علي مدي ثلاثة أيام شهدت مدينة الإسكندرية مؤتمرا دوليا هاما حول التكنولوجيا وآفاق التنمية المتواصلة في القرن ال21 وهو المؤتمر الذي ناقش عددا من الموضوعات الهامة تنوعت بين مختلف جوانب استخدامات التكنولوجيا كان من بينها التعليم ومواكبة التكنولوجيا في القرن الجديد ومقاييس الجودة الشاملة والمعلومات وتطور التكنولوجيا في مجالات الصناعة والزراعة والكهرباء والطاقة والتجارة والتسويق والسياحة وغيرها من المجالات. وخلال المؤتمر الذي عقد تحت رعاية وزراء الكهرباء والاتصالات والتجارة والصناعة والإسكان والتنمية المحلية والموارد المائية وأمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية ومحافظ الإسكندرية طرح رئيس المؤتمر الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب وأحد أبرز الرموز السياسية والدبلوماسية والثقافية والبرلمانية في مصر رؤية حول دور المؤتمر الذي يحرص علي الانعقاد سنويا لمتابعة التطور التكنولوجي وتأثيره علي كافة مجالات التنمية ومن بينها التعليم.. وأشار الدكتور مصطفي الفقي في كلمته إلي أن الأصل في التكنولوجيا هو توظيف العلم في خدمة الصناعة وإن ندرة المياه وموضوعات الطاقة والبيئة أصبحت من المفردات الحديثة التي تتحدانا وأنه يجب الاعتماد علي التقدم التكنولوجي الذي يعد قضية حاكمة, مؤكدا أن الأمن المائي قضية سياسية. وخلال المؤتمر الذي شاركت فيه العديد من الجهات الدولية والإقليمية والمحلية تمت مناقشة العديد من القضايا ركزت كما تقول الدكتورة سوزان القليني سكرتير عام المؤتمر وأستاذة الإعلام والأمين العام لمركز التعاون الأوروبي العربي علي مجالات التعاون بين هذه الجهات الدولية والإقليمية والمحلية والاستخدامات المتعددة للتكنولوجيا والحكومات الالكترونية وتكنولوجيا بيئية العمل وغيرها. وأضافت الدكتورة سوزان القليني أننا نمر بمرحلة فاصلة في تاريخ المجتمعات والشعوب والدول ولا مكان الآن علي منصة العالم إلا للأقوياء الذين اتخذوا العلم سبيلا والتكنولوجيا سمة علامة.. وفي هذه المرحلة جاء هذا المؤتمر ليقول كلمته الصادقة ويضعنا بصراحة وبلا رتوش أمام مرآة أنفسنا لنشخص الواقع ونقدم روشتة علمية للانطلاق نحو المستقبل وها نحن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام. وتضيف الدكتورة سوزان القليني إن أحد العناصر الأساسية في عملية التطوير حيث لا يتأتي التطوير والتنمية إلا من خلال جودة تواكبها وقد تحدثنا كثيرا عن عمليات التطوير في التعليم وجميعها لم يؤت بالثمار المطلوبة بعد حيث ابتعدت معظمها عن مفاهيم وموازين وقيم وأصول العصر الذي يعتمد علي التطور التكنولوجي والإدارة الحكيمة والتناسق بين جميع أدوات منظومة التعليم التي تشمل أعضاء هيئة التدريس والأماكن المجهزة تكنولوجيا والطلاب هذا هو مثلث الجودة, فالجودة مقياس نري من خلاله الأمور بوضوح في إطار محددات عالمية ومقاييس متفق عليها وحتي نلحق بالتطور العالمي لابد من جودة شاملة في مجال التعليم تقوم علي وعي بأهمية التكنولوجيا واستخداماتها وتوظيفها وكفاءات بشرية معدة إعدادا جيدا تعليميا وتدريبيا لنقف علي المنصة العالمية. وفي قائمة البحوث التي ناقشها المؤتمر توقفت أمام دراسة هامة حول مفهوم تكنولوجيا التعليم في مصر والتي تلقي الضوء علي الفجوة بين المهارات التي يتعلمها خريج الجامعة والمهارات التي تطلبها سوق العمل وهو ما يتطلب ضرورة تطوير تكنولوجيا التعليم بما يحقق التوازن بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وتقدم هذه الدراسة حلا عمليا يطالب بإنشاء كليات متخصصة لتدريب الخريجين لسد تلك الفجوة.. في هذه الدراسة طرح المهندس مجدي القاضي رئيس المعهد الكندي بالقاهرة رؤية هامة تؤكد ضرورة إنشاء كلية لتدريب خريجي الجامعات بعد أن تأكد أنه من الضروري إعداد