فيما يشبه التحذير المباشر, توجه كثير من الفضائيات يوميا التنبيه للمشاهدين قبل عرض بعض المسلسلات علي شاشاتها بسبب احتواءها علي ألفاظ ومشاهد غير لائقة مع تحديد السن المناسبة لمتابعتها بألا تقل عن18 عاما, بالإضافة إلي وضع بعضها إشارة صريحة في أثناء عرضها بأنها( للكبار فقط), في ظاهرة هي بلا شك جديدة علي الدراما الرمضانية, تفرض نفسها علي مائدة النقد الفني لرفع الستار عن أسبابها قبل أن تصبح كل مسلسلات رمضان المقبل( للكبار فقط)! يقول د.عدلي رضا أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام بجامعة القاهرة: أعتقد أن الفضائيات التي تحذر المشاهدين قبل عرض مسلسلات محددة قد تأكد لمسئوليها أنهم أشتروا حقوق عرض منتجات درامية رديئة المضمون بدليل اتخاذهم لقرار التنبيه بعد عدة حلقات منها غرقت أحداثها في الشتائم والألفاظ البذيئة والعنف والإيحاءات الخارجة علي الأخلاق وتقاليد المجتمع, مما جعل بناءها الدرامي ضعيفا مع غياب الترابط بين خيوطها, وهو ما يثبت لصناعها من المؤلفين والمخرجين والفنانين أن الدراما التي تعتمد علي الإثارة هي بالفعل فقيرة إبداعيا مثلما تعرضه تلك الفضائيات حاليا, ويخطئ كثير منهم عندما يظنون أن التجاوزات في أعمالهم الفنية من الممكن أن تجعل الفضائيات تتسابق لعرضها بهدف جذب المشاهدين وبالتالي جلب المزيد من الإعلانات, ليكون الناتج صدمة لكل الأطراف حين يقرر الناس عدم مشاهدتها إما لأن الأسر المصرية والعربية لازالت تحرص علي التقاليد وترفض ما يخالفها أو لضعف المستوي الفني للمسلسلات التي يغيب عن مضمونها مكونات العمل الدرامي الناجح من فكرة ونسيج جيد للشخصيات والصراع المنطقي بينها, وقبلها جميعها احترام المشاهد. وتضيف الناقدة د.عزة هيكل: إن بعض ما تعرضه الفضائيات تحت مسمي( مسلسلات) أعتبره لا علاقة له بالدراما, فهي تمثل مؤامرة علي الفن, نظرا لكونها بالفعل العمدي أحد صور الإسفاف المجسد صوتا وصورة بسبب ما تحتويه من واقعية الفوضي والإنفلات الأخلاقي والعنف اللفظي, وأتعجب من تحذير الفضائيات للمشاهدين بكلمات مكتوبة لا يقدر علي قراءتها60% من المصريين بسبب الأمية التي يعانون منها تبعا للأرقام الرسمية, ولذلك فإنه( تنبيه) بلا قيمة حقيقية ولا يحقق الهدف منه علي الإطلاق, بما يعني عرض تجاوزات ما يسمي بالمسلسلات رغما عن إرادة المشاهدين, وقد يكون ما يحتويه من أن المسلسلات بها ألفاظ ومشاهد غير لائقة يهدف إلي جذب المشاهدين والإعلانات عملا بمقولة( الممنوع مرغوب), ولمن يدعي تقديم الواقع الحقيقي في شكل درامي, فالفارق شاسع بين مهمة رصده ونقله بتفاصيله القاسية إلي الشاشات والتي يختص بها الإعلام المرئي في تغطيته للأحداث اليومية وبين الإبداع الدرامي القائم علي الإبتكار والجمال والتخيل. بينما يري الناقد طارق الشناوي أن التحذير قبل عرض مجموعة من المسلسلات يحمل في معناه اعترافا بنضج المشاهد, لأنه سلوك إيجابي من الفضائيات أؤيده تماما, حيث أنها تحترمه وتجعله صاحب قرار المشاهدة, ففي حين أنه في السينما توجد آلية لتطبيق تنبيه( للكبار فقط) هي بطاقة الرقم القومي التي تكشف عن سن المشاهد المناسبة, إلا أن الآباء في المنازل قد يقومون بنفس المهمة ويمنعون أسرهم وأنفسهم أيضا عن مشاهدة أعمال درامية تحذر منها الفضائيات لإحتمال وجود ألفاظ أو مشاهد غيرلائقة في أحداثها,ويضيف: لاحظت أن بعض مسلسلات رمضان تتضمن تجاوزات حقيقية تم نقلها من الشارع حرفيا وهو ما لا أرفضه إذا كان اللجوء إليه اضطراريا ولأسباب درامية مقبولة, أما المبالغة في ذلك, فإنني أعتبرها جريمة تتم بدافع جذب المشاهد بأشكال الإثارة المرفوضة, والتي عندما تزداد عن الحد المقبول تصبح سببا رئيسيا في هروب الجمهور وعدم متابعتها, لأنها بذلك تستحق أن تكون دراما سيئة السمعة.