الساحة السياسية في مصر تموج حاليا بتيارات وأحزاب وقوي تملك رؤي مختلفة لمستقبل مصر تنطلق أساسا من مصالحها, وهو أمر مقبول في عالم السياسة ولكنه مقلق في ظل ظروفنا الثورية الحالية. ومصدر القلق هو وجود أطراف داخلية وخارجية تسعي لوقف التحرك المصري نحو الاستقرار ويتحدث بعضها صراحة عن تقسيم مصر لدويلات, ومن الممكن لتلك القوي أن تلعب علي اختلافات الساسة ومصالح الفئات المختلفة لتحقيق مآربها. ولا يخفي علي أي متابع للشأن المصري أن الوضع الداخلي هش للغاية وأن شخصا واحدا يمكنه في أي لحظة إثارة الفوضي والقلاقل عبر تحريض( أولاد الشوارع) ممن لا مأوي لهم علي مهاجمة قوات الأمن وحرق المنشآت كما حدث مؤخرا في منطقة مجلس الوزراء. ويزيد من هشاشة الوضع أن كثيرا من القضايا الرئيسية والحساسة المرتبطة بمستقبل البلاد لم تحسم حتي الآن ومنها علاقة الجيش بالدولة وشكل الدستور الجديد وأوضاع الأقباط وشخص رئيس الجمهورية القادم. ثم تظهر تصريحات من أشخاص يفترض بهم أن يتولوا أمور البلاد تشريعيا علي الأقل تتحدث عن( نحترم الأقباط ولا نحبهم) و(من لا يعجبه يترك البلاد) لتؤكد افتقار النخبة السياسية لبديهيات إدارة شئون الدولة. هذا الوضع المعقد يحتاج لجهة مستقلة تتولي التعامل معه بإدارة حوار جاد وموضوعي بين ممثلي القوي السياسية وصولا لرؤية توافقية تحمي البلاد من الفتن. وهذه الجهة ليست المجلس العسكري لأنه طرف في بعض القضايا وليست الحكومة لأنها محل شك من قبل بعض التيارات, ولذلك نعتقد أن المجلس الاستشاري هو الأنسب خاصة وأن رئيسه منصور حسن يتمتع بخبرة واسعة وسمعة طيبة تؤهله لذلك. نعلم أن المجلس له مسئوليات أخري لا تتضمن إجراء حوارات مع التيارات المختلفة, ولكن ما المانع في تجاوز الشكليات حرصا علي مصالح الوطن, حتي ولو تم الحوار بجهد شخصي من رئيس المجلس وبشكل غير رسمي. وأعتقد أن كلا حريص علي مصلحة مصر لن يرفض المشاركة في مثل هذا الحوار أما الرافضون فعليهم تحمل مسئولية المخاطر التي قد تتعرض لها البلاد أمام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ. [email protected] المزيد من أعمدة سامح عبد الله