الخريج الجامعي وتعليمه وتدريبه علي أحدث تكنولوجيا العصر ولأن مشكلة البطالة بين الخريجين تقف حائلا أمام تنفيذ الخطط التنموية واعتراف العديد من الجهات المختلفة في سوق العمل علي أهمية تحسين جودة التعليم نظرا للنقص الهائل في العمالة المدربة تدريبا كافيا حتي تصلح كقاعدة للموارد البشرية. ويحدد المهندس مجدي القاضي محورين أساسيين الأول هو واقع سوق العمل وتحديات البطالة في مصر علي أساس المعلومات الأولية وقوة العمل وبطالة المتعلمين ووجود أزمة التعليم وسوق العمالة والثاني يحدد احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم العالي والإنفاق العام للدولة وعوامل تطوير مخرجات التعليم العالي والمحور الثاني إنشاء كلية لتنمية مهارات الخريجين, وفي المحور الأول تكشف الدراسة عن واقع سوق العمل وتحديات البطالة في مصر من خلال معلومات تتضمن ما يلي: * أن معدل البطالة في مصر طبقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء هو8.8%( الربع الثالث من عام-2008) وارتفعت إلي نسبة9.3% في الربع الثالث من العام الحالي(2009). أن مصر تحتاج إلي نحو650 ألف فرصة عمل جديدة سنويا. * أن البطالة في صفوف المتعلمين تصل إلي10 أضعاف البطالة بين غير المتعلمين. * أن البطالة بين الشباب تمثل أكثر من3 أضعاف المعدل الوطني الآمن. * إن الحصول علي فرصة تعليم تقلل من فرصة العثور علي وظيفة. ووفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء( الكتاب الإحصائي السنوي2008 فإن البطالة بين الشباب في مصر حاليا29% وهي أكثر من ثلاثة أضعاف المعدل الوطني ومن بين2.1 مليون شخص عاطل عن العمل فإن88% منهم تتراوح أعمارهم بين15 و29 عاما ويقترب معدل النمو السنوي في التوظيف إلي10% بما يعني أن الأمر سيستغرق ما يقرب من عقدين من الزمن لمجرد استيعاب طالبي العمل وعلي الرغم من اشتداد المنافسة للدخول إلي سوق العمل فإن المؤهلين من خريجي الجامعات لا يستجيبون لطلب السوق في أغلب القطاعات الاقتصادية( تجارية صناعية زراعية) وأدي التفاوت بين عدد خريجي الجامعات الذين يدخلون إلي سوق العمل وعدد فرص العمل المتوفرة إلي اختلال التوازن في السوق, ومن هنا كان السبب الرئيسي لإنشاء مركز التدريب الصناعي في مصر وهو إحدي الجهات التابعة لوزارة التجارة والصناعة بهدف التنسيق والإشراف علي جميع أنشطة التدريب المهنية والتقنية التي تستهدف تلبية احتياجات السوق المصرية. ووفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء( الكتاب الإحصائي السنوي 2008) فإن التقديرات السنوية للعمالة والبطالة(2000 2008) تحدد أن أكثر من2.1 مليون شخص هم جملة المتعطلين عن العمل بنسبة8.7% من قوة العمل المطلوبة في السوق المصرية ومن بين ال2.1 مليون شخص عاطل عن العمل فإن نسبة31.8% منهم من حملة المؤهلات العليا و نسبة العرض المحتمل إلي الطلب علي خريجي الجامعات هي أكبر من400% وتعد بطالة المتعلمين ظاهرة بارزة المعالم في مصر والوطن العربي, ومن الصعب تجاهلها حيث تشير الدراسات الإحصائية إلي أن من أهم سمات البطالة في مصر هي بطالة المتعلمين ويلاحظ أن نسبة المتعلمين إلي كتلة المتعطلين آخذة في الازدياد وهو ما يعني إهدار طاقات وموارد استثمارية في العملية التعليمية دون أن ينتج عنها عائدا يتمثل في تشغيل هذه الطاقة البشرية لتصبح منتجة وواقع الأمر أنه لا توجد أي صلة بين التعليم الجامعي وفرصة الحصول علي وظيفة مناسبة والكثير من خريجي الجامعات يرغبون في العمل في أي وظيفة متاحة دون الحصول علي التدريب المهني المطلوب وعلي الرغم من العدد الهائل من خريجي الجامعات سنويا فإن الدراسة تكشف عن أن نظام الت عليم المصري لا ينتج حاليا الخريجين ذوي المهارات المتقدمة الكافية لتلبية احتياجات سوق العمل والسبب الواضح في نمو قطاع الخدمات هو الإقبال