الكل يصرخ وينادي أين البناء؟ أين التقدم؟ أين التمنية؟ وهذه كلها ليست مسئولية رئيس أو حزب حاكم أو مجموعة أحزاب حازت الأغلبية، بل هذه مسئولية أمة بأكملها لا بد لها أن تقف وقفة رجل واحد رجالا ونساءً، وتتعاون في إصلاح ما فسد وبناء ما تهدَّمَ. إن من يريد لبلده أن يتطور ولوطنه أن يتقدم، فلا بد له أن يكون معول بناءٍ في هذا الوطن لا معول هدم، وأن يكون داعياً إلى كل ما فيه عمارة هذه الأرض والتصالح معها ورفْض ونبْذ كل ما فيه تخريب لهذه الأرض وتدمير معالمها؛ لأن الله تعالى جعل الإنسان سيد هذا الكون، وسخره كله وما فيه لخدمة هذا الإنسان؛ كي يخلص هذا الإنسان العبادة لسيده مالك الأرض والسماوات. ومن هنا فعلاقتنا بالكون علاقة ود وتسامح، علاقة أن كل ما حولنا يعبد الله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[الإسراء: 44]، فلو أن كل إنسان استشعر هذا واستحضر أن كل ما في الكون من حوله عبد لله رب العالمين لاختلفت الأحوال وتغيرت إلى ما هو أفضل. لكن نجد شرذمة ضلت طريقها، وراحت تتخذ التخريب في الكون منهجًا، وتظن وتزعم أنها هكذا تبغي صلاحًا، هذا انحراف ما بعده انحراف، لم يقل عاقلٌ بأن تخريب العمار في الكون يؤدي إلى إصلاح أبدًا، فمن يخربون المرافق ويحرقون السيارات ويقطعون الطرقات عليهم أن يقفوا مع أنفسهم، وعلينا جميعا أن نقف لهم بالمرصاد، ونمنع كل يد تمتد لتخريب وتشويه وجه مصر الجميل، ورحم الله من قال: لَنْ يَبْلغَ البنيانُ يومًا تمامَهُ *** إذا ما كنْتَ تَبني وغيرُكَ يَهْدِمُ