تجمد فكر حكامنا في العالم العربي وإفريقيا عقودا فيما يتعلق بممارسة العمل السياسي والديمقراطية ولم يحاولوا أن يطوروا أسلوبهم القائم علي القمع والإقصاء والتخويف حتي انفجر البخار المكتوم في وجوههم واطاح ببعضهم بصورة مهينة حيا أو ميتا, وكان التجمد الفكري يتحلق حول نقطتين أساسيتين: الأولي: الخطر الذي يشكله الإسلاميون والثانية: الأمية وضعف الوعي اللذان يجعلان من السابق لأوانه تطبيق ديمقراطية حقيقية تسمح بتداول سلمي للسلطة بزعم أن ذلك يمكن أن يعرض المجتمع للفوضي. غير أن حالات التغيير التي حدثت حتي الآن اثبتت زيف هذه الحجج التي تذرع بها الحكام لتبرير بقائهم في السلطة علي الرغم من رغبة شعوبهم في التغيير, فها هم الإسلاميون في تونس حصلوا بعد ثلاثين عاما من الحظر والحرمان والنفي والتنكيل علي أعلي الاصوات في انتخابات تونس وتعهدوا باحترام حقوق المرأة وممارسة العمل الديمقراطي ولم تحدث أعمال عنف أو تزوير تذكر خلال الاقتراع بشهادة المراقبين المحليين والاجانب وأدي المواطن التونسي ومن قبله المواطن الموريتاني واجبه الانتخابي في أروع صوره ووعي سياسي علي العكس مما كان يردده بن علي في تونس وولد الطايع في موريتانيا وحسني مبارك في مصر من أن المجتمع ليس مؤهلا بعد لتطبيق ديمقراطية كاملة. لقد نجح الإسلاميون في اختيار الديمقراطية في تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية ووضعوا أقدامهم علي عتبة الديمقراطية في تونس ممثلين بحزب النهضة الإسلامي وفرصة نجاحهم في مصر قائمة إذا صدقت العزائم وخلصت النوايا وتعلم الاخوان من تجارب الآخرين. ويبقي أن يتعلم أقرانهم في ليبيا حتي لا تتحول البلاد إلي فوضي, كما اثبتت الشعوب في موريتانيا وتونس وليبيريا وزامبيا وغيرها أنها مؤهلة لتطبيق الديمقراطية وتداول السلطة سلميا برغم الأمية المرتفعة والقفص الذي سجنهم فيه الحكام منذ الاستقلال. ويبقي أن يعي الدرس حكام سوريا واليمن والجزائر والسودان وجيبوتي واريتريا والكاميرون وغيرهم من أصحاب الأفكار البالية قبل أن تنفجر في وجوههم ابخرة الكبت والقمع المتراكمة علي مدي السنين. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى