«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد السبت يكتبه: أحمد البرى
التنازلات المرفوضة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 03 - 2010

قرأت رسالة زهرة العائلة التي روت لك فيها فتاة عمرها‏32‏ عاما قصتها مع الكفاح والنجاح‏,‏ وأنها حققت كل ماتتمناه إلا الحب والزواج‏,‏ فلقد جرفتها الأيام فانشغلت بعملها وانقطعت صلتها بمن حولها‏, ورفضت كل من تقدموا لخطبتها‏,‏ ثم تعلقت برجل يكبرها بسنوات كثيرة‏,‏ لكنه يتجاهل الحديث معها في موضوع الارتباط‏,‏ وإن كان يبدي اهتماما ملحوظا بها‏,‏ ويشغله مستقبلها وتقدمها في عملها وهي في حيرة من أمرها ولاتعرف إذا كان يحبها أم لا‏,‏ وهل سيتزوجها أم أنه سيطوي صفحتها بعد حين؟‏!‏
ووجدتني أمسك بالقلم لأكتب إليك قصتي بمداد الدموع فقلبي يعتصره الحزن والأسي وأشعر بأنني وصلت إلي حافة الهاوية‏,‏ أو أنني في طريقي إلي الضياع‏,‏ فأنا فتاة عمري‏32‏ سنة أيضا ومثالية ورومانسية نشأت في أسرة متوسطة الحال لأبوين طيبين ولم يشغلني شيء في حياتي سوي الدراسة‏,‏ فتفوقت في الثانوية العامة والتحقت بكلية الطب‏,‏ وحصلت علي تقديرات عالية منذ السنة الأولي‏,‏ وعندما وصلت إلي الفرقة الرابعة شعرت برغبة في الحب والارتباط دون أن يكون هناك شخص ما في خيالي‏,‏ لكني دعوت الله أن يرزقني بعالم جليل وزوج مثالي‏.‏
ولأنني جميلة ومتفوقة ومتواضعة‏,‏ فإن أختي الكبري تغار مني‏,‏ ولذلك كانت تفتعل معي مشكلات تافهة لكي تضربني وتدعو علي ألا يهنأ لي بال وأنا أبكي‏,‏ أما والداي فهما صامتان دائما ولايحركان ساكنا‏..‏ فإذا اشتري لي أبي ملابس جديدة‏,‏ ظهر حقدها من جديد‏,‏ ولذلك كنت أتحاشاها‏,‏ وأترك لها كل شئ لكي أنجو بنفسي من تعذيبها البدني والنفسي لي وأكتفي برداء واحد بسيط طوال العام‏..‏ وكانت نتيجة كل امتحان تسعدني عندما أجد اسمي في قوائم المتفوقين‏,‏ وأراها تعويضا لي عن كل ما ألاقيه من مشقة في الدراسة ومذلة في البيت‏.‏
ومع بداية سنتي الدراسية النهائية بالكلية‏,‏ دخلت محاضرة لأستاذ يتمتع بعلم واسع وروح مرحة وخلق رفيع‏,‏ فشعرت منذ اللحظة الأولي أنني رأيته من قبل‏,‏ وقدرته كوالدي‏,‏ ولمست الاحترام نفسه له لدي زملائي وزميلاتي وأفضي إليه الكثيرون منا بهمومهم وآلامهم‏.‏
وذات يوم أبدي تقديره لي وأنه معجب بي إعجابا خاصا وأفاض علي بسيل من الاهتمام‏,‏ ففي كل محاضرة يركز نظره ناحيتي‏,‏ وكأنه لايوجد بالمدرج أحد سواي‏..‏ فإذا انتهت المحاضرة تباطأ منتظرا مني أن أجري ناحيته لكي اتحجج بالسؤال فيطيل الوقوف معي‏.‏
ولما تأكد لي هذا الإحساس تعمدت الانصراف بعد المحاضرة مباشرة‏,‏ لكني في الحقيقة أحسست بأن شيئا ما قد حدث لي‏,‏ فلجأت إلي الله‏,‏ وأديت صلاة الاستخارة وأنا حائرة ماذا أفعل‏..‏ هل أستمر في حضور محاضراته أم لا؟‏..‏ وهل هو يفعل ذلك رغبة في الزواج مني أم أن له هدفا آخر؟‏!‏
لقد سيطر بالفعل علي تفكيري وظللت أحلم به كلما غمضت عيناي‏,‏ فلقد رأيت ذات ليلة أنني أجلس علي كرسي وأمامي منضدة‏,‏ وعلي الكرسي الموجود في مواجهتي زميلة‏..‏ وعلي المنضدة كتاب بعنوان ففروا إلي الله‏..‏ ولمحته آتيا من بعيد‏,‏ ومقتصدا في مشيته‏,‏ ومرتديا بالطو أبيض وناظرا الي دون زميلتي‏,‏ ثم أمسك بالكتاب وقال لي كتاب كويس فقلت له أتفضل وأنا أنظر إلي زميلتي‏..‏ فرد شكرا‏..‏ عندي نسخة منه ثم تركنا وذهب بعيدا عنا‏.‏
وكان عمره وقتها‏56‏ سنة أما أنا فكنت في الرابعة والعشرين من عمري‏..‏ وقد جلست مفردي أقرأ القرآن فتوقفت عند الآية‏88‏ من سورة الحجر لاتمدن عينيك إلي مامتعنا به أزواجا منهم‏,‏ ولاتحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين وشعرت بأنها تخاطبني‏,‏ ثم علمت بعدها أنه متزوج بزوجة شابة كانت معيدة بالقسم لديه‏,‏ وله منها طفلة وبعد سنوات علمت أن له زوجة أولي لديه منها ثلاثة أولاد ذكور تزوج منهم أثنان‏.‏
وتعددت المؤتمرات الطبية التي ترددت عليها ووجدته مشاركا فيها جميعا‏,‏ وفي كل مرة رآني فيها أمامه سعي إلي الحديث معي‏,‏ ووقف في انتظاري لكني أمضي إلي حالي ولا ألتفت إليه‏.‏
وتعرفت علي بعض المعيدات اللاتي يعملن معه بالقسم‏,‏ وكنت أتصل بهن من حين إلي آخر للاطمئنان عليهن‏,‏ وكنا نراسل بعضنا بالبريد ونتحاور في كل مامررنا به من مواقف وحكايات‏,‏ وفي أحد الأعياد دأبت علي الاتصال بإحداهن مرات عديدة لكنها لم ترد‏,‏ وعلمت من معيدة أخري أنها مشغولة بإعداد الماجستير‏,‏ وأن رسالتها سوف يشرف عليها هذا الأستاذ‏..‏
ولا أستطيع أن أصف لك مدي الإحباط الذي ألم بي‏,‏ فلقد تملكني الحزن الشديد وكنت كلما تقدم أحد لخطبتي أرفضه حتي تقدم لي شاب علي خلق ودين واستمرت خطبتنا عشرة أيام ثم سافر إلي الخارج‏,‏ وبدلا من أن يغمرني باهتمامه ويسمعني رناته ويهديني رسائله كنت أنا الذي أفعل ذلك فأرن عليه عدة مرات ليرد علي مرة واحدة‏!‏
ولاحظت أن زميلاتي لايفعلن ذلك مثلي‏,‏ فخطابهن هم الذين يلحون في الاتصال بهن ووجدته يخبر أخواته بكل شئ‏,‏ فتدخلن في حياتي حتي في مجال دراستي وتقدمي للدراسات العليا‏,‏ فقلت لهن إن عملي يقتضي مني أن أواصل الماجستير والدكتوراه‏,‏ فاتصلن به وأخبرنه بما حدث‏,‏ فوجدته يقول لي انه يريدني زوجة وربة بيت‏..‏ لا طبيبة‏..‏ وساءت معاملتهن لنا فلم نعاملهن بالمثل‏..‏ وكان والداي يقدمان الهدايا لأسرته‏..‏ أما هو فلم يفكر في أن يبعث لأهلي بأي هدية‏,‏ وكل ما أنعم به علي هو خطاب ومعه جهاز موبايل لاغير‏,‏ فشعرت بالحرج الشديد ليس لأني في حاجة إلي هداياه فأنا لن استخدمها قبل أن أنتقل إلي بيته‏,‏ ولكنها المعاني والإشارات التي تمثلها هذه الهدايا الرمزية من حب وتقدير خصوصا أن بإمكانه أن يبعث بهدايا تليق بي‏.‏
ويبدو أن الحال لم يعجب أخواته فأرادت أخته الكبري فسخ الخطبة‏..‏ وجاءتنا في زيارة مقتضبة وقالت لوالدتي إن الخاطب يجب أن يسمع كلمة حلوة‏..‏ تصور ياسيدي‏..‏ وكأن العروس هي التي تبدأ بالكلام الحلو لخطيبها وليس هو‏!!‏
