حرب طبقية عندما دافع الرئيس أوباما عن مقترحاته لزيادة الضرائب علي أكثر الأمريكيين ثراءا لتمويل جانب من خطته لإيجاد فرص عمل جديدة بتأكيده أنه لا يشن حربا طبقية جديدة بل يستجيب لمعادلات حسابية منطقية كان يدرك أنه يفتح جرحا لم يندمل.وأنه بقصد أو دونه جعل من القضية مادة ساخنة في الحملة الانتخابية المقبلة, علي عكس الهدوء الذي قوبلت به إجراءات مماثلة في فرنسا وايطاليا. فالضرائب ليست مسألة حسابية, بل هي خيار سياسي بشأن حجم الدور الحكومي المرغوب فيه في أي مجتمع, وما يتفق عليه في العقد الاجتماعي بشأن دور الدولة في إعادة توزيع الدخل بين طبقاته. وقد تبدلت نصوص هذا العقد كثيرا في الولاياتالمتحدة منذ عهد الصفقة الجديدة, مرورا بالسياسات الريجانية وحتي تحيزت إدارة بوش السابقة لمصلحة الأغنياء. وباعتراف المليارديرالأمريكي وارين بافيت فإنه يدفع ضرائب علي الدخل أقل من سكرتيرته. البيانات الرسمية تشير إلي أن الفجوة بين دخول واحد في المائة من أكثر الأمريكيين ثراء و40% من الفقراء زادت ثلاثة أمثال بين عامي 1979 و2007, وأنه في حين يسيطر 10% من الأمريكيين علي ثلثي الثروات انخفض الدخل الفعلي للأمريكي المتوسط بنسبة 3,2% في 2010, وأنه في حين زادت دخول أفراد الطبقة المتوسطة بنسبة 21% كانت دخول المائة الأكثر ثراء قد زادت بنسبة 480% خلال نفس الفترة. ويفسر ذلك تسديد الأغنياء لربع حصيلة الضرائب الفيدرالية رغم تدني سعر الضريبة ويستخدمه الجمهوريون كحجة لرفض أي محاولة لزيادة الأعباء الضرائبية عليهم باعتبارها نوعا من الانتقام الطبقي المحبط للاستثمار. لن يختلف أثنان علي أن العقد الاجتماعي في حاجة إلي مراجعة تأخذ في اعتبارها أن الأثرياء هم الرابحون من العولمة في حين فقد العمال مكانتهم وارتفعت معدلات البطالة بينهم وتدهورت أحوال الطبقة المتوسطة. ولكن أوباما لم يكن يخضع لمعادلات حسابية في طرحه, لأن هناك اتفاقا عاما علي أن خفض العجز الحكومي والدين العام لا بد أن يتضمن خفض الانفاق العام وزيادة الضرائب معا, وأن هناك مجالا واسعا لرتق ثقوب التهرب وإغلاق باب الاعفاءات وإصلاح النظام الضرائبي لتحقيق الحصيلة المطلوبة, وأن إنعاش الاقتصاد الأمريكي لن يتحقق باستثمارات الأغنياء ولكن باستعادة الطبقة المتوسطة رغبتها في الاستهلاك. ولهذا فقد أقدم علي خيار سياسي يطلق فيه حربه المضادة علي الحملة الجمهورية الشرسة ضده وهي مقامرة ستحسب له أو عليه في نهاية الأمر. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني