مجلس رئاسة مدني من الطبيعي أن تشهد الساحة في مصر حاليا بعض الآراء السياسية الضحلة والساذجة لأن عددا كبيرا من القيادات الثورية المنتشرة في شوارع مصر في الوقت الحالي غير مؤهل سياسيا ويظنون أن نجاحهم في الإطاحة بالنظام السابق يكفي لامتلاك الحكمة اللازمة لتشكيل مستقبل مصر, والحديث عن مجلس رئاسي مدني انتقالي مكون من شخصيات عامة يعد مثالا بارزا في هذا الإطار, لأن من يطرحون الفكرة لا يدركون المشاكل المرتبطة بها والنابعة أساسا من افتقارنا للوعي السياسي. أولا: من سيكون له الحق في اختيار تلك الشخصيات؟ وماذا لو رفض فصيل سياسي أو ائتلاف ثوري وهم ماشاء الله بالمئات التشكيل المقترح وقرر الاعتصام في ميدان التحرير حتي تتم الاستجابة لمطالبه وعزل شخص ما أو إضافة شخص آخر للمجلس؟ ستكون النتيجة.. دوامة جديدة من عدم الاستقرار. ثانيا: من هي الشخصيات التي ستشكل المجلس وهل سينتمون لتيار سياسي واحد أم عدة تيارات؟ لو كانوا من تيار واحد فستعترض باقي التيارات, ولو كانوا من تيارات مختلفة فلنا أن نتخيل عملية اتخاذ أي قرار من مجموعة رئاسية تضم سلفيا وإخوانيا ويساريا ووفديا وناصريا. هل يمكن أن يتفقوا علي قرار واحد؟ أو لن يحاول بعض منهم اصدار قرارات تهيئ الساحة لصالح تياره السياسية, دون النظر لمصلحة البلاد؟ وماذا لو رفض أحد أعضاء المجلس قرارا صدر بالأغلبية فقرر اللجوء لأنصاره وطالبهم بالنزول للشارع لفرض رأيه بالقوة؟ وما تأثير ذلك علي استقرار البلاد؟ نحن شعب لم يتعلم بعد كيفية إجراء حوار منطقي والقبول بالرأي الآخر, وبالتالي فالمجلس العسكري الذي يمثل المؤسسة الوحيدة المتماسكة في مصر, هو الجهة الوحيدة المؤهلة لقيادة العملية السياسية حاليا ومن يدعو لغير ذلك يثير من المشاكل ما لانطيقه الآن. من الوارد أن يختلف فصيل سياسي مع بعض قرارات المجلس أو يطالب فصيل آخر بالإسراع في تنفيذ خطوات معينة, ومن الضروري فتح قنوات للحوار معه لأن مستقبل مصر ملك لنا جميعا, أما محاولات النيل من صمام الأمن الوحيد لهذا المجتمع فخط أحمر ولابد أن يواجه بكل حسم. [email protected] المزيد من أعمدة سامح عبد الله