الخشت: فتح باب تقدم أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة للحصول على مكافآت النشر العلمي    الرئيس السيسي يصدر قرارين جمهوريين جديدين اليوم    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 23-5-2024 بالصاغة    وزيرة التخطيط تبحث مع الدكتور محمود محى الدين تطورات المبادرة الخضراء الذكية    الإيكتوا تعتزم إطلاق الاستراتيجية العربية للأمن السيبرانى خلال caisec"24    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    وزير الإنتاج الحربي يجري جولة تفقدية لشركة "بنها للصناعات الإلكترونية"    منظومة مياه مصرف بحر البقر تفوز بجائزة عبداللطيف الحمد التنموية كأفضل مشروع تنموي لعام 2023    قرار جديد من السعودية بشأن "العمرة" قبل بدء موسم الحج    «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تنسحب من مدينة جنين ومخيمها    علي باقري.. من هو خليفة حسين أمير عبد اللهيان في منصب وزير خارجية إيران؟    مصرع وإصابة 4 أشخاص فى انفجار بمبنى سكنى شمال شرقى الصين    موعد مباراة الزمالك ومودرن فيوتشر في الدوري    جهاد جريشة يعلق على خطأ محمود البنا في لقاء الحدود والترسانة    تداول ورقة مزعومة لامتحان الدراسات الاجتماعية لطلاب الشهادة الإعدادية بالقليوبية    جريمة هزت مصر.. كواليس إعدام "س.فاح الإسماعيلية"    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بالفيوم    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات على طرق القاهرة والجيزة    فيلم السرب يتصدر إيرادات شباك التذاكر للأسبوع الثالث على التوالي    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فيلم بنقدر ظروفك ل أحمد الفيشاوي يحقق 70 ألف جنيه خلال 24 ساعة    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    طلاب الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ يؤدون آخر أيام الامتحانات اليوم    تحركات غاضبة للاحتلال الإسرائيلي بعد اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين.. ماذا يحدث؟    ماذا يعني اعتراف ثلاث دول أوروبية جديدة بفلسطين كدولة؟    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    قلبه دليله، تفاصيل اللقاء الأخير بين أب وابنته قبل غرقها بحادث معدية أبو غالب (فيديو)    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 23 مايو 2024    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    رئيس الزمالك: جوميز مدرب عنيد لا يسمع لأحد    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 23 مايو.. «تقدم وتطور مهني»    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن الأقنعة
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 06 - 2013

في هذه اللحظة الراهنة التي نشعر فيها بأن زلزالا يكاد يرج الأرض تحت أقدامنا.. تتواري القدرة علي الاسترسال في الخيال..
ولكن البحث عن منبت الحزن الذي يشعر به المصريون الآن.. ربما يكون حافزا للتأمل في العلاقة التي تربط بين التجميل وعالم السياسة ببواطنه الخفية من جانب وسطوة الصورة في المشهد السياسي من جانب آخر وما تتركه من آثار سلبية أو إيجابية وتعزيزها للشكل والأداء في كثير من الأحيان بصرف النظر عن المضمون.. حتي تحولت إلي واقع.. فعصرنا يفضل الصورة علي الشيء والنسخة علي الأصل والتمثيل علي الواقع علي حد وصف الخبراء.. في عالم يحكمه التجميل والاستعراض والتنكر علي مستوي الأفراد والساسة وكيف يتحقق هذا الامتزاج في عالم الفن والسياسة وما هو دور التجميل السياسي في تعزيز الثقة بالنفس.. وهل حقا أن الناس في مناخ الصدأ العقلي يحتقرون الحقيقة كما قال د. زكي نجيب محمود..
نتحدث عن التعويذة السحرية وجغرافية الوجوه.. فن التجميل علي إطلاقه في الحياة الخاصة والعامة.. فن تقديم أنفسنا للآخرين.. وإذا كان التجميل علي قدر كبير من الأهمية بالنسبة للأفراد فإنه يتحول لقضية محورية بالنسبة للفنان والسياسي.. وربما بالغ البعض وحولها لقضية من أجل البقاء أو الانزواء.. بالنسبة للفنانين علي وجه الخصوص.
