ما المقصود بالرحم, ولماذا سميت بهذا الاسم, ولماذا اهتم الإسلام بالرحم, وماذا يفعل المرء مع الأقارب الذين يقابلون الحسنة بالسيئة وما هو واجب المرء تجاه أرحامه؟ يجيب عن هذا التساؤلات الداعية إبراهيم حافظ محمد أحد علماء الأزهر الشريف, قائلا: قال تعالي: وآت ذا القربي حقه سورة الإسراء, وقال تعالي وآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير سورة الروم, وننظر إلي الآيات التي تؤكد أن للأقرباء حقوق, وينبغي أن يبذل ويعطي له ليس مجرد بر أو إحسان, بل حق وواجب, لابد من أن يصل إلي صاحبه, والمقصود بالرحم, هم كل أقرباء المرء رجالا أو نساء- يرثوا منك أو لا يرثوا من جهة الأم أو الأب, وسميت بهذا الاسم لأن الأقارب لأن النطف التي خلقوا منها لابد أنها اجتمعت في رحم واحد وأيضا في جيل واحد, أو في عدة أجيال, يعني سميت الرحم نسبة إلي رحم المرأة الذي تتكون فيه الأجنة, واهتم الإسلام بالرحم وأمر ببرها ووصلها, وجعلها كالأركان من صلاة وصيام وحج, وأثاب عليها ثوابا عظيما, لأن المرء لايسعد وحده, فالسعادة حالة جماعية, كذلك لأن الأسرة نواة المجتمع وإذا تماسكت تماسك المجتمع, وروي الإمام البخاري: أن الله لما خلق الخلق وفرغ منهم تعلقت الرحم بعرش الرحمن, وقالت: يارب هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال لها الحق سبحانه-: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت: رضيت, قال سبحانه فهو لك وقال تعالي: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم سورة محمد, وأخبر صلي الله عليه وسلم- قائلا: إن الجنة لا يدخلها قاطع رحم وقطع الرحم من الكبائر, اللهم إنا نعوذ بك من قطيعة الرحم. وتقول الدكتورة سعاد محمود عبدالقادر حسين مدرس الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر, إن لصلة الأرحام مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالي, فقد أمر بها وحث عليها, ورغب فيها, ونهي عن قطيعتها, ورهب منها, قال تعالي: وآت ذا القربي حقه سورة الإسراء الآية26, وقال عز وجل: وبالوالدين إحسانا وذي القربي سورة البقرة الآية83, وقال سبحانه: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام سورة النساء الآية, وقال صلي الله عليه وسلم: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله, ومن قطعني قطعه الله رواه مسلم, وقال صلي الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رواه البخاري, وقال صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه وعز وجل يقول: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي, فمن وصلها وصلته, ومن قطعها بتته رواه أحمد والترمذي وصححه, والمعني أن من وصل رحمه, وصله الله برحمته, وإحسانه, ومن قطعها قطعه الله من رحمته وبره وإحسانه, والآيات والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة, وكلها تدل علي وجوب صلة الرحم, وعظم أمرها, وأن قطيعتها من الذنوب الكبير, وإذا كان الأمر كذلك, فإن صلتها تصبح أكثر وجوبا في شهر رمضان, شهر الرحمة والبر والصلة, وذلك لما فيها جبر خواطر الأهل والأقارب, وتصفية النفوس, وسلامة الصدور, وإشعار الأقارب بمكانتهم الكبيرة عند الواصل, فتسود بينهم روح المحبة والمودة والترابط والتماسك بين أفراد المجتمع, وصلة الرحم تكون علي قدر الواصل وما يستطيعه من القربات, فتكون بالسؤال وتفقد الأحوال, وتكون بمد يد العون والمساعدة, وتكون بالنصيحة, ومشاركتهم الأفراح والأطراح, وتكون بالتسامح والعفو والصفح عن زلاتهم وهفواتهم وحسن الخلق معهم, وبالجملة تكون بإيصال ما يمكن من الخير إليهم, ودفع ما يمكن من الشر عنهم, ومما يجب التنبه إليه أن الصلة واجبة حتي مع من أساء من الأهل والأقارب, فيجب أن نطيع الله فيهم حتي وإن عصوا الله فينا, قال صلي الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ, ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها رواه مسلم, وجاء رجل إليه صلي الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني, وأحسن إليهم ويسيئون إلي, وأحلم عنهم ويجهلون علي؟ فقال صلي الله عليه وسلم لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل, وهو التراب المحمي, ولا يزال معك ظهير أو نصير عليهم ما دمت علي ذلك, رواه مسلم.