البطالة هي الوجه الآخر السلبي للعمل, ومع الاحتفال بقدوم عيد العمال يجب أن نتذكر أن هناك فئة لا تشعر بهذا العيد, بل يذكرها بوضعها الذي فرضته عليها الإدارة الغائبة المعنية بتنمية الموارد البشرية.وتراجع الاقتصاد القومي وتقلص المشروعات الإنتاجية وغيرها من العوامل التي أدت في مجملها, إلي حرمان3.2 مليون مواطن من العمل وإيجاد فرصة للعيش بكرامة. وذلك طبقا لتصريحات الجهات الحكومية الرسمية, وهناك جدلا واسعا حول هذه الإحصائيات وتأكيد علي أن نسبة البطالة قد تصل إلي17%, ما يهمنا أن الوضع يتفاقم ويزداد سوءا, وبدورنا نقدم بعض الاقتراحات للحد من البطالة وتبديل أوضاع عدد من العاطلين وتحويلهم إلي طاقة إنتاجية يمكنها الاحتفال بعيد العمال في العام القادم, إذا تم تطبيق هذه الاقتراحات علي أرض الواقع. بداية يقول الدكتور حمدي عبد العظيم- الخبير الاقتصادي والأستاذ بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية- أن البطالة قوة عمل مهدرة ولا يستفاد منها وبلغ عدد المتعطلين3.4 مليون عاطل مما يمثل خسارة وفاقد للإنتاج المحلي بنحو50 مليار جنيه سنويا ويمثل أيضا13% من قوة العمل التي تبلغ27 مليون شخص وتقدر قيمتهم الإنتاجية ب1.8 تريليون جنيه من الدخل القومي, فالبطالة بالفعل فرص ضائعة للإنتاج يحرم منها الاقتصاد وخسارة للدخل القومي. وعلاج مشكلة البطالة يحتاج إعداد برنامج قومي للإنقاذ, فأثارها ليست اقتصادية فقط ولكنها تؤثر علي المجتمع ككل وعلي استقراره وتنميته والنهوض به, ولتكن البداية بزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي وحل مشاكل المشروعات المتعثرة والمتوقفة-تم إغلاق4 آلاف مصنع وشركة- وتدعيم الاستثمار المشترك مع القطاع الخاص التابع لقطاع الاعتمال- بديل الخصخصة- والذي يمثل49% من الطاقة الإنتاجية مع الحكومة. وفتح مجالات شراكة جديدة يعني فروع إنتاج جديدة وزيادة في حجم العمالة وفرص عمل وحد من البطالة,والأفضل الاتجاه نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات المغذية للمشروعات الكبيرة لتوريد مستلزمات الإنتاج, ويجب علي الحكومة مساندتهم في التسويق والمبيعات الكثيفة والإعفاء من الضرائب وعدم قصرها علي مشروعات الصندوق الاجتماعي, لأن القانون يقصرها عليه مما يتطلب تعديل تشريعي. وبالنسبة للقانون141 لسنة2004 المختص بتنمية المشروعات والصناعات الصغيرة فيجب تفعيل المادة الخاصة بإلزام القطاع الحكومي باقتناء10% من مشترياته من المشروعات الصغيرة,وتوقيع عقوبة في حالة المخالفة وذلك لإنعاش الركود الذي تعاني منه مبيعات هذه المشروعات ويهدد استمرارها في سوق العمل. ويقترح الدكتور حمدي عبد العظيم- استغلال الشباب المعفي من التجنيد في العمل بمشروعات التنمية الزراعية واستصلاح الأراضي والمشروعات الصناعية لتحويل هؤلاء الشباب الي قوة إنتاجية مدربة ومؤهلة ولديها خبرة يحتاجها سوق العمل.كما يجب فتح أسواق عمل بالخارج خاصة في دول إعادة الاعمار مثل ليبيا والعراق واليمن وغيرها من الدول ويتم التنسيق مع حكومات هذه الدول للحصول علي نسب جيدة للعمالة المصرية. وتؤكد الدكتورة آية ماهر- أستاذ إدارة الموارد البشرية بالجامعة الألمانية- أنه طبقا لما أعلنته وزارة القوي العاملة والهجرة فإن نسبة المتعطلين عن العمل بلغت13% بواقع3.2 مليون عاطل من الفئة العمرية18 الي29 عاما وهذه النسبة توضح أن91% من قوة الشباب في مصر من العاطلين كما ان أغلبهم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا وخريجي التعليم الفني. وبفحص الموقف الراهن يتضح وجود خلل في تخطيط الموارد البشرية,فهناك قطاعات بها فائض من خريجي كليات التجارة والطب والهندسة وقطاعات أخري تعاني من عجز في خريجي كليات العلوم والبترول والرياضيات, لذلك لابد من النهوض بإدارة الموارد البشرية وتشكيل هيئة قومية تقوم بالتخطيط المركزي للمورد البشري علي مستوي الجمهورية. وتختص هذه الهيئة بالتنسيق بين رئاسة الوزراء والوزارات المعنية وفي المقدمة وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم ووزارة المالية والقطاع الخاص والقطاع المدني في مجال تشغيل الشباب وتدريبهم ورفع مهاراتهم, وكذلك جمع البيانات عن الفائض والاحتياجات المطلوبة في كافة القطاعات وإعداد قواعد بيانات لخريطة الموارد البشرية,وهذه الهيئة لن تكون بديلا لوزارة القوي العاملة وسوف تتبع مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية. أما علي المدي القصير فيمكن علاج مشكلة البطالة من خلال حلول بديلة وسريعة-مسكنات- كما تطلق عليها الدكتورة آية ماهر- ويتمثل الحل الأول في نظام العمل الأليكتروني المعروف بالعمل عن بعد,ولقد لاقي هذا النظام نجاحا في دول العالم المتقدم حيث تحول أكثرمن7 ملايين شخص في أمريكا للعمل عن بعد وفي أوروبا3 ملايين خاصة في قطاعات الاتصالات والمواصلات والدفاع وساهم ذلك في ضغط الأنفاق وزيادة الإنتاجية والحد من البطالة. ولقد أثبتت الدراسات أن أكثر من65% من الشباب و70% من السيدات لديهم رغبة في العمل بهذا النظام, وأكد مؤتمر اتحاد الغرف الأخير علي أن هناك عددا هائلا من العاملين ورجال الأعمال مؤيدين لنظام العمل عن بعد خاصة في القطاعات التي تتشارك مع دول آسيوية وأوروبية, ويجب أن تتولي الحكومة تنظيم هذا العمل ووضع المعايير التي تستهدف زيادة الإنتاجية ووضع النظام في أطار قانوني لضمان حقوق العمالة. والحل الثاني قصير المدي- الكبسولة هو انشاء مكتب لتلقي شكاوي العاملين في القطاع الخاص وخط ساخن للتعامل مع الشكاوي بشكل فوري وموضوعي بوزارة القوي العاملة.