تستهوينى دائما فكرة التغيير الإيجابى، وكيف يمكن أن نحققه فى بيوتنا وفيما بين أسرتنا كل يوم، بل لا أبالغ حين أقول إننى أفكر دائما فى كيف نتغير بحيث نكون بإذن الله تعالى فى كل لحظة أفضل من اللحظة التى سبقتها، ودائما أبدا أتذكر وأحب أن أذكركم بأن التغيير الذى يأتى من الله عز وجل يجب أن يواكبه أو يسبقه تغيير من الإنسان نفسه. يقول الله عز وجل: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». إن الله يقول لنا ابدأوا وحاولوا أن تتغيروا وانظروا ماذا سيفعل بكم الله. قد يظن أن بناء السدود و المصانع وشق القنوات والأنهار من أصعب الأشياء.. لا بل أصعب شىء فى الدنيا بناء إنسان من الداخل، أصعب شىء أن تنتج إنسانا ذا أخلاق يصبح نموذجا يحتذى فى المجتمع، ليس أصعب شىء أن تتعلم الصلاة، وليس من الصعب أن تصوم وليس صعبا أن تذهب للحج، أصعب شىء أن تصلح نفسك من الداخل وتزكيها يقول عز وجل «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها». حقا هذا هو الشىء الصعب. ولنتحدث اليوم عن خلق ضاع بين المسلمين، خلق أصبح غريبا فى أرض الإسلام. للأسف الشديد صار نادرا أن تجد مسلما يتحلى به، خلق أجاده الغرب ونجح فيه ولازلنا نطمح فى أن سيكون موجودا فينا رغم أن ديننا يدعونا إليه. خلق «الإحسان» وأنا أعلم أن الكثيرين لن يفهموا ويقدروا قيمة هذا الخلق إلا بعد الانتهاء من هذه السلسلة من المقالات. والإحسان ببساطة هو «الإتقان»، أن تتقن كل شىء... ولكن هل هذا الإحسان من الأخلاق؟ نعم، إنه من صميم أخلاق الإسلام إتقان الأعمال إتقان المعاملة إتقان العبادة..، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، واسمع الآيات القرآنية التى تتحدث عن قيمة المحسن عند الله فى كل شىء وليس فى العبادة فقط. فيقول الله عز وجل: « والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين»، ويقول الله تبارك وتعالى «إن رحمة الله قريب من المحسنين». أى أن رحمة الله قريبة من الإنسان الذى يتقن أى شىء يكلف به. ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شىء» كتب: أى أنك مطالب ومأمور بالإحسان، فى كل شىء، أى فى كل صغيرة وكبيرة أنت مطالب أن تكون محسنا. «إن الله كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتل، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» هل رأيتم المثل الذى اختاره النبى (كأن تذبح دجاجة) قد تحسب أنك غير مطالب بالإحسان فيه، فى لحظة إنهاء حياة هذه الدجاجة أنت مطالب بالإحسان، ولابد من الأخذ بالأسباب (أدوات الإحسان)، أن تحسن وأنت تقتل أو تذبح ذبيحة فكر فى أحسن الأدوات اللازمة لكى تحسن هذا العمل (تحد السكين)، وأنت تراجع دروسك عليك أن تختار المكان المناسب والوقت المناسب لذلك... هل أصبح المعنى أوضح ؟. انظر إلى الله عز وجل كيف أحسن إلينا، سندقق الآن فى صفة من صفات الله عز وجل لنتعلم منها ونأخذ بها. يقول الله تبارك وتعالى: «الذى أحسن كل شىء خلقه». فى كل شىء هل تلاحظ وجود أى نقص فى خلق الله تعالى، أى اعوجاج أى قصور فى خلقه تبارك وتعالى لن تجد. يقول تبارك وتعالى «وزيناها للناظرين، فارجع البصر هل ترى من فطور» وهو يصف السماء ويسألك أن ترجع البصر وتنظر هل سترى أى اعوجاج؟ هل ترى أى قصور؟ كان من الممكن أن يجعل الله عز وجل للسماء وقت الشروق ووقت الغروب لونين فقط أبيض وأسود، لكن انظر لجمال المنظر وتعدد الألوان، انظر للإحسان فى الخلق.. إنه بديع السموات والأرض. انظر إلى نفسك، يقول الله تبارك وتعالى: «لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم». أى خلقتك على أكمل ما يكون انظر إلى العينين ومكانيهما، إلى اللسان ومكانه، انظر إلى جسدك... انظر إلى الحيوانات كيف أحسنت خلقها بمختلف أنواعها؟ «الذى أحسن كل شىء خلقه». تعلموا من الله، وتحلوا بهذا الخلق الجميل. يقول الله تبارك وتعالى: «وصوركم فأحسن صوركم» نتعلم منها أن «وأحسن كما أحسن الله إليك». يقول الله تبارك وتعالى: «الله أنزل أحسن الحديث» أحسن الله خلق الكون، وأحسن إليك، وأحسن فى كتابه المنزّل عليك فأنزل فيه أحسن الحديث. إذا كان الأمر كذلك إذن أفلا نكون من المحسنين؟.. إذا كان الإحسان على هذه الدرجة من الأهمية أفلا نغرسه فى أبنائنا ونتعلم أن نتبعه فى كل حياتنا؟..سأقول لكم كيف و... ولكن فى المرة القادمة بإذن الله