وبالطبع انتهت التجربة بالفشل بعد أسابيع قليلة‏,‏ وتقدم لي بعدها الكثيرون لكني اعتذرت لهم جميعا لأنهم يصغرونني في السن‏,‏ ولا أريد أن يعايرني أحد بهذه المسألة‏,‏ فنحن في مجتمع لايرحم‏,‏ ولايقبل أن تكون العروس أكبر من العريس‏!‏
ورحت أفكر في أمري‏,‏ وزاد قلقي واضطرابي فارتفع ضغط الدم لدي‏,‏ فذهبت إلي الأستاذ الطبيب مع إحدي السيدات من معارفنا‏,‏ ودخلت وكشف علي في وجودها وتوالت نوبات ارتفاع ضغط الدم‏,‏ فكنت أزوره مع هذه السيدة‏,‏ وفي كل مرة كنت أشعر باهتمامه غير العادي ورغبته في الحديث معي‏,‏ لكن الخجل منعني من الجلوس معه أو حتي النظر إليه‏!‏
واستمررت علي هذه الحال حتي بلغت سن الواحدة والثلاثين‏,‏ فقررت أن أقطع سيل هذا الاهتمام والعاطفة الصامتة المتبادلة بخطوة جادة‏,‏ فذهبت إلي عيادته‏,‏ ودخلت إليه بمفردي وتحدثت معه حديثا عاما‏,‏ فلم يفاتحني في شئ وعاملني بتجاهل غير متوقع‏,‏ فخرجت من حجرة الكشف وأنا لا أري شيئا أمامي وانهرت باكية أمام باب العيادة‏,‏ ووجدتني أسير إلي أحد المساجد المجاورة‏,‏ وقد صليت ركعتين ودعوت الله أن يهديني‏.‏
وقطعت عهدا علي نفسي بأن انساه‏,‏ وتماسكت أمام كل من حولي حتي لايشعر أحد بأزمتي‏,‏ ومرت الأيام وفي يوم العاشر من ذي الحجة أي يوم عيد الأضحي المبارك رأيته في المنام وهو يلقي محاضرة وبعدها بشهور رأيته بالمصادفة في الشارع‏,‏ فإذا بالسعادة تشرق علي وجهه ويحاول ايقافي للحديث معي‏,‏ لكني سرت في طريقي‏,‏ ولم ألتفت إليه‏!‏ وبعدها حاول مرات ومرات أن يختلق المناسبات والظروف لكي يلتقي بي لكن شعوري بالمهانة وأنا في عيادته جعلني أتجاهله برغم حبي له‏.‏
ولأنه يعرف اهتمامي الديني والأدبي فلقد كان يرسل لي بالمجلات المتخصصة‏,‏ وكنت من حين لآخر أشارك في بعض محاضراته‏,‏ وفي إحداها تطرق في حديثه إلي الدين وروي قصة مفادها أن زوجة قريب له اكتشفت زواجه من أخري عندما رأت فتي صغيرا يشبهه بالمترو‏,‏ فاحترمته لأنه لم يشعرها بالفرق في معاملته لها بعد زواجه الثاني‏!‏
وخشيت أن يكون هذا هو مايأمله معي‏,‏ فيتزوجني زواجا رسميا معلنا علي مستوي أسرتي فقط‏,‏ ومرضت مرضا شديدا وذهبت إليه للعلاج وأنا أكظم غيظي‏,‏ فتجاهله لي في المرة السابقة لم يفارق ذاكرتي‏..‏ فوجدته هذه المرة يسألني لماذا توقفت عن حضور محاضراتي‏..‏ هل كرهتيها؟ فلم أرد عليه فهو لايسألني عن المحاضرات وإنما يسألني عن نفسه؟ وأخذت منه روشتة العلاج وخرجت مسرعة‏,‏ ثم رأيته بعدها فلم ينظر إلي فلم أعره اهتماما ولم ألتفت إليه‏!‏ ثم حلمت أنه يلقي محاضرة في منزل أسرتي‏!‏
إنني حزينة لأن كل من يرغبونني يريدونني أن أغمرهم بالعاطفة وأن أكون البادئة بالاهتمام‏,‏ وكأن الآية انقلبت متناسين طبيعة الأنثي وطبيعة الذكر‏.‏
وبعد هذه التجربة المريرة أشعر بأن خطيبي السابق كان معقولا‏,‏ ومن الممكن تغييره للأفضل واحتواء المشكلات الصغيرة التي حدثت بيننا‏,‏ لكن هذا الأستاذ أفسد علي حياتي باهتمامه الذي لم يثمر شيئا‏..‏ فكلما تقدم لي شخص أقارنه به والآن هل تراني قد وصلت إلي طريق مسدود وبلغت سن التنازلات حيث أن لي زميلة استشارية بلغت‏36‏ عاما ولم تتزوج وتقول ان كل من يتقدمون لها متزوجون ولايريدون أن يخبروا زوجاتهم بارتباطهم بها‏,‏ فهل الشرب علي القذي أفضل من العطش‏..‏ أم أن البور أفضل من الجوازة العور؟‏!‏
