أكدت دراسة لمعهد بروكينجز الأمريكي أن الاقتصاد المصري لا يسير للانهيار في اللحظة الراهنة. ولكن الدراسة أكدت أن حكومة توافقية هي الحل الوحيد للحيلولة دون المزيد من تدهور الاقتصاد. وأشارت دراسة معهد بروكينجز إلي أن الاقتصاد المصري لا يسير نحو الانهيار ولكن غياب السياسات الحكومية لمواجهة تراجع الأداء الاقتصادي سيدفع نحو استمرار تدهور المؤشرات الاقتصادية مع انخفاض معدلات النمو وارتفاع نسبة البطالة والتضخم, بالإضافة إلي معاناة المصريين من ارتفاع الأسعار وغياب عدد من السلع الرئيسية. وحذرت الدراسة من أن التحول الديمقراطي في مصر سيدخل مرحلة الخطر في حال استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية. وأوضحت أن تزايد حدة الاستقطاب السياسي يعوق إمكانية تبني الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة, مشيرة إلي أن النموذج الإيطالي الخاص بتشكيل حكومة ائتلافية قد يكون المثال الذي يجب اتباعه في مصر بالوقت الراهن. وأوضحت الدراسة أن استطلاع مركز بيو الأخير كشف عن صعوبات التحول الديمقراطي في مصر, حيث أعرب70% من المصريين الذين شاركوا في الاستطلاع عن عدم الرضا تجاه السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة ورغبة33% في وجود قيادة قوية لحل المشكلات التي تعانيها مصر في الوقت الراهن, كما أكد49% أن الاقتصاد القوي يمثل أهمية متزايدة لاستكمال المسار الديمقراطي. وأوضح الاستطلاع أن عدد المنتقدين لثورة25 يناير ارتفع بوضوح مع تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال العامين الماضيين. وذكرت دراسة معهد بروكينجز أن الشباب المصري الذي اشعل ثورة25 يناير والذي طالب بتحسين الظروف المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية اكتشف أن مطالبه أصبحت بعيدة المنال في ظل تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة. وأضافت الدراسة أن النمو الصناعي تراجع من7% قبل الثورة إلي نحو1% فقط في الوقت الراهن. كما ارتفعت نسبة البطالة الرسمية من9% إلي125%. وبحسب البيانات فإن95% من العاطلين من الشباب الحاصلين علي شهادات تعليمية. إلي جانب ذلك, فإن نحو75% من المحظوظين الذين وجدوا عملا يعملون في القطاع غير الرسمي ولا تزيد أجورهم عن37 دولارا يوميا( نحو25 جنيها). وكشفت الدراسة عن أن السياسة المالية للحكومة المصرية غير قادرة علي دفع النمو وايجاد الوظائف, حيث ارتفع العجز الحكومي من8% من الناتج المحلي الإجمالي عام2010 إلي11% عام2011 ومن المتوقع أن يصل إلي12% خلال.2013 وتقوم الحكومة المصرية بسد العجز من خلال سوق الائتمان المحلي مما رفع الدين العام المحلي من60% عام2010 إلي70% خلال.2012 ومع دفع الحكومة فائدة تبلغ16% علي الدين المحلي قصير الأجل فإنها تسعي للحصول علي تمويل داخلي مما يعوق انتعاش القطاع المالي ويقلل من القدرة علي جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الاستثمارات المحلية وبالتالي الحد من القدرة علي خلق الوظائف. بالتوازي, فإن إحدي مفاجآت الثورة هو أن الفساد لم يتراجع بل إن البعض يتحدث عن انتعاش الفساد خلال العامين الماضيين. فعلي الرغم من الضجيج الخاص بإجراء نحو6 آلاف تحقيق بشآن الفساد قبل الثورة واتهام العديد من رموز النظام السابق في عدد من قضايا الفساد فإن مرتبة مصر ضمن تقرير الشفافية تراجعت من المركز98 عام2010 إلي المركز118 في تقرير الشفافية لعام.2012 مما يدلل بوضوح علي تراجع قدرة الحكومة المصرية علي مواجهة الفساد بعد ثورة25 يناير. وعلي أصعدة أخري, فقد تقلص عائد الحكومة المصرية من العملات الأجنبية وتقلص الاحتياطي النقدي الأجنبي من35 مليار دولار عام2010( ما يكفي لتغطية الواردات لنحو7 أشهر) إلي أقل من15 مليار دولار عام2012( ما يكفي لتغطية أقل من3 أشهر). كما فقد الجنيه المصري نحو15% من قيمته أمام الدولار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وبحسب دراسة بروكينجز فمن الضروري اتخاذ قرارات سياسية غير شعبية مثل هذه القرارات أصبحت أكثر صعوبة. وفي هذا السياق فإن الحكومة المصرية تبدو في وضع غير الفائز, حيث إن تنفيذ الإصلاحات قد يقود لزيادة عدم الاستقرار السياسي.وبالتالي فان الحل الوحيد للحيلولة دون انهيار الاقتصاد المصري هو تشكيل حكومة وحدة ائتلافية تضم المعارضة المدنية والسلفيين من أجل الاتفاق علي الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة دون أن تهدد مثل هذه الاصلاحات الاستقرار السياسي والتحول الديمقراطي.