فمما لاشك فيه أن الاعلام ساهم بدور كبير في انتشار نماذج عديدة للتجميل وأصبح لدينا ما يعرف بالولع بالتجميل لبعض الشخصيات التي يطمح الأفراد في إرتداء قناعها وإستعارة ملامحها ويتم ذلك من خلال صور عديدة بالكمبيوتر للوصول للغرض المطلوب ونادرا ما تصل النتائج أو ترتقي لمستوي التوقعات.. ولا غرابة في ذلك لأن المطلوب يكون في معظم الأحيان تقليد التقليد لنموذج خضع لعدة عمليات تجميل وكانت بيروت ولاتزال هي عاصمة التجميل الأولي في العالم العربي.. وقد ساهمت هذه العمليات في زيادة الإنفاق السياحي في لبنان.. فالأغلبية من( الموسرين) يسعون لاجراء عمليات تجميلية تزيل غضون الزمان وتختصر من العمر سنوات في هذا البلد الذي يعشق الجمال..
ولكن تظل مشكلة التكيف مع الذات والإكتفاء بالشكل فقط من أهم ملامح هذه الشخصيات التي تسعي نحو إكمال النغمة الناقصة من سيمفونية الجمال.. قالها هيجل بحزم: الرغبة في نيل التقدير هي محرك التاريخ الذي يدفع البشر إلي الدخول في عراك حتي الموت يسعي فيه كل فرد لنيل اعتراف الآخر بجدارته وقيمته والاعتراف بالجدارة ينطوي علي كل السبل المتاحة خاصة أمام السياسي ولكن ماذا عن التجميل الفني وفن المكياج السينمائي الذي كان هو بداية إرساء صورة ذهنية لكل النجوم والفنانين والفنانات ومن ثم أصبحوا( نموذجا) يقتدي به ويتطلع الآلاف من معجبيهم لمحاكاته في معظم الأحيان.
محمد عشوب هو أشهر ماكيير سينمائي في مصر وهو خبير فن التجميل والمؤثرات الخاصة( من تشويه وحروق وعاهات) استطاع خلال مسيرته التي تمتد ما يقرب من خمسة عقود إرساء مدرسة فنية لها قواعدها في أصول تلك المهنة التي تتطلب مهارات خاصة جدا.. وشأن جميع النابغين فمازال عشوب محترفا وهاويا في آن بمعني أنه لا يقدم علي عمل ماكيير إلا إذا استشعر وجود كيمياء خاصة مع الشخصية الفنية المكتوبة في السيناريو وكونها تمثل تحديا فنيا بالنسبة له.. بالاضافة لتوافر حالة من التفاهم والتناغم الانساني بينه وبين الفنان صاحب الشخصية.
لعب عشوب دورا كبيرا في تاريخ السينما المصرية حيث قدم أكثر من مائة فيلم وأكثر من ثلاثين مسلسلا وعمل مع كل فناني الزمن الجميل كما تشير الصور المعروضة في هذه الصفحة بدءا من مريم فخر الدين ويوسف وهبي وتحية كاريوكا ووردة الجزائرية وسعاد حسني وعمر الشريف ورشدي أباظة وعادل إمام وكل أفلام أحمد زكي باستثناء فيلم حليم.. لشعوره أنه لن يكمله وعمل ماكيير خاصا لمبارك عام2003 ثم انقطع ثلاث سنوات وعاد مرة أخري أثناء حوار عماد الدين أديب مع مبارك.. كما قام بتدريس مادة التنكر بأكاديمية الشرطة وعمل أستاذا لمادة المكياج بالمعهد العالي للسينما.
