إن مصر تعد واحدة من كبري الدول التي تمتلك تاريخا وحضارة وثقافة تعد بمثابة القوة الناعمة العظيمة, ويعد المتحف القومي لشخصية مصر الثقافيةالذاكرة الثقافية واحدا من أروع وأجمل ما تمتلكه مصر من تراث. , وهو المشروع الذي تقدم بفكرته الفنان المبدع انتصار عبد الفتاح رئيس المركز القومي للمسرح, ويهدف المشروع من خلال رؤية شاملة لجمع وحفظ وتصنيف ودراسة وعرض المنتج الثقافي الحضاري المصري, وإثراء الثقافة الإنسانية بالحفاظ علي الاختلاف والتنوع الثقافي, وتجميع الذاكرة الثقافية المتناثرة ووضعها في متحف واحد. وترجع أهمية فكرة إنشاء المتحف كما يقول انتصار عبد الفتاح إلي تأكيد شخصية مصر الثقافية والفنية بعمقها الحضاري والذي يقوم بدور مهم في حفظ ذاكرة الوطن الثقافية, وسط أمواج الاستلاب والتنميط, وتحمس للفكرة د.صابر وزير الثقافة السابق لها ومجموعة من المثقفين والإعلاميين الذين أيدوها, فكانت الخطوة الأولي في بناء ذاكرة الوطن التي تعمل علي بعث الثقافة المصرية المعبرة عن هوية مصر, مؤكدا أن مصر بحجمها الثقافي والحضاري الذي أثر علي العالم بأكمله بإبداعاته وفنه يحتاج إلي أن نحافظ علي عقلها الثقافي. يتضمن المتحف مقتنيات نادرة لرموز مصر الثقافية الذين كان لهم إسهامات كبيرة في بناء ثقافة وإبداع هذا الوطن, ومن المقتنيات عود سيد درويش وداود حسني وملابس مختلفة من المسرحيات وماكيتات لدار الأوبرا الأصلية, وكذلك المسرح القومي, ونموذج لمقهي نزهة النفوس في أوائل القرن التاسع عشر ومسرح سيد درويش, بالإضافة لكتيبات خاصة بالمسرحيات التي قدمت وملصقات نادرة من بداية العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات.......الخ ومن التراث الموسيقي النوت الموسيقية منها كتاب المردات الترانيم القبطية, كتاب الموسيقي الشرقي لكامل الخلعي, كتاب الشيخ سلامة حجازي وإعلانات للفرق المسرحية والموسيقية من عشرينيات القرن الماضي مع وجود بعض التسجيلات الصوتية لهذه المرحلة. كما يوجد جزء خاص بمقتنيات الرواد الشخصية من نوت و مذكرات شخصية وتدوينات خاصة بأعمالهم وقتها, إلي جانب أوراقهم الشخصية الرسمية مثل جوازات السفر وبطاقات شخصية وبعض الصور الضوئية لقسائم الزواج مثل قسيمة زواج سيد درويش وزوجته جليلة, بالإضافة إلي بعض الصور الفوتوغرافية النادرة لرموز مصر الثقافية التي ترصد تاريخ الفن المصري وكان لها إسهامات كبيرة في بناء ثقافة وإبداع هذا الوطن علي مدي أكثر من قرن ونصف قرن مثل سلامة حجازي, مارون النقاش, ألمظ, فاطمة رشدي مرورا بأم كلثوم وبهيجة حافظ ومنيرة المهدية, علي الكسار, بديعة مصابني, يوسف بك وهبي, سليمان قرداحي, روز اليوسف. كما تم توثيق مقتنيات المتحف توثيقا إلكترونيا, لأنها ثروة قومية ضخمة وذلك بالتنسيق مع دار الكتب باستخدام برامج متخصصة في هذا الشأن وإعادة توظيفها حتي يمكن الاستفادة منها بشكل تسويقي رائع يتناسب مع القيمة الحقيقية لها, كما أكد ضرورة توفير سبل التأمين والحماية المتطورة لهذه المقتنيات التراثية, وأوصي عرب بنقل ماكيت دار الأوبرا القديمة الموجود بالمتحف إلي دار الأوبرا المصرية حتي يتسني للجميع رؤيته بعد إعادة ترميمه, وكذا نقل الماكيت الخاص بالمسرح القومي لمقر المسرح القومي بعد الانتهاء من تحديثه وتطويره, وضرورة عمل معرض فني يقام بدار الأوبرا المصرية يشمل أفضل50 عملا تراثيا من هذه المقتنيات الموجودة بالمتحف. وعبر الفنان انتصار عبد الفتاح عن سعادته البالغة بتحقيق هذا الحلم الكبير الذي يعتبره حلم عمره فمكانة مصر الكبيرة وقيمتها الثقافية والفنية تحتاج منا المحافظة علي هذه الذاكرة بأن يكون لدينا متحف قومي علي أعلي مستوي من التقنية, وأسلوب العرض تأكيدا لما تعكسه قيمة وشخصية مصر الثقافية, مضيفا أنه يحلم بانتهاء المرحلة الأخيرة من المشروع وهي رحلة إلي ذاكرة مصر الثقافية من خلال تقنية وأسلوب عرض وسيناريو وموسيقي ومؤثرات صوتية مرئية تصاحب الجمهور في أجواء الفترات الزمنية التي يرونها عبر المحطات الثقافية المختلفة واضاف أننا في حاجة ماسة لأن نتيح للشباب مثل هذا التراث, ونعمق لديه المفهوم الثقافي ليس علي الصعيد السياسي فحسب, ولكن علي مستوي الثقافة ليدرك قيمة مصر الفنية والتراثية والحضارية, وأن هذا التراث ليس قيمة مصرية فقط وإنما يعد قيمة إنسانية.