مر العام2011 ثقيلا في بدايته.. رتيبا يحمل وعدا بالبلادة, وهاجسا بالقرب من لحظة التوريث, إلي لحظة يسقط فيها النظام الجمهوري, ليشيد علي جثته نظام عائلة آل مبارك!, وكأن صرخة عرابي الخالدة في الزمن لن نورث بعد اليوم لم تكن سوي صرخة في البرية! وكأن كفاح الوفد وأحلام ثورة52 لم يكن سوي سراب! . لم تكن أحوالنا ترتقي إلي نصف نصف أحلامنا, ولم تصل إلي ما تستحقه أمة عظيمة تحت الشمس ناصيتها بيدها. إلا أن ذلك الحلم ظل يراوغنا حتي جاءت ثورة25 يناير, وفي ميدان التحرير عشنا أجمل18 يوما.. أجمل مما حلمنا, فقد اقتربنا من ضمير الأمة حيث الكل في واحد وعناق الهلال مع الصليب. إنها لحظة سقوط الأقنعة, وتحر الجميع من ذواتهم البائسة ومصالحهم الضيقة, وتجردهم من الخوف من الآخرين: السلفيون من العلمانيين والمسلمون من المسيحيين. وفجأة انهارت جدران دولة الأمن.فقد أشرق الربيع العربي علي غير موعد, وأسقط في يد الطغاة وفرعون مصر الأخير. . لقد جاء الربيع العربي في أزمنة الشتاء, جاء من صرخة بو عزيزي في تونس التي لاتزال تدوي في دنيا العرب من المحيط إلي الخليج.. صرخة تؤرق الطغاة والفاسدين بمطالبها التي لا تموت ديمقراطية..حرية.. عدالة اجتماعية.. ويبدو الوعد مبشرا واصرار الشعوب العربية عنيدا هذه المرة, فكلما سقط شهيد فإن الدماء الزكية تلهب المشاعر, وتزيد الناس اصرارا وعنادا علي بلوغ حلمهم الطويل. . والغريب أن هناك من يحاول أن يسرق النشوة التي غمرتنا, وأن يجعل الحلم الأقرب للحقيقة خلفنا, وأن يبدو الأحاسيس المفعمة بالأمل, والزهو والثقة المفرطة في الغد, وأن يخلف في حلوقنا غصة ومرارة! . فالآن تمخض حلم الدولة المدنية المتسامحة المنفتحة علي زمانها ليحل مكانه شيء آخر, ورؤي أخري أكثر غطرسة وأشد انغلاقا. وبات الآخرون في الغرب يقولون ربما يأتي نظام أسوأ من عهد مبارك, وتواري الكلام الجميل من عينة لابد أن نتعلم من الثورة المصرية. . تري هل الأحلام يمكن أن تموت؟ وهل هذه دعوة لرثاء الثورة في عامها الأول؟ بعدما تجمع الحمقي والمقامرون أوكادوا في ألا يكون الشعب والجيش.. أيد واحدة, ولم نعد نعرف عندما يأتي25 يناير كيف سيكون حالنا أو شكل احتفالنا! وربما البعض منكم لم يعد لديه اليقين بتحقق الحلم, ولربما بعض آخر لم يرد أن يتورط في حب الثورة أو أحلامها لأنه يخشي الاستيقاظ علي كوابيس! إلا أن الزمن يعلمنا دوما الثقة بالشعوب.. ففي النهاية هي من ستبقي لترثي أحلامها أو تنتفض لتحقق الوعد الذي بشرت به ثورتها! المزيد من أعمدة محمد صابرين