة حاكم الدولة أيا كان, وإنما لترسي قواعد الأمن والاستقرار فقط. وهل حققت تلك القوافل نتائج إيجابية علي أرض الواقع بعد أن جابت اربع محافظات؟ نعم حققت نجاحا باهرا في كل محافظة ذهبت إليها فبدأت بالسويس ثم انطلقت إلي سوهاج ثم الغربية, وفي الأسبوع الماضي كانت في المنيا بالرغم من المشاكل الأمنية الكبيرة الموجودة هناك, ولكن آثر الأزهر ألا تتوقف في هذه الظروف, وأن تستمر في أداء دورها, وهدفها الأساسي محاربة الانفلات الفكري وهي لا تتضامن مع فريق ضد فريق وإنما تقاوم الخطأ بدءا من التعريف بحقوق الأقباط وحرمة الاعتداء علي الكنائس وهذا ما ركزت عليه القوافل الآن, ولذلك فمن باب أولي الحفاظ علي دماء المسلمين, فالأزهر يحرص دائما أن ينأي بنفسه عن السياسة, ويري دوره بعيدا عنها حتي وإن حاول الناس الزج به, ولكنه يتفاعل مع الشأن السياسي تفاعلا شرعيا, فيحرم القتل والإرهاب والظلم والاعتداء. متي تصل القوافل الدعوية إلي سيناء ؟ وهل يمكن أن تنجح في مواجهة الفكر التكفيري ؟ من المخطط للقوافل أن تجوب كل أنحاء الوطن حتي تهدأ الأمور وتستقر, وستذهب إلي سيناء في أقرب وقت, وأصبح هناك تنسيق جيد بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف فأصبحت القوافل تخرج مشتركة بينهما, ويخرج فيها عدد كبير من العلماء بعد الترتيب مع المحافظة التي نذهب إليها أولا في المساجد والأندية ومراكز الشباب, وتكون يومي الخميس والجمعة في المحافظات البعيدة, أما القريبة فنذهب يوم الخميس فقط. لماذا لا يتم التنسيق بين الأزهر والأوقاف وتخصيص خطبة الجمعة لكبار العلماء وأساتذة جامعة الأزهر في مختلف المحافظات في ظل وجود آلاف من الأساتذة الأزهريين بحاجة إلي ممارسة العمل الدعوي؟ التنسيق بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف في أزهي مراحله, وهذه جزئية مضيئة في هذا الوقت الحرج التي تمر به البلاد, حتي أن فضيلة مفتي الجمهورية هو ممثل الأزهر في لجنة تعديل الدستور التي تكونت مؤخرا, وتقوم دار الإفتاء أيضا بتدريب وعاظ الأزهر, وبالفعل تهتم وزارة الأوقاف بالمساجد الكبري فلا يصعد إلي منابرها إلا كبار العلماء والمتميزون في هذا المجال. بصفتكم الأمين العام لهيئة كبار العلماء.. ما هو موقف الهيئة ومكانها في الدستور الجديد, وهل تتوقع أن ينص الدستور الجديد علي مرجعية الأزهر ؟ وضع هيئة كبار العلماء في الدستور هو وضع جيد, فلها اختصاصات واضحة وصلاحيات واسعة كلها لمصلحة مصر والشريعة الإسلامية, ونأمل أن يبقي هذا الدور أو يضاف إليه ليس من أجل الحصول علي مميزات معينة ولكن المقصود الحصول علي ما ينفع المصريين والمسلمين, حتي أن المرجعية يرفضها الأزهر لأنه لا يسعي للدولة الدينية أو ولاية الفقيه كما في إيران, ولكن هناك قضايا تفرض الرجوع إلي الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء. في ظل الحديث عن المادة الثانية من الدستور.. ما موقف هيئة كبار العلماء منها؟ لا أظن أن هذه المادة في هذا الزمان أو غيره قابلة أن يقترب منها أحد, وما يثار حولها هي مجرد خزعبلات لا أصل لها من يقوم بها يفعل ذلك لأجل التشويش, فلم يحدث أبدا في يوم من الأيام أن اعترض المسيحيون عليها, حتي لو اختلف عليها أحد فلن يفلح ذلك فالأزهر يرفض المساس بهذه المادة, فهي باقية وضرورية وهوية الدولة معروفة لا ينازع عليها وإخواننا المسيحيون يعرفون ذلك ومرحبون به. علي ضوء ما يجري علي الساحة الآن.. كيف تري موقف الأزهر وهيئة كبار العلماء من الأحداث الجارية ؟ هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية كلها هيئات تتبع مشيخة الأزهر, فحين نتحدث عن الأزهر نتحدث عن كل هذه الهيئات, وموقف الأزهر واضح تماما وأعلنه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وهو أنه لم نكن نتمني أن تصل الأمور إلي ما وصلت إليه, ولم يكن هذا هو الحل الذي نريده وقد سعي الأزهر مرارا وتكرارا لعلاج حالة الاحتقان السياسي وجمع كل الأطياف السياسية تحت مظلة الأزهر الشريف في وقت عجزت فيه مؤسسة الرئاسة عن جمع كل هذه الفصائل, ونجح الأزهر في ذلك ووقع الجميع علي وثيقة نبذ العنف, ولو كان أحسن التعامل مع هذه الوثيقة لما وصلنا لهذا الوضع, ورغم ذلك لم ييأس الأزهر وقدم النصح لجميع فئات الشعب وأصدر العديد من البيانات ووجه الكثير من النصائح حتي في اللحظات الأخيرة, وافق علي عزل الرئيس مرسي تطبيقا لقاعدة أخف الضررين وأهون الشرين, وقد تعاون الأزهر في كثير من القضايا مع الإخوان عندما تولوا حكم البلاد مثل قانون الصكوك, ولكن حين ساءت الأمور انحاز الأزهر لرغبة الشعب ومصلحة الوطن. ما ردك علي الاتهامات التي وجهت لشيخ الأزهر من قبل بعض القوي السياسية داخل مصر وخارجها كتصريحات أردوغان ؟ التطاول غير مبرر وتجاوز كل الحدود, وبالمنطق إذا رفض شيخ الأزهر الحضور في بيان السيسي الذي عزل فيه الرئيس مرسي, فماذا سيقال غير أن شيخ الأزهر لا يبالي وآثر الابتعاد والبقاء في بلده, فماذا كان سيفعل شيخ الأزهر غير ذلك فهل كان عليه أن يعارض رغبة الملايين ويصبح بمعزل عن الشعب إرضاء لجماعة الإخوان المسلمين وأعوانهم!, فالواجب أن يشكر شيخ الأزهر علي فعله هذا لأنه أنحاز لأصحاب المشورة والجيش والشرطة ولمصلحة الوطن بأكملها. أما بالنسبة لتصريحات أردوغان فقد استنكرت جميع هيئات الأزهر وأدانت بشدة هذا التصرف الأحمق, فمصر ليست ولاية في تركيا ليتدخل في شئونها أو أن يكون انتماؤه الإخواني علي حساب الأزهر وشيخه, فالأزهر يرفض التدخل الخارجي أيا كان, ويكفي ما يحدث في العراق وأفغانستان وما يحدث في سوريا, وما عانته مصر قديما, فهذا الأجنبي لا يتدخل إلا للإضرار, أما ما قاله أن شيخ الأزهر سيلعنه التاريخ فأريد أن أقول له أن أجداده هم من يستحقون اللعن, فمصطفي كمال أتاتورك أعلن إسقاط الخلافة الإسلامية حيث صدق البرلمان التركي علي ذلك في3 مارس1924 علي إنهاء الخلافة الإسلامية, وإعلان الحرب علي كل المظاهر الإسلامية وتحويل أكبر المساجد الموجودة في إسطنبول إلي متاحف, وإلزام الناس باستبدال الطربوش أو العمامة بالقبعة للقضاء علي أي مظهر من مظاهر التدين الإسلامي, فهذا ما فعله الأتراك فعليه أن يخزي مما فعله سلفه, وأن يعتذر أيضا قبل أن يتجرأ ويتطاول علي شيخ الأزهر الذي يعرفه القاصي والداني, والذي بعد تطاول أردوغان عليه اجتمع بالطلاب الأتراك لطمأنتهم باستمرار رعايتهم وتعليمهم تحت مظلة الأزهر الشريف, ومازال رواق الأتراك قائما باسمهم حتي الآن. بعد تصريحات القرضاوي الأخيرة وتسمية ثورة30 يونيو بالانقلاب ومناشدته بعض الدول بالخارج التدخل لحماية الشرعية في مصر.. لماذا لم يتم استبعاده من هيئة كبار العلماء ؟ نحن نأسي لما ذهب إليه, فالتصريحات التي صدرت عنه لا يخفي علي أحد أنها تصريحات متأثرة بإنتمائه الإخواني, وما نعيبه عليه هو أن تتأثر فتواه بانتمائه السياسي, فتصريحاته تجاوزت مرحلة النقد وأصابتها الهيستريا فكيف وهو عالم أزهري ولد وترعرع في مصر وتعلم أزهرها الشريف أن يطلب الاستعانة بدول العالم للتدخل في شئون الوطن, فهو تجاوز كثيرا وانفلتت منه الأمور, وقد طالبنا بلستبعاده من هيئة كبار العلماء ولكن شيخ الأزهر رفض ذلك.