في بداية العام الحالي (2010)، كان قد بدا أن التسوية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين قد وصلت إلي طريق مسدود، لكن لم يكد يمضي شهر واحد تقريبا، حتي ظهرت فكرة جديدة هي «محادثات التقريب» (Proximity talks). التي أطلق عليها إعلاميا، في ذلك الوقت، المفاوضات غير المباشرة، وتطورت الاتصالات بشكل سريع خلال الشهور التالية، ليتم عقد القمة الخماسية في العاصمة الأمريكية«واشنطن» يوم 2 سبتمبر 2010، قبل أن تصل العملية كلها إلي شرم الشيخ في مصر، حيث تبدأ المفاوضات المباشرة اليوم، فماذا جرى خلال الشهور الستة الماضية؟ وقد نشرت «الأهرام» يومى 26 و 27 أغسطس الماضي، ما سمته «وثيقة عريقات» التي تضمنت تفاصيل آخر جولات التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية، والتي دارت في الأساس حول تفاهم ديسمبر 2008 بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت. وعقب النشر مباشرة، تم الحصول علي تفاصيل أخرى تتعلق بما يجري حاليا، استنادا إلى إفادات د. صائب عريقات أيضا، لدائرة شئون المفاوضات، بمنظمة التحرير الفلسطينية. وتنشر «الأهرام» فى هذا التقرير، أهم ماجاء فيها من وقائع، فربما يوضح ذلك ماسيتم التفاوض حوله بالضبط بين الفلسطينيين وإسرائيل مباشرة. أولاً: ما الذي كانت تعنيه المحادثات التقريبية (Proximity talks): بداية، فإن المفاهيم هنا مهمة، والتعهدات مهمة كذلك، فالمُحادثات التقريبية، التي اقترحتها الإدارة الأمريكية في بداية عام 2010، ليست مُحادثات غير مُباشرة (Indirect talks)، إذ أنها «تعني أن يقوم طرف ثالث بموافقة أطراف الصراع بالاجتماع بهما أو بهم (أكثر من طرفين)، كل علي حدة، يسمع منهم ، يحصل علي مواقفهم، يُسهل بينهم، قد ينقل أو لا ينقُل للطرف الآخر ما يسمعه من الطرف الأول، وقد يكون ناقلاً، وسيطاً أو مُحكماً، وقد يطرح أفكاراً لجسر الهوة، دون موافقة أطراف الصراع». أما المُحادثات غير المُباشرة، فإنها تعني: «قيام وسيط بالتنقُل بين طرفي صراع أو أكثر ، يقوم خلالها بنقل ما يسمعه حرفياً من طرف إلي آخر، وتكون هذه الوساطة بموافقة الأطراف، وتنتهي إذا ما قرر طرف وقفها، ولا يستطيع الوسيط طرح أفكار لجسر الهوة إلا بموافقة الأطراف». وكانت الإدارة الأمريكية قد حددت دورها، في رسالة بعثتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للرئيس محمود عباس في 18/2/2010، جاء فيها: «إن قضايا البحث سوف تشمل جميع قضايا الوضع النهائي: القدس، الحدود، المستوطنات، اللاجئين، المياه، الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين. وبشأن السقف الزمني فيجب إتمام المُحادثات حول جميع القضايا بما لا يتجاوز 24 شهراً». وأضافت الرسالة: «أما بخصوص ما سوف تقوم به الإدارة الأمريكية، فإن إدارة الرئيس أوباما سوف تُمارس دوراً نشيطاً ومستمراً في المُحادثات التقريبية، بالإضافة إلي إيصال الرسائل بين الطرفين وطرح أفكار لجسر الهوة (Bridging Proposals). دولة فلسطينية مستقلة إن تلك الرسالة أكدت أن مرجعية مُحادثات التقريب تشمل: «إقامة دولة فلسطينية مُستقلة وديمقراطية قابلة للحياة، تعيش جنباً إلي جنب في أمن وسلام مع دولة إسرائيل وبقية جيرانها. وستؤدي التسوية إلي حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وذلك استناداً إلي الأسس التي أرساها مؤتمر مدريد للسلام وإلي مبدأ الأرض مُقابل السلام، وإلي قرارات مجلس الأمن «242» و «338» و«1397»، وإلي الاتفاقات التي توصل إليها الطرفان سابقاً، وإلي مُبادرة السلام التي أُقرت في قمة بيروت عام 2002، والداعية إلي قبول إسرائيل جارة تعيش بأمن وسلام في إطار تسوية شاملة علي جميع المسارات وبما يشمل المسارين السوري واللبناني مع إسرائيل». في هذا الإطار، وافقت اللجنة التنفيذية لمُنظمة التحرير الفلسطينية في مطلع مارس 2010 علي المُشاركة في المُحادثات التقريبية. كما أوصي وزراء خارجية مُبادرة السلام العربية في