لن ينسي التاريخ موقف حكام الدول الإسلامية المشرف من دعم مصر معنويا وأدبيا وماديا في حربها ضد الإرهاب, وكانت المبادرة التي أطلقها وأعلنها صراحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بدعمه لمصر, هي الشرارة الأولي التي قلبت الموازين العالمية. وأظهرت صورة من صور التكافل العظيم الذي يحض عليه الإسلام, وأسهمت في رفع الروح المعنوية لدي الشعوب الإسلامية. بداية يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار علماء الأزهر: سيذكر التاريخ موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين, وموقفه المشرف من دعم مصر الذي قلب الموازين تماما من خلال إعلانه صراحة موقف المملكة من تقديم الدعم المعنوي والأدبي والمادي لمصر. هذا الموقف الذي قلب الموازين العالمية مقارنة بمواقف بعض الدول المخزية التي وقفت ضد مصر وأظهرت خستها, فقد عدل موقف الملك عبدالله الميزان العالمي والدولي بعد أن أعلنها صراحة مدوية بمساندته لمصر, وهذا ليس بغريب علي السعودية, فقد فعلها من قبله شقيقه الملك فيصل( رحمه الله) عندما أوقف إمداد الغرب بالبترول لموقفهم من حرب العبور في العاشر من رمضان, وهذا الموقف للملك عبدالله لن ننساه له أبدا, فالرجل; كان له قراره الحاسم, وموقفه مع الحق والعدل, وهو ليس غريبا علي وطن الحرمين مهبط الملائكة, ومنزل الوحي. كما وقف عاهل الكويت الأمير صباح الأحمد وأرسل مساعداته لمصر, وملك البحرين, والأردن والإمارات, والشيخ السلطان القاسمي حاكم الشارقة وغيرهم من الدول العربية. ومن جانبنا فنحن نشكرهم وندعو الله أن يمدهم بمدد من عنده, وأن ينصرهم الله ويهزم الظالمين. بحروف من نور بينما يؤكد الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجلس البحوث الإسلامية, أن موقف الدول الإسلامية وحكامها تجاه مصر في الوقت الراهن سيسجله لهم التاريخ بحروف من نور, فالصورة الرائعة التي أظهروها إنما تعطي صورة للعالم أن العالم العربي أمة واحدة مهما حدث بينهم من خلافات, ففي وقت الشدة يقفون علي قلب رجل واحد ضد الأعداء, ويأخذ بعضهم بيد الآخر, وهذا ما كنا ننتظره, فسيذكر التاريخ موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ووزير خارجيته, وموقف الإمارات العربية حكاما وشعبا, والشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة من خلال مبادرته الأخيرة ببناء مسجد باسم كل شهيد من شهداء رفح في قريته, وموقف دولة الكويت وشعبها, وجلالة الملك عبدالله وشعب الأردن. التكافل العظيم مضيفا: إذا كانت مصر تمر الآن بمحنة أو أزمة فوقوفهم بجوارها إنما يؤكد صورة من صور التكافل العظيم الذي يحض عليه الإسلام في قوله تعالي: إنما المسلمون إخوة صدق الله العظيم, وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان. فالتكافل يقوي بناء الأمة العربية, ويرفع من الروح المعنوية لدي شعوبها جميعا, ويجعلها وحدة واحدة, وجماعة واحدة, يكونون دائما شوكة في ظهر أعدائهم, وتعيد إلينا صور التكافل العظيم, الصورة الأولي للمسلمين في تعاونهم وتضامنهم, هذا ما نعيشه الآن, فمصر لا تقف وحدها, وإنما تقف بجوارها الأمة الإسلامية جميعا. القضاء علي الإرهاب يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون: إن ما تتعرض له مصر في الآونة الأخيرة هي حرب لا تقل عن حروبها السابقة ضد الاستعمار أو الغزو الأجنبي, بل إنها ربما تكون أكثر الحروب ضراوة, لأن العدو الذي يحاربها يكمن في كل موضع من مواضع مدنها وقراها. هذا العدو المتربص تعاونه كل قوي الشر في العالم باعتبار أنه نشأ وترعرع في أحضان هذه الدول الكافرة, لأنه ينفذ سياستها التي فشلت في تنفيذها بطريقة مباشرة. وإذا كان هذا العدو لقيطا علي أيدي القوي الاستعمارية باعتبار أن قادته كانوا يقومون بدور الجاسوسية العالمية, فلا تستغرب في زماننا هذا الاعتداءات الغاشمة التي طالت المقدسات الإسلامية, وغير الإسلامية في مصر, وإراقة دماء المصريين بهذه الأيدي. ومن ثم لم يكن أمام الدول الإسلامية التي تريد أن تحظي بالأمن السكني والاقتصادي والاجتماعي, إلا أن تدعم مقاومتها للقضاء علي الإرهاب الأسود, لهذا فإن حكام بعض الدول الإسلامية التي امتدت أيديهم بالعطاء لتدعم القضاء علي هذا الإرهاب العالمي, إنما هو انطلاق من قوله تعالي: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله صدق الله العظيم. ليس بغريب علي الحكام العرب وانطلاقا من قول النبي صلي الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي. لهذا لم يكن مستغربا من حكام الدول الإسلامية التي دعمت مصر في مقاومتها لهذا الإرهاب أن تعينها علي ذلك بعد أن تنكرت كل رجال الدين: مبادرة الحكام العرب لدعم مصر تعاون وتكافل إسلامي دول الكفر لما تقوم به مصر من القضاء علي الإرهاب, وإن ما تفعله الدول الإسلامية إنما هو استجابة لأمر الله في قوله: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا صدق الله العظيم.