افتتح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة معرضا توثيقيا يحمل عنوان' أربعين سنة فن' للفنانة نعيمة الشيشيني, بقاعة إيزيس بمتحف محمود مختار. ويضم المعرض مجموعة منتخبة من أعمالها التي استعرضت فيها مراحلها الفنية علي مدي رحلتها بالحركة التشكيلية والتي شاركت فيها بالعديد من المعارض الخاصة والدولية, ونعيمة الشيشيني صاحبة البصمة الرائعة في الفن التجريدي وتتنوع لديها مصادر الاستلهام, فهي تستلهم أحيانا نصوصآ قرانية برؤية حداثية وتستلهم أحيانا عناصر طبيعية مثل الأغصان المتشابكة. ود.نعيمة الشيشيني فنانة سكندرية ترجمت بأصالة في لوحاتها تأثير الزمن من خلال التراث ومن خلال تأثيره علي بيئتها السكندرية. فنجد أن للفنانة رافدين: الأول يوضح البيئة السكندرية التي تعيش فيها فنجد أنها تتأثر بالبحر والنباتات البحرية والمرجانيات واللون الأزرق والزمردي والذي يأخذنا في نفس الوقت ايضا إلي عصر الفراعنة, والرافد الثاني وخلفيتها في ذلك دراستها للفن الإسلامي وخاصة المخطوطات الإسلامية القديمة. فأعمال نعيمة الشيشيني خلطة بين الحس الإسلامي الصوفي والبيئة السكندرية وذلك يعتبر شيئا خاصا تنفرد به الفنانة وهي أنها ليست فنانة تراثية فقط وهذا هو سبب أصالتها الفنية فاعمالها نموذج ممتاز في استخدام التراث في تقديم صورة معاصرة تنتمي للقرن العشرين ومفعمة بالروح والحس القومي المصري. وتقول نعيمة الشيشيني بمناسبة احتفالها بمرور عشرين عاما علي ممارستها للفن التشكيلي: يدور منهج الرؤية عندي في السنوات الأولي من التجربة في إطار تصور خاص مرتبط بحركة الكائنات والموجودات في الطبيعة, وكيفية استخلاص الشكل الموحي المجرد لهذه الكائنات والموجودات فكان أستيعابيا لحركة الشكل علي السطح في دائرة لونية تصبغ الأشكال والمنحنيات والخطوط الموحية لخلق عالم خاص, هو التحام حقيقي بالحس الداخلي والاختلاجات النفسية, مع تصور جديد لشكل الطبيعة. ثم تطور هذا الخط إلي إطار الفكر الصوفي الإسلامي وفنون الشرق في القرون الوسطي, وتشبعي بها نتيجة دراسات ومحصلات من منابع هذا الفكر في مصر وأسبانيا وتركيا وكانت دراستي للفنون الشرقية في القرون الوسطي والإسلامية خاصة, بمثابة إطار ايجابي أمكن لي أن أحقق من خلاله مدخلا موضوعيا لتجربتي الفكرية والتشكيلية مع المقارنة التراثية في الفن الإسلامي. لذلك نجد أن العنصر والحركة واللون في أعمالي الفنية يمثلون جسور الاتصال بين التصوير المعاصر الذي أقدمه وبين الفن الإسلامي الذي يشكل ميراثا حضاريا مهما في المجتمع المصري خاصة, فمنابع التصميم عندي تأتي من تلك الحشوات والمساحات ذات الأشكال الهندسية المتنوعة بما تتضمنه من خطوط عربية في المساجد والقباب والعقود. والاستلهام هنا لا يعني النقل أو الاستنساخ ولكنه الاستلهام القائم علي الفهم التحليلي للتراث دون الارتباط بحرفية هذه العناصر. وقد اتخذت من تحليلي لمنطق الحركة في الفن الإسلامي أساسا أتطلع فيه إلي إكساب عناصري منطقا معاصرا للحركة أستهدف من خلاله الحفاظ علي تواصل إنساني يتسم بالصوفية. كما كانت الاستلهمات التعبيرية والأصول اللونية في تجربتي, عاملا قويا علي إرساء ملامح الشخصية التي بدت بها اعمالي مميزة عن غيرها. إجمالا استطيع القول إن تجربتي الفنية تهدف إلي تبسيط القوالب المتعارف عليها أو المستقرة لعناصر الفن الإسلامي بغرض الوصول بالملتقي لتذوق التراث من ناحية والاستجابة للصيغ الجديدة المطروحة من الفن التشكيلي المعاصر من ناحية أخري. ولدت نعيمة الشيشيني1929 في الجيزة, وتخرجت في كلية الفنون الجميلة1960 وحصلت علي منحة تخصص تاريخ فن جامعة كوبنهاجن1970-1971 ودرجة الأستاذية في الفنون من أكاديمية سان فرناندو بمدريد1973 ومنحة تاريخ فن إسلامي من جامعة اسطنبول1977-1976, ودرجة الماجستير في الفنون من جامعة حلوان1978, ودرجة الدكتوراه في الفنون جامعة حلوان1984, وتعمل الآن أستاذة بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية قسم التصوير, والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا وقد شاركت في العديد من المعارض الدولية والمحلية وحصلت علي العديد من الجوائز وشهادات التقدير.