إلغاء قسم التجميل من معهد السينما
بدأ عشوب حديثه بضيقه الشديد لالغاء قسم التجميل من المعهد.. في عهد فوزي فهمي حيث تم اللجوء لاستقدام خبراء تجميل من جنوب إفريقيا وإيران وتركيا وروسيا.. الأمر الذي أفقد مصر صدارتها في مجال المكياج السينمائي حيث أصبحنا نفتقد وجود الماكيير الأكاديمي المثقف الذي نصدره للعالم.. الأمر الذي يهدد الأمن القومي لأن خبراء التجميل السينمائي بمقدورهم إحداث التنكر بسهولة لأي شخصية أو عمل قناع لها.. وحين استفسرت منه عن بداياته أجاب: إنه كان لم يتعد السادسة عشرة حين بدأ في هذه المهنة مساعدا للمكياج في فيلم بقايا عذراء بعد ترشيح حسام الدين مصطفي له.. حيث كان يتردد علي الأستوديو لأنه كان مفتونا بالفنانة مريم فخر الدين.. ومن خلال اشتراكه في الأفلام العالمية التي كانت تصور في مصر.. حصل علي خبرات خاصة جمالية لم تتوافر لغيره.. فكان من حظه أن شارك في أفلام مثل: كليوباترا لاليزابيث تايلور.. وفيلم الرسالة وفيلم عمر المختار لانتوني كوين وفيلم الخرطوم والعديد من الأفلام الفرنسية والأمريكية في داخل مصر وخارجها..
ولكن الطفرة في اكتساب المهارات الخاصة حدثت عند لقائه بماكيير الفنانة الايطالية صوفيا لورين حيث كان يصاحبها أثناء زيارتها لمصر لتصوير فيلم بعنوان7 عرائس في القاهرة كان يضم ملكات جمال إيطاليا.. كان روميلو سيلنسي وهذا اسمه فكان يرسم حواجبها يوميا بقلمين أسود وبني في دقة متناهية حتي يبدو الحاجب الذي يزيله في البداية كأنه طبيعي تماما.. كنت صغيرا غضا طبعا.. فالتقطت حواسي كل المهارات وتعلمت رسم العيون بطريقته ثم طورت هذه المهارات وتجاوزتها وظلت عيون صوفيا لورين في مخيلتي وربما في اللاوعي.. وبعد عشرات السنين حين قدم إلي المخرج إسماعيل عبد الحافظ سيناريو مسلسل ليالي الحلمية لقراءته وجدت أن شخصية نازك السلحدار تبدو متجلية أمامي كامرأة متنمرة.. فبدأت برسم ملامح الوجه كما تخيلته وكنت أول من قدم لوك لشخصية درامية اشتهرت بصورة دفعت شركة عالمية للسيارات لاطلاق اسم صفية العمري علي أحد موديلاتها.. مررت بتجربة طويلة منذ أن رشحتني الفنانة مرفت أمين لأكون ماكيير فيلم أبناء الصمت بطولتها هي وأحمد زكي وكوكبة من كبار الفنانين.. وفي البداية اعترض المصور الكبير عبدالعزيز فهمي علي ترشيحي لأني كنت مساعدا لكن حين شاهد أدائي وقيامي بعمل تهشيم لذراع أحمد زكي التي دهستها دبابة.. أبدي إعجابه الشديد وتوقع حصولي منفردا علي جائزة عن هذا الفيلم وهو ما تم بالفعل.. ومنذ ذلك التاريخ لم أنفصل فنيا عن أحمد زكي رحمه الله عملت معه في كل أفلامه.. وكنت بمجرد انتهائي من قراءة الشخصية وتخيل انفعالاتها أنقل تصوراتي للمخرج والفنان ونحدد ملامحها الخارجية.. والأمر يتطلب قراءة مستفيضة في علم النفس والتشريح حتي يبدو الشكل مطابقا لجوهر الشخصية الفنية أحمد زكي.. ولكن أحمد زكي كان يمتاز بقدرته الفائقة علي تقمص الشخصية والعيش في جلبابها بمجرد انتهائي من المكياج.. فكان بعد أن يطالع وجهه في المرآة في فيلم البيه البواب وكابوريا وفي فيلم السادات وضع البايب في فمه وبدأ يتحدث بنبرته وروحه وعاش الدور منذ هذه اللحظة حتي نهاية الفيلم.. يضيف عشوب الفراعنة كانوا ملوك المكياج وكان لديهم توزيع رائع في الألوان.. ونحن نملك رصيدا هائلا في معابدنا يدلل علي هذا.. ويشير بمزيد من الاعجاب الشديد إلي موقف الفنانة النادرة سعاد حسني من المكياج فقد كانت رحمها الله توليه عناية خاصة وتسعي دائما وراء كل جديد يقدمها في أفضل صورة.. وحين أخبرتها أنني شاهدت ماكيير صوفيا لورين وهو يقوم بتصنيع وتركيب رموش صناعية لها.. شبطت وقالت لابد أن أجربها ودفعتني لعمل رموش لها وكانت رائدة في هذا المجال وأول نجمة سينمائية تضع الرموش.. بل إنها حرصا منها علي الظهور بأجمل مظهر قامت بابتكار عصا طويلة نضع عليها الرموش لتأخذ الشكل النصف دائري ثم نقوم بكيها وهي بهذه الحالة.. فهذا الجيل كان يضع المكياج المناسب في المكان المناسب.. ولكني الآن لا أستطيع التمييز بين صور بعض الفنانات إلا بعد قراءة أسمائهن لتشابه ملامحهن وإجرائهن لعمليات تجميل متشابهة للوجنتين والشفاه علي وجه الخصوص..
