عقب اتمام صفقة الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل لاحت في الأفق معالم صفقة جديدة بين المخابرات المصرية واسرائيل, من خلال مبادلة الجاسوس عودة ترابين بعدد من المسجونين المصريين في السجون الإسرائيلية. خاصة مع طلب الجانب الإسرائيلي الافراج عن ترابين لأكثر من مرة, إلا أن الجانب المصري يسعي إلي تحقيق أكبر مكاسب من وراء تنفيذ هذه الصفقة, وما سبقتها من صفقات تبادل الأسري مع تل أبيب. مصدر أمني رفيع المستوي أكد لالأهرام أن الجانب الإسرائيلي كان قد طلب من السلطات المصرية الافراج عن الجاسوس عودة ترابين ضمن صفقة الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل, إلا أن طلب الجانب الإسرائيلي قوبل بالرفض من السلطات المصرية, وكشف المصدر أن اسرائيل لم تتقدم حتي الآن بطلب رسمي للإفراج عن ترابين مقابل تسليم عدد من السجناء المصريين في السجون الإسرائيلية, وفي حالة التقدم بطلب رسمي لتسليم الجاسوس فمن المنتظر أن تتقدم مصر بحزمة من الطلبات في مقابل إتمام الصفقة, خاصة فيما يتعلق بشأن وجود نحو56 مصريا في السجون الإسرائيلية.. وقال المصدر إن صفقة تبادل عودة ترابين تختلف عن الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل, لأن الأخير لم يكن صدر في حقه حكم قضائي بالسجن, بينما ترابين يقضي عقوبة السجن لمدة15 عاما في مصر, بموجب حكم صدر بحقه عام1999 بعد إدانته بتهمة نقل معلومات عسكرية لاسرائيل. وأضاف أنه في حالة التوصل إلي اتفاق بين الجانبين المصري والإسرائيلي في هذا الشأن, سيتم تبادل الجاسوس بالأسري المصريين عن طريق الاتصال المباشر بين الجانبين, وتحديد أسلوب وتوقيت المبادلة, وسيعود إلي إسرائيل لحصوله علي الجنسية الإسرائيلية, كما سيتم الإعلان عن تفاصيل الصفقة كاملة أمام الرأي العام المصري كما حدث في صفقة الجاسوس الإسرائيلي الأخيرة. ونفي المصدر كل ما تداولته بعض وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة حول البدء في تنفيذ الصفقة, والإعداد لها حاليا بالإفراج عن الجاسوس مقابل الإفراج عن60 مصريا, وأشار المصدر إلي عدم صحة ما تناقلته الإذاعة العامة الإسرائيلية, بأنه سيتم في خلال الأيام القليلة المقبلة الإفراج عن عودة ترابين. وأكد المصدر أن الجانب المصري يضع مصلحة مصر وأبنائها في المقدمة, وهو ما تم تنفيذه في الصفقة الأخيرة وعودة25 مصريا من المعتقلين في السجون الإسرائيلية, وفكرة تبادل أي متهم أو محكوم عليه بمواطنين مصريين في سجون إسرائيل فهو أمر قابل للنقاش والتفاوض, ولا مانع من إتمام أي صفقة من هذا النوع اذا كانت تصب في مصلحة مصر وأبنائها بالخارج. الجاسوس..الأب والابن لكن.. من هو عودة ترابين ؟ ولماذا تطالب إسرائيل بتسليمه؟! اللواء سامح سيف اليزل الخبير الإستراتيجي يقول: الجاسوس الإسرائيلي ينتمي لقبيلة الترابين التي ينتشر أفرادها في صحراء النقب وسيناء والعقبة, وتتألف إداريا من عشرين عشيرة يصل تعدادها إلي65 ألف نسمة, ولهم الأراضي الواقعة بين الحناجرة وسيناء, وتحيط بهم قبيلة العزازمة من الشرق, والتياها من الشمال, وتعد الترابين القبيلة الأكثر قوة في النقب والأشهر في سيناء. ويضيف سيف اليزل: اعتاد أفراد الترابين التجوال بحرية لرعاية أغنامهم بين صحراء النقب وسيناء.. وفي سنة1951 أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي أمرا بمنع الأب سليمان ترابين من الإقامة في صحراء النقب.. وتم ترحيله إلي شمال سيناء.. واستقر فيها وكون