اجتماعهم يوم 2 مارس 2010، القيادة الفلسطينية بقبول المُشاركة في المُحادثات التقريبية عبر الإدارة الأمريكية. إلا أن كل شيءٍ تعطل عندما طرحت الحكومة الإسرائيلية عطاءات لبناء 1600 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنة راموت شلومو. وجرت مُحادثات مُكثفة مع الجانب الأمريكي، طالب خلالها محمود عباس الإدارة الأمريكية بالتعهد بمنع البناء في راموت شلومو وامتناع إسرائيل عن طرح عطاءات جديدة للاستيطان في القدسالشرقية وباقي أرجاء الضفة الغربية، ووقف هدم البيوت ومصادرة الأراضي وتهجير السكان. تعهدات أمريكية جديدة ثانيا: رسالة أوباما إلي عباس في أبريل 2010: في 21 أبريل 2010، وصل السفير ديفيد هيل يُرافقه عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي دانيال شابيرو والقنصل الأمريكي العام دانيال روبنستين، والتقوا بالرئيس محمود عباس في عمان، وقاموا بتسليمه رسالة من الرئيس أوباما جاء فيها: «لقد أبدي الرئيس أوباما علي مدي الأسابيع الماضية، استعداده لعمل وقول كل ما هو ضروري لتحقيق هدف حل الدولتين. وفيما يتعلق بقرار الحكومة الإسرائيلية البناء في مستوطنة راموت شلومو، تعهدت الحكومة الإسرائيلية لنا بعدم البناء من أي نوع وبما يشمل البني التحتية علي مدي ال24 شهراً المُخصصة لمُحادثات الوضع النهائي. ونحن علي استعداد لتقديم التزام خاص بأنه إذا ما قام أي من الطرفين بأعمال تقوض الثقة بشكل جدي خلال المُحادثات التقريبية، سوف نرد بخطوات مُحددة أو تعديلات في سياستنا لتحميل ذلك الطرف المسئولية». كان التقييم الفلسطيني هو أنه «لم تُقدم أي إدارة أمريكية سابقة التزاماً كهذا من قبل، ومقياسنا للأعمال التي تقوض الثقة بشكل جدي من قبل الجانب الإسرائيلي إصدار عطاءات للبناء في القدسالشرقية أو أعمال استفزازية مُماثلة». وعلي ضوء هذه الرسالة، طلب الرئيس محمود عباس من الجامعة العربية عقد اجتماع علي المستوي الوزاري للجنة مُتابعة مُبادرة السلام العربية. وقد انعقدت اللجنة يوم 1/5/2010، بمقر الأمانة العامة، ومما جاء في البيان الذي صدر عن هذا الاجتماع: إعادة التأكيد علي أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المُباشرة تتطلب الوقف الكامل للاستيطان في جميع الأراضي الفلسطينية المُحتلة منذُ عام 1967، بما في ذلك القدسالشرقية. الرفض القاطع لأي مُحاولات جزئية أو مرحلية بما في ذلك اقتراح الدولة ذات الحدود المؤقتة». وأضاف البيان أنه: «علي ضوء التعهدات الأمريكيةالجديدة.. ورغم عدم الاقتناع بجدية الجانب الإسرائيلي في تحقيق السلام، تؤكد اللجنة علي الإطار الزمني المُتفق عليه بشأن المُهلة الزمنية للمُحادثات التقريبية، علي ألا تنتقل المُباحثات التقريبية إلي مُفاوضات مُباشرة انتقالاً تلقائياً»، ووافق الوزراء العرب علي إعطاء فرصة لإدارة الرئيس أوباما حتي شهر سبتمبر 2010. كما اتخذت اللجنة التنفيذية لمُنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة »فتح » في اجتماع مُشترك يوم 8/5/2010 ، قراراً بالموافقة علي البدء في المُحادثات التقريبية وذلك علي ضوء التعهُدات الأمريكية. مرجعيات عملية السلام ثالثا: الجولات الثماني للمُحادثات التقريبية من مايو إلي يوليو 2010: بعد قرار القيادة الفلسطينية بالموافقة علي البدء في المُحادثات التقريبية، التقي الرئيس محمود عباس مع المبعوث الأمريكي لعملية السلام مساء يوم السبت 8/5/2010، حيث أعلن رسمياً عن بدء المُحادثات التقريبية. وعاد السيناتور ميتشيل والتقي الرئيس عباس يوم 9/5/2010، حيث قام أبو مازن بتحديد المواقف الفلسطينية عبر رسالة خطية طويلة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، تضمنت جميع التفاصيل المتصورة كأسس للمحادثات. لقد ثبت الرئيس عباس، في رسالته، جميع المواقف الفلسطينية، وخاصة ما يتعلق بمرجعيات عملية السلام، وجميع قضايا الوضع النهائي والسقف الزمني الذي حُدد لكل المواضيع النهائية بأربعة وعشرين