بيونج يانج تختبر صاروخ كروز عشية زيارة ترامب إلى كوريا الجنوبية    «الإنجيلية» تبحث مع شركائها الدوليين والمحليين سبل تعزيز التعاون التنموي    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بمحافظتي الفيوم والمنيا    إعلام عبري: تل أبيب أبلغت واشنطن بخطة الهجوم الإسرائيلي على غزة    منتخب الناشئين يهزم المغرب ويواجه إسبانيا في نصف نهائي مونديال اليد    الكشف عن حكام مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    ثروت سويلم: ما يحدث مع المنتخب الثاني يؤكد أننا لم نكن نجامل الأهلي أو الزمالك في السنوات الماضية    ضبط أطنان من اللحوم المفرومة مجهولة المصدر بالخانكة    شاب يعتدي على والدته المسنه بسكين في الفيوم لعدم اعطائه مبلغ مالى لشرء مواد مخدرة    تجديد حبس المتهم بقتل أطفال اللبيني ووالدتهم    اليوم.. المحكمة تحسم مصير «أوتاكا» بتهمة غسل أموال ونشر محتوى خادش    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    موعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير والقنوات الناقلة    وزير الاستثمار يشارك في النسخة التاسعة ل " منتدى مبادرة الاستثمار" بالمملكة العربية السعودية    الدوري الإيطالي، ميلان يسقط في فخ التعادل 1-1 أمام مضيفه أتالانتا (صور)    نجم الزمالك السابق: بيراميدز المرشح الأول للفوز بالسوبر    أبرزها الترسانة ضد بلدية المحلة.. مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    ميلان ينجو من فخ أتالانتا بتعادل مثير في بيرجامو    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    بني سويف ترقبًا لقرار الفيدرالي: أسعار الذهب تتأرجح وسط حالة من الحذر اليوم الأربعاء 29-10-2025    نائب الرئيس الأمريكي: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صامد وسيستمر    الخارجية الفلسطينية ترحب بالتقرير الأممي لحالة حقوق الإنسان في الأرضى المحتلة    التحفظ على كاميرات طوارئ قصر العيني والتقرير الطبي لوالدة أطفال اللبيني بفيصل    إصابة شخصين في حريق شقة سكنية بمنشأة القناطر    اعترافات قاتل «أطفال اللبيني» تكشف كيف تحولت علاقة محرمة إلى مجزرة أسرية    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر نوفمبر 2025 بعد قرار وزارة المالية (اعرف هتقبض كام؟)    أسعار الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر الأربعاء 29-10-2025    جوهرة مكرسة لعرض حضارة واحدة، المتحف المصري الكبير يتصدر عناوين الصحف العالمية    تزيد حدة الألم.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى التهاب المفاصل    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    افحص الأمان واستخدم «مفتاح مرور».. 5 خطوات لحماية حساب Gmail الخاص بك    اتحاد الغرف التجارية يكشف خطته لمواجهة التخفيضات الوهمية في موسم البلاك فرايداي    انتشال جثث 18 مهاجرًا وإنقاذ أكثر من 90 شخصًا قبالة السواحل الليبية    ميدو: الكرة المصرية تُدار بعشوائية.. وتصريحات حلمي طولان تعكس توتر المنظومة    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    خبراء وأكاديميون: إعادة تحقيق التراث ضرورة علمية في ظل التطور الرقمي والمعرفي    الفيلم التسجيلي «هي» يشارك في المهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون بنيويورك    أسامة كمال: معنديش جهد أرد على الدعم السريع.. اللي حضّر العفريت مش عارف يصرفه    جيسوس يدافع عن رونالدو بعد هزيمة النصر ضد الاتحاد    بمكونات منزلية.. طرق فعالة للتخلص من الروائح الكريهة في الحمام    الدكتور خالد أبو بكر: مصر دولة قوية تحترم وتملك رصيدا سياسيا كبيرا لدى شركائها الأوروبيين    قنديل: الصراع في غزة يعكس تعقيدات المشهد الدولي وتراجع النفوذ الأمريكي    أمين الحزب الاتحادي السوداني: ما يرتكبه الدعم السريع بالفاشر جرائم ممنهجة لتفتيت السودان    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025    لمسة كلب أعادت لها الحياة.. معجزة إيقاظ امرأة من غيبوبة بعد 3 سكتات قلبية    قافلة طبية بالدقهلية تقدم الرعاية الصحية ل 1736 شخصًا في ميت غمر    دعاية مبكرة.. جولات على دواوين القبائل والعائلات لكسب التأييد    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي صعيد مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 09 - 2013

مازلت مؤمنا بأن الصراع السياسي القائم في مصر هو غطاء فوقي لصراع طبقي مكتوم, ولا أذهب في ذلك وراء التفسير الماركسي للتاريخ ولكنني أمضي وراء تحليل الخارطة الاجتماعية لمصر والعلاقة بين التاريخ والجغرافيا في تكوين شعبها بعبقرية الزمان والمكان كما عبر عنها جمال حمدان.
