اليوم تنطلق طلقة البداية في معركة طويلة ستنتهي بانتخاب رئيس أمريكي جديد في نوفمبر بعد حملة ستكون الأكثر تكلفة بسبب إزاحة المحكمة العليا قيودا كانت تحد من قدرة جماعات الضغط علي حشد التبرعات السياسية. والأكثر حدة في انقساماتها بسبب ضعف الرئيس أوباما المرشح الديمقراطي وغالبية مرشحي الحزب الجمهوري المنافس, والأقل تأثيرا في إنهاء حالة الجمود والعجز السياسي في واشنطن. الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا اليوم لاختيار المرشح الجمهوري المفضل دائما ما يكون لها مذاق خاص باعتبارها نقطة البداية حتي ولو كان اختيار الناخبين فيها الأقل عددا, والأكثر ثراءا وبياضا لا يعكس المزاج الأمريكي العام, ولكن ما يطرح فيها من قضايا يحدد المسار الانتخابي وإيقاعه. أوباما لن يحظي بميل الأمريكيين إلي اعتبار الانتخابات استفتاء علي أداء الرئيس الحالي ومنحه ميزة القبول. فالأداء الاقتصادي الضعيف واستمرار البطالة المرتفعة, يفرض عليه صياغة حملة انتخابية سلبية تعتمد علي تخويف الناخبين من سياسات المرشح الجمهوري المنافس. ولكن رغم هذا الأداء الهزيل يتقدم أوباما في استطلاعات الرأي بعدة نقاط علي منافسيه. السبب قد يكون في ضعف المنافسين, ولكن الأقرب إلي الحقيقة هو أن الحزب نفسه يدخل الانتخابات التمهيدية بمجموعة من الأفكار المتخبطة والمتطرفة والمتخلفة المتناقضة مع قاعدته من رجال الأعمال, وتنفر منه المستقلين والوسط الحرج. بمعني آخر يجد المنافسون الجمهوريون أنفسهم مضطرين لتبني أفكار متطرفة مثل إعادة 12 مليون مهاجر غير شرعي إلي بلادهم, وتحميل 46 مليونا من الأمريكيين المحرومين من الرعاية الصحية مسئولية محنتهم, واعتبار رفض أي زيادة في الضرائب أمرا مقدسا, وتقليم أظافر الانفاق والدور الحكومي حتي وإن جاء ذلك علي حساب تطوير البنية الأساسية أو التعليم, والنظر إلي دعاوي تخفيض تأثير التغيرات المناخية علي أنها مؤامرة دولية, والتمسك بأن كل ما تفعله اسرائيل صحيحا وكل ما يفعله الفلسطينيون خطأ. والنتيجة هي إما اختيار مرشح متطرف لا يمكنه الفوز في انتخابات عامة أو مرشح مستعد لتغيير جلده فيفقد مصداقيته ويضيع علي الجمهوريين فوزا سهلا. لكن ما يقلق العالم هو أنه في نهاية الحملة المضنية ستعود أمريكا من حيث بدأت تواجه اقتصادا غير قادر علي النمو الصحي, وبكونجرس يعوقه الاستقطاب عن اتخاذ الاصلاحات الصعبة لخفض العجز المالي, وبرئيس لا يملك أدوات للتغيير, وبقيادة تتقلص قدرتها العالمية, ويكون السؤال المنطقي هو لماذا يشغل العالم نفسه بمن يفوز في الماراثون الرئاسي الأمريكي؟ المزيد من أعمدة سجيني دولرماني