شهراً، ولمسألتي الحدود والأمن بأربعة أشهر، إضافة إلي التعهُد بعدم البناء في مستوطنة راموت شلومو، وعدم طرح عطاءات جديدة في القدس وباقي أرجاء الضفة وعدم هدم البيوت أو تهجير السكان أو أي أعمال استفزازية من شأنها الإضرار بالمُحادثات التقريبية وذَكرت الرسالة بالتفاهم الذي تم بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني برعاية وزيرة الخارجية الأمريكية كوندواليزا رايس في 30 يوليو 2008. واختتم أبو مازن الرسالة بوضع قواعد الانتقال من المُحادثات التقريبية إلي المُحادثات المُباشرة، بما يتواءم مع القرارات التي صدرت عن وزراء الخارجية العرب. وتم الاتفاق في الجولة الأولي علي عدد من النقاط أهمها: أن يقوم السيناتور ميتشيل بالإدلاء ببيان بعد كل جولة نيابة عن الطرفين وبالاتفاق معهما. أن يُحافظ علي سرية الاجتماعات بشكل مُطلق. ألا يكون هناك لجان فرعية في هذه المُحادثات، والتركيبة تكون محمود عباس وفريقه، وأن يقوم د.صائب ووحدة دعم المفاوضات (NSU) بتقديم أي توضيحات أو وثائق إضافة إلي الإجابة علي أسئلة الجانب الأمريكي وشرح أي مفاهيم لميتشيل وفريقه. في الجولة الأولي قدم الرئيس عباس للسيناتور ميتشيل ورقة مفهوم فلسطينية للأرض (Territory)، وذلك استناداً إلي تفاهم رايس 2008، وما قدمه أبو مازن لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، مع خارطة (اعتماد حدود الرابع من يونيو عام 1967، وبما يشمل: القدسالشرقية، المناطق الحرام، غور الأردن، البحر الميت، الرابط الجغرافي بين الضفة وغزة، قطاع غزة، والمياه الإقليمية في البحر المتوسط، والأجواء)، مع تبادل بالقيمة والمثل بنسبة 1.9%. كما قدم الرئيس أبو مازن ورقة مفهوم فلسطينية حول الأمن استناداً إلي المبادئ التي تم الاتفاق حولها مع الجنرال جيم جونز في نوفمبر 2008. وجوب إحداث تقدم عُقدت بعد ذلك سبع جولات من المُحادثات التقريبية مع ميتشيل وفريقه من ناحية وأبو مازن وفريقه من الناحية الأخري، كان من ضمنها لقاء في واشنطن أثناء زيارة الرئيس الرسمية لأمريكا في شهر يونيو، وكان آخرها اللقاء الذي تم يوم السبت 17/7/2010. خلال هذه الجولات طلب ميتشيل من الجانب الفلسطيني تقديم المواقف الفلسطينية في جميع مواضيع الوضع النهائي وبالفعل تم تقديم المواقف الفلسطينية، إضافة إلي الحدود والأمن، وحول القدس، اللاجئين، المياه، الأسري والأشخاص المفقودين وجثث الشهداء والتعويضات عن الاحتلال، كما تمت الإجابة علي جميع الاستفسارات التي طرحها ميتشيل وفريقه. هنا، لا بد من الإشارة إلي بيان صدر في واشنطن يوم 9/5/2010 جاء فيه أنه: «غادر السيناتور ميتشيل منطقة الشرق الأوسط، بعد استكمال الجولة الأولي من المُحادثات التقريبية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي». «كما أعلمنا الطرفين، أنه في حالة قيام أي طرف بأفعال كبيرة (Significant Actions) خلال مُحادثات التقريب، والتي سنحكم عليها بأنها تُهدد المُحادثات التقريبية بشكل جدي، فإننا سنقوم بتحميل هذا الطرف المسئولية». لقد أشار البيان إلي عبارة مهمة وهي أن: «السيناتور ميتشيل أكد أهمية إحداث تقدم في المُحادثات التقريبية لتمكين الطرفين من الانتقال إلي مُحادثات مُباشرة سينتج عنها تحقيق الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي». وكان واضحاً أن الاتفاق الفلسطيني الأمريكي شدد علي وجوب إحداث تقدم قبل الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة. لقد ذكر ميتشيل ذلك في بيانه الأول، وكرره في جميع البيانات التي كان يصدرها بعد إنهاء كل جولة، إلا أنه كان علي الدوام يتحدث عن وجوب الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة، وكان الرئيس عباس يرد عليه: «أقنعوا نيتانياهو بوقف الاستيطان. وبما يشمل القدس، أقنعوه باستئناف المُحادثات النهائية من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008. أي مبدأ الدولتين علي حدود الرابع من يونيو 1967، مع تبادل طفيف بالقيمة والمثل». ولم يتسلم الجانب الفلسطيني من الجانب الإسرائيلي عبر ميتشيل أي رد حول أي من هذه المواقف. وكان كل ما سمعوه في كل جلسة، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يُريد مُحادثات مُباشرة، وأنه لا يستطيع البحث في قضايا الوضع النهائي إلا عبر المُحادثات المُباشرة، وكان رد الرئيس محمود عباس علي ذلك: «سننتقل إلي المُحادثات المُباشرة عندما يحصل تقدم في المُحادثات التقريبية علي موضوعي الحدود والأمن، وعندما يوقف الجانب الإسرائيلي النشاطات الاستيطانية بشكل فعلي». تغيير في الموقف الأمريكي رابعا: الإدارة الأمريكية تطلب الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة: أثناء لقاء الرئيس أبو مازن مع الرئيس أوباما في واشنطن يوم 9/6/2010، أعاد أوباما الحديث عن الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة في السياق نفسه، إذ قال: «نأمل أن ننتقل إلي المُحادثات المُباشرة حال إحراز التقدم المطلوب في المُحادثات التقريبية». استمرت الأمور علي هذا الحال حتي كانت زيارة ميتشيل يوم 1/7/2010، حيث طرح ميتشيل في لقائه مع أبو مازن الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة دون ربط ذلك بإحداث تقدم في المُحادثات التقريبية، وقال للرئيس: «لا بد من الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة للتوصل إلي اتفاق إقامة الدولة وخلال هذه المُحادثات سيكون لنا دور أساسي في تحقيق ذلك. جميع قضايا الوضع النهائي ستكون علي الطاولة. الحكومة الإسرائيلية لن تخوض في المُفاوضات حول قضايا الوضع النهائي إلا عندما تبدأ المُحادثات المُباشرة». وأجاب أبومازن: «بيننا اتفاق، عندما يحدث تقدم في مسألتي الحدود والأمن سيتم الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة». أدرك أبو مازن أن هُناك تغييراً في الموقف الأمريكي إذ قال للوفد الفلسطيني بعد الاجتماع: «يبدو أن الإدارة الأمريكية قد غيرت موقفها، فلم تعد تربط بين المُحادثات المُباشرة والتقدم في مسألتي الحدود والأمن. واضح أنهم وافقوا علي موقف رئيس الوزراء نيتانياهو، ويبدو أن حاجاتهم السياسية تتطلب إنجاح لقاء الرئيس أوباما مع رئيس الوزراء نيتانياهو ، وهذا يعني أن يطلبوا منا الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة دون وقف الاستيطان ودون إحداث التقدم في مسألتي الحدود والأمن ودون جدول أعمال متُفق عليه»..وأضاف: «علينا أن نُعد أنفسنا، علينا الدعوة لعقد اجتماع للجنة مُتابعة مُبادرة السلام العربية علي المستوي الوزاري قبل نهاية شهر يوليو 2010». كان أبو مازن علي حق، فما أن غادر رئيس الوزراء نيتانياهو واشنطن، حتي اتصل به الرئيس أوباما يوم 9/7/2010، وقال له: «كان اجتماعي جيدا مع رئيس الوزراء نيتانياهو، وتحدثنا في تحقيق الهدف المُشترك لإقامة دولة فلسطينية مُستقلة قابلة للحياة تعيشُ بأمن وسلام إلي جانب دولة إسرائيل». وأضاف: «لتحقيق ذلك لا بد من التحرك إلي المُحادثات المُباشرة خلال الأسابيع القادمة لخلق زخم. وأريدُ المُحادثات المُباشرة أن تبدأ قريباً جداً. لقد أصبح المناخ مواتياً للمُحادثات المُباشرة. وسأرسل السيناتور ميتشيل لإطلاعك علي أفكارنا وعلي ما تم في اللقاء مع نيتانياهو». رد أبو أمازن: «آمل أن يأتي ميتشيل ومعه أفكار تتضمن تقدماً حقيقياً في مسألتي الحدود والأمن، وأتطلع للقاء السيناتور ميتشيل الأسبوع القادم» (التالي). وطلب عباس إرسال رسالة لميتشيل تتضمن مُجمل الاعتداءات والمُمارسات الإسرائيلية بما في ذلك النشاطات الاستيطانية والاقتحامات والاغتيالات والحصار والإغلاق والاعتقالات. تحقيق مبدأ الدولتين خامسا: زيارة ميتشيل إلي المنطقة في 17 يوليو 2010: وهنا يقول عريقات: لو كان الرئيس أوباما قد حصل من رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو علي موافقة علي وقف الاستيطان، أو علي تفاهم لاستئناف