لذلك فإن مصر عصية علي الاختطاف صعبة الاحتواء وهي وطن فريد ليس فقير الموارد البشرية أو الطبيعية ولكنها بلد يعاني انخفاض مستوي معيشة الفرد بالإضافة إلي تدني الخدمات وإخضاع التنمية الاقتصادية للعملية السياسية وهو ما يعني تأثر الإنتاج القومي بالوضع السياسي بشكل ملحوظ, ولقد تحدث نظام الرئيس الأسبق مبارك عن أسلوب للتعامل مع القري المصرية الفقيرة لمواجهة ذلك الغول الذي ينهش جسد الفقراء, إذ يجب أن يكون واضحا أمام أبناء مصر بلد الكرامة والكبرياء أن مئات الألوف فيها ولا أقول الملايين ينامون كل ليلة بدون وجبة العشاء الذي يتجول في ربوع الوطن سوف يكتشف أن شبح الفقر هو أخطر ما يهدد استقرار البلاد وشيوع السلام الاجتماعي وتشكيل مجتمع سوي لا تمزقه الفوارق الطبقية كما لا يهدده أيضا صراع أجيال, ولقد كان التفكير من قبل هو اختيار محافظة من الوجه البحري وأخري من الوجه القبلي من بين تلك المحافظات التي تعاني انخفاضا في الدخل الفردي مثل كفر الشيخ في الدلتا وسوهاج في الصعيد, والاختيار هنا لمجرد ترتيب الأوليات ولا يعني انتقاصا من قيمة هاتين المحافظتين المرموقتين, وقد رفع الحزب الوطني السابق وقتها شعار( لنبدأ بمائة قرية هي الأكثر عددا والأشد فقرا) ولكن الأمور أخذت منحي مظهريا وحزبيا أكثر منها محاولة جوهرية تتصل بالمضمون أو تدخل مراحل التنفيذ, والآن دعونا نبسط بعض ما أجملناه:
أولا: إن الذي يتأمل ردود الفعل للأحداث الأخيرة التالية علي انتفاضة30 يوليو2013 سوف يدرك أن المحافظات المحرومة خصوصا في صعيد مصر كان لها ردود فعل تستحق التأمل بحيث وجدت جماعة الإخوان المسلمين في بعضها بيئة خصبة للترويج لأفكار مغلوطة ودعايات مسمومة بينما كانت الظروف الطاحنة المحيطة بالمواطنين المصريين الفقراء هي المناخ الطبيعي الذي استثمرته الجماعة وحلفاؤها.
ثانيا: ألا نتذكر أن اعتصامي رابعة العدوية في القاهرة وميدان النهضة في الجيزة كانا مركز جاذبية للمحتاجين من محافظات الشمال والجنوب علي حد سواء وما لم ندرك هذه الحقيقة ونعي أبعادها فإننا نكون كمن يحرث في البحر فهو يبذل كل الجهد ولكن بلا عائد أو مردود, فالبداية في ظني هي ضرورة رفع مستوي الفقراء حتي يصبحوا أقوياء أمام صندوق الانتخابات لأنه لا إرادة لمحتاج ولا حرية سياسية بدون حرية اقتصادية ولا ديمقراطية بلا تنمية.