وأسأله هل يعد التجميل الزائد بمثابة كذب مقنع وما هي حدود التجميل حتي لا يتحول إلي قناع وماذا عن تجميل السياسيين وقصته المختصرة مع مبارك؟ ويجيب الفنان عشوب: التجميل الزائد عن حدوده هو كذب.. فالتجميل المثالي هو الذي يظهر مواطن الجمال لكنه لا يغير الملامح.. وفيما يتعلق بالسياسيين فلا توجد قيادة سياسية بالخارج لا تستعين بالماكيير والستايلست.. وأعتقد أنني أنفرد أنا ومحمود لبيب بأن لدينا خزانة من الأسرار لم تتح لأحد من قبل.. فمحمود لبيب ليس مجرد كوافير ولكنه( فنان حقيقي) عاصر مختلف الأجيال وفي صالونه يجتمع كل رجالات مصر في كافة المجالات لكنه لا يحب الكلام أو الأضواء وكان نور الشريف مغرما بمشاهدته وهو يقص الشعر بأسلوبه الفريد, فيما يتعلق بالزعماء ورؤساء الدول.. فلابد أن يعرف الماكيير دوره بالنسبة لهم فالمطلوب أن يبدو الرئيس أصغر وأجمل وأقل إجهادا من خلال إخفاء علامات الزمن.. لكن لو وضع مكياج لرئيس دولة أو ملك وظهر تبقي فضيحة.. وحين خضت تجربتي مع مبارك أبدي تخوفه في البداية وقال لي أن المحيطين به يدفعونه لهذا.. فقلت له سيادتك إذا لم تسترح لما سأفعله سأزيله في الحال ويعود كل شيء كما كان.. فقبل وأبدي إرتياحا بعد ذلك لما قمت به.. وأنا كماكيير أعشق العمل في مجال المؤثرات الخاصة ونستخدم مواد طبيعية ومخصوصة فيما يتعلق بنزول الدم من الوجه أو لاحداث التشوهات وكلها مواد صحية ومكلفة والآن بعد وجود تقنية كاميراتHD وهي كاشفة تماما مثل الأشعة الطبية فلابد أن يبدو المكياج طبيعيا وحريريا.. وأحسن بلد في عالم المكياج هي إيطاليا.. وهم قريبون منا جغرافيا ونفسيا.. وفي الختام أنا متفائل لأن الفن لا يموت.. مهما تعرض لعثرات.
اللحية موضة عالمية
وأسأل رشا عادل خبيرة التجميل السينمائي عن أحدث الأساليب في هذا المجال فتقول: إنه عبارة عن مواد سائلة سبراي تدوم لمدة طويلة وتتحمل الماء والحرارة وهي خريجة تجارة لكنها حصلت علي دورات عديدة في المكياج ساهمت في تنمية قدراتها وكفاءتها في مجال المؤثرات الخاصة.. وتبتسم وتضيف: أن المهنة في أساسها رجالي.. ويبدو في أحيان كثيرة أن الرجال هم الأساس ونحن الدخلاء.. لكن المرأة اعتادت أن تثق في قدرات الرجل وتسلمه وجهها.. وعن الأساليب الشائعة بين النجوم حاليا للتجميل توضح أن هناك شعيرات خاصة ترش علي فروة الرأس وتلتصق بها لمعالجة مناطق الشعر الخفيف في المنبت.. وهو أسلوب حديث وسهل.. وتؤكد أن اللحية المنبتة في مستوي درجتين موضة عالمية لذلك يحرص كل نجومنا علي الظهور بها لأنها أصبحت من علامات الرجولة.. وأتساءل أنا ربما كانت أيضا من علامات انتشار الاسلام السياسي وتشرح رشا كيف أن كل وجه له جغرافيا خاصة به تعمل علي اظهار بعض جوانبها وأن الموضة في المكياج تصلح لكل وجه ولكن بعد تهيئته لتقبل هذه الموضة تجميليا بل أن هناك وجها مثاليا يساعد الماكيير بجماله مثل وجه سولاف فواخرجي التي قام الأستاذ عشوب بعمل ماكيير مسلسل اسمهان لها.