‏*‏ أنت التي أوصلت نفسك إلي هذه الحالة من اليأس والخوف والقلق باندفاعك نحو عاطفة غير محسوبة تجاه أستاذك الذي خصك باهتمام صامت ونظرات تعبر عن أنه يريد منك شيئا ما‏,‏ بالرغم من أنك عرفت أنه متزوج من اثنتين ولديه أبناء‏.‏
فمثل هذه الشخصية تسعي دائما إلي الاستئثار بكل شيء‏,‏ لكنه لم يجد ضالته فيك لصمتك المستمر‏,‏ وجهله بأغوار نفسك‏,‏ فللصمت أحيانا ضجيج يطحن العظام بغير أن يشعر به أحد‏.‏
ومع ذلك تعلقت به وحالت صورته الماثلة أمامك دون أن تعيشي حياة مستقرة‏,‏ أو أن تتطلعي إلي الارتباط بشاب في مثل سنك وظروفك الأسرية والاجتماعية‏,‏ فرفضت كل من تقدموا لك‏,‏ وحتي الشاب الذي وافقت عليه وخطبت له لعدة أسابيع وجدت من المبررات ما يكفيك لفسخ خطبته‏..‏ مرة بقولك إنه لا يرسل هدايا لأسرتك‏,‏ ومرة أخري لأنك تريدين أن تعملي في مهنتك كطبيبة‏,‏ وهو يريدك ربة بيت‏,‏ ومرة ثالثة لأنه يقول إنك لا تتصلين به‏,‏ ولا تبثينه حبك‏.‏
والمؤسف أنك لم تتبيني النيات الخبيثة لأستاذك إلا بعد سنين طويلة‏,‏ فاعترفت بأن خطيبك كان من الممكن أن تحتويه بقليل من الحكمة والهدوء‏.‏
واعترفت أيضا بخطئك في نظرتك إلي أستاذك‏,‏ وهو درس مهم ينبغي أن تتعلمه كل فتاة تسلك هذا المسلك وتسميه الحب الصامت‏,‏ إذ يجب ألا تتخيل كل الناس ملائكة فتنهار أحلامها‏,‏ ولا تجعل ثقتها بالناس عمياء لأنها ستندم ذات يوم علي سذاجتها‏,‏ وها أنت بالفعل تندمين علي ضياع سنوات عمرك حتي وصلت إلي سن التنازلات علي حد تعبيرك بالرضا بأي عريس جاهز بشروطه حتي لو كان متزوجا وأقل منك في كل شيء‏!‏
وعلي كل حال فإن حالة الصمت التي عشتها مع هذا الأستاذ كانت طوق النجاة بالنسبة لك‏,‏ إذ إنه لم يكتشف شخصيتك‏,‏ وكان يتوجس منك خيفة طوال قربك منه في المحاضرات‏,‏ لأنه لا يعرف عنك الكثير‏,‏ لذلك خشي أن يبثك كلماته المعسولة فيجد نفسه أسيرا لك‏,‏ منفذا لطلباتك وهو المتزوج من اثنتين‏.‏
فاحمدي الله أنك لم تقعي في حبائله‏,‏ وواصلي كفاحك وجهادك‏,‏ فالحياة مليئة بالحجارة‏,‏ فلا تتعثري فيها‏,‏ بل إجمعيها وابني بها سلما تصعدين به نحو النجاح‏,‏ فأنت كما أنت لم تخسري شيئا‏,‏ ولا داعي لليأس الذي يأكل جذور الأمل‏,‏ واعتبري قلبك كنزا فلا تفتحيه لعابر سبيل‏,‏ وإنما انظري إلي الأمور نظرة جدية‏,‏ وسوف يأتيك العريس المناسب الذي يكمل معك مسيرة الحياة بنفس الحماس والجد اللذين تتسمين بهما‏,‏ فليست هناك سن للتنازلات المرفوضة يدفع الفتيات للارتباط برجال متزوجين ولديهم أسر وأبناء طلبا لنزوة عابرة‏,‏ فالزواج استقرار وحياة‏,‏ وأنت قادرة علي تكوين أسرة سعيدة‏,‏ مع من يستحقك دون أهواء أو نزوات‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.