الكبير من خريجي الجامعات بدلا من قبول حالة البطالة وأن70% من العاملين حديثي التخرج من الجامعات يعملون دون مستوي المهارة المطلوبة للوظيفة ومن بين30% و70% من قوة العمل المصرية تندرج تحت العمالة الناقصة وهي العمالة التي لها مستوي من المهارات المهنية تقل كثيرا عن المستوي المطلوب للوظيفة بسبب النقص الحاد في الجوانب العملية والتدريبات التطبيقية و كثير من الخريجين يرغبون في استكمال دراستهم للحصول علي شهادات دولية معترف بها مثل تلك التي تقدمها مايكروسوفت وأوراكل. ويصل الإنفاق العام علي التعليم في مصر خلال العام الجامعي2008/2007 إلي أكثر من33.6 مليار جنيه بنسبة11.9% من جملة الإنفاق العام في مصر, ووصل الإنفاق العام علي التعليم الجامعي خلال العام2008/2007 بلغ أكثر من9 مليارات جنيه بنسبة26.8% من جملة الإنفاق العام علي التعليم في مصر و إذا كان أعداد خريجي التعليم العالي في مصر يصل إلي416470 خريج خلال العام الحالي2008 هذا يعني أن تكلفة الخريج الواحد تصل إلي ما يقرب من22 ألف جنيه وبربط هذه التكلفة بمعدلات البطالة المعلنة8.7% نجد أن هناك إهدارا كبيرا في الإنفاق العام للدولة. ومن هنا تتأكد ضرورة أهمية تطوير مخرجات التعليم العالي من خلال التعامل مع مجتمع المعلومات والاقتصاد القائم علي المعرفة والاستفادة من ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعرفة, ووضع مصر في مستوي التنافسية الدولية في جميع القطاعات الاقتصادية وبالتالي زيادة معدلات التنمية البشرية وإعداد الخريج بجودة عالية بحيث يكون قادرا علي المنافسة علي الصعيد الإقليمي والدولي والحفاظ علي معدلات التنمية والتطور السريع في ميادين العلم والتكنولوجيا وتنفيذ متطلبات اتفاقية الجات وظهور أنماط جديدة من التعليم خارج الحدود مثل التعليم الإلكتروني والتعليم المفتوح. ويحدد المهندس مجدي القاضي في الدراسة محاور هامة لعلاج مشكلة البطالة من خلال خلق فرص عمل حقيقية لتوسيع القاعدة الإنتاجية بإضافة طاقات إنتاجية جديدة وتشغيل الطاقات الإنتاجية العاطلة من خلال الاستثمارات الجديدة بصفة عامة والاستثمارات المكثفة للعمالة بصفة خاصة ويساهم التدريب بتوفير العمالة المدربة القادرة علي المنافسة في سوق العمل وتعديل سياسات الاستثمار البشري المباشر في التعليم والتدريب والتوظيف والإعلام وغير المباشر سياسات الأجور والتشريعات العمالية وقد تم فعلا إصدار قانون العمل رقم12 لسنة2003 والذي تضمن عددا من المواد التي تنظم عمليات التدريب المهني علي المستوي القومي لمواجهة التحديات وسد الفجوة التدريبية بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم والتدريب والمؤكد أن خريجي الجامعات يحتاجون إلي مهارات إضافية لإعدادهم لسوق العمل وقد اتخذت الحكومة المصرية قرارا بتأسيس مركز تحديث الصناعة الذي يتم تمويله بالاشتراك بين الاتحاد الأوروبي250 مليون دولار وحكومة مصر103 ملايين دولار والقطاع الخاص المصري73 مليون دولار مع ميزانية إجمالية قدرها426 مليون دولار لإيجاد بيئة مفعمة بالحيوية في القطاع الصناعي تكون قادرة علي المنافسة عالميا واتجهت الجمعيات الأهلية الرسمية وغير الرسمية لعلاج القصور المهني والوظيفي لخريجي الجامعات المصرية وأبرز الأمثلة لها جمعية جيل المستقبل و جمعية الرعاية المتكاملة وتسهمان في توفير المهارات اللازمة لخريجي الجامعات في صورة دورات تدريبية وتأهيلية للخريجين. من هنا تؤكد الدراسة أهمية إنشاء كلية متخصصة لتأهيل الخريجين كأحد الحلول المطروحة وبشدة لضمان الدمج بين متطلبات سوق العمل وبين المهارات المتقدمة في خريجي الجامعات وهي كلية تدريب متخصصة تقبل خريجي الجامعات بعد حصولهم علي درجة البكالوريوس ثم اجتياز اختبارات لتحديد المستوي في اللغة الأجنبية ومهارات الحاسب والرياضيات.