عملية مخاض كبير تشهدها منطقة الشرق الأوسط حاليا.. خياران يلوحان في الأفق.. إما السير بخطي بطيئة متعثرة أحيانا كثيرة نحو التسوية السلمية في نهاية الأمر. مهما كانت العراقيل والحواجز المتعددة التي تصنعها حكومة بنيامين نيتانياهو كل يوم في اسرائيل وتغاضي الطرف العربي لبعض الوقت عن تلك الممارسات ولكن الي مالا نهاية مع التمسك لآخر فرصة بأمل السلام بدليل التعاطي مع وصفة الادارة الأمريكية بشأن مفاوضات غير مباشرة لمدة أربعة أشهر. وتعهد عراب السلام الجديد جورج ميتشل بانجاحها والدفع بها مهما كان حجم وشكل التحديات والعراقيل الاسرائيلية والتي كان آخرها قرار اقامة وبناء1600 وحدة استيطانية في القدسالشرقية والضفة الغربية. وإما السير نحو الخيار الثاني والذي يروج له صقور اليمين المتطرف في حكومة نيتانياهو الائتلافية حاليا, والذي يتحور حول قرع طبول الحرب الشاملة في المنطقة ابتداء من ايران بسبب تنامي برنامجها النووي لتطال وتشمل حزب الله في جنوب لبنان باعتباره أبرز الأذرع الطولي لايران مرورا بسوريا التي تقود محور المخالفة ورأس الحربة القادمة في أي مواجهة مع تل أبيب حيث تلاقت مؤخرا مواقف ورؤي واستراتيجيات هذه الأطراف الثلاثة علي نهج وهدف أنها ستكون الحرب الشاملة وربما آخر الحروب في الشرق الأوسط كما فهم في الرسائل السياسية والعسكرية التي خرجت بها قمة دمشق الثلاثية أخيرا بين الرئيسين أحمدي نجاد وبشار الأسد, وبمشاركة حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله. وحسب رؤية العديد من المراقبين فان مهمة انقاذ عملية السلام عبر وصفة مفاوضات الأربعة أشهر لن يكتب لها النجاح لاعتبارات عدة ابرزها تخلي الولاياتالمتحدةالأمريكية عن قوة الضغط والدفع في اتجاه اجبار اسرائيل علي التخلي عن سياسات التصعيد والمراوغة تلك التي التزم بها الرئيس باراك أوباما في خطابه الفريد في جامعة القاهرة وتعهداته باقامة الدولة الفلسطينية في أقرب وقت ووقف الاستيطان, ورفع الحصار وحياة الظلم عن سكان غزة وفلسطينيي الأراضي المحتلة وتوفير سبل الحياة الكريمة العادلة لهم. ناهيك عن محاولات الضغط التي قامت بها حكومة نيتانياهو واستغلال قوة وحضور اللوبي اليهودي في الكونجرس ومطبخ الادارة الأمريكية لعرقلة ووأد جهود الادارة ودورها طيلة الأشهر الماضية وهذا مانجحوا فيه بالفعل, حيث وجدنا سقف الطموحات الأمريكية بشأن سلام الشرق الأوسط يهبط من تعهدات الدولة الفلسطينية خلال عامين الي مفاوضات غير مباشرة وتراجع الاهتمام بقضايا الحدود والأمن ووقف الاستيطان الي تعهدات جو بايدن في تل أبيب وبمعية نيتانياهو وشيمون بيريز الرئيس الاسرائيلي بأن أمريكا لن تتخلي عن اسرائيل, ولن تقبل بممارسة اي ضغوط واستحقاقات السلام عليها. وربما كان متعمدا ذلك التقرير الخطير الذي تعمدت تل أبيب نشره عشية وصول جورج ميتشل وجو بايدن الي المنطقة وكشفت فيه الخارجية الاسرائيلية صراحة أن تعهدات وحضور الادارة الأمريكية وانضمامها في سلام الشرق الأوسط قد تراجع ووصل الي أدني سلم الأولويات الأمريكية حاليا حيث أن اهتمام ادارة أوباما بات مركزا علي جوهر وصميم انتخابات الكونجرس الأمريكي وتحرير برنامج الرعاية الصحية والبحث عن حلول خلاقة لتداعيات الأزمة الاقتصادية الدولية التي ضربت الولاياتالمتحدة ضمن دول عدة في العالم ولم تتعاف منها واشنطن بعد. وباتت قضيتا إقامة الدولة الفلسطينية والانسحاب الاسرائيلي خارج التداول في القاموس السياسي الاسرائيلي ناهيك حاليا عن أن اي حكومة في اسرائيل ليست متشجعة أو علي استعداد للالتفات أو التعاطي مع جهود السلام قبل الانتهاء من سيناريوهات البرنامج النووي الايراني, باعتبار أن طهران باتت العدو الأول والمصدر الأكبر لأمن وأصل بقاء الدولة اليهودية. وفي ضوء تعقد هذا المشهد في الشرق الأوسط وتصميم حكومة أحمدي نجاد علي المضي قدما في اقامة وسرعة اكتمال البرنامج النووي وامتلاك القنبلة الذرية في النهاية فان نذر المواجهة لابد أنها قادمة خاصة بعد تيقن اسرائيل والغرب لسياسة شراء الوقت التي تنتهجها ايران طيلة العامين الماضيين بدقة مع الغرب وصولا الي مزيد من دورات التخصيب النووي باعتبار أن الوقت في صالحها. ومن أجل تدشين سيناريو قرع طبول الحرب هذه بات يفهم سر تعدد كثرة المناورات العسكرية الاسرائيلية من عهد حكومة نيتانياهو والذي فاق سبعة أضعاف المناورات التي أجرتها حكومة أولمرت فضلا عن التهديدات الخشنة علي مدار الساعة بان ساعة المواجهة بين طهران وتل أبيب باتت تقترب اكثر من أي وقت مضي وتزيد بان اسرائيل لن تقبل بأي حال من الأحوال مهما كلفها الأمر بامتلاك ايران سلاحا نوويا أو الوصول الي حلم القنبلة الذرية وبالتالي جاهزية تل أبيب في انتظار الضوء الأخضر الأمريكي. وفي المقابل ترد ايران نحن جاهزون وجبهات لبنان وسوريا وفيصلا حماس والجهاد في غزة اصابعهم علي الزناد الآن. وفي ضوء تشابك هذا المشهد الايراني الاسرائيلي هل تؤجج تل أبيب نيران الحرب الشاملة بالفعل هذا العام أو تسارع حكومة اليمين وتفعلها مثل كل حكومات اليمين التي صنعت السلام مع مصر والأردن وتحقق السلام مع السلطات الفلسطينية وسوريا وتنتزع فتيل الحرب وصواعق التفجير؟ الاجابة لدي الاسرائيليين وفي ادراج نيتانياهو وباراك.