المُحادثات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008، أو علي جدول أعمال مُشترك للمُحادثات النهائية، أو علي أي تقدم في مجالي الحدود والأمن، لقام بإعلام الرئيس أبو مازن بذلك علي الفور، ولما انتظر عشرة أيام لإيفاد السيناتور ميتشيل إلي المنطقة. كان عباس يعرف أن ميتشيل سيأتي للقول أنه لا يوجد رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر التزاماً بإقامة الدولة الفلسطينية من الرئيس أوباما. وأن وتيرة الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس انخفضت لأدني مستوي لها مُنذُ عقدين. وأن الرئيس أوباما سعيد جداً للمواقف التي قدمها الرئيس أبو مازن في جميع مواضيع المُفاوضات النهائية. وأن المطلوب الآن لاستمرار الرئيس أوباما هو الدخول في مُحادثات مُباشرة وبشكل فوري، وسوف تستطيع الإدارة الأمريكية إذا وافق الرئيس أبو مازن علي ذلك أن تدفع بكل ما تملك لتحقيق مبدأ الدولتين وإقامة دولة فلسطين القابلة للحياة . ولكن في حال رفض الرئيس أبومازن، فإن الرئيس أوباما، لن يستطيع المُساعدة. ويضيف: إذا لم يوافق أبومازن علي الدخول في مُحادثات مُباشرة، فلن يتمكن أوباما من تمديد تجميد الاستيطان، ولن يستطيع منع هدم البيوت وتهجير السكان من القدس. ولدي الإدارة الأمريكية وعد من رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه سوف يبدأ بتنفيذ مجموعة من الخطوات لبناء الثقة علي الأرض، تخفيف الحواجز والإغلاق، إدخال حاجات أبناء قطاع غزة بما في ذلك مواد البناء بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، منع دخول القوات الإسرائيلية إلي مناطق (أ) بأقصي حد مُمكن، إضافة إلي السماح بالقيام في بعض المشاريع في منطقة (ج). وسوف تستطيعون طرح أي موضوع تريدون خلال المُحادثات المُباشرة بما في ذلك القدس. قال ميتشيل: سوف نُساعدكم مع العرب، ولكن القرار يجب أن يكون فلسطينياً وليس عربياً، ومع ذلك سيتحدث الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون والسيناتور ميتشيل وغيرهم مع القادة والمسئولين العرب للحصول علي دعمهم للدخول في مُحادثات مُباشرة. هناك نافذة ضيقة يجب استغلالها ويجب عدم إضاعة الوقت، نعرف أن لديكم شكوكا حول نيتانياهو، ولكن دون الدخول في مُحادثات مُباشرة لن تستطيعوا معرفة إذا ما كنتم ستحصلون علي دولة فلسطينية مُستقلة أم لا. أما إذا لم تدخلوا المُحادثات المُباشرة فلن تحصلوا علي هذه الدولة. إذا ما وافقتم علي الدخول في هذه المُحادثات، فإن أوباما وكلينتون وميتشيل سيكونون معكم وبشكل مُستمر، وسوف نعمل للحصول علي مُساندة العرب وأوروبا وروسيا والأممالمتحدة والمجتمع الدولي لكم. نافذة ضيقة.. ولكن وأضاف: أنه وقت القرارات الشُجاعة وعدم التردد، ولقد وعدنا مُنذُ البداية بأننا لن نضغط عليكم، ولكن نُريد أن نوضح أن موافقتكم علي الدخول في المُحادثات المُباشرة سيعني استمرار انخراطنا وسعينا لإقامة دولة فلسطينية، وعدم موافقتكم، ستعني أننا لن نستطيع مُساعدتكم لتحقيق الدولة المُستقلة. نحن لا نقول أننا سوف نتخلي عنكم، ولكن لن نتمكن من المُساعدة بقدر ما نستطيع لإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة. لقد تحدثنا مع الدول العربية لزيادة المُساعدات لكم، وسوف نُتابع ذلك. وأضاف: إذا ما كُنتم تراهنون علي اختفاء نيتانياهو فإن هذا لن يحدث، إن حكومته قوية ومستقرة. وقد يكون رئيس وزراء إسرائيل لست سنوات قادمة. ولقد أبدي نيتانياهو الاستعداد للبحث معكم في مسألتي الحدود والأمن وباقي قضايا الوضع النهائي، وسيقوم باتخاذ خطوات لبناء الثقة بخصوص الضفة الغربية، وسوف يقوم بالمزيد من الخطوات تجاه قطاع غزة. يجب أن تبدأ المُحادثات المُباشرة بشكل فوري، المناخ مُناسب للمضي نحو المُحادثات المُباشرة، وهذه المُحادثات سوف تكون صعبة ومُعقدة وسوف تتطلب تنازلات منكم ومن نيتانياهو، وسيكون الرئيس أوباما موجودا في كل المراحل. لابد أن تتحركوا نحو المُحادثات المُباشرة دون وضع