باعت مصر عددا من شركاتها ومصانعها دون ضوابط وبعشوائية تحسد عليها حكومات ما قبل25 يناير.2011 وباع كل من اشتري مصنعا بأضعاف السعر الذي دفعه فيه.. كانت مؤامرة أغلقت بسببها مئات المصانع والشركات, وأحيل للتقاعد مئات الآلاف من أمهر العمال اجباريا.. ووجد شباب في عمر الزهور أنفسهم في الشارع دون سابق انذار فعاشوا ضحايا لأقذر عملية رهن اقتصادي فاشل.. وبعد أن كانت البطالة مقصورة علي خريجين وشباب جدد, انضم إلي طابورها الطويل آخرون, بينما بقي من رفضوا الخروج علي المعاش المبكر تائهين علي الأرصفة أيضا وضحايا لشروط المستثمرين الجدد. في الوقت الذي تحتفل فيه الدولة بعيد العمال, سقط أصحاب المعاش المبكر من دائرة الاهتمام, بعدما أصبحوا في ظلال العتمة التي خلفتها أعمال الخصخصة الفاسدة لشركات قطاع الأعمال, وتصفيتها وتشريد عمالها تحت سنابك قانون غير عادل للمعاش المبكر, ضمن مخطط لبيع الشركات بأبخس الأثمان. والله لا أتحصل سوي علي520 جنيها بعد20 عاما من الخدمة في شركة الغزل والنسيج بكفر الدوار, لا تكفي حتي لإطعام بناتي الثماني, فكيف لي أن أدبر نفقات زواجهن؟ بهذه الكلمات التي تفيض ألما وحسرة بدأ صلاح. أ(57 سنة), حديثه إلينا عن معاناة أصحاب المعاش المبكر, وأوضح أنه كان يأمل أن تنجب زوجته ولدا, فرزقه الله ب8 بنات, ولأنه كان عامل ورشة بسيط في شركة الغزل, ضاقت عليه الأمور, ومع الإشاعات التي روجتها إدارة الشركة آنذاك, بأنه سيتم بيع الشركة وخصخصتها وطرد العمال, وافقت علي إحالتي للمعاش المبكر علي سن46 عاما مقابل39 ألف جنيه, قمت باستغلال بعضها في سداد مديونياتي, كما حصلت علي قرضا علي المعاش قدره14 ألف جنيه, وأنفقت ما أملكه في تجهيز ابنتي الكبري لبيت الزوجية, والآن أنا لا أتحصل سوي علي180 جنيها من المعاش. ويضيف قائلا: رغم تقدم السن بي إلا أنني أقوم بالعمل باليومية في رفع الأخشاب أو حمل الرمال والتي أراها أخف وزنا من حمل ثقل مسئولية8 بنات, لكن الظروف الصعبة والغلاء الفاحش, دفعني إلي إخراج بناتي من المدارس, وكل ما أتمناه الآن أن استر بناتي وأن يوفقني الله من تدبير نفقات تجهيزهن لبيت الزوجية. أما أشرف. س(55 سنة), فيوضح أنه خرج علي المعاش المبكر في عام2007, وكان يعمل عاملا بإدارة بحوث الشركة, وتحصل علي معاش قدره146 جنيها, ارتفعت الآن إلي586 جنيها. أكتشف عقب خروجه علي المعاش إصابته بفيروس س الكبدي, بات يتردد علي عيادات الأطباء ويشتري الأدوية غالية الثمن, خاصة وأن علاج التأمين الصحي لا يثمن ولا يغني من جوع, ومثلما تحفظ صلاح علي ذكر اسمه كاملا, رفض أشرف الأمر نفسه, وهو يقول إحنا ضحايا نظام فاسد دمر الشركات وسرح العمال وذبحنا علي أعتاب الخصخصة, ويضيف أن ما يزيد من معاناته وألمه طفله المعاق الذي يعاني ضمورا في خلايا المخ, وارتفاعا في نسبة الكهرباء بالجسم, وينهي أشرف حديثه ونحن صابرون ونحمد الله, لكن أين الدولة من أمثالي ومئات الحالات من أصحاب المعاش المبكر, الذين أصبحوا الآن في مهب الريح. ويشير فاروق زين العابدين, أمين صندوق اللجنة النقابية للعاملين بغزل كفر الدوار سابقا, ورئيس نقابة أصحاب المعاشات, إلي الظلم الذي تعرض له أصحاب المعاش المبكر, ويكشف أن إدارات الشركات كانت تمارس ضغوطا غير مباشرة, وتروج إشاعات بهدف دفع العمال إلي الخروج علي المعاش المبكر, والذي تضمن شرطا جزائيا مجحفا نص وقتها علي خصم5% من حق العامل في المعاش الأساسي إذا خرج عند سن55 عاما, و10 % لمن أقل من50 عاما, و15 % لمن أقل من46 عاما. ويضيف أنه من غير الإنصاف أن يتم إقرار زيادات للعاملين بالشركات بينما يحرم أصحاب المعاش والمعاش المبكر منها, ونأمل أن تلتف الرئاسة وحكومة الدكتور قنديل إلي مطالبنا, وأن تلتقي بنا لبحث جميع المشكلات التي نواجهها. ويؤكد شوقي سليمان عضو اللجنة النقابية بغزل كفر الدوار, أن وزارة الاستثمار كانت اعلنت في عام2011 عن تقديمها بطلب إلي وزارة المالية لاعداد دراسة اكتوارية, لتحسين اوضاع العمال الذين خرجوا إلي المعاش المبكر, ضمن خطة الخصخصة وتصفية الشركات التابعة للقطاع العام والأعمال نظرا لانخفاض قيمة المكافآت والمعاشات التي حصلوا عليها عند تسوية ملفاتهم التأمينية ورغم ذلك لم يحدث أي تطور في هذا الملف. ويوضح جمال أبونعمة الموظف بشركة صباغي البيضا بكفر الدوار, أن حتي أصحاب الخبرات والمهارات الخاصة ممن خرجوا علي المعاش المبكر من الشركات الحكومية, وعملوا في الشركات الخاصة يعانون هضما لحقوقهم.