عندما يتعهد شخص ما بتحقيق أهداف محددة ويمر الوقت ولا يلتزم بتحقيق ما وعد به بل والأسوأ أنه فعل عكس ما تعهد به فإن رصيد الثقة ينفذ شيئا فشيئا.. إذا كيف تبنى جسور الثقة مرة أخرى؟ تعهد المجلس العسكرى منذ أن تسلم مقاليد الحكم بتحقيق أهداف ثورة 25 يناير.. حرية.. كرامة.. عدالة اجتماعية، وكانت ثقة الشعب المصرى فى المجلس العسكرى ثقة بلا حدود، لكن بعد مرور حوالى تسعة أشهر قمعت الحرية وأهدرت الكرامة وزاد الظلم الاجتماعى.. فلماذا تريدون الاستمرار فى حكم البلاد لمدة سبعة أشهر أخرى؟ وما يمنعكم من تسليم السلطة فورا؟ وكيف لنا أن نطمئن و نصدق تصريحاتكم بينما يتكشف تضليلكم لنا يوما بعد يوم؟ أعلنتم أن الشرطة العسكرية لم يكن لها وجود فى الأحداث الأخيرة فى شارع محمد محمود بينما انتشرت الفيديوهات على الانترنت لعناصر منهم يضربون المتظاهرين بعصى بلا رحمة ولا هوادة.. وهى ليست المرة الأولى بل تم فض جميع الاعتصامات طوال التسعة أشهر الماضية بنفس الجبروت وبنفس العصى الكهربائية فى أيدى أفراد الشرطة العسكرية والقوات الخاصة.. بل وتم إهانة مجموعة من البنات بادعاء كشف العذرية.. فهل كانوا يطمئنون عليهم ليتقدمون لخطبتهم مثلا؟ منتهى الإهدار للكرامة وقمة الخذى والعار.. فى كل الأحداث الدامية التى شهدتها مصر منذ توليكم السلطة صرحتم أن هناك أياد خفية تعبث بأمن هذا الوطن بداية من أحداث كنيسة أطفيح فى مارس الماضى وحتى أحداث شارع محمد محمود الأيام الماضية.. فلماذا لم تقوموا بالتصريح عن "عفريت العلبة" الذى يعبث بالأمن القومى للبلاد؟ صرحتم بأنكم تمتلكون الأدلة والمستندات التى تدين حركة 6 أبريل وأتهمتوهم بالعمالة والخيانة وتلقى تمويل أجنبى بينما أعلنت لجنة تقصى الحقائق برئاسة السيد وزير العدل برائتهم من هذه التهم.. فكيف لنا أن نثق فى تصريحاتكم بعد اليوم؟ تم تشكيل لجنة لتقصى الحقائق بعد كل كارثة ولم يتم الاعلان أبدا عما توصلت إليه هذه اللجنة من نتائج! بل أن بعض هذه اللجان لم تتسم بالحيادية حيث رأس لجنة تقصى الحقائق فى أحداث ماسبيرو السيد رئيس الوزراء المتهم الأول بالتباطؤ فى حل الأزمة منذ بدايتها وتضمنت اللجنة أيضا وزير الاعلام المتهم بتضليل الرأى العام خلال وقوع هذه الأحداث.. والنتيجة 25 شهيد و أكثر من 300 مصاب بلا ثمن! كم مرة صرح رئيس الوزراء من بعد الثورة سواء السيد أحمد شفيق أو السيد عصام شرف أنه تقدم للمجلس العسكرى بطلب أو بمشروع قانون أو برؤية ما ولكن المجلس رفض الاستجابة.. إذا لماذا تشغلون الشعب المصرى اليوم بشخص رئيس الوزراء الجديد.. مادام سيكون بدون صلاحيات؟ ومن الساذج الذى سوف يقبل أن يتحمل مسئولية ضخمة فى فترة حرجة دون أن يكون له مطلق السلطة فى اتخاذ القرارات المناسبة؟ لماذا لا تعلنون إذا كانت النية سليمة أنكم سوف ترفعون أيديكم عن الحكومة الجديدة و لن تتدخلوا فى قراراتها؟ كيف لم يستطع المجلس العسكرى وقف نزيف الدماء لمدة خمسة أيام متواصلة بالرصاص سواء خرطوش أو مطاط أو حتى حى وقنابل ليست مسيلة للدموع لكنها تسبب تشنجات و اختناقات تؤدى للوفاة.. فى الوقت الذى يصرح فيه السيد منصور العيسوى أن قوات الأمن لم تستخدم سوى القنابل المسيلة للدموع فقط بينما أكد مساعد كبير الأطباء الشرعيين بمصلحة الطب الشرعى على أن بعض جثث الضحايا فى تلك المهزلة مصابة بطلق نارى حى والرصاص المستخرج من الجثث من عيار 9 ملى وهو ذخيرة أفراد الأمن! هل تخاطبون أغبياء فاقدى الوعى؟ أدعيتم شرف حماية الثوار وأعلنتم رفضكم إطلاق النار على المصريين خلال ثورة 25 يناير ولكن جاءت شهادة المشير فى المحكمة لتخلصنا من وهم الجميل الذى كبلتم به أعناقنا على مدار شهور.. فكيف رفضتم شيئا لم يطلب منكم فعله من الأصل؟ تمسكتوا بإحياء دستور 71 الذى أسقطته شرعية الثورة وهى نفس الشرعية التى جاءت بكم لكرسى الحكم، وأصررتم على عمل استفتاء على 9 مواد ولم تتخذوا أى إجراء حازم ضد من تلاعبوا بعقول البسطاء منا خلال العملية الاستفتائية وخرجتم لنا بعد ذلك بإعلان دستورى لم نستفتى عليه ومرت الأشهر لنعلم علم اليقين أننا كنا على حق عندما طالبنا بالدستور أولا.. قتلة ثوار 25 يناير يحاكمون أمام المحاكم المدنية بل ولا يزالوا جالسون على مكاتبهم يمارسون أعمالهم.. فى حين أننا فقدنا صبرنا و نحن نستنكر كيف لا يتم وقفهم عن العمل إلى أن تتم إدانتهم أو إثبات برائتهم.. كيف سمحتم بالمخاطرة بمصير الثورة بينما من يقودوا الثورة المضادة أحرار طلقاء الأيدى؟ وسارقى ثروات الوطن الذين يشرفون سجن طرة -بعد ضغط ميدان التحريرطبعا- يحاكمون بمنتهى البطء و التلكأ وأيضا أمام المحاكم المدنية بينما أكثر من 12 ألف مدنى فى السجون الحربية.. كيف تستقيم المعادلة؟ وكيف نثق فى رؤيتكم و نواياكم؟ مددتم العمل بقانون الطوارىْ الذى كان الغاؤه من أهم أهداف الثورة.. هل من المفترض أن نقتنع أنكم غير قادرون على القضاء على البلطجية إلا من خلال قانون الطوارىْ؟ كم شهيدا تطلبون وكم عين تستهدفون حتى تحققوا أهداف الثورة؟ فلنجعل المقايضة واضحة حتى لا نضيع الوقت فى مهاترات لا فائدة منها.. إن الشعب المصرى مستعد لتقديم ما تبغون وعن رضا فى سبيل تحقيق أحلامه وانتصار ثورته والوصول بمصر للمكانة التى تستحقها عن حق. إن أعظم مقولة تداولت فى الأيام الأخيرة عن المصريين "يخشون أن يعلموا ذويهم عن توجههم لميدان التحرير بينما لا يخشون الموت فيه". المزيد من مقالات ريهام عادل