مشكلة البطالة والتوقعات المستقبلية لأرقامها توضح ان مصر ستواجه تحد جديد يتمثل في كيفية مواجهة التغييرات الجديدة في سوق العمل وتوفير وظائف تتناسب مع تطلعات الباحثين عن العمل رغم الوضع السائد في سوق العمل الآن من تدني الاجور وضعف الانتاجية, مما يزيد من أهمية التكامل والتنسيق الفعال بين سياسات التشغيل ونظم التعليم والتدريب وجميع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لاستغلال كل الطاقات والقدرات البشرية لمصر في دفع عجلة التنمية وزيادة تنافسية الاقتصاد المصري علي المستوي العالمي. لأهمية هذه القضية اطلق قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة القاهرة تقريرا بمشاركة خبراء دوليين وضع مجموعة من التوصيات حول سياسات التشغيل والحد من البطالة في مصر, دعا القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني إلي تعزيز فرص التشغيل التي تتناسب مع معايير العمل الدولية وضرورة تبادل الخبرات والمعرفة بين كافة اجهزة ومؤسسات الدولة والجهات المانحة والشركاء الدوليين وذلك في خطط السياسات التعليمية وبرامج التدريب المهني والتقني ومتطلبات سوق العمل التي تتماشي مع التوجهات القومية الحالية المتعلقة بمجالي التشغيل والتدريب. وقد استعرض الخبراء انعكاسات موجة الاحتجاجات الفئوية التي تضرب الاقتصاد المصري متوقعا ان يكون لهذة الموجة الجديدة تأثيرات سلبية متباينة لذا طالب التقرير باتخاذ اجراءات فورية للتغلب علي التحديات المتعلقة بالمشاكل الاجتماعية واعباء مطالب رفع الاجور التي فرضتها المرحلة الانتقالية والازمة المالية العالمية وتعليقا علي التقرير قالت الدكتورة هبه نصار نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ان هذا التقرير يرسم سياسات التشغيل المتعلقة بمحاربة البطالة وتلافي اثارها السلبية ضمن ما اقرته المجموعة الوزارية للتشغيل والتدريب برئاسة الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء من برنامج وطني للتشغيل وتفعيل المجلس الأعلي لتنمية وتطوير الموارد البشرية لرسم السياسات القومية للتخطيط وتنمية الموارد البشرية ووضع برنامج قومي شامل لتنميتها بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية. واضافت ان الوضع الراهن في سوق العمل خاصة كيفية الاستفادة من الامكانات البشرية المتاحة في المجتمع المصري هي محور قضية التشغيل في مصر خاصا تشغيل الشباب حيث بلغت معدلات البطالة77.5% بين الشباب من سن15 عاما الي سن29 عاما في2012, علاوة علي ذلك فهناك فجوة نوعية في التوظيف اذ تصل معدلات البطالة بين الاناث ما يقرب من3 امثال معدل البطالة بين الذكور وذلك بتدني نسبة مساهمة الاناث في قوة العمل التي مثلت نحو24% في مقابل9.2% للذكور في عام2012 واوضحت ان مشكلة البطالة في مصر هي بطالة متعلمين حيث يمثل المتعطلون الحاصلون علي شهادات عليا ومتوسطة حوالي85.5% من اجمالي المتعطلين في مصر في عام2012 مما يشير الي اتساع الفجوة بين مؤسسات التعليم وسوق العمل من ناحية وقدرة النظم التعليمية علي اعداد الكوادر المؤهلة التي تتوافق مع احتياجات سوق العمل المحلية والخارجية من ناحية اخري. ونوهت بانه رغم حجم التحديات التي تواجه ملف التوظيف في مصر إلا إن هناك مؤشرات ايجابية ينبغي السعي نحو استثمارها لمواجهة معضلة البطالة حيث تمتلك مصر قاعدة عريضة من القوي العاملة بلغت نحو26.6 مليون نسمه عام2011 كما تتسم القوي العاملة بتعليم جيد حيث يمثل خريجو التعليم المتوسط والعالي ما يقرب من56% من إجمالي القوي العاملة في مصر في2011, كما أن حجم الميزانية المخصصة للتعليم زادت في المتوسط لنحو13% من اجمالي الانفاق العام في الموازنة العامة خلال الفترة من2005 إلي2011 الا ان هذا الانفاق يحتاج الي توظيفه وفق رؤية شاملة لاستراتيجيات طويلة المدي تحقق التوازن بين الإنفاق علي التوسع الكمي في التعليم والجودة في مستوي التعليم من ناحية اخري.