عراقيل، ويجب أن تفهموا أن النافذة ضيقة جداً، ولكن نستطيع من خلالها الوصول إلي هدفنا المنشود بإقامة الدولة الفلسطينية. رد أبو مازن قائلاً: «إنه سوف يعرض كل ما سمعه علي القيادة الفلسطينية وعلي لجنة مُتابعة مُبادرة السلام العربية، وسوف يتم اتخاذ القرار بأسرع وقت مُمكن وإبلاغه للإدارة الأمريكية». وأضاف: «الحقيقة أن الاستيطان سوف يستمر في الضفة الغربيةوالقدس». ومن الثابت أن حكومة نيتانياهو ترفض استئناف المُحادثات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008. وترفض أيضاً مبدأ الدولتين علي حدود «الرابع من حزيران 1967». وأكمل الرئيس حديثه قائلاً: «ومن الطبيعي أن يُقال لنا تستطيعون الحديث عن أي موضوع من مواضيع المُفاوضات النهائية، ولكن هل يعني ذلك أن هناك جدول أعمال مُشتركا مع الحكومة الإسرائيلية حول هذه القضايا ؟. الجواب لا». المطلوب أن ندخل إلي المُحادثات المُباشرة ، نظراً للحاجات السياسية الأساسية للإدارة الأمريكية وللحكومة الإسرائيلية. لكن السؤال الرئيس: «ماذا عن الحاجات السياسية الأساسية للرئيس محمود عباس، ولمنظمة التحرير الفلسطينية وللشعب الفلسطيني؟». وعلي أي حال، تم الاتفاق علي استمرار المُحادثات مع الجانب الأمريكي لتحديد الموقف الإسرائيلي من مرجعية المُحادثات النهائية وكذلك بالنسبة لوقف النشاطات الاستيطانية وبما يشمل القدس. معاهدة سلام تاريخية سادسا: زيارة أبو مازن إلي واشنطن في يونيو 2010: في الفترة ما بين 8 10 يونيو 2010، قام عباس بزيارة رسمية إلي واشنطن، حيثُ كانت له لقاءات مع : الرئيس باراك أوباما، ومُستشار الأمن القومي الجنرال جيم جونز، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والمبعوث الأمريكي لعملية السلام جورج ميتشيل، ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ برئاسة السيناتور جون كيري، كما ألقي مُحاضرة في معهد بروكينجز للأبحاث، والتقي مع قيادات الجالية اليهودية في أمريكا، بالإضافة إلي لقاءات الجالية العربية، ومُقابلات مع وسائل الإعلام الأمريكية والعربية. ولقد ركز أبو مازن مع أوباما خصوصاً وباقي من التقاهم عموماً، وذلك عقب وقوع جريمة الاعتداء علي قافلة الحرية، في المياه الدولية، علي: (1) رفع الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل، وفتح جميع معابر قطاع غزة مع إسرائيل. (2) تقديم مُساعدات أمريكية لبناء البني التحتية في قطاع غزة. (3) عرض كل ما تم في المُحادثات التقريبية مع ميتشيل، وأبدي عباس استعداده للتوصل إلي مُعاهدة سلام تاريخية تشمل جميع قضايا الوضع النهائي. (4) أكد رفضه للحلول الانتقالية وبما يشمل الدولة ذات الحدود المؤقتة. (5) رفض تأجيل أي من قضايا الوضع النهائي وخاصة القدس. (6) أشار إلي عدم نية القيادة الفلسطينية الإعلان من جانب واحد عن استقلال دولة فلسطين، وأن الذي نقوم به الآن هو بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة. (7) طالب أوباما بإلزام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ ما عليها من التزامات من المرحلة الأولي من خارطة الطريق: وقف الاقتحامات، إعادة الأوضاع علي الأرض في الضفة الغربية علي ما كانت عليه في يوليو 2000، «وقف الاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي، فتح المكاتب والمؤسسات المُغلقة في القدسالشرقية، الإفراج عن المعتقلين». (8) الوقت حان للقرارات، ولا يمكن استمرار الوضع علي ما هو عليه. واستمرار رفض الحكومة الإسرائيلية لمبدأ الدولتين علي حدود 1967، يعني تحملهم خيار الدولة الواحدة. (9) الانتقال إلي المُحادثات المُباشرة، يتطلب حدوث تقدم في مجال الحدود والأمن وليس قبل ذلك. رؤية الإدارة الأمريكية أما الرئيس أوباما وأركان القيادة الأمريكية، فقد ركزوا علي: (1) الموافقة علي رفع الحصار عن سكان قطاع غزة، وتخصيص مبلغ 40 مليون دولار للبني التحتية في قطاع غزة، عبر الأممالمتحدة، وهذه للمرة الأولي مُنذ يونيو 