آه.. وألف آه من الخصخصة واللي عملته فينا.. بهدلتنا.. ضيعتنا.. شردتنا.. هذه الكلمات المعدودات يحمل كل حرف فيها أنات وأوجاع ضحايا الخصخصة بالبحيرة الذين سال لعابهم علي بضعة الاف من الجنيهات حصل عليهم كل منهم ظنا أن هذه المبالغ ستكون طوق الستر لبناتهم ومن اخذ هذه الفلوس ليسدد ديونه التي اثقلت كاهله وتراكمت عليه بسبب مصاريف اسرته واستكمال تعليم أولاده. ظنا منهم أن الحياة سوف تبتسم لهم بعد ذلك إلا أنهم فوجئوا بكابوس يزلزل حياتهم ويحولها لجحيم .. الفلوس طارت والمعاش ضئيل.. وتحولوا جميعهم الي جيش من العاطلين الذين يرتادون المقاهي. حوالي 500 ألف عامل وعاملة من أبناء المحافظة ضربهم قطار الخصخصة بالعديد من الشركات سواء داخل المحافظة أو خارجها وأكثرهم لايجد قوت يومه الان. ولكن هل تعيد دموع الندم وأنات القلوب وأوجاع الجسد مافات؟!! شركات كفر الدوار العملاقة التي تم تشييدها في القرن الماضي تحولت الي خرابات ينعق فيها البوم بعد ان حطت الخصخصة أوزارها علي أعتاب هذه الشركات التي كانت ملء السمع والبصر وكان إنتاجها ذائع الصيت في الداخل والخارج. شركة مصر للصباغة والكيماويات كانت هي الشركة الوحيدة في الشرق الاوسط المتخصصة. وكانت الصبغات والمواد الوسيطة التي تقوم بإنتاجها تفوق ماتنتجه شركات أوروبا وكان يعمل بها حوالي 4 الاف عامل وبمجرد وصول قطار الخصخصة لها تراجعت للخلف واصبح حالها لايسر أحدا وتم تسريح العاملين بها علي دفعات وكانت آخر دفعة تضم 300 منهم تم اجبارهم علي المعاش المبكر في عام 2008 وتم تصفية الشركة واغلاقها بالضبة والمفتاح. هذا مايؤكده نصر محمود الطاهر احد العاملين السابقين بالشركة الذي يتذكر ايام الضر قبل الخصخصة عندما كانت الشركة في أوج ازدهارها وتربعها علي عرش الصباغة مشيرا الي إن الحكومات السابقة في عهد الرئيس السابق كانت تسابق الريح لتدمير هذه الشركات وبالنسبة لشركة كفر الدوار للغزل والنسيج فكانت الفاجعة بها لاتخطر علي بال احد بوصف هذه الشركة أم شركات كفر الدوار فهذه الشركة لم يتم ضخ اي استثمارات جديدة لتحديث الالات والماكينات بها منذ عام 1990 وبوصول الخصخصة تم تسريح حوالي 7 الاف من العاملين بها علي دفعات وهذا العدد يقدر بنصف العاملين بالشركة. يقول حسين غانم عضو مجلس ادارة الشركة أن الشركة في حاجة ماسة لاعادة هيكلة منذ حوالي 30 عاما ولا أحد يستجيب وهي بدون إعادة الهيكلة لايمكن ان تستمر لأن العمل بها يسير بسرعة السلحفاة وتنخفض جودة الانتاج مشيرا الي ان برنامج الخصخصة تم تنفيذه بشكل مغاير للأهداف التي وضعت له وتم اختصاره في خراب الشركات. ولأن الكوارث لم تكن تأتي فرادي في العهد السابق فقد تم ضم شركة صباغي البيضا التي كان يعمل بها حوالي4 الاف بعد تسريح حوالي 3 الاف منهم الي شركة الغزل والنسيج وذهب انتاج شركة البيضا من الاصواف والقطن الطبي أدراج الرياح بأمر الخصخصة. والمؤسف ان عنابر الشركة تم بيعها لمستثمر تركي لاقامة مصنع ملابس جاهزة وبدلا من ان يقوم المستثمر الذي حصل علي الارض بسعر التراب بتصنيع الاقمشة المصرية قام باحضار الاقمشة من تركيا لتصنيعها بمصر واعادة تصديرها مرة اخري لتركيا. وبالنسبة لاخر شركة من شركات كفر الدوار وهي شركة مصر للحرير الصناعيوالبوليستر فقد تم تسريح اكثر من 3 الاف من العاملين بها واغلاق مصنع الحرير بينما نجا مصنع البوليستر من مذبحة الخصخصة بإعجوبة. يقول سعيد حامد الهواري احد ضحايا الخصخصة ويقيم بكفر الدوار فكنت اعمل كبير ملاحظين بشركة الاسكندرية للمنتجات المعدنية وخرجت ضمن 2000 من العاملين الذين تم تسريحهم تنفيذا للخصخصة وحصلت وقتها علي34 الف جنيه ومعاش 278 جنيها وسريعا ماقمت بانفاق هذا المبلغ علي بناتي الثلاث اللاتي تخرجن من كليات الصيدلة والتربية والتجارة وبسبب ضعف المعاش لم يكن أمامي سوي الاستدانة حتي أكمل مشواري معهم. مشيرا الي انه اصطدم بكابوس مزعج عقب خروجه من الشركة وهو انه اصبح عاطلا بلا عمل وكيف له ان يبدأ من جديد ويتعلم عملا اخر بعد سنوات عمره بالشركة. اما السيد عبدالقادر احمد فيقول كنت اعمل مديرا لادارة التشغيل بنفس الشركة وخرجت في عام 1996 وحصلت وقتها علي 40 الف جنيه وفوجئت ان معاشي هو 192 جنيها بعد 36 سنة خدمة بالشركة. مشيرا الي انه بعد خروجه علم ان المبلغ الذي كان مقررا ان يحصل عليه هو 120 الف جنيه مقابل خروجه مؤكدا ان المبلغ الذي حصل عليه سرعان ماتبخر واصبحت قعيدا بلا عمل. أنظر لاولادي الاربعة وفي قلبي مرارة الانكسار لاحساسي انني اصبحت عالة علي الاسرة. ويطالب عيد محمد عثمان الموظف السابق بشركة غزل كفر الدوار بضرورة محاكمة كل من تسببوا في خراب هذه الشركات تحت شعار الخصخصة من الذين باعوا ضمائرهم للشيطان حتي يخلو لهم الجو ويستولون علي هذه الشركات بعد تصفيتها عن طريق وسطاء من الباطل حتي وصل الامر الي تسريح الاف الكفاءات من الايدي العاملة المهرة والمدربة تحت عجلات قطار الخصخصة الذي قضي علي الاخضر واليابس.