عاجل- الرئيس السيسي يصل بغداد للمشاركة في القمة العربية الرابعة والثلاثين    الحكومة العراقية: تنسيق مصري-عراقي لتوحيد جهود دعم غزة عبر مبادرتين متكاملتين    موعد مباراة بيراميدز ضد بتروجت في دوري "نايل" والقنوات الناقلة    موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد أوكسير في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اليوم السبت 17 مايو.. وذروتها تصل إلى 47 درجة    نشرة مرور "الفجر".. انتظام بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    ترامب يواصل هجومه على تايلور سويفت: "لم تعد مثيرة منذ أن قلت إني أكرهها"    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما ب"خلية التجمع"    اليوم.. الحكم على المتهمين بقضية طفل المرج    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اللقب مصرى.. مصطفى عسل يتأهل لمواجهة على فرج فى نهائي بطولة العالم للاسكواش    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 17 مايو 2025    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز «عريض ورفيع الحبة» اليوم السبت 17 مايو في أسواق الشرقية    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    اليوم، انقطاع مياه الشرب عن مدينة الفيوم بالكامل لمدة 6 ساعات    مستقبل وطن المنيا يُطلق مبادرة "طلاب فائقين من أجل مصر".. صور    فى عيد ميلاده ال85.. عادل إمام داخل صالة تحرير "اليوم السابع" (تخيلى)    قومية الشرقية تقدم "محاكمة تاجر البندقية" ضمن شرائح المسرح بالزقازيق    استقرار الأخضر.. سعر الدولار أمام الجنيه اليوم في البنوك    محام: أحكام الشريعة الإسلامية تسري على المسيحيين في هذه الحالة    القنوات الناقلة لمباراة مانشستر سيتي ضد كريستال بالاس مباشر في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالمقطم    بقصة شعر جديدة، كاظم الساهر يحيي اليوم حفل دبي والإعلان عن عرض ثان بعد نفاد التذاكر    اليوم.. نظر استئناف سيدة وعشيقها في اتهامهما بقتل زوجها بالبدرشين    غيبوبة سكر.. نقل الجد المتهم في الاعتداء على حفيده للمستشفى بشبرا الخيمة    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    الاتحاد الأوروبي والصين يعلّقان استيراد الدجاج البرازيلي بعد اكتشاف تفش لإنفلونزا الطيور    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    بعد رباعية الجونة.. إقالة بابا فاسيليو من تدريب غزل المحلة    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    «المشاط» أمام «الأوروبى لإعادة الإعمار»: ملتزمون بإفساح المجال للقطاع الخاص    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى AA1 مع نظرة مستقبلية مستقرة    رويترز: إدارة ترامب تعمل على خطة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    انطلاق الدورة الثانية لمهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيباتيا أم العلوم... إمرأة شهيدة فى كل أزمان التطرف!
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 05 - 2013

وجدتنى بالمصادفة أشاهد هذا الفيلم "أجورا" ... لفت انتباهى هؤلاء الملتحون السائرون فى الطرقات، يمنحون الناس خبزاً، يغطى الدمع أعينهم من فرط الشعور بالسعادة بالقرب من الله...
ظننت فى البداية أنهم مسلمين بسبب هيئتهم ولحاهم، فلم أكن أعرف أى فيلم هذا، إلى أن ظهرت عالمة الفلك والرياضيات الفيلسوفة "هيباتيا السكندرية"، تلك المرأة التى يعتبرونها أما روحية للعلوم الطبيعية الحديثة، فهنا أدركت أن هؤلاء من أتباع المسيح...
واتضح أن هذا هو الفيلم الأسبانى "أجورا" الذى تدور أحداثه في العام 391 ميلادية وجرى تصوير مشاهد منه في مدينه مالطا حيث شيدت ديكورات تمثل مدينة الإسكندرية القديمة بفنارها الذى كان واحداً من عجائب الدنيا السبع ومكتبتها الشهيرة التى أحرقها الرومان...
هذا الفيلم تم إنتاجه عام 2009، وأخرجه المخرج التشيلي الإسباني أليخاندرو آمينابار، والذي شارك في كتابته أيضاً مع الروائي ميتيو جيل، وقام ببطولة الفيلم راشيل وايز وماكس مينغيلا، جاء الفيلم ليتناول فترة القرن الرابع الميلادي ومدى التطرف الديني الذي عاشته المدينة، حين أصبحت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية، والذي شمل اقتحام المعابد الإغريقية والرومانية، واقتحام مكتبة الإسكندرية من قبل الجماعات المتطرفة ذات الهوس الديني كما أظهرها الفيلم، حيث قامت بهدم التماثيل وتحطيم الرموز الفنية وحرق الأبحاث العلمية والوثائق والخرائط بدعو انتمائها للتراث الوثني.
