بعد ان القيت الضوء علي عدة جوانب مما يحبه الله عز وجل من العبادات, اليوم نواصل في إطار ماذا يحبه الله وماذا يبغضه؟ نتناول في عدة حلقات حول من يحب الله ومن يبغض من الناس, والبداية يحب الله المحسنين: قال الله تعالي: ان الله يحب المحسنين والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: ان الله محسن يحب الإحسان. الإحسان: هو لب الإيمان وروحه وكماله, وهو أعلي مراتب الدين وغايتها, وأعظم أخلاق عباد الله الصالحين, وجامع لكل الأخلاق العالية والصفات الحسنة, وأصل العبودية لله ودوران أحوالها علي أمرين: تعظيم قدرة الله تبارك وتعالي, والإحسان الي خلق الله بالقول والفعل, وقد سأل جبريل عليه السلام النبي عن الاسلام, ثم سأله عن الإيمان, ثم سأله عن الإحسان فقال صلي الله عليه وسلم عن الإحسان: أن تعبد الله كانك تراه, فان لم تكن تراه فانه يراك إن الإحسان صفة الله وهوالمحسن المجمل والإحسان الذي به سمي العبد محسنا أن يعبد الله كأنه يراه, أن يعبده علي المشاهدة والإحسان هو كمال الحضور مع الله عز وجل ومراقبته الجامعة لخشيته ومحبته ومعرفته والإنابة إليه, والإخلاص له, وأن يعلم العبد علي الدوام ويتيقن باطلاع الحق سبحانه وتعالي علي ظاهره وباطنه, فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه, ناظر اليه, سميع لقوله, وهو مطلع علي عمله في كل وقت وكل لحظة وكل نفس وكل طرفة عين فان لم تكن تراه فإنه يراك أي فإن لم تحسن فهو المحسن. المحسنون هم الذين يؤدون العبادة علي وجهها الأكمل اداء خاليا من الرياء ويتقنونها ويخلصون فيها, ويراقبون ربهم تبارك وتعالي في إتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك ويستحضرون عظمته وجلاله حالة الشروع وحالة الاستمرار ويغلب عليهم مشاهدة الحق بقلوبهم كانهم يرونه, أو يستحضرون ان الحق مطلع عليهم يري كل مايعلمون, والاحسان يدخل فيه الاسلام والايمان, والمحسن لايكون محسنا الا اذا كان مسلما ومؤمنا, فالمحسنون هم المسلمون الذين يشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون رمضان ويحجون البيت إن استطاعوا إليه سبيلا. والمحسنون هم المؤمنون الذين يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار والميزان والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره وهم الذين يكظمون الغيظ, فإذا ثار بهم الغيظ يكتموه فلا يعملوه ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل والعافين عن الناس وصدق الله العظيم إذ يقول: إن الله لايضيع اجر المحسنين.