2007. وأكدوا أن الوضع في قطاع غزة لا يُمكن احتماله. (2) شكر أبو مازن علي تعاونه الكبير مع السيناتور ميتشيل في المُحادثات التقريبية، وتقديمه مواقف مُتقدمة حول كل قضايا الوضع النهائي. (3) الموافقة علي إحداث تقدم في المُحادثات التقريبية حتي يتم التمكن من الانتقال للمُحادثات المُباشرة. (4) دعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في جميع المجالات. (5) إلزام إسرائيل بوقف الاقتحامات لمناطق السلطة الفلسطينية، ووقف الاستفزازات وكل ما من شأنه تقويض المُحادثات التقريبية. (6) المطالبة من الفلسطينيين بوقف التحريض، والابتعاد عن الأعمال الاستفزازية (كمحاربة إسرائيل في المحافل الدولية). (7) اتفقوا مع أبو مازن علي ضرورة التركيز علي الهدف وعدم الانحراف عنه، أي تحقيق مبدأ الدولتين. (8) أكدوا أنه لا بد من خلق الأجواء المُناسبة بين الطرفين للانتقال للمُحادثات المُباشرة، وقف الاستيطان من قبل إسرائيل، ووقف التحريض من قبل الفلسطينيين. نيتانياهو لم يغير مواقفه سابعا: كيف تذهب الحكومة الإسرائيلية إلي المفاوضات المباشرة؟ لم يتغير موقف الحكومة الإسرائيلية، إذ استمرت برفض استئناف المُحادثات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008، واستمرت بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وبما يشمل القدسالشرقية، وهدم البيوت، ومُصادرة الأراضي وتشديد الحصار والإغلاق، إضافة إلي رفض فتح المكاتب والمؤسسات المُغلقة في القدسالشرقية، والإفراج عن مُعتقلين، حسب ما ترتب عليها من التزامات في المرحلة الأولي من خارطة الطريق. ولم تكتف بذلك بل قررت تقييد ولاية السلطة الفلسطينية من خلال القرار العسكري 1650، وأصرت علي رفضها إعادة المكانة القانونية والأمنية للمناطق (أ+ ب)، إذ استمرت في الاقتحامات والاعتقالات. وكرر نيتانياهو رفضه لحدود عام 1967، وأكد أنه لن يتفاوض حول القدس، ومع ذلك استمر في دعوة الرئيس عباس إلي مُحادثات مُباشرة، والترويج لخطوات بناء الثقة وإدخال التحسينات علي حياة الفلسطينيين، وطرح قوائم بضائع مسموحة لقطاع غزة، وتحسين الاقتصاد، وشن حملات التحريض علي محمود عباس، واتهامه بأنه يقف شخصياً وراء حملات التحريض علي إسرائيل، وتصدير الخوف فيما يتعلق بإيران. لقد لعب رئيس الوزراء الإسرائيلي ( لعبة الوقت)، وإدراكاً منه للحاجات السياسية للرئيس أوباما مع اقتراب الانتخابات النصفية في شهر نوفمبر 2010، والتي تشمل انتخابات كامل أعضاء الكونجرس وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وثلث حكام الولايات وغيرها من الانتخابات، أجل زيارته التي كانت مُقررة في مطلع شهر يونيو لمُدة شهر كامل حيث تمت هذه الزيارة يوم 6/7/2010. إن المؤتمر الصحفي الذي عُقد بعد انتهاء الاجتماع بين أوباما ونيتانياهو، يعبر بوضوح عن معني «الحاجات السياسية»، فرئيس الوزراء الإسرائيلي لم يُغير أي من مواقفه، استمر في الاستيطان علي الرغم مما يُسمي بالتجميد المؤقت (Moratorium). ورفض أن يبحث مع ميتشيل أي من قضايا الوضع النهائي. بل وذهب إلي ما هو أبعد من ذلك عندما أقر في جلسة الوزاري المُصغر قبل سفره إلي واشنطن طرح عطاءات لبناء 2712 وحدة استيطانية في الضفة الغربية يوم 26/9/2010 ، أي يوم انتهاء التجميد المؤقت، وبعد ذلك تجديد ما يُسمي بالتجميد لعشرة أشهر أخري. مصالح استراتيجية مشتركة ولقد أكد الرئيس أوباما في مؤتمره الصحفي مع رئيس الوزراء نيتانياهو علي: (1) الصلة بين أمريكا وإسرائيل غير قابلة للفصم. فهي تشمل المصالح المُشتركة في مجال الأمن القومي أي المصالح الإستراتيجية، إضافة إلي ما يربطهما من قيم وصلات. (2) شكر أوباما نيتانياهو علي الخطوات التي اتخذها لتوسيع رقعة البضائع التي تدخل إلي قطاع غزة، وهذا تقدُم حقيقي حدث بسرعة. وأضاف شكره للرباعية الدولية للمُساعدة في مجال السماح بإدخال بضائع أكثر إلي قطاع غزة. (3) أكد أوباما أن نيتانياهو علي استعداد للمُجازفة من أجل