كما صور الفيلم دعوات أحد الأساقفة بالإسكندرية ويدعى "سيرل" بضرورة التنكيل والفتك باليهود المقيمين في الإسكندرية ونهب ممتلكاتهم وقتلهم، كذلك دعوة ذلك الأسقف لمنع عمل النساء، وضرورة عودة المرأة وبقائها في المنزل وحظر عملها بالتدريس أو الفكر وعدم الاستماع إليها، بل والتحريض على قتل هيباتيا كونها وثنية وكونها "ساحرة" ابتكرت نظريات علمية تسعى إلى تضليل البشرية، ولأنها لا تؤمن بالديانة الجديدة، ولم يشفع لها كونها تدافع عن حق أي إنسان في الإيمان بما يشاء بما فيهم هؤلاء المسيحيين الذين كانوا مضطهدين من قبل...
ما أثار انتباهى حقاً هى تلك السماحة والصبر والهوان التى بدا عليها هؤلاء المتدينين قبل أن يتمكنوا من السلطة، وكيف أنهم أول ما تبدى لهم خيط السيطرة انقلبوا إلى وحوش كاسرة استخدموا كافة وأقصى أشكال العنف للدفاع عن سماحة الدين ضد كل من خالفهم الرأى والمعتقد...
لم يحدث ذلك فقط مع المسيحيين أو اليهود أو المسلمين بل حدث مع كل المستضعفين المقموعين من السلطة، راجع ماحدث فى روسيا بعد الثورة البلشفية...
لقد بدا من أحداث الفيلم أن العنف والتطرف لا دين له، فبينما عمد اليهود والرومان إلى قتل السيد المسيح واضطهاد المسيحيين، عمد المسيحيون إلى اضطهاد اليهود ومن خالفهم فى المعتقد بعدما استتب لهم الأمر، وعمد الشيوعيون إلى الفعل ذاته، ثم عمد اليهود إلى نفس الفعل مع الفلسطينيين بعد أن احتلوا أراضيهم، فعلها أيضاً الكثير من حكام العالم ضد شعوبهم والرؤساء ضد مرؤوسيهم، ودعاة الليبرالية والديمقراطية الأمريكان الذين قتلوا آلاف المسلمين فى العراق وأفغانستان واماكن أخرى من العالم بدعوى الحرب ضد الإرهاب، وكأنما كلما ضعفت قدرة الإنسان على استيعاب الاختلاف كلما زادت درجة عنفه ورفضه للآخر خوفاً من أن ينهزم بعد أن لاح له الانتصار، فهل ينجو إسلاميو هذا العصر من نفس المصير وهذا السلوك البشرى المقيت؟...
ما أثار انتباهى ايضاً أن الأسقف "سيرل"، أسقف الإسكندرية فى ذلك الوقت، خرج من الكتاب المقدس بآية تشير إلى ما يهاجمنا به الغرب من اغفال لحقوق المرأة ومنعها من العمل وكأن أول ما يخشاه المتطرف أفكار المرأة، وأن المرأة أول من يتعرض دوماً لآثار هذا العنف والتطرف والاضطهاد...
ينتهي الفيلم بالقبض على هيباتيا وتجريدها من ملابسها استعدادا لحرقها في الساحة، رغم أن كتب التاريخ تذكر أن هيباتيا قتلت بوحشية وتم التمثيل بجثتها من تمزيق للجسد وحرق للأشلاء، ويصور الفيلم مشهد النهاية بقيام عبدها "دافوس" الذى أعتقته وهو يقوم بحضنها بقوة ليخنقها، مجنبا اياها مصيرها البشع المحتوم...
النتيجة التى خرجت بها من مشاهدة هذا الفيلم هى، أنه رغم حرص المتطرفين على قتل هيباتيا لوأد أفكارها التى عارضت تطرفهم وسعت إلى تنوير البشرية ودعم الإنسانية، إلا أن العالم استمر، والعلم تطور، ليتم اكتشاف واثبات معظم نظرياتها العلمية، وتظل هى "هيبايتا" أم العلوم شهيدة الإنسانية، ويظل قتلتها رمزاً للتطرف على مر العصور...
والأهم هو أن التاريخ يثبت لنا أن الكثيرات من "هيباتيا" من أمثال جان دارك وراشيل كورى وغيرهن، اللاتى لاقين ويلاقين وسوف يلاقين هذا المصير على أيدى التطرف البشرى، سيبقين دوماً شهيدات للإنسانية وسيبقين دوماً فى ذاكرتها ذلك أنهن كن ضحايا للتطرف ولكنهن أضأن العالم بإنسانيتهن السمحة وعقولهن المتفتحة، ومهما طال الزمن، وزاد التطرف ستظل المرأة هنا وهناك رمزاً للحرية والإنسانية والتنوير ولو كره المتطرفون...
[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.