واستفسر من المخرج الكبير داود عبد السيد الذي اشتهر أنه لا يترك أي شاردة أو واردة في فيلمه السينمائي دون أن يوليها اهتماما كبيرا.. فقال: إن المكياج في مصر ليس عظيما لكن بالرغم من ذلك أصبحت هناك مدرسة جديدة أكثر عصرية وعلمية ومتقدمة في بعض المجالات مثل تسمين وجه الممثل وحين سألته عن وقع اغلاق قسم الماكياج بمعهد السينما أجاب: من الممكن تجاوز ذلك بأن نلجأ لخريجي الفنون الجميلة قسم النحت والتصوير فالماكيير لابد أن يدرس تشريح الوجه والجسم ويتعلم التكنيك السليم.. والسينما في مصر اعتادت أنها إذا احتاجت لشيء محلي توفره.. وأي ماكيير يضيف لمهاراته وعلمه سيكسب الكثير ماديا ومعنويا.
المظهر يدل علي الجوهر
يري د. علاء غيتة أستاذ جراحة التجميل بطب القصر العيني أن وسائل الإعلام ساهمت في ازدياد الوعي الجمالي وتحسين مستوي التطلعات الاجتماعية والاعتناء بالمظهر وأن طبيب التجميل لابد أن ينمي ذوقه وثقافته ويطلع علي أحدث الأساليب التقنية.. فالتجميل نزعة فطرية في الانسان وحتي الرسل كانوا يضعون الحناء ويتكحلون.. ومعظم عمليات التجميل التي تجري في مصر يكون نصيب الرجال فيها ما بين10 إلي20% وتأتي العمليات بهذا الترتيب الأحصائي: الأنف ثم الجفون ثم شفط الدهون وشد البطن.. ويشير د. علاء إلي ان السادات كان انيقا جدا وان الشخصية لا تتجزأ فمن يهمل مظهره غالبا ما يكون لديه مشاكل في الجوهر وتفكيره غير منضبط, والأمر لا يتعلق بالمستوي المادي بقدر تعلقه بالهندمة وهندسة المظهر بصورة لائقة.
الكياسة السياسية أفضل تجميل
في عالم السياسة قد يفسر لجوء السياسيين للأهتمام بمظهرهم بصورة واضحة علي انه دلالة علي اهمالهم للقضايا المهمة في اوطانهم, بالرغم من ان الكثيرين منهم تركوا قسمات وجوههم لمبضع الطبيب ليعالج ما أفسده الدهر ليبدو أكثر شبابا وحيوية ونشاطا والقائمة تضم: بوتين وساركوزي وميتران وبرلسكوني والقذافي, تتراوح هذه العمليات التجميلية ما بين الحقن بالبوتوكس, وجراحات بالوجه وزراعة الشعر.. ومن هذا المنطلق يتحدث د. سعيد صادق استاذ علم الأجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية ليضيف لما تقدم ان لوك السياسي من أهم دعائم شعبيته في عصرنا.. ويحرص الرؤساء في الغرب علي وجودspindocrors لتحسين صورتهم وتبرير اخطائهم السياسية وخاصة زلات اللسان وتمتاز هذه المجموعات التي تهندس العلاقات العامة بانها علي قدر كبير من الاحتراف.. وقبل الذهاب لأي زيارة ميدانية للرئيس تتوجه مجموعة من المختصين لمعرفة طلبات الأهالي ومشاكلهم لكي يضمنها الرئيس في خطابه, وأكثر سياسي كان محترفا في الإعلام الغربي هو تشرشل, حيث كان يطالع الجرائد كل صباح ويبتسم من الهجوم الشديد والسباب في بعض الاحيان قائلا: طالما أنهم يذكرون اسمي فلا بأس, وكذلك رونالد ر يجان وبوش الأب كانا يجيدان التعامل جيدا مع الإعلام, وفي مصر ينفرد انور السادات بين الرؤساء انه كان أفضل