السلام، وأنه يرغب في الدخول في مُحادثات مُباشرة جادة مع الفلسطينيين وأضاف: «أعتقد أن رئيس الوزراء نيتانياهو مُستعد للمُعادلة التي تجمع بين احتياجات إسرائيل الأمنية وإقامة دولة فلسطين». (4) دعا الرئيس أوباما الدول العربية لتقديم الدعم الواجب للسلام. (5) شدد الرئيس أوباما علي الملف النووي الإيراني، وعلي العقوبات الشديدة التي فُرضت علي إيران، واستمرار ذلك حتي توقف إيران برنامجها النووي. (6) تطرق أوباما إلي عدم حدوث تغيير في الموقف تجاه السلاح النووي الإسرائيلي، وأن الولاياتالمتحدة لن تُطالب إسرائيل أبداً باتخاذ إجراءات من شأنها المساس بمصالحها الأمنية، مؤكداً اقتناعه بأن لإسرائيل حاجات أمنية خاصة نتيجة لمساحتها الصغيرة والتهديدات التي تتعرض لها. (7) تحدث أوباما عن تقدم في العلاقات بين بلاده وإسرائيل في كل المجالات وشكر نيتانياهو علي أدائه في هذا المجال. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي فلقد تحدث عن كل شيء باستثناء مبدأ الدولتين، أو وقف الاستيطان، أو استعداده لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008، فقد ركز علي التهديد الإيراني والإرهاب. وعندما تحدث عن عملية السلام، لم يذكر أيا من التزامات إسرائيل أو مبدأ الدولتين بل قال: «كما أسلف الرئيس فلقد تحدثنا عن كيفية دفع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إننا ملتزمون بهذا السلام. وإنني شخصياً مُلتزم كونه سيُحسن حياة الفلسطينيين والإسرائيليين». وأضاف: إن الإسرائيليين علي استعداد لقطع أشواط طويلة لأجل التوصل إلي السلام ولكنهم يريدون ضمان حصولهم علي أمن. ولا نريد العودة إلي المُربع الذي يسمح لوكلاء إيران بالسيطرة علي منطقة مُعينة بعد أن نُغادرها ليستخدموها منطلقاً للاعتداءات الإرهابية، وعمليات إطلاق القذائف الصاروخية». ثم تحدث نيتانياهو عن المفاوضات وقال: «حان الوقت لإطلاق المُحادثات المُباشرة.. للتوصل إلي اتفاق سلام يضمن الأمن والازدهار. ويتطلب هذا الأمر من السلطة الفلسطينية تهيئة شعبها للسلام علي مستوي المدارس والكتب الدراسية وما إلي ذلك». لقد طرح نيتانياهو شروطاً تعجيزية، كان قد طرحها سابقاً، فلم يلتزم لا بالدولتين ولا باستئناف المُحادثات حول جميع قضايا الوضع النهائي أو وقف الاستيطان، وحتي استمرار التجميد بعد شهر سبتمبر. ومع كل ذلك دعت الحاجات السياسية للرئيس أوباما أن يقول إن نيتانياهو مُستعد للمُجازفة من أجل السلام، وأن علي الرئيس عباس أن يقبل المُحادثات المُباشرة دون وقف الاستيطان ودون جدول أعمال، وإلا فانه سيتحمل مسئولية الفشل. ولقد وصلت الأمور بالإدارة الأمريكية إلي أنها أعلنت وقبل لقاء نيتانياهو أوباما، أن المُحادثات التقريبية أحدثت تقدُماً مُهماً، وعندما اتصلنا وطلبنا إيضاحات حول هذا التقدم، قيل لنا: «المهم الآن هو الانتقال للمُحادثات المُباشرة». (بعد ذلك جرت مياه كثيرة.. «لم يحن وقت الكشف عنها»، لكن في قمة واشنطن، التي عقدت في 2 سبتمبر 2010، سادت أجواء مختلفة، فقد كان هناك حرص علي إحاطة المحادثات المباشرة، بتعهدات تجعل الصورة أكثر قبولا، وقيلت عبارات محددة، حول سرعة العمل للوصول إلي دولة فلسطينية، ووضح حد نهائي للصراع، مع تمديد تجميد الاستيطان خلال المفاوضات، وبدا حسب تعبير أبو ردينة «أننا نحرز تقدما»، في الوقت الذي كانت المعسكرات المضادة تتحرك لعرقلة العملية، من بعد، وبدأ الجميع يستعدون لشرم الشيخ). والآن، في النهاية، فإن القضية تقف مرة أخري علي مفترق طرق، يتم الانتقال عبره إلي المفاوضات المباشرة، مع وجود فعال لواشنطن، في ظل تلك الأوضاع، وهنا، فإن كل الاحتمالات مفتوحة، فمن الممكن رصد ستة مؤشرات تؤكد أن العملية لن تتوصل إلي نتائج، ومن الممكن رصد ستة مؤشرات مضادة تقرر أن هناك احتمالات للوصول إلي نتائج من نوع ما لمشكلة استعصت علي الحل لأكثر من نصف قرن، كما كان الأمر في كل جولات التفاوض الماضية علي أي حال، ولننتظر لنرى.