ثالثا: إن صعيد مصر لم ينل حقه من حجم الاستثمارات الكلية في مصر ولا من مشروعات البنية الأساسية أيضا فالتعليم متراجع والرعاية الصحية محل تندر, وتكفي جولة واحدة من وزير التربية والتعليم ومعه وزيرة الصحة ليتفقدا الخدمات التعليمية والصحية في بعض محافظات الصعيد وعندها سوف يدركان أن معاناة أبناء الوطن أكبر مما يتصور الجميع خصوصا أولئك المتحدثين في نوادي القاهرة وصالوناتها الفكرية وفضائياتها الزاعقة, وسوف يقول الوزيران عبارة خالد محمد خالد الشهيرة( من هنا نبدأ)!
رابعا: إن مصر ليست دولة فقيرة بالمعني المطلق ولكن مشكلتها الحقيقية هي طريقة التعامل التقليدي الذي اعتمدناه أسلوبا وحيدا للتفكير والتنفيذ, بينما الأمر يقتضي المضي في حلول غير تقليدية إذا كنا نبغي رفعة هذا الوطن والحفاظ علي استقراره ودفعه نحو مستقبله الموعود.
خامسا: لقد حصد الإخوان المسلمون في الانتخابات البرلمانية والرئاسية جزءا كبيرا من أصوات الصعيد بالرغم أن جماعة الإخوان المسلمين أكثر رسوخا في محافظات الدلتا والسواحل ولكن الذي جري هو أن معظم الأحداث المتسارعة كانت تشير إلي أن درجة الاستجابة في الصعيد أكثر منها في العاصمة أو الشمال, وتفسير ذلك هو ما يعانيه أبناء جنوب مصر من ظروف معيشية صعبة وحياة لا تتوافر فيها الخدمات المطلوبة فكان من الطبيعي أن يستجيب أهلها لمن يقول إنه يسعي لتطبيق شرع الله ويحمل إليهم الهدايا التموينية والدعم المالي عند اللزوم, وهنا يجب ألا نغفل دور الجماعة الإسلامية ذات الجذور الراسخة في بعض محافظات الصعيد, ولذلك فإنني أدق ناقوس الخطر منبها إلي أن من يريد الإساءة إلي مصر الوطن المتجانس الموحد يسعي دائما إلي زرع الفتنة بين المسلمين والأقباط وشحن أبناء الصعيد ضد وطنهم الكبير مثلما زرعوا في سيناء عناصر إرهابية وهذه كلها أمور تصب في خانة تمزيق الوطن والنيل من تجانسه ووحدته.
سادسا: لابد أن نعترف أن صعيد مصر يحمل الجزء الأكبر من التراث الفرعوني العظيم الذي نباهي به ونفاخر ونتغني بأمجاده, كما أن صعيد مصر يقذف الوطن بعبقريات وزعامات ليس أولها مينا أوجمال عبد الناصر وليس آخرها العقاد أو المنفلوطي وعلماء بيت عبد الرازق والشيخ المراغي وعائلات بطرس غالي ومكرم عبيد وفخري عبد النور ومحمود سليمان, كما أن مدينة أسيوط وحدها تعتبر مركز إشعاع في وسط الصعيد ازداد بريقه مع ميلاد الجامعة التي عكف علي إنشائها الجغرافي الكبير د.سليمان حزين وهي مدينة عائلات ذات إسهام في التاريخ الوطني مثل خشبة وعلوبة وغيرهم, فالصعيد إذن غني ثقافيا ثري وطنيا وقد انعقد البرلمان المصري خارج مقره في دار الشريعي بالقاهرة رمزا لعائلة عريقة من صعيد هذا الوطن الكبير.
سابعا: إن الاهتمام بتنمية الصعيد اقتصاديا ودفع الاستثمارات إلي مدنه وقراه أصبح أمرا ضروريا حتي يشعر الجميع بالشراكة الحقيقية في وطن ننتمي إليه جميعا ولا تمييز بين أبنائه, لذلك فنحن مطالبون بإعادة توزيع خريطة الاستثمارات وتوطين الصناعات مع تخصيص للمناطق الأكثر حاجة والأشد معاناة وهو أمر تتصدر فيه بعض محافظات الصعيد القائمة.. إننا نريد أن نخرج من الحلقة الشريرة لفقر الخيال وانعدام الرؤية أقول ذلك كله وقلبي علي وطن مستهدف من كل اتجاه, من الخارج والداخل, من الحدود والتخوم, فالكل يحسده علي عبقرية الزمان والمكان التي بشر بها جمال حمدان.
لمزيد من مقالات د. مصطفى الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.