عائلة مع زوجته( حربا).. والتي أنجبت له عشرة أبناء كان عودة الابن الأكبر فيهم, و بعد حرب يونيو67 واحتلال الجيش الإسرائيلي لسيناء قام جنرالاته بتجنيد سليمان( الأب).. حيث كان يقوم بتحري تحركات خلايا المقاومة الوطنية للاحتلال الإسرائيلي.. وبعمالته أضر بالكثير من أبناء سيناء الوطنيين.. وأطلق عليه جنرالات الجيش الإسرائيلي صفة( البدوي الكريم) لما قدم لهم من خدمات في مجال العمالة والتجسس. الهروب إلي تل أبيب وفي عام1990 وتحديدا في شهر يناير, تمكن سليمان وعائلته من الهروب إلي إسرائيل.. فقد أصدرت المحكمة المصرية حكما عليه بالسجن خمسة وعشرين عاما.. وقامت إسرائيل بتوطين( سليمان) وأبنائه في مدينة رهط بصحراء النقب.. والحاق الأبناء بالمدارس الإسرائيلية وذلك بعد منحهم الجنسية الإسرائيلية.. وعندما كبرت ابنتاه اهتم الأب سليمان بالبحث عن أزواج لهما من أبناء قبيلة الترابين في العريش.. واستقرت الابنتان في المدينة.. لكنه لم يجرؤ علي زيارتهما وقد صدر ضده حكم بالسجن, في سنة1999 كان عودة في ذلك الوقت قد أنهي دراسته الثانوية في( رهط) وتشرب بالخيانة من والده سليمان, فقرر المجازفة بعبور الحدود إلي سيناء من خلال الدروب الالتفافية التي لا يعرفها غيرهم, إلا أن المخابرات المصرية كانت تراقب تحركاته إلي أن دخل منزل شقيقته.. وألقي القبض عليه, وفي مركز الشرطة بالعريش تم التحفظ علي ما كان معه من دولارات مزيفة وعملات نقدية إسرائيلية وجهاز اتصال.. ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخباره ولم تستدل عائلته عن مكانه. مواطن إسرائيلي بعد أربعة أعوام علي اختفائه علمت عائلته في إسرائيل من أحد أبناء قبيلة ترابين الذي أطلق سراحه من سجن الإسكندرية أنه التقي ب عودة في السجن.. وقد تم ترحيله إليه من سجن بورسعيد.. وفي السجن أكد( عودة ترابين) أنه مواطن إسرائيلي, وطلب من إدارة السجن إبلاغ القنصلية الإسرائيلية بالقاهرة بمكان اعتقاله.. وتوجه السفير الإسرائيلي بالقاهرة آنذاك( شالوم كوهين) للسلطات المصرية بطلب إطلاعه علي تفاصيل القضية.. وكان الرد البديهي من السلطات المصرية أن( عودة سليمان) مواطن مصري يخضع للقوانين المصرية.. والأوراق والمستندات الرسمية الخاصة به تثبت أنه مصري من مواليد مدينة العريش, وأنه يدعي عكس ذلك للإفلات من العقوبة, و اعترف سليمان ترابين ابن عم عودة في التحقيقات أن الأخير أثناء إحدي زياراته لشقيقته صابحة في العريش حاول تجنيده للعمل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية, وذلك بتتبع أخبار التحركات العسكرية المصرية في سيناء علي أن يكون عودة حلقة الوصل بينه وبين أجهزة المخابرات الإسرائيلية.. ولجأ ابن العم سليمان إلي السلطات المصرية, والتي قامت بدورها بمراقبة الجاسوس عودة في تحركاته وعمليات تسلله إلي سيناء عبر الدروب السرية الالتفافية إلي أن ألقي القبض عليه في منزل شقيقته صابحة في العريش, وقد أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها عليه بالسجن خمسة عشر عاما بعد توافر أدلة تدينه بالتجسس لمصلحة إسرائيل, ومحاولته تجنيد أحد أبناء عمومته من العريش للتجسس لإسرائيل, وفي حديث أجرته صحيفة يديعوت الإسرائيلية مع الأب الخائن سليمان.. وفيه سئل عما يطلبه من السلطات المصرية؟ قال( اكتبوا أني مواطن إسرائيلي.. ولا أريد جمايل من المصريين.. مارسوا ضغوطكم عليهم واحضروا ابني.. لو كان درزيا أو إسرائيليا يهوديا لما ترك يتعفن في سجن ليمان طره عند المصريين).
