إذا صح ان السلطة القضائية مثل كافة سلطات الدولة تحتاج الي اصلاح شامل يتوافق مع اهداف ثورة25 يناير, يحقق العدالة الناجزة وينتصر لحقوق المواطنة, ويستهدف صالح المواطنين الذين يتوقون الي العدل, فإن اول شروط هذا الاصلاح ان يتجرد من كل الدوافع السياسية ويؤكد استقلال القضاء, بحيث يصبح الاصلاح مهنيا في المقام الاول, ينبع من داخل السلطة نفسها, وتتوافق كل القوي السياسية علي ضرورة احترام شروطه, بحيث يستقر في ضمير المجتمع ضرورة تحصين السلطة القضائية من اي عدوان يستهدف المساس بها, وحمايتها من كل ما يتصل بمشاكل السياسة ومتغيراتها. وفي هذا الاطار يصبح عقد مؤتمر ثان للعدالة في مصر ينظر في اساليب اصلاح الهيئة القضائية وضمان تحقيق استقلالها ضرورة اولي, تسبق اصدار اية قوانين جديدة تتعلق بتنظيم السلطة القضائية, بحيث تصدر هذه القوانين وفق رؤية واضحة الاهداف, تحظي بإجماع وطني شامل, وتكرس مكانة القضاء كسلطة عدل يخضع الجميع لسلطانها, منوطة بتطبيق حكم القانون علي الجميع دون انتقاء او استثناء, هدفها الاول تحقيق العدالة الناجزة التي تمكن المواطن من استعادة حقه القانوني دون تباطؤ او تلكؤ!.., وإذا صح ان استقلال القضاء هو غاية الاصلاح المنشود, يصبح من الضروري ان ينعقد مؤتمر العدالة الثاني في بيت القضاة او رحاب دار القضاء العالي بعيدا عن السلطتين التشريعية والتنفيذية, كما يصبح من الضروري ان يؤكد المؤتمر ضرورة اشراك السلطة القضائية في صياغة القوانين التي تنظم دستور عملها وتصحح اخطاء افرادها بما في ذلك استقلال الموازنة, وعودة التفتيش القضائي الذي يتولي مراقبة اعمال القضاة الي المجلس الاعلي للقضاء بدلا من وزراة العدل, وتفعيل نظم التأديب والصلاحية والمسائلة, وإقرار السن القانونية للاحالة الي المعاش بما يضمن الاستفادة من الخبرات القانونية التي تعزز مكانة القضاء المصري, وضمان تواصل اجياله, وتحقيق التكافؤ بين اعداد القضاة واعداد القضايا لمنع تكدس القضايا في المحاكم, لان استقلال السلطة القضائية لا يعني فقط استقلالها عن السلطتين التنفيذية والتشريعية, ولكنه يعني ايضا ابعادها عن ان تكون طرفا في اي صراع سياسي بين اجنحة الحكم والمعارضة, خاصة ان واحدا من المهام الاساسية للقضاء الاشراف علي نزاهة الانتخابات, والفصل في دستورية القوانين, وحماية التداول السلمي للسلطة, وكلها مهام تتطلب الحيدة والنزاهة والتجرد من اي انتماء او دافع سياسي. لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد