مع انتشار فتاوي التغرير بالشباب, وجرأة غير المتخصصين علي الدين وإطلاقهم فتاوي تطالب الشباب بالخروج للجهاد تحت دعوي الدفاع عن الشرعية والتي كانت سببا في سقوط آلاف القتلي. حذر علماء الدين من الانسياق وراء تلك الفتاوي الباطلة, أو الانسياق وراء محاولات استغلال عاطفتهم الدينية, والدفع بهم للممارسة العنف وترويع الآمنين. كما طالبوا المؤسسات الدينية بإطلاق القوافل الدعوية لتصحيح المفاهيم, وعدم ترك الشباب فريسة لدعاة الفتنة. وحذر الدكتور عباس شومان عميد كلية الدراسات الإسلامية بنين بجامعة الأزهر وأمين عام هيئة كبار علماء بالأزهر, من فتاوي التغرير بالشباب والتي تدفعهم إلي العنف ومخالفة الشرع, استغلالا لعاطفتهم الدينية, كفتاوي التكفير من غير دليل, وإباحة القتل والتحريض عليه, والحكم بالشهادة علي من يقتل وهو يقاتل قوات الجيش أو الشرطة, وإباحة الأموال المعصومة, وتغيير الهيئة بحلق اللحية وغيرها للتخفي من الملاحقة القضائية, وغير ذلك من الفتاوي الواضحة البطلان, ويحذر الدكتور شومان من استغلال ثقة الشباب في هؤلاء الذين لا تتوافر فيهم شروط الفتوي, لفقدهم المؤهلات الشرعية لمن يتصدي للإفتاء, والتي جعلت الشباب يندفع اعتمادا عليها لنيل الشهادة أو إعلاء راية الإسلام بما يقومون به من تخريب وقتل ونهب, والإسلام ممن غرر بهم براء, ولا يسلم هؤلاء الشباب من تبعات أفعالهم, لأن الله منحهم عقولا يفرقون بها بين العالم والجاهل, والحق والباطل, أما هؤلاء الذين غرروا بهم فعليهم وزر الباطل والتغرير, ووزر ما ارتكبه هؤلاء الشباب ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها, ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة. أما عن قتل الشباب المغرر بهم فيقول الدكتور شومان إنه لا يجوز إلا في حال الضرورة, وذلك بان يقدموا علي تنفيذ جرائم قتل أو تخريب ولا يمكن دفعهم بأقل من القتل, فإن أمكن دفع اعتدائهم بالوعظ وبيان خطأ ما هم عليه وإقناعهم, فلا يجوز تهديدهم ولا اعتقالهم ولا ضربهم, فإن لم يجد الوعظ, جاز تهديدهم أو حبسهم, فإن لم يجد التهديد أو الحبس جاز ضريهم بقدر ما تنكسر شوكتهم دون زيادة, فإن لم يجد ذلك كله فهذه هي حالة الضرورة أي أن قتلهم لا يجوز إلا إذا لم يكن غيره دافعا لشرهم, وفي حالات الاشتباك مع قوات الأمن من فقد منهم القدرة علي إحداث الضرر لإصابته أو القبض عليه لا يجوز بعد ذلك قتله, ما لم يكن قد ارتكب من الجنايات ما يقنع القاضي باستحقاقه للفتل فيحكم بقتله, ولا يجوز بحال تعرضه للإذلال أو الإيذاء من قبل قوات الأمن أو غيرها. وحول دور المؤسسات الدينية في مواجهة تلك الظاهرة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع, يقول الدكتور عباس شومان: يجب علي أهل العلم بيان الحق والباطل, وتصحيح الفكر المغلوط والمنحرف, وتكثيف الجهود لانتشال الشباب من براثن هؤلاء الجهلاء الذين لا يجد الشباب أمامهم غيرهم, ولذا فإن الأزهر الشريف أعاد منذ فترة إطلاق القوافل الدعوية التي يقودها علماء أكفاء من الأزهر الشريف وجامعته, وقد تطورت في الفترة الأخيرة لتصبح مشتركة بين الأزهر والأوقاف, لتوحيد الجهود والرؤي حول القضايا المتناولة, وهي تجوب أرض مصر شرقا وغربا, وشمالا وجنوبا, لتبصير الناس, ونشر الفكر الوسطي, والدعوة إلي نبذ العنف وتقدير آل البيت, وإعلاء القيم النبيلة والأخلاق الحميدة, والنهي عن العصبية المذهبية أو السياسية والحزبية, وتبني ثقافة الحوار البناء لحل المشكلات, واستيعاب الآخر, والتعايش السلمي حتي لو اختلفت العقائد, وتلقي هذه القوافل قبولا وإقبالا كبيرين من الناس ونأمل أن تؤتي ثمارا طيبة قريبا بإذن الله. ويقول الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر, عن التغرير بهؤلاء الشباب, إن الله تعالي يقول في كتابه العزيز: وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه فعلي كل شاب أن يتحمل مسئولية اختياره, ولا يغتر بشخصية الأمير الذي يدعوه أو يدعمه, لأنه أول من يفر منه يوم القيامة, قال الله تعالي في كتابه العزيز: يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه فإذا اختار الشاب الالتحاق بفئة البعض والخوارج فعليه أن يستعد للإجابة عن مشاركته هذه يوم لقاء الله عز وجل, لماذا ترك عامة الناس والتحق بالخارجين عنهم؟ ولماذا عرض نفسه للخطر؟ والله تعالي يقول له ولسائر البشر: ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ويقول الله تعالي: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما عليه أن يتحمل نتيجة قتال أهل العدل الغالبية من الناس, ويتحمل تبعة فعلته. من جانبه أوضح الدكتور حمد الله الصفتي مدرس المذهب الحنفي وعضو الرابطة العالمية لخريجي الأزهر, إن الفتوي مقام رفيع وهي أعلي أبواب العلم, ولا ينبغي أن يؤخذ عن كل من هب ودب, وإنما يؤخذ عن العلماء العاملين المتمرسين في العلم المشهود لهم بذلك, وهناك مؤسستين منوطتين بالإفتاء في مصر وهما( دار الإفتاء المصرية, ولجنة الفتوي التابعة لمجمع البحوث الإسلامية, ومقرها الجامع الأزهر, ولها عدة فروع منتشرة في المناطق الأزهرية علي مستوي الجمهورية, وهاتان الجهتين هما المسئولتان عن الفتوي في مصر, أما عن من يفتي أو من يستمع له أو من يقوم علي أمره, فالجميع آثمون, والقاتل آثم شرعا, والقتيل أيضا, لأنه لم يتحري الدقة لدينه, ومن أفتي بغير علم, فقد أغضب الله عز وجل. مسئولية كبري وناشد الدكتور محمد سالم أبو عاصي الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر, شيخ الأزهر باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع من ليس أهلا للإفتاء من الفتوي حفظا علي المقصد الكلي الأساسي وهو حفظ الدين, وأضاف قائلا: الإمام أبو حنيفة رغم ذهابه إلي عدم الحجر علي السفيه احتراما لأدميته, وقال أبو حنيفة بوجوب الحجر علي المفتي المتلاعب بأحكام الشرع, كما يتم التغرير بالشباب عن طريق الالتزام بالدين و ليعلم القارئ أن أغلي شئ في حياه الإنسان هو دينه, لكن الواقع المرير يقول إن هذه الدعوة ليست دعوه إلي صحيح الدين, بل هي دعوة إلي عصبية حزبية تريد أن تجعل من الدين جسرا تعبر فوقه إلي منافع دنيوية هي بعيدة كل البعد عن الإسلام, بالإضافة إلي أن كل من خرج عن الدولة ونظامها يدفع بالأقل فالأقل إلي أن يقتل إن قتل, ومن هنا فكل من قتل فإنه يقتل في شريعة الإسلام, وهذا ما يسمي في الشريعة الإسلامية بدفع الصائل, وكل من يغرر بهؤلاء الشباب ويدفعهم إلي حمل السلاح وإلي إحداث اضطراب في البلاد هو آثم شرعا, و يجب علي ولي الأمر أن يمنعه و يدفعه كما قلنا, و لو وصل الأمر إلي حد القتل. أما عن دور المؤسسات الدينية في توجيه هذه الظاهرة فيؤكد الدكتور أبو عاصي علي أن الحل هو نشر العلم الشرعي الصحيح, و نشر العلم الشرعي الصحيح لا يكون إلا عبر وسائل الإعلام, ومن هنا فإن مهمة وسائل الإعلام أن تعيد النظر في برامجها الدينية السطحية في الدعاة غير المتخصصين الذين يأتون بهم من أجل جلب الإعلانات وهم في الحقيقة ليسوا مؤهلين ولا يستطيعون أن يقدموا الشريعة الإسلامية الصحيحة. دخول التجمعات الشبابية ويطالب الشيخ أحمد ربيع أحمد من علماء الأزهر, مؤسسات الدولة باتخاذ جميع الوسائل لتصحيح المفاهيم والإرشاد, ويضيف قائلا: يحق للدولة إن خرج عليها شباب بالسلاح وأعمال القتل والترويع أن تعظم من مقصد حفظ الأمة وتواجه هؤلاء بشتي الطرق, ويأتي من هنا دور المؤسسات الدينية في مواجهة الظاهرة لأن دورها الحقيقي هو بناء وتصحيح المفاهيم والتبليغ عن الله بنفس رحيم, وبيان خطأ وزيف المنحرفين. كما طالب المؤسسات الدينية بفتح الحوار مع الشباب وان ينتقل دعاتها إلي تجمعات الشباب وألا ينتظروا أن يأتوهم في المساجد أو الكنائس, وأن تنشئ هذه المؤسسات مراصد علمية لرصد أي خلل قيمي وأخلاقي واجتماعي وتنشئ خطابا استباقيا قبل أن يستشري الخطأ ويتحول إلي ظاهرة, كما أنها يجب أن تتعاطي مع الشباب بلغتهم ووسائل الاتصال التي يتواصلون بها كالفيس بوك وتويتر والمواقع والبوابات الإلكترونية, وان تنشئ لجانا علمية تبرز الرأي الديني في المستحدثات والقضايا الشائكة لتفويت الفرصة علي المجترئين علي الدين في فهمهم السقيم, وأن تنطلق القوافل الدعوية لتجوب النجوع والقري والأطراف البعيدة من البلاد لنشر قواعد الدين بالمنهج الصحيح البعيد عن الزيف والتحريف, وتنظم برامج ومسابقات للشباب لإثراء الوعاء المعرفي والديني للشباب, وأن تصدر كتب علي غرار بيان للناس والذي صدر في عهد الإمام الراحل جاد الحق علي جاد الحق. وأخيرا يجب فورا أن تخرج قناة الوسطية قناة الأزهر الشريف وأن تتكفل بها وأن تجعل لها تردد أرضي بخلاف الفرائض.