بمنتهي الحسم، اوضحت مصر موقفها من الحديث الاسرائيلي عن اقامة دولة فلسطينية مشوهة أو ذات حدود مؤقتة ووصف احمد ابوالغيط وزير الخارجية هذه الفكرة بأنها مجرد مضيعة للوقت وبأنها مرفوضة من جانب مصر والفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي. والسبب في ذلك شديد الوضوح وهو ان الحدود المؤقتة للدولة الفلسطينية المقترحة تعني اتاحة الفرصة لإسرائيل لكي تبتلع ما تشاء من اراضي الشعب الفلسطيني خاصة ان حدود اسرائيل نفسها مازالت حتي هذه اللحظة مؤقتة وغير معلنة! والحقيقة ان المفهوم الامريكي الذي طرحه مبعوث السلام جورج ميتشيل حول اجراء محادثات غير مباشرة Porxy talks بين الفلسطينيين واسرائيل مازال يمثل خطوة إلي المجهول ومجرد وسيلة لاستئناف الحوار المتوقف منذ فترة طويلة بين الجانبين بسبب المواقف والسياسات الاسرائيلية التي تنسف اي احتمال للتفاهم والتي جعلت الكثيرين يعتقدون ان الهدف العملي أو الحقيقي لأي مفاوضات تشارك فيها اسرائيل هو اهدار للوقت أو تحقيق »سلام مؤقت«. ومع مؤشرات التفاؤل التي ظهرت خلال الايام الماضية، حرص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو علي تدمير اي فرصة لنجاح هذه المحادثات عندما اعلن اصرار حكومته علي استمرار البناء الاستيطاني في القدسالمحتلة رغم التعهد الامريكي بوقف الانشطة الاستيطانية علي الاقل خلال فترة المحادثات.ووصف الرئيس الفلسطيني ابومازن هذا الموقف الاسرائيلي بالمثل العربي »في اول غزواته كسر عصاته« اي ان نتنياهو جعل اول القصيدة كفرا كما يقولون.اما عزام الاحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح فقد وصف المحادثات غير المباشرة بأنها تقف علي كف عفريت في ضوء اساليب المماطلة والتسويف الاسرائيلية وقال انها ستبدأ يوم الاثنين القادم بعد وصول ميتشيل إلي المنطقة.ويبدو أن الرئيس الامريكي اوباما قد استشعر خطورة المحاولات الاسرائيلية لإجهاض المحادثات قبل ان تبدأ خاصة من خلال التمسك باستمرار الانشطة الاستيطانية. لذلك حاول اوباما ان يطمئن الشعب الفلسطيني من خلال محادثة هاتفية مع ابومازن تعهد فيها بمعاقبة اي طرف يقوض مناخ الثقة خلال المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.ولاشك ان تجاهل المواقف الاسرائيلية المخربة للسلام، بما فيها المطالبة بدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة وقبول استمرار الانشطة الاستيطانية في القدس يعني تشجيع اسرائيل علي اهدار الفرصة المتاحة حاليا لتحقيق السلام الذي التزم به الرئيس اوباما منذ بداية دخوله البيت الابيض. كما ان السماح لاسرائيل باستخدام المفاوضات السلمية كورقة توت للتغطية علي انشطتها الاستيطانية يعني اثارة الشكوك حول اهداف اي محادثات سلمية في المستقبل. والمطلوب من الرئيس الامريكي باراك اوباما الآن ليس مجرد اطلاق الوعود والتعهدات بل التحرك بشكل حاسم وفوري لتأكيد جدية الموقف الامريكي تجاه الطرف الذي يخرب العملية السلمية وعدم ممارسة اي ضغوط جديدة علي الفلسطينيين لتقديم المزيد من التنازلات. هكذا يصبح التزام اسرائيل مشكلة امريكية - اسرائيلية ويصبح دور اوباما الاساسي هو تنفيذ تعهده بمعاقبة الطرف المعرقل للسلام وهو تعهد ستثبت الايام القادمة مدي جدية الرئيس الامريكي في تنفيذه.. وافلح إن صدق!