ستظل مشكلة الدروس الخصوصية لغزا يستعصي علي الحل, خاصة أن الجميع يهاجمونها ومع ذلك فإن الغالبية العظمي من الطلبة يلجأون إليها برغم ماتكبده لهم من اعباء لأنه لم يتم القضاء حتي الآن علي المسببات التي أدت إلي اضطرارهم لها ورغم أهمية ماتناوله وزير التربية والتعليم منذ أيام من أن الوزارة بصدد مواجهة هذه الظاهرة من خلال تطوير المناهج الدراسية وتغيير نظم تقويم الامتحانات وتفعيل دور مديري المدارس ودور مجالس الأمناء والآباء, فإن ذلك لايكفي وحده للقضاء علي الظاهرة لأن هناك أسبابا أخري مختلفة أدت إلي انتشارها, بعضها يتعلق بالمؤسسة التعليمية, وبعضها الآخر يتعلق بالمعلم مثل ارتفاع كثافة الفصول وعدم الإقبال علي الكتاب المدرسي وعدم قدرة الجامعات الحكومية علي استيعاب طلبة الثانوية العامة الراغبين في الالتحاق بكلياتها. وفيما يتعلق بالمعلمين فإنه برغم صدور كادر جديد لهم بالإضافة إلي مكافأة الامتحانات السنوية التي رفعت دخولهم, فإن ذلك لم يحقق طموحاتهم في دخل يقترب من دخلهم من الدروس الخصوصية لاعتقادهم أن من حقهم ان يستثمروا خبراتهم في العمل الخاص شأنهم شأن أطباء المستشفيات الحكومية الذين يعملون مساء في عياداتهم الخاصة, كما أن بعض المعلمين لايبذلون أقصي جهدهم في الفصل المدرسي مدخرين طاقتهم وخبرتهم للدروس الخصوصية التي يحصلون علي مقابلها المادي فورا, كما يلجأ بعضهم الآخر إلي الترويج لمقولة صعوبة الامتحانات أو ادعاء أن اسئلة الامتحان من خارج المقرر الدراسي لإيجاد طلب مفتعل لدي عامة الطلاب إلي تعاطي الدروس الخصوصية. ومن ناحية أخري فقد تلاحظ أن هناك ارتباطا بين انتشار المقاهي والكافيهات التي تستقبل الفضائيات التي تعرض برامج وأفلاما مثيرة وبين تغيب التلاميذ عن المدرسة اعتمادا علي أنهم سيعوضون مافاتهم من دروس بالمدرسة علي أيدي المدرس الخصوصي, كما أن هناك علاقة وثيقة ايضا بين فتح أوكار ومراكز الدروس الخصوصية طوال النهار وتغيب التلاميذ عن المدرسة. وفي السياق نفسه فإن كثيرين من الناجحين والمتفوقين في الثانوية العامة يعترفون بأنهم أخذوا الدروس الخصوصية لفائدتها, وهو مايؤكد أنها مازالت تشكل جزءا محوريا من العملية التعليمية مما يستخلص منه أن المعلم ليس الجاني الوحيد المسئول عن استشراء هذه الظاهرة لأنه يعطي الدروس الخصوصية لسد حاجة ملحة لدي التلاميذ لم تستطع المدرسة أن توفرها لهم. وإذا كانت وزارة التربية والتعليم بصدد إصدار قانون جديد للتعليم بجميع مراحله فإنه من الضروري تدارك ماسبق من سلبيات تتعلق بالمؤسسة التعليمية وبالمعلم وبالتنسيق مع كل مؤسسات الدولة المعنية والمتابعة الدقيقة لمدي الالتزام بما يقرره القانون المقترح وسيظل الاعتقاد سائدا بأن الدروس الخصوصية شر لابد منه إلي أن تزال مسبباتها. فؤاد جاد المدير العام بوزارة الداخلية سابقا