من تعامل مع وسائل الإعلام بحرفية.. لأنه كان صحفيا لفترة زمنية ويفهم جيدا في زوايا الكاميرا ويجيد عموما الظهور بملابس أنيقة ويجيد ايضا التجميل السياسي الذي لا غني عنه ويتمثل في احتواء بعض الأخطاء.. والمشكلة أن لدينا ثقافات متفرعة ومتنوعة تواجه أي سياسي وما هو مقبول في ثقافة.. مرفوض من الثقافات الأخري.. لذلك يحتار بعض السياسيين بين الفقراء والعشوائيات والأثرياء والإسلاميين والليبراليين لأن كلا منهم له متطلباته فلا يستطيع أن يظهر سياسي مثلا في صورة وهو يتناول النبيذ مع ضيوف أجانب.. ولكن توجد طبقة في المجتمع تقبل هذا وان كانت ضئيلة.. وهكذا.. وفي ظني ان الإخوان المسلمين تواجههم ثلاثة تحديات تتعلق بموقفهم من الأقليات ومن المرأة ومن الديمقراطية.. وتبرير الاخطاء أو تجميلها أمر يمكن تجاوزه في عالم السياسة.. لكن تبرير السياسات بأكملها مثل اخونة الدولة يمثل معضلة كبري.. والسياسي بصفة عامة لابد أن يتصف بالكياسة السياسية وينتقي اصدقاءه أو من يصافحهم بحميمية فالمرء علي دين خليله. وأن يلجأ لبالونات الاختبار ويسرب اخبارا قبل اتخاذ القرار النهائي لرصد ردود الأفعال ازاءه.. وفي أمريكا يحرصون علي تصدير صورة الرئيس الشاب أوباما وهو يجري لأنه مظهر من مظاهر القوة.. واحيانا يتم الارتباط بسيدة جميلة أو مشهورة لتجمل صورة السياسي مثل ايفابيرون وجاكلين كيندي والأميرة ديانا, فالسياسي يجب ان يكون مبتسما ليس متجهما ينصاع للبروتوكول والرسميات وان يعمل علي موجة واحدة مع طاقم مساعديه.. و إلا اصبح ينطبق عليه المثل ايش تعمل الماشطة في الوش العكر واحيانا يكون السياسي علي صواب ولكن التجميل السياسي ككل يتم بصورة خاطئة.
سطوة الصورة
فيما يؤكد د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق واستاذ علم نفس الابداع أهمية التأثير الايجابي للصورة.. فالشكل الجميل لا يدفع الناس للانتباه إلي المضمون ويكون تأثيره اقوي في المجال السياسي, حيث التلاعب بالعقول مسألة أساسية.. فالصورة لم تعد بألف كلمة ولكن في بعض الأحيان بمليون كلمة, ولكن أفضل تجميل لا يصلح معه الكذب, فالسياسي لا يصح أن يكون شعاره اني أكذب لكي اتجمل, فالصدق هو أفضل وسيلة تجميل تغزو القلوب والمصداقية هي اساس النجاح في كل دول العالم المتقدم حرصا علي تقديم صورة ذاتية مثالية للسلطة.
وخطورة الإعلام والصورة تتمثل في أن الألفة تؤدي إلي التعود ثم إلي النفور والملل, ومن ثم التشبع, من هنا تتجلي أهمية التعامل مع الصورة بشكل أكثر عمقا ونفاذا حتي نتفادي مرحلة الاحتراق وهيمنة ثقافة المظهر والبريق علي حساب الجوهر والمضمون, وبانتهاء كلام د. شاكر يتضح لنا ان الأحداث التي تتواتر علي الوطن تسقط الكثير من الأقنعة عن الوجوه وتتركها سافرة تبحث عن قناع جديد بعد أن ادمنت هذه اللعبة المنهكة.. لعبة الأقنعة التي